شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2016-03-21
 

«البلدية» رهن ائتلافات «المستقبل»

هتاف دهام - البناء

لم تُلغِ احتمالات تأجيل الانتخابات البلدية من الحسبان، فالتطورات في الأيام المقبلة سترسم مشهد المرحلة المقبلة لا سيما أنّ إجراء هذا الاستحقاق البلدي ستنتفي معه ذرائع عدم إجراء الانتخابات النيابية والتمديد مرة ثالثة للمجلس النيابي الحالي، رغم أنه من الخطأ التكهّن بمآل البرلمان قبل عام وثلاثة أشهر.

يؤكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في لقاءاته الخاصة وجوب إجراء الانتخابات البلدية في موعدها، وأبلغ رئيس المجلس النيابي نبيه بري أنه ماضٍ في التحضير للانتخابات البلدية، لا سيما أنّ الأخير يرى أن ليس هناك من سبب على الإطلاق لعدم إجرائها. وعلى مستوى التفاهم بين حزب الله وحركة أمل، الأمور على ما يُرام والتحضيرات جارية رغم الاتفاق على إبقاء القديم على قدمه لناحية اعتماد النسبية التمثيلية في تشكيل اللوائح، وإبقاء رئاسة بلديات بعض القرى التي سمّاها حزب الله في الانتخابات السابقة كما هي، وكذلك الحال مع حركة أمل في تسمية رئاسة بلديات بعض القرى الجنوبية الأخرى.

تنقل أوساط سياسية عن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري عدم رغبته في حصول هذا الاستحقاق في أيار المقبل، فالإمكانات اللوجستية المطلوبة غير متوفرة، وهو يحتاج في كلّ النقاط التي فيها تنوّع وتنافس إلى بناء توافقات، صحيح أنه بدأ يُعدّ العدة لهذه التفاهمات في طرابلس والبقاع الغربي وزحلة وصيدا وبيروت، لكنه لا يزال يفضّل خيار التأجيل، مع تراجع مؤيديه في الوسط السني وتعثره المالي، وفي الأسابيع الماضية سادت بعض التكهّنات في أوساط مختلفة تخشى من حصول أيّ حادث أو تطوّر أمني أو اضطراب سياسي ما يشكل ذريعة لتأجيل الانتخابات البلدية.

من الملاحظ أنّ جميع الأطراف لغاية اللحظة لا يقومون بالجهد الكافي، وحركة القوى السياسية ليست كافية لخلق بيئة مؤاتية لإجراء الانتخابات البلدية، والجوّ هامد في تشكيل اللوائح والقيام بالتحضيرات اللازمة والناس تتعاطى وكأنها لا تصدّق أنّ الانتخابات ستجري، رغم أنّ التيار الوطني الحر المتمسّك، كما تقول مصادر مقرّبة من الجنرال ميشال عون لـ«البناء» بتحالفاته التي كانت جارية في الانتخابات عام 2010، لا سيما مع الحزب السوري القومي الاجتماعي، يرغب وحزب «القوات» أن تحصل هذه الانتخابات التي من شأنها أن تكرّس معادلة جديدة يكسب خلالها هذا التحالف البرتقالي الزيتي 75 من البلديات المسيحية، فتحالفه مع «القوات» لا يعني على الإطلاق التخلي عن حلفائه. لكن هذا التكتل المسيحي الجديد وفق ما يؤكد مدير مركز بيروت للأبحاث والدراسات عبدو سعد في حديث لـ«البناء» ينتظر بفارغ الصبر أن تحصل الانتخابات البلدية لأن من الواضح انه سيفوز فوزاً كبيراً في معظم البلديات المسيحية. وكذلك الأمر مع التكتل الشيعي والحزب التقدمي الاشتراكي الذي لا يعاني من أيّ مأزق يستوجب تأجيل الانتخابات، وهو سيعقد تفاهمات في عاليه والشويفات وما إلى ذلك في مناطق تواجده مع القوى الدرزية الفاعلة.

صحيح أنّ تيار المستقبل أول الخاسرين من التحالفات الجديدة، لكن سعد يشدّد على أنّ استطلاعات الرأي حول نتيجة التعرّف على اتجاهات الرأي العام من الانتخابات البلدية تبقى غير جدية وغير دقيقة قبل دعوة الهيئات الناخبة، لأنّ الناس لا تكون مهيأة.

ورغم ذلك، يرى سعد أن لا عوائق سياسية أمام إجرائها، وتيار المستقبل بعد عودة الرئيس سعد الحريري من الرياض استطاع أن يصيغ تفاهمات وليس تحالفات مع قوى رئيسية في مناطق حساسة من شأنها لو نجحت أن ترتب لوائح ائتلافية في طرابلس بعد التوافق الذي حصل مع الرئيس نجيب ميقاتي والوزيرين السابقين محمد الصفدي وفيصل كرامي على إيجاد شخصية لرئاسة بلدية طرابلس تحظى بقبول الجميع، فهو لا يستطيع أن يخوض معركة انتخابية في وجه هؤلاء الثلاثة، لأنه سيخرج خاسراً منها، وفي البقاع الغربي لن يقدم على تشكيل لوائح انتخابية في بعض القرى والبلدات البقاعية، من دون التفاهم مع رئيس حزب الاتحاد الوزير السابق عبد الرحيم مراد الذي يحظى بشعبية وحضور كبيرين. وعدم التفاهم مع مراد سينعكس سلباً على تمثيله في هذه البلديات. أما في صيدا فيجري الحديث عن لائحة يتمثل فيها رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب السابق أسامة سعد وسيتجلى ذلك بكيفية اختيار مرشحين يمثلونه في البلدية، بعد اللقاءات التي عقدت بينه وبين النائب بهية الحريري، وهذا قد يشي بتشكيل لوائح ائتلافية.

لا يريد الحريري أن يخسر في أيّ مكان، ولذلك يركض وراء عقد تفاهمات محلية، ويعمل على تمثيل تياره في الكثير من البلديات المحسوبة عليه، فهو لا يستطيع أن يأخذ بلدية وحده، إذا لم يتحالف مع العائلات ومع بعض القوى السياسية. في بيروت التي يحاول رئيس التيار الأزرق مع حالة الارتباك التي يعيشها، تجنيبها معركة انتخابية بلدية، وتشكيل لائحة ائتلافية مع التيار الوطني الحر الذي يسمّي المسيحيين ومع الطاشناق الذي سيختار أسماء الأرمن الثلاثة، يواجه تحدياً لا يقلّ أهمية عن طرابلس والبقاع الغربي. فتياره من الممكن، كما يقول سعد، أن يخسر معركة بيروت لو شكلت لائحة تضمّ التكتل الشيعي حركة أمل وحزب الله ، التيار الوطني الحر، حزب الطاشناق والشخصيات السنية المستقلة في بيروت حزب الحوار الوطني ، والأخرى المنضوية في فريق 8 آذار المؤتمر الشعبي اللبناني، والمرابطون والأحباش، حيث يستطيع هذا التحالف أن يحصل على 24 مقعداً، لكن مدير مركز بيروت للأبحاث والدراسات يستبعد الأمر لأنّ حزب الله والرئيس بري لن يدخلا في معركة يفوزان بها ضدّ تيار المستقبل، وفي الوقت نفسه تتسبّب بفتنة، فالاستقرار وحفظ الأمن في البلد يتفوّقان عند حزب الله على أيّ معركة انتخابية.

يخلط تحالف القوات التيار الوطني الحر الأوراق في الانتخابات البلدية، فهذا التفاهم من شأنه أن يحقق فوزاً في 75 من البلدات المسيحية، ولذلك فإنّ للطرفين مصلحة في حصولها، لكن المستفيد الأول، كما يقول سعد، هو حزب القوات اللبنانية لأنه سيتمثل في معظم البلدات التي لم يكن له تمثيل فيها قبل ذلك. صحيح أنّ لقاء معراب عنوانه الرئيسي الملف الرئاسي مع ترشيح رئيس حزب القوات سمير جعجع الجنرال ميشال عون للرئاسة، لكن الواضح أيضاً أنه حسم التحالف في البلديات.

سيتمكن تكتل الرابية معراب من الفوز بغالبية بلديات عكار، وجزين التي تكون الرئاسة للتيار مع انضمام قواتيين إلى صفوف أعضاء البلدية، في حين أنّ هناك بلديات لن تشهد أيّ منافسة بتاتاً مثل بلدية الحدث التي اكتسح فيها التيار الوطني الحر الانتخابات الماضية بفارق كبير في المعركة التي خاضها ضدّ القوات، في حين أنّ التحالف اليوم سيقضي على عنصر المنافسة.

