إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

اللواء عباس إبراهيم ... بصمة الحرص على لبنان

معن حمية - البناء

نسخة للطباعة 2015-08-18

إقرأ ايضاً


القبض على الإرهابي أحمد الأسير إنجاز أمني نوعي يُظهر مقدار الجهود التي يبذلها جهاز الأمن العام اللبناني في مكافحة الإرهاب، وتحصين لبنان من أخطار هذا الإرهاب.

يحتمل هذا الإنجاز النوعي الكثير من التحليلات والروايات والسيناريوات، لكنه لا يُختصر بلحظة الاعتقال في مطار بيروت الدولي. فالعملية هي نتاج متابعة حثيثة، وهذا سياق لن يكشف الأمن العام عنه، لأنّ الإرهاب لا يقتصر على شخص أحمد الأسير ومَن معه، بل هو نتاج منظومة إرهابية تتداخل وتتشابك فيها مجموعة عناصر، ما بين المخطط والمنفّذ، وما بين الأمني والسياسي، ولذلك يتعذّر رسم سيناريو واضح عن تفاصيل العملية التي أوصلت إلى لحظة الاعتقال، لأنها معقدة، وتنطوي على عمل أمني احترافي غير مسبوق.

في سجل اللواء عباس إبراهيم، ومنذ تسلّمه زمام مسؤولياته مديراً عاماً للأمن العام اللبناني، إنجازات عديدة، ارتبط تحقيقها بشخصه، فهو إلى علاقاته الواسعة، وخبرته الأمنية والعسكرية، وحنكته في رسم المخارج، وإنتاج المقاربات، حاسم وحازم في تحصين أيّ إنجاز يحققه، بعيداً من أيّ تأويل أو تفسير، أو بما يجعل الإنجاز مجرد صفقة، فالصفقات في قاموس اللواء إبراهيم ممنوعة من الصرف، لأنه يضع نصب عينيه تحقيق الإنجازات بصورة كاملة تصبّ في مصلحة لبنان واللبنانيين.

في عملية القبض على الإرهابي أحمد الأسير، ليس هناك من رواية كاملة، وكلّ التقارير بقيت في إطار الاستنتاج والسيناريوات التي عادة ما ترافق أيّ حدث، لكن ما هو ثابت، أنّ جهاز الأمن العام اللبناني يحتفظ بميزة التكتم على تفاصيل وسياق العملية، إلى درجة تولّى فيها اللواء إبراهيم بشخصه التأكيد على هذه الميزة، من خلال بعض التوضيحات بما دحض العديد من الاستنتاجات والروايات والسيناريوات حول عملية الاعتقال، ولعلّ أبلغ تعبير عن أهمية الإنجاز النوعي، هو ما صدر عن اللواء إبراهيم نفسه، حيث اعتبر العملية نتاج بصمة الحرص على الوطن، وهي عبارة تحمل في مضمونها الكثير من الدلالات والمعاني، وتؤكد أنّ مؤسسة الأمن العام التي يرأسها اللواء إبراهيم مؤسسة تعنى بحماية استقرار لبنان وأمن اللبنانيين.

إنّ تظهير الأمن العام لعملية اعتقال الإرهابي أحمد الأسير، على نحو عادي، إنما تستبطن أسلوباً جديداً متمايزاً في عمل هذا الجهاز. فالعملية بحسب التظهير، تمّت بعد ارتياب عنصر الأمن العام بأحد المسافرين، واكتشاف تزويره لوثيقة السفر، وهذا أسلوب تعتمده أجهزة أمنية واستخبارية عريقة في العالم، لتفادي الإفصاح عن طرائق المتابعة الأمنية والجهود الحثيثة التي تبذلها حتى لحظة الوصول الى الهدف. وهناك عشرات لا بل مئات الإرهابيين والمجرمين في العالم وقعوا في قبضة الأجهزة الاستخبارية على خلفية حوادث صغيرة، كالخلاف على أفضلية مرور أو بعد حادث اصطدام، أو حتى على خلفية دفع فاتورة في متجر، أو على شاكلة ما حصل في مطار بيروت الدولي مع الإرهابي أحمد الأسير.

إذاً، ما هو مؤكد أنّ عملية اعتقال الأسير، ترقى إلى مستوى العمليات الأمنية البالغة التعقيد والتي تنفّذ بحرفية عالية، فهذا الشخص قاتل ومجرم، وهو مصنّف بحسب أعماله الإجرامية على أنه إرهابي خطير، وبحسب ارتباطاته مع العديد من الخلايا الإرهابية وعقولها، فإنّ قرار فراره عبر المطار لا يتخذه هو بنفسه. وهنا تسقط رواية عامل الصدفة، أو أنّ الأسير أتى إلى الاعتقال على قدميه!

الأكيد أيضاً أنّ المديرية العامة للأمن العام اللبناني، ونتيجة الجهد الاستخباري والمتابعة الأمنية ومقاطعة المعلومات، قد تكون هي من رسم سيناريو محاولة الفرار، عبر إعطاء إشارات وهمية توحي بضعف إجراءات التدقيق عند بوابات المطار، ما دفع بالعقول الإرهابية إلى تجرّع الكأس المرة والتوهّم بنجاح عملية الفرار. وإذا صحّ هذا الأمر، والثابت أنه صحيح، فإنّ الأمن العام اللبناني، لا يرتكز في عمله على المتابعة والمراقبة ومقاطعة المعلومات وحسب، بل على اختراق نمط التفكير الإرهابي، والاستحواذ عليه، وهذا يضع جهاز الأمن العام في مراتب الأجهزة الأمنية الفاعلة والمهمة على المستوى الدولي.

ما حققه الأمن العام اللبناني، لا يمكن التعامل معه على نحو تبسيطي، ولا يقارَب بنظريات «تويترية» يطلقها بعض «السياسيين» في محاولة منهم لموازاة قضايا الإرهاب بقضايا جنائية أخرى… فهذا النوع من النظريات يستبطن محاولات للتقليل من شأن الإنجاز الأمني الكبير، والحِرفية العالية، باعتقال الإرهابي الأسير قاتِل العسكريين والضاغط على زرّ التفجيرات الإرهابية التي أودت بعشرات المدنيين.

على أية حال، أحمد الأسير هو صيد أمني كبير، لأنه خزانة أسرار تحمل في رفوفها ملفات جرائم إرهابية عديدة، وربما تحمل شيفرة سرية تؤدّي الى معرفة الجهات والشخصيات التي كانت توفر الغطاء والمال والسلاح، وهذا ما يمكن أن تكشفه الأيام.

خزانة أسرار الأسير باتت في عهدة الأمن العام وتحت قبضته، وربما لن يخرج منها شيء إلى العلن، لأنّ البوح بها راهناً لا يساعد على قضاء حوائج أمنية عديدة، حوائج يحتاجها لبنان لتحصين أمنه واستقراره. واللواء ابراهيم يدرك تماماً أنّ الإنجازات تفقد أهميتها حين تتحوّل الى مادة سجالية بين الأفرقاء، وهو لذلك شديد الحرص على استثمار الأسرار في مهمة تحصين لبنان في مواجهة الإرهاب.

من يعرف اللواء ابراهيم جيداً، يؤكد بأنّ هذا الرجل لا يبحث عن بهرجة إعلامية، ولا يستسيغها، ما يعني أنّ المؤسسة التي يرأسها، لن تُفرج عمّا يرضي فضول وسائل الإعلام وبعض السياسيين، وإنْ كانت جعبة الإرهابي أحمد الأسير ممتلئة بالكثير.

اللواء عباس إبراهيم، يتصف بصفات رجل الأمن الوطني بامتياز، وهو يتمتع بأخلاقية وطنية، تجعله واحداً من القادة الأمنيين الحرصاء على عدم تمرير الأسرار للاستخدام في السجالات السياسية، لأنها بالنسبة إليه، محرّمة من الاستخدام إلا في سبيل صون لبنان وحماية اللبنانيين من شرور الإرهاب والتطرّف.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024