إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

تشييع الرفيق ميلاد ضاهر في في بترومين بمأتم حزبي وشعبي مهيب

نسخة للطباعة  | +  حجم الخط  - 2016-04-18

شيّع الحزب وأهالي بترومين والكورة الرفيق ميلاد ضاهر الذي توفي بعد صراع مرير مع المرض.

انطلق موكب التشييع من أمام منزل الفقيد إلى كنيسة البلدة، وقد حُمل النعش على الأكف وتقدم الموكب حملة الأعلام والأكاليل وأعضاء هيئة المنفذية ومديرية بيترومين وجموع من القوميين والمواطنين وأهالي بيترومين.

ترأس الصلاة لراحة نفسه كاهن البلدة وعدد من كهنة بلدات الكورة، وتقدم الحضور عميد الخارجية الأمين حسّان صقر وأعضاء هيئة المنفذية وعدد كبير من أعضاء المجلس القومي ومسؤولي الوحدات.

وألقى مدير مديرية بيترومين الرفيق أنطون النجار كلمة جاء فيها: أيها السّرطان اللعين ألم ترتو من الشباب الانقياء؟ كفاك حصاداً بسنابل شبابنا الخضراء،....

أما أنت يا ميلاد، أيها الرفيق الحبيب، يا نبع العطاء والحب، عرفتك شبلاً،.. ثم شاباً يافعاً مناضلاً طموحاً، ورفيقا صادقاً أميناً طيبا محبّا للحياة والمجتمع .

صارعت في الحياة لتصل إلى المراتب العليا ووصلت بجدارة وبنجاح كبير، وصارعت المرض اللعين بإيمان كبير وعزيمة لا تلين.

أذكر كلمتك التي لا أنساها حين قلت لي منذ شهرين تقريبا: "سأصارع حتى الرمق الأخير". وبصدق أقول لك لقد صرعت الموت إيمانا منك بالقول "ليس المهم أن تصرع التنين إنما المهم أن تصارعه."

أتاك الموت باكرا فرحلت دون وداع هكذا هم الرجال يكرهون الوداع لأنهم ما خلقوا إلا للحياة.

باق أنت في القلب شريانا، باق في عيون الأحبة والأصدقاء والرفقاء، شمساً لا تغيب،.. بل تشرق عند كل صبح جديد.

أمثالك لا يموتون ولا يستحقون الرّحيل، فنحن نؤمن: "قد تسقط اجسادنا اما نفوسنا فقد فرضت حقيقتها على هذا الوجود...

ثمّ ألقى ناظر الإذاعة والاعلام في منفذية الكورة الرفيق هنيبعل كرم كلمة المركز فقال:

"الموت حقٌّ"؛ هكذا يقال. ولكنّ هذا الحقَّ ظالمٌ حين يخطف أزهارَ شبابنا التي يفترضُ بها أن تكونَ بذورًا للحياة المباركة.

نحن والموت في هذا العالم في مواجهةٍ يوميّة، يخطئنا أو نخطئه، لكنّ العمر، مهما طال، ليس سوى سنبلة في حصاد الحياة اللامتناهي. ربّما كان قاسيًا أن يعدَّ لنا الموت الذي لا نخشاه مفاجأة، مفاجأة بموت حبيب أو رفيق أو صديق. لكنّها مشيئة نفهمها ونقبلها بعقلِ وبمنطقِ المؤمنين بأنّ الحياة صراعٌ من أجل الأفضل، صراعٌ يمكن أن يمنينا بخسائرَ مؤلمة لكنّها لا تميتنا، بل تزيدُنا قوةً وصلابةً وإيمانًا وخبرةً، خصوصًا عندما نعرف انّ الفقيد لم يغادر هذه الدنيا دون أن يترك بصماتٍ إيجابيةً، بصماتٍ في الوجدان وفي القول والفعل وفي كلّ مَن عرفه وقاربه ورافقه في مسيرة عمره القصير.

ونحن نودّع رفيقًا عزيزًاً الرفيق ميلاد، نعي وبمسؤوليّة، حجمَ المخاطر التي نغرقُ بينها. نحنُ عشّاقُ شهادةٍ، نعم، نحبّ الحياة ونحبُّ الموت متى كان طريقًا إلى الحياة... هكذا قال سعاده؛ ولكنّنا لا نرضى أن نموت ببساطة في غير مكاننا الطبيعي في الصّراع. والذي ليس طبيعيًّا أن نشاهد، ونحن شهود، أمواجَ الموت الموبوءةَ والتلوّثَ المخيفَ والاعتلالَ في أنظمتنا البيئيّةِ والصحيّةِ، تسرطن حياتنا وحياةَ أولادنا وتشوّهُ قرانا وبلداتنا، من مكبّاتٍ للنُّفايات إلى مصانعَ ومعاملَ ترمي بوسخها بيننا، إلى دخانِ شركاتٍ وغبارِ أتربةٍ إلى كيماوياتٍ سامّةٍ تيبسُ شرايينَنا وتُمرضُ دمَنا وتسيرُ بنا شيئًا فشيئًا إلى موتٍ حتميّ، نحن نرفض ببساطة أن نكون مجرّد أرقامٍ في عدّادات وقود الموت وناره المستعرة. قد لا يكون مرض الرّفيق ميلاد ناتجًا عن ذلك بالضّرورة، إلا أنّ مئات الإصابات السّرطانية المتزايدة في الكورة، ناتجةٌ عن هذا الوباء المسمّى "الاستخفاف بأرواحنا". لذا، آنَ لنا أن نرفع الصّوت عاليًا وأن ننتقل من القول إلى الفعل- ونحن اليوم على أعتاب استحقاق الانتخابات البلدية- لنكفَّ أيدي المخرّبين العابثينَ بأرواحنا ولنخدمَ قرانا وبلداتنا وكورتنا بالشّكل الذي يستحقّه إنسان هذا العصر.

نودّع الرّفيق ميلاد اليوم بحزن بالغٍ، وبغضبٍ بالغ على السّبب والمسبّب بالموت؛ عزاؤنا أننا نتعلّم في مناسبة أليمة كهذه دروسًا تؤثّر فينا عادةً بشكلٍ أعمق من الأيام العاديّة.

نتعلّم من الرّفيق ميلاد، من مسيرته، من تربيته، من عائلته، من أخلاقه، من مدرسة سعاده التي انتمى إليها، ما يجعل زادنا أكثرَ ثراء، وأشدَّ صلابةً لمواجهة الآتي.

من شبلٍ متّقدٍ بالحياة في مديريّة بيترومين إلى رائدٍ فنسرٍ فطالبٍ فرفيقٍ مسؤول، فأستاذ متفوّق في واحدة من أهمّ المدارس العالميّة. انتمى الى الحزب السّوري القوميّ الاجتماعيّ عام 2003 وتسلّم مسؤوليّة مدير لمديريّة الجامعة اللبنانيّة- الفنار عام 2005، عاملا بجهد حثيث وبمسؤوليّة عالية على ازدهار مديريّته، ناشرًا العقيدة القوميّة الاجتماعية بين الطلبة، فكان خير مسؤول ونعم الرفيق العاملِ بصمتٍ وبشجاعةٍ، مواجهًا في العشرينَ من عمره عُقَدَ مجتمعٍ يضربُه السّرطان في أكثرَ من عضوٍ وأكثرَ من مكان. ربّما أغضب إيمان الرفيق ميلاد بمجتمعٍ واحدٍ موحّد، بأمّة قويّة، بوطن عزيز حرّ أبيّ، ربّما أغضب هذا الايمانُ السّرطاناتِ المختلفةَ التي تنهش واقعنا الاجتماعي والسياسي والفكري، فلم تقوَ على فعل شيء أكثر من قتلِ جسدِ الرّفيق ميلاد، لأنّ روحَه فرضت حقيقتَها على هذا الوجود.

في يوم وداعك يا رفيق ميلاد، نقف باعتزازٍ وبفخر لأنّ لنا في الحزب أمثالَك من الرّفقاء الشّباب المؤمنين المخلصين المتواضعين... نحن الذين نواجه اليوم مع أبطال المقاومة الواحدة من لبنان إلى فلسطين فالشام الجريحة فالعراق الحبيب، نواجه ثعبانًا خطيراً مرعباً، هو ثعبانٌ أمريكيّ صهيونيّ تزيّا بزِيّ الإرهاب والتطرف. ثعبانٌ يتطلّب منّا جميعًا الوقوف وِقفة واحدة، وقفة أمة قويّة يذودُ أبناؤها عن شرفهم وكرامتهم وتراثهم ووجودهم الاجتماعي والسياسي والفكري، وعن حقّهم في أرضٍ طالت عذاباتها وطالت عذاباتنا فيها.

المرّة الأخيرة التي التقينا فيها يا رفيق ميلاد، كانت في وداع الرفيق الشهيد أدونيس نصر، هنا في بيترومين، بين حشد من الرفقاء والأصدقاء ونسور الزوبعة... كنتَ على الرَّغم من مرضك وضعفِ جسمك، توحي بأنّ الحياة كلَّها اجتمعت في روحك، وبأنّ الحياة كلَّها وقفتْ على كتفيك زاويةً قائمة، حين حيّيتنا بتحيا سورية وودّعتنا بالبقاء للأمة والخلود لسعادة؛

لذلك يا رفيقي أقول لك إنّنا بمثل هذا الإيمان وبمثل هذه الجرأة والشّجاعة في تحدّي الموت، سننتصر. ستنتصر سورية على تنانين العصر "الاسرائيلي" الذي ينهار إلى غير رجعة. ستنتصر قوى الأمّة الخيّرة ولن يكون لنا، لأولادنا، ولأحفادنا من بعدنا إلا التفوّقُ والعظمةُ والمجد.

باسم قيادة الحزب ومنفذية الكورة، أتقدّم من عائلة الرّفيق ميلاد، هذه العائلة القومية الاجتماعية المعطاءة، من أهلنا وأحبّائنا ورفقائنا في مديرية بيترومين، بأحرّ التّعازي. الخلود للشهداء والبقاء للأمة.


 
جميع الحقوق محفوظة © 2024