أما في قضاء المتن فإنّ العوامل الحزبية والسياسية ستختلط، كما يرى سعد، بالعائلية وربما تخاض معارك في بلدات وتحصل ائتلافات في بلدات أخرى. في ساحل المتن قد تحصل تفاهمات قواتية عونية وتشكل لوائح ائتلافية في الجديدة، البوشرية، الدكوانة مع النائب ميشال المر تحسم مسار المعركة، باستثناء بلدية سن الفيل، التي ستشهد معركة كبيرة من قبل حزب الكتائب بالتفاهم مع المر، لكن خوض هذه المعركة من قبل الصيفي رهن سير المفاوضات وتشكيل لوائح ائتلافية، لكن من الصعب أن يحصل ائتلاف مع الكتائب في بلدات ولا يحصل في بلدات أخرى، وانْ كانت بعض المعادلات ستبقى على حالها في بتغرين المر ، بكفيا الكتائب برج حمود حزب الطاشناق ضهور الشوير الحزب القومي الذي ربما يشكل لائحة ائتلافية مع القوات في بعض البلديات، كما حصل في بلدية ضبيه عام 2010.

في قضاء جبيل، لا يرى سعد معارك كبيرة إلا في جبيل المدينة بين رئيس البلدية الحالي زياد حواط المحسوب على الرئيس السابق ميشال سليمان وحلفائه من جهة، وبين الوطني الحر مع شخصيات جبيلية من جهة أخرى.

وفي تقديره أن المعركة الانتخابية في قضاء الكورة ستكون الأكثر حماوة، فالثقل الكبير في الكورة والمكانة الخاصة هما للحزب السوري القومي الاجتماعي، حيث يرجح سعد أن يتحالف مع تيار المردة النائب فريد مكاري، مقابل تحالف الوطني الحر والقوات، وسيكون هذا القضاء الأكثر تنافساً لا سيما أن الانتخابات البلدية في هذا القضاء تختلف عن «النيابية» التي يلعب فيها الصوت السني دوراً من شأنه أن يؤكد فوز القومي مكاري – المردة، في حين أنّ السياق العام في الانتخابات البلدية مختلف، الصوت السني ليس عاملاً مؤثراً في كلّ البلدات، فهو فاعل في ددة الكورة، لكنه ليس كذلك في بلدات أخرى. أما بلدية أميون معقل الحزب القومي فهي تتألف من 15 عضواً قومياً، فحتى لو تحالفت الأحزاب السياسية كلها في المنطقة ضده فلن تتغيّر النتيجة. وخارج ذلك، ربما تحصل كما يقول مدير مركز بيروت للأبحاث والدراسات بعض المنافسات في بعض البلدات الزغرتاوية، فرغم فوز المردة بكلّ البلدات في عام 2010 باستثناء أربع، فإن سعد يعود الى الانتخابات النيابية في عام 2009 التي خسر فيها هذا التيار في معظم البلدات الزغرتاوية بفارق ضئيل، لكن تمثيله الكاسح في مدينة زغرتا التي تمثل ثلث القضاء ساعده على الفوز، ليؤكد سعد أنّ عدم مشاركة المغتربين في الانتخابات البلدية كانت السبب في فوز هذا التيار، ففي لبنان لا أحد يعطي الانتخابات البلدية أهمية الانتخابات النيابية، ولا تأتي القوى السياسية بالمغتربين، كما تفعل قبل الانتخابات النيابية باستثناء بلدات معدودة على غرار مزيارة.

أما زحلياً ، فيقرأ سعد معركة قوية في عروس البقاع بين آل سكاف وتيار المستقبل وحزب الكتائب من جهة، وبين التيار البرتقالي الذي يملك 4500 صوت وحزب القوات والنائب نقولا فتوش من جهة أخرى، أما الأصوات الشيعية التي تصل إلى حدود 3000 فستتوزع بين مرشحين محدّدين في لائحة التيار البرتقالي ولائحة الكتلة الشعبية، وستكون النتيجة لصالح التحالف الثاني.

في مطلق الأحوال، فإنّ الانتخابات البلدية كما يقول سعد، تشكل تمهيداً للانتخابات النيابية، وغالبية القوى تريد أن تضمن مقعدها النيابي في انتخابات 2017 إذا حصلت. لقد أجرى مدير مركز بيروت للأبحاث والدراسات دراسة في شهر شباط الماضي أظهرت أنّ تيار المستقبل في ظلّ تراجعه سيخسر 17 مقعداً في الانتخابات النيابية، في طرابلس سمير الجسر ومحمد كبارة وروبير فاضل وبدر ونّوس ، وفي دائرتي بيروت الأولى والثانية، وزحلة، والبقاع الغربي الذي سيشهد معركة نيابية، من الممكن أن تؤدي إلى فوز الوزير مراد، بترك مقعدين شاغرين واحد سني لرئيس حزب الاتحاد بعد زيارته الأخيرة إلى السعودية واللقاء الذي جمعه بالحريري، وآخر شيعي لصالح ممثل عن حركة أمل.


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه