إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

«التيار الأزرق» في مهبّ «عاصفة رومية»

يوسف الصايغ - البناء

نسخة للطباعة 2015-06-29

إقرأ ايضاً


كان موقف رئيس تيار المستقبل سعد الحريري واضحاً لجهة دعم موقف وزير الداخلية وأحد صقور تياره السياسي نهاد المشنوق في مواجهة العاصفة التي أثيرت ضدّه على خلفية «فيديو رومية»، والتي تولى قيادتها بشكل مبطّن وزير العدل أشرف ريفي، لكن الحملة على المشنوق أصابت شظاياها تيار المستقبل بشكل عام ما يعكس حجم التباين الحاصل بين أقطابه.

بات واضحا أنّ الحريري لم ينجح إلا شكلياً في إنهاء الصراع الذي لم يعد خفياً بين اللواء ريفي والوزير المشنوق المفترض أنهما تابعان سياسياً لقيادة الحريري السياسية التابع بدوره لإملاءات السعودية التي تسعى بدورها الى تصوير «التيار الأزرق» بأنه الممثل الشرعي «للاعتدال السني» في لبنان، لكن وزير العدل المفترض بأنه ينتمي الى تيار المستقبل ظهر بأنه غير منسجم مع مواقف الحريري، ومن خلفه القيادة السعودية الحالية، رغم «زيارة الود» التي قام بها الى المشنوق كبادرة حسن نية، فهو من جهة حاول ترطيب الوضع لكنه كان من خلف الكواليس يقوم بعكس ذلك.

كما لم يعد خافياً أنّ ريفي الذي يستخدم شماعة «الدفاع عن أهل السنة» استقطب من حوله التيارات المتشدّدة بقيادة «هيئة علماء المسلمين» التي تقاطعت مصالحها مع وزير العدل في الحملة التي شنّت على وزير الداخلية الذي يبدي إصراراً في مواجهة القوى المتطرفة في سجن رومية ومنع استمرار «إماراتها» القائمة والتي تهيمن على السجن على حساب هيبة الدولة، وبالتالي جاء توقيت نشر فيديوات التعذيب كمحاولة لإثارة النقمة على المشنوق وتصويره في موقف «المعادي لأهل السنة»، بينما ظهر ريفي في موقع المدافع الأول عن حقوقهم، وهنا يكمن بيت القصيد في خفايا تسريب هذه المشاهد التي مرّ على تصويرها عدة أشهر ما يعني أنّ الجهة التي كانت تحتفظ بها كانت تنتظر التوقيت المناسب لتوزيعها، وإثارة هذا الموضوع بغية استثماره سياسياً، وفي هذا السياق هناك من يشير الى علاقة ريفي عبر أحد مستشاريه في ترويج «فيديو رومية»، بينما سارع وزير العدل الى اتهام حزب الله بالوقوف وراء عملية التسريب كمحاولة للتعمية على الجهة الحقيقية التي قامت بعملية التسريب، لكن السؤال المنطقي الذي يطرح نفسه هو التالي: هل يقوم حزب الله بتسريب مقاطع فيديو يعلم أنّ خصومه السياسيين سيستخدمونها لتوجيه الاتهامات ضدّه؟

ولعلّ ما شهدته مدينة طرابلس يوم الجمعة الفائت يحمل جزءاً من الإجابة عن الهدف من تسريب «فيديو رومية»، فهو شكّل مثالاً واضحاً عن الاستثمار السياسي الحاصل للمقاطع المنشورة، فمن جهة دعت لجنة أهالي الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية، الى «مسيرة غضب» عقب صلاة الجمعة للتنديد بموقف المشنوق والمطالبة باستقالته، في المقابل قام شبان بتعليق صور ولافتات مؤيدة للوزير المشنوق حملت توقيع «تجمع أبناء طرابلس»، الا انّ مجموعة من الشبان قامت بإزالة جميع اليافطات من المدينة، لكن المشنوق أوعز الى فرع المعلومات بضرورة نزع اللافتات والصور، وهنا تشير بعض المصادر الى وقوف جهة مشبوهة مناوئة للمشنوق وراء رفع اليافطات والصور المؤيدة له بهدف إثارة الشارع الطرابلسي ضدّه، ما يشكل خدمة لخصومه داخل التيار الأزرق نفسه، بينما رأت مصادر أخرى أنّ المشنوق أراد أن يردّ على مواقف ريفي التصعيدية ضدّه برفع لافتات مؤيدة له في عقر داره.

ما بات مؤكداً أنه لا يمكن النظر الى عاصفة «فيديو رومية» وما تبعها من ارتدادات إعلامية وتحركات في الشارع إلا في سياق صراع النفوذ داخل أروقة تيار المستقبل الذي يعيش أكثر من أزمة في الوقت الراهن، ومؤخراً ظهرت الى العلن سلسلة من الاستقالات لعدد من قيادات الصف الأول في التيار وذلك احتجاجا على مواقف التيار السياسية، لا سيما في ما يتعلق بموضوع سجناء رومية، كما وصل الحدّ بالأعضاء المستقيلين الى اتهام التيار بالنفاق وإذلال أهل السنة، وهو ما استكمل في المسيرة التي انطلقت عقب صلاة الجمعة في طرابلس حيث علت الهتافات المندّدة بوزير الداخلية وبالرئيس سعد الحريري وبتيار المستقبل، فهتف المحتجون: «يا مشنوق منَّك مِنّا.. خود سعد وارحل عنا».

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024