إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

أَنقِذوا الليطاني من الملوّثات السياسية كذلك...

بلال شرارة - البناء

نسخة للطباعة 2016-07-22

إقرأ ايضاً


يبلغ طول النهر الذي نحن بصدده 170 كلم، وتبلغ قدرته المائية 750 مليون متر مكعب. هذا النهر الساحر ينطلق من نبع العلّيق غرب بعلبك في سهل البقاع ويصبّ في البحر الأبيض المتوسط عند القاسمية.

وترفده ينابيع أو مجارٍ ومساقط عدة للمياه من أبرزها مياه نهر زريفون ونهر وادي السلوقي والبردوني ويحفوفا والغزيل وينابيع عمّيق والخريزات وشمسين وعنجر وعين الزرقا… وتبلغ مساحة حوض الليطاني 2170 كيلومتراً مربعاً ويصبّ في البحر المتوسط عند القاسمية في جنوب لبنان على بعد 8 كيلومترات الى الشمال من مدينة صور .

هذا النهر النعمة كان على الدوام محلّ الأطماع «الإسرائيلية». وأنّ من اهمّ أسباب استمرار «إسرائيل» في احتلال الجولان السوري وتلال كفرشوبا ومزارع شبعا اللبنانية اضافة الى الجليل الفلسطيني الرغبة في الإشراف الدائم على مصادر المياه المجاورة، سواء أكانت أنهراً أم ينابيع أم آباراً جوفية.

إنّ الأطماع «الإسرائيلية» في ثرواتنا المائية في المثلث الماسي الذي تمثله مزارع شبعا وفي نهر الليطاني معروفة. والحركة الصهيونية اعتبرت أنّ جبل الشيخ حرمون هو أبو المياه ، وقد حاول قادة الحركة الصهونية دون جدوى إقناع القادة اللبنانيين بالترهيب أو الترغيب بتغيير الحدود لصالح توسع اسرائيل على غرار سلخ منطقة الحولة المعروفة بـ جورة الذهب وضمّها، حيث سلخ عن لبنان ما هو معروف بالقرى السبع المشهورة بينابيعها الوفيرة وآبارها الغنية بالمياه.

وقد حاولت «إسرائيل» تمرير مشروع كوتون بهدف الاستيلاء على الليطاني، وعطلت في الوقت نفسه مشروع جامعة الدول العربية للعام 1964، كما اتبعت «إسرائيل» مناورات تكتيكية متعدّدة بهدف انتزاع الضفة الجنوبية لمجرى نهر الليطاني بزعم أنّ نصف مليار متر مكعب من مياه الليطاني تضيع في البحر، ووجود اتصال جوفي بين نهر الليطاني وروافد الأردن. وقد حمل الليطاني اسم عملية الاجتياح «الإسرائيلية» للبنان عام 1978 عملية الليطاني وخلال العدوان «الإسرائيلي» على لبنان عام 2006 وضعت الحكومة «الإسرائيلية» نصب أعينها الوصول إلى الليطاني، وقد أفشلت المقاومة خططها. في المقابل واصل لبنان الرسمي طوال عهود سياسة الإهمال تجاه الاستثمار على نهر الليطاني الذي اعتبرته لجنة كلاب الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة، مفتاح مستقبل لبنان، واعتبره كبير المهندسين العرب ابراهيم عبد العال كنزاً وطنياً، ورجح أن تبقى الأنظمة النهرية الكبرى هي مركز الثروة والقوة الاقتصادية، وأصدر دراسته الليطاني دراسة هيدرولوجية وقد وضع مشروعاً متكاملاً لنهر الليطاني.

ولكن لا بدّ أن نعترف أنّ ربع قرن انقضت من حياة لبنان قبل أن يرتفع صوت سماحة الإمام موسى الصدر مطالباً بالاستثمار على ثروة لبنان المائية، خصوصاً الليطاني، وإنشاء سدّ على منسوب 800 م، وقد أطلق دولة الرئيس نبيه بري رئيس مجلس النواب:

مشروع دراسة جدوى.

مخطط المشروع.

تنفيذ المشروع.

وقد بدأت مراحل تنفيذ المشروع وتفسير أحلام الإمام الصدر والمهندس المرحوم ابراهيم عبد العال بإشراف الرئيس بري الذي عرض المشروع على صاحب السمو أمير دولة الكويت الذي أصدر توجيهاته للصندوق الكويتي لإنجاز المشروع.

الليطاني يتعرّض لأبشع مؤامرة لتشويهه وإفساده وتحويله من نعمة وخلقنا من الماء كلّ شيء حي الى نقمة. النهر ملوّث تفوح منه الروائح الكريهة.

آخر الاختراعات الرسمية مشروع وزير البيئة لتنظيف مجرى النهر وبحيرة القرعون بكلفة 850 مليون دولار، يُذكَر أنّ وزارة البيئة أيام الحكومة السابقة حصلت على قرض من الاتحاد الأوروبي بقيمة 55 مليون دولار، ويُذكر أنّ التفتيش المركزي أصدر العام 2005 القرار رقم 254 الذي حذّر فيه الإدارات المعنية من تفاقم المخالفات على مجرى النهر.

ثم قرعت الأجراس عام 2011 منذرة من الأخطار المترتبة على القرار 163، وقد دلّ التفتيش المركزي على مصادر التلوث، حيث حذّر من معامل مناشير الحجر الصخري ومخلفات معاصر الزيتون التي ترمي مخلفاتها في مجرى النهر وبحيرة القرعون.

الليطاني يعاني من الاستغلال العشوائي لحفر الآبار الارتوازية بالقرب من مجراه، وهو الأمر الذي أدّى ويؤدّي إلى التخريب على مصادر المياه الجوفية ويعاني النهر من هجوم الملوّثات على مجراه، ومن أخطرها مياه الصرف الصحي، وعمليات غسل الرمول ورمي النفايات في مجرى النهر والمياه، وفضلات تصنيع المنتجات الزراعية والحيوانية والاستعمال المتمادي للمبيدات والمخصّبات والأدوية الزراعية التي تساهم مباشرة في ارتفاع معدّل الآزوت والمعادن الثقيلة في مياه الخزان الجوفي.

يحتاج مجرى الليطاني إلى التصدي للملوّثات المختلفة وعمليات التخريب على امتداد مجراه، ولكنه يحتاج أيضاً إلى تحريره من الصفقات.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024