شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2016-04-20
 

أين الحصانة الأميركية... للسعودية؟

هتاف دهام - البناء

هل يصل الأمر بالمملكة العربية السعودية إلى اتهام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالتسبّب في حدوث ثقب غير عادي بطبقة الأوزون الواقية فوق القطب الشمالي. لا تكفّ مملكة آل سعود عن توجيه سهام اتهاماتها إلى طهران بتحميلها مسؤولية ما يجري في الشرق الأوسط.

يتوقف عرض العضلات السعودي على الشعوب العربية المظلومة في مواجهة «إسرائيل» مع ترويج لاتفاقية سلام وإعلان الالتزام بمعاهدة «كامب دايفيد» مع استعادة الجزيرتين تيران وصنافير من مصر لتسهيل مرور السّفن «الإسرائيلية». لم تعتدِ الجمهورية الإسلامية الإيرانية على أيّ بلد عربي بل على العكس دعمت بعض الدول العربية الحرب المدمّرة التي شنّها صدام حسين عليها، والتي أسفرت عن سقوط ما لا يقلّ عن 300 ألف قتيل فضلاً عن آلاف الجرحى والمعوقين والمفقودين، كما أدّت إلى تدمير البلاد والبنى التحتية والطرقات، حيث قدّرت خسائرها في هذا المجال على الاقتصاد الإيراني بنحو 1000 مليار دولار.

تتحمّل السعودية المسؤولية عن نزيف «الدم العربي» في المنطقة أينما حلّت في عدوانها المباشر على اليمن وفي دعم الجماعات الإرهابية في سورية والعراق وليبيا وتونس والجزائر. أما اتهام إيران باستباحة هذا الدم فليس سوى محاولة تلاعب إعلامي تعتمد على القدرة الإعلامية الهائلة التي تملكها لقلب الحقائق وتشويش وضوحها.

يلاحظ الدور السعودي في سورية. المعارضة المدعومة من الرياض طيّرت مفاوضات جنيف، مع مغادرة أعضاء «مؤتمر الرياض» الاجتماعات وخرق المسلّحين المموَّلين منها هدنة حلب وإدلب باستهداف قرية كفريا المحاصرة بعدد من القذائف وسهل الغاب في ريف حماة الغربي، وإطلاق الإرهابيين معركة جبلَي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية…

خرقت الطائرات السعودية في اليمن الهدنة. واصلت قصفها مواقع الحوثيين في الداخل. لم تحترم وقف إطلاق النار. حاولت فرض ترتيبات تناسبها في مفاوضات الكويت، فتلقت صفعة من القوى السياسية اليمنية بعدم المشاركة في المفاوضات. مارست سياسة خداع غير مسبوق بالتزامها بصرامة باتفاق وقف إطلاق النار على الحدود وفي الوقت نفسه دعمت العمليات العسكرية في الداخل اليمني بتأمين الغطاء الجوي لها.

هناك ما يشبه المتغيّر السعودي المفاجئ الذي سينعكس على سورية واليمن ولبنان. راهن الملك سلمان بن عبد العزيز على الخيار العسكري، باعتباره المدخل الذي سيتمكّن بواسطته من تحقيق مكاسب سياسية في المرحلة المقبلة، لكنه بات يدرك انه يخوض معارك خاسرة يحاول تحميل مسؤولية فشلها للغير. ما حصل في الولايات المتحدة الأميركية بتجريم السعودية في الدعاوى القضائية بمسؤوليتها حول اعتداءات 11 أيلول قلب الطاولة على رؤوس العائلة الحاكمة. لم تقف عوائل اعتداءات 11 أيلول ساكتة أمام تهديد بسحب حوالي 750 مليار دولار من التوظيفات في الاقتصاد الأميركي، إذا ما وافق الكونغرس على تمرير قانون يسمح بتجريم السعودية في الدعاوى القضائية، مؤكدين أنّ أموال السعودية لا تساوي حياة 3000 مواطن أميركي. ترافق ذلك مع إعلان المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية برني ساندرز أنّ «العقيدة الوهابية السعودية هي العقيدة نفسها التي يتبعها كلّ من «داعش» و«القاعدة»»، ولفت إلى «وجود بعض العائلة الملكية السعودية الذي يموّل الفكر الوهابي الأصولي».

لم تحقق السعودية أيّ مكسب عسكري أو سياسي في اليمن أو غيره من الدول التي افتعلت أزماتها، يساعدها على فرض شروط أو استثمارها مع خَلَف الرئيس الأميركي باراك أوباما. تزعزعت العلاقات بين البلدين علناً في الأشهر الأخيرة من ولايته. وأصبح السيف الأميركي مسلطاً على الرياض التي يصلها يوم غد أوباما…

إنّ مبدأ الحصانة السيادية الذي تمتّعت بها الرياض عند واشنطن لا يُعفيها من الملاحقة. فهو على وشك الإلغاء عندما يصل إلى مرحلة التصويت عليه، رغم محاولة الرئيس الأميركي التخفيف من وطأة مشروع القانون الذي يدينها ويجيز مقاضاتها في اعتداءات 11 أيلول. بغضّ النظر عن أنّ أوباما لا يترك مناسبة إلا ويستغلّها لتوجيه الانتقادات لأداء الأمراء السعوديين والخليجيين. وللمفارقة فإنّ السعودية أصبحت حاضرة بإرهابها في الصحف الأميركية والفرنسية والبلجيكية والبريطانية بشكل غير مسبوق.

لقد ظهر التباين الغربي من السياسة السعودية بوضوح في النظرة إلى لبنان. تريد الإدارة الأميركية الحفاظ على الاستقرار الأمني في لبنان وتنأى به عن الوضع المضطرب في المنطقة. أما السعودية فهي لا تكفّ عن تعطيل انتخاب الرئيس والضغط على الحكومة اللبنانية والهجوم على المقاومة بوضعها على لائحة الإرهاب في المحافل العربية والدولية ومحاولة محاصرتها إعلامياً واقتصادياً بفرض عقوبات على مناصريها، أو من خلال تحريك البؤر الإرهابية في بعض المناطق، لا سيما في جرود عرسال وبعض المخيمات لتوتير الوضع الأمني، بخطوة يُراد منها استهداف حزب الله. وضع الملك سلمان شروطاً على رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لتصحيح وضعه المالي والسياسي، بفتح معركة ضدّ حزب الله وإرباك الساحة اللبنانية، الأمر الذي يساعد الخلايا النائمة للانخراط في مواجهات ضدّ حزب الله، لكن التخطيط السعودي تبقى هوامشه محدودة جداً، فالشارع السني منقسم ولديه ما يكفيه من التعقيدات وأيّ محاولة غير محسوبة للتلاعب بالوضع ستنعكس على أصحابها.


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه