شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2017-09-29
 

الحزب أحيا الذكرى الـ 35 لعملية الشهيد البطل الرفيق خالد علوان في "الويمبي" ضدّ الصهاينة  

أحيا الحزبالذكرى الـ 35 لعملية الويمبي التي نفذها الشهيد البطل الرفيق خالد علوان، وذلك خلال احتفال كبير تميّز بمشاركة كبيرة لفصائل النسور والدفاع المدني والأشبال والزهرات، وحشد من القوميين والمواطنين يتقدّمهم أعضاء في قيادة الحزب، وممثلون عن الأحزاب والقوى والفصائل اللبنانية والفلسطينية وشخصيات وفاعليات وأشقاء الشهيد خالد محمود وخضر علوان.

استهلّ الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني ونشيد الحزب ونشيد جبهة المقاومة، وعرّفت الاحتفال الرفيقة ماريا كركور فقالت:

امتشق سلاح العزّ ومضى... فانبلج الفجر في شارع الحمراء واستحال الرصاص بيد الخالد زوابع تمزّق صدور اليهود فخطّ علوان برصاصاته الخالدة معلناً أرضنا ملكاً لنا واليهود أعداءنا فصرخ المحتلّ متوسّلاً لا تطلقوا النار إنّنا راحلون..

هي وقفة العزّ والبطولة والتاريخ يشهد على ملحمة العزّ القومي في الويمبي، كان اللقاء باليهود معمّداً بالنار والبارود وكان خالد علوان الفارس المقدام يكتب بداية زمن الخلود هو فجر النصر والتحرير الذي أيقظ ضمائر الأحرار من شارع الحمراء تلألأتْ شعلة المقاومة زوبعةً حمراء انطلق الرصاص وسجّل الزمان بداية عصر المقاومة وبعد خالدٍ انطلق فتى الجبل وجدي.. وكانتْ سناء عروس الفداء وقبلهم شهيد فلسطين الأول حسين البنا، ولاحقاً الصدر عسّاف... شهداء شهداء على درب الفادي المعلّم سعاده الذي قال للعالم هكذا أموت وهكذا تنتصر الدماء...

وفي الشام حلّق النسور فارتقى العوّاد وأيّهم وعلاء وعلى الموعد كان أدونيس فجاء النصر مكلّلاً بالدّماء فأنتم يا نسور العزّ القوميّ.. يا أبطال ساحات الإباء لكم وإليكم النصر يسير في زمن البطولة والفداء كلّنا خالد علوان نرسم بدمائنا زوابع حمراء منْ أجل أن تحيا سورية أمّة المقاومين الشرفاء.

 وألقى كلمة حركة أمل عضو المكتب السياسي محمد خواجة وقال: للسنة الخامسة والثلاثين على التوالي، نتلاقى هنا، في هذا المكان، لنحتفل بعملية مقهى الويمبي النوعية ضدّ قوات الاحتلال، التي نفذها بطل من بلادي هو الشهيد خالد علوان.

عملية اتّسمت بالكثير من الجرأة والإقدام والاحترافية العالية. خالد علوان ابن مدرسة الحزب السوري القومي الاجتماعي، مثل كلّ القوميين، آمن بأنّ الاحتلال لا يُواجَه بالخنوع والخضوع والتفاوض، بل بالمقاومة المُسلّحة. وبأنّ تغيير مجرى التاريخ وحسم الصراع، لا يكون إلا بقوة الفعل، المُتكئة على روح التضحية والاستشهاد.

إنّ عملية الويمبي ومثيلاتها من عمليات المقاومة التي تصيّدت الجنود الصهاينة في شوارع بيروت وأزقتها، فرضت على قيادة الاحتلال، آنذاك الانسحاب من المدينة. ولا تزال مناشدات الجنود المذعورين "يا أهالي بيروت... لا تطلقوا النار... إننا راحلون..."، يرنّ صداها في آذان كلّ من ساهم من أبناء جيلنا، لبنانيين وفلسطينيين، في صناعة تباشير النصر الأولى.

خالد علوان ورفاقه وإخوته من المقاومين في الحزب السوري القومي الاجتماعي وحركة أمل وحزب الله والأحزاب والقوى العروبية واليسارية والوطنية والإسلامية، هم من أسقطوا بتضحياتهم مفاعيل الغزو "الإسرائيلي" للبنان عام 1982، وليس ماراتون المفاوضات المتنقلة ما بين خلدة ومستعمرة "نهاريا".

فلولا أمثال خالد علوان وشهداء المقاومة بكلّ تلاوينها ومسمَّياتها، لكنّا اليوم نعيش العصر "الإسرائيلي"، ولكان علم العدو مرفوعاً في أكثر من مدينة وبلدة لبنانية. رغم كلّ ما حققه هؤلاء الشهداء بدمائهم من إنجازات وطنية كبرى، تتمنّع بعض الهيئات والإدارات عن تزيين شوارعنا وساحاتنا بأسمائهم والعجب كلّ العجب، بل العيب كلّ العيب أن تحمل هذه الشوارع والساحات أسماء مستعمرين ومحتلين، أمثال الجنرالات اللمبي وغورو وفوش وسبيرز وغيرهم. ما يدلّ على أنّ بعض المسؤولين عندنا، ومنهم بلدية عاصمتنا، يعيشون عقدة "متلازمة ستوكهولهم" التي تجعل الضحية تتماهى مع جلاديها.

لقد تحرّر كلّ شبر من لبنان بفضل مقاومتنا المسلحة وتضحياتها، وليس بالتفاوص والمراهنة على القرارات الدولية، وقوة لبنان في ضعفه، فنحن أمام عدو ديدنه القوة والتوسع والاستيطان، وبالتالي، لا يفقه إلا لغة القوة. لقد شكلت المقاومة ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ الصراع العربي ـ "الإسرائيلي"، حين أجبرت الجيش الذي لا يُقهر على الانسحاب من أرض عربية محتلة، من دون قيد أو شرط أو استسلام تحت مسمّيات السلام.

لقد أرست المقاومة بتكاملها مع جيشنا الوطني، والتفاف غالبية اللبنانيين حولهما، قواعد جديدة للصراع، قائمة على القدرة والردع المتبادل تجاه العدو، أكان "إسرائيلياً" أم تكفيرياً، فكلاهما وجهان لعملة واحدة. ومن هنا، ينبع تمسُّكنا بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة التي أثبتت نجاعتها، وحمت لبنان من هذين الخطرين الكبيرين. وما الانتصار الأخير الذي تجسَّد بطرد الجماعات الإرهابية المسلحة، من جرود عرسال والفاكهة ورأس بعلبك والقاع، إلا خير دليل على ما نقول.

في الذكرى الخامسة والثلاثين لعملية الويمبي البطولية نجدّد العهد للشهيد خالد علوان ولكلّ شهداء المقاومة وجيشنا الوطني، ونعاهدهم بأننا لن نستكين، إلا بتحرير ما تبقى من أرضنا المحتلة في قرية الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا. ولن يهنأ لنا بال، إلا باستعادة فلسطين الحبيبة وكلّ أرض عربية دنستها براثن الاحتلال.

 وألقى كلمة المؤتمر الشعبي اللبناني عضو القيادة ومسؤول بيروت الدكتور عماد جبري وجاء في كلمته: في البداية أودّ أن أوجه تحية إكبار وإجلال لروح الشهيد البطل خالد علوان ابن بيروت والمناضل في صفوف الحزب السوري القومي الاجدتماعي، هذا الحزب المقاوم بالرصاصة والبندقية أولاً ثم بالمقاومة السياسية والثقافية والشعبية ضدّ الاحتلال والتطبيع بكلّ أشكاله وأنواعه مع عدو الأمة والإنسانية الكيان الصهيوني المغتصب.

وأغتنمها فرصة لأنقل إليكم وإلى الحزب السوري القومي الاجتماعي قيادة وكوادر ومناضلين، تحيات وتضامن إخوتكم في المؤتمر الشعبي اللبناني ورئيسه الأخ كمال شاتيلا، فنحن معاً في خندق واحد لمواجهة مشروع "إسرائيل الكبرى" بشقيه الاحتلال الاستيطاني والتقسيمي.

إنّ رصاصات خالد علوان التي أطلقها في هذا المكان كانت إيذاناً ببدء المقاومة العسكرية للاجتياح الإسرائيلي عام 1982 لسيدة العواصم العربية بيروت، فانتفض شباب بيروت يذودون عنها، وكانت مواجهات وملاحم بطولية في برج أبي حيدر وعلى جسر سليم سلام وكذلك في المتحف وعلى مثلث خلدة.

وهبّ