شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2017-02-11
 

فلسطين لن تتحرّر إلا بالمقاومة!

أسامة العرب - البناء

منذ تبنّي مجلس الأمن الدولي القرار 2334 الذي يحثّ على وضع نهاية للاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية، ويؤكّد عدم شرعية إنشاء مستوطنات في الأراضي المحتلة عام 1967، لم تصدر أيّ إدانة واحدة أو أيّ تدبير حيال مصادقة حكومة الاحتلال على بناء 2500 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، ولا حيال قيام الكنيست «الإسرائيلي» بإقرار قانون تبييض المستوطنات الذي يصادر مبدئياً حوالي 60 من أراضي الضفة الغربية وجزء من القدس الشرقية، باعتبار أنّ قرار مجلس الأمن الأخير، مماثل للعديد من القرارات الصادرة عنه سابقاً، وعلى رأسها القرارات 191، 242، و338، والتي لم يتمّ تنفيذ خطوة واحدة منها حتى الآن.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ قانون تبييض المستوطنات سوف يمزّق أوصال الضفة الغربية تمزيقاً شديداً، ويثبّت فصل القدس الشرقية المفصولة حالياً عن الضفة بجدار ومستوطنات وبؤر استيطانية مُخيفة. ومن ثمّ سوف يسمح شيئاً فشيئاً بمصادرة كامل أراضي الضفة والقدس الشرقية، وهكذا تكون دولة الاحتلال قد قضت نهائياً على أية إمكانية لقيام دولة فلسطينية على الأراضي التي احتُلت عام 1967، مستهزئةً بالقرارات والقوانين الدولية وميثاق روما الأساسي الذي بموجبه يُعتبر الاستيطان جريمة حرب وانتهاكاً مباشراً للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية.

وتجدُر الإشارة إلى أنّ الاحتلال يعتزم خلق تواصل جغرافي بين المستوطنات وبين القدس، وفرض وقائع على الأرض تحول دون تقسيم المدينة المقدسة مستقبلاً، حيث شَرع ببناء 2600 وحدة سكنية للمستوطنين شرقي بلدة بيت صفافا، بالإضافة إلى بناء 1100 وحدة سكنية ووحدات سياحية في الحي الاستيطاني جفعات همطوس، وسيعمل هذا المشروع على التواصل الجغرافي بين مستوطنة معاليه أدوميم والقدس وفي جبل أبو غنيم سيتم بناء 1500 وحدة سكنية في مستوطنة هار حوما وشرق القدس المحتلة، يتحرّك مخطط يضمّ 3700 وحدة استيطانية و 2100 شقة فندقية وسياحية وشرق الخط الأخضر المتاخم للقدس المحتلة، سيتم تحريك المخطط الذي يضمّ 3426 وحدة استيطانية على حساب الوجود لبدو فلسطين بالمكان، وسيتمّ شق شارع استيطاني متاخم لجدار الفصل العنصري بالقرب من رأس العامود ليتمّ ربطه بالحي الاستيطاني كدمات تسيون. وستتمّ إقامة مستوطنة جديدة فوق مطار القدس المقام على أراضي قرية قلنديا شمالي القدس المحتلة، بهدف توسيع المنطقة الصناعية عطروت في مطار القدس وستُفصل بالكامل مدينة القدس عن مخيم قلنديا للاجئين، وكفر عقب عن مدينة رام الله، ويُقضى نهائياً على مطار القدس بالبناء على أجزاء منه وأطرافه، وسيتُم ابتلاع مساحات واسعة من شمال المدينة المحتلة.

ولهذا ناشد ممثل السلطة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، الهيئات الدولية والدول العربية مؤكداً أن الفلسطينيين وصلوا إلى نقطة اللاعودة ودفن حل الدولتين، مشدداً على أنه لا يبالغ نهائياً، وأنه يشرح الواقع كما هو، باعتبار أنّ «إسرائيل» تستغلّ حتى الآن أكثر من 85 من مساحة فلسطين التاريخية، ومع قانون تبييض المستوطنات وقضم المزيد من أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية، سوف لن يتبقّى للفلسطينيين أكثر من 5 فقط من مساحة فلسطين! كما طالب بتحرك فوري لإنقاذ ما تبقى من احتمالات تحقيق السلام وحقبة جديدة في الشرق الأوسط.

لكن الإدارة الأميركية الجديدة هدّدت السلطة الفلسطينية بعقوبات أميركية صارمة حال لجوئها إلى محكمة الجنايات الدولية، ويشمل ذلك وقف تمويل كل منظمة دولية تساعد فلسطين أو تؤازرها، مثلما عوقبت اليونسكو سابقاً، فضلاً عن إغلاق مكاتب القيادة الفلسطينية في أميركا، واتخاذ خطوات شديدة أخرى من شأنها أنْ تُلحِق الضرر الكبير في مكانة السلطة الفلسطينية، والانتقام من كل مَن يؤيّد حقوقها. وقد لقي التحذير الأميركي غضباً شديداً لدى القيادة الفلسطينية، التي وصفتها بأنّها «محاولة أميركية لتصفية الاستراتيجية الفلسطينية القائمة على ترك الكفاح المسلّح، لصالح العمل الدبلوماسي الممتد على الساحة الدولية ومؤسّسات الأمم المتحدة بشكل كامل«.

أما العرب؟ فماذا فعلوا؟ وماذا فعلت جامعة الدول العربية؟ الترجمة العملية لجميع تصريحاتهم المتمثلة بمناشدة الهيئات الدولية للتحرّك بقيت صفراً وتهديدات جوفاء، وكلاماً بلا أي معنى، سمعنا مثله كثيراً منذ توقيع اتفاق اوسلو قبل 23 عاماً، وسط زفة إعلامية وسياسية وجوائز نوبل وعناق ومصافحات أمام الكاميرات لم تؤدّ إلى شيء سوى لمزيد من الانبطاح أمام «الإسرائيلي». فالسؤال الذي نطرحه هنا: طالما أن مشروع السلام قد دُفن إلى غير رجعة، وطالما أن «إسرائيل» لا تريد إقامة دولة فلسطينية إلا على جزء من أراضي الأردن: فلماذا لا يتم تنظيم مظاهرات احتجاج في أنحاء الدول العربية كلها؟ أو شن حملة دبلوماسية في جميع العواصم العالمية؟ ولماذا لا تقطع الدول العربية والإسلامية المطبّعة علاقاتها مع «إسرائيل»؟ وأين هي المواجهة الحقيقية للاحتلال «الإسرائيلي» ولإجراءاته القمعية وممارساته الاستيطانية؟ سمعنا مليون مرة عن التوجه إلى المنظمات الدولية، وإلى محكمة الجنايات الدولية على وجه الخصوص لمطاردة المجرمين «الإسرائيليين»، ورأينا أنّ هذه المسرحية لا تفضي إلى شيء، وإذا ما استمرينا على هذا المنوال فلن تبقى فلسطين موجودة حتى على الخريطة، إنما سنكون فرحين في حال أثبتت الهيئات الدولية أننا على خطأ.

أكثر من ذلك، فأكثر ما نخشاه هو أن يقوم ترامب بتنفيذ وعده لـ«إسرائيل»، ويقوم بالاعتراف بالقدس عاصمة موحّدة وأبدية لها وينقل سفارة بلاده إليها، ما سوف يعني أن تكرّ السبحة وتنتقل سفارات معظم دول العالم إلى القدس ونخسر المقدّسات، هذا ما لم يقم «الإسرائيلي» بهدم الأقصى المبارك وتشييد الهيكل المزعوم مكانه.

ولذلك، فإن المطلوب اليوم وقفة عزّ وشرف ونضال مع الشعب الفلسطيني، وأن يتحرك أحرار العرب والمسلمين مع الفلسطينيين في الداخل وفي ديار الشتات للدفاع عن القضية الفلسطينية. ومما لا شك فيه أن إنهاء الانقسام العربي والفلسطيني ووقف الهرولة نحو التطبيع المجاني مع العدو وتوحيد الصفوف مع إيران على أرضية الثوابت القومية والأخلاقية، سوف تُشكّل بأكملها عاملاً حاسماً لتقوية وتحصين الموقف الفلسطيني في مواجهة الضغوط الأميركية الشديدة التي تُمارس عليه لصالح المحتل الصهيوني، ولمجابهة السياسة الصهيونية المستمرة في تنكّرها لحقوق الشعب الفلسطيني ونهبها المتواصل للأراضي وتهويدها للمقدسات، ولوضع استراتيجية شاملة تنهض بالقضية الفلسطينية وتحصّن المقاومات الشعبية بأشكالها كافة بما فيها المقاومة المسلحة في مواجهة الاحتلال وسياساته العنصرية التوسعية .كذلك، فعلى الجمهور العربي والإسلامي بشكل عام، أن ينتفض ويُعبر عن إرادته الرافضة للاستيطان وللممارسات الأميركية الاستعمارية التي تعبث بمصير القضية الفلسطينية.

ونخلص للقول، لقد سقطت الأقنعة المزيّفة كلها عن دعاة الاستسلام والانهزام، وقُضِيَ على الوهم الذي خلقوه بعقول أبناء أمّتنا. ولهذا، سوف تتوحّد فصائل المقاومة كافة من جديد لتُثبت بأنها الطريق الوحيد للوصول إلى الحرية والحقوق الوطنية المشروعة، ولتؤكّد بأنّ المفاوضات العبثية والمهينة لا تفيد بشيء سوى بإلحاق المزيد من الخزي والهوان بأصحابها، فيما تصعيد المقاومات الشعبية المسلحة وتشكيل غرف العمليات المشتركة مع سائر الفصائل العربية والإسلامية المقاومة هما السبيل الوحيد لكسر شوكة «الإسرائيلي» ولإنهاء غطرسته. وعلى درب الحريّة، سيمتزج مجدّداً دم أبناء الأمة وينتهي الانقسام ويعود الألق لقضيتنا المركزية، فشعبنا الأبيّ عاشق للشهادة، وبعشقه هذا سينصُره الله على عدوّه لا محالة!


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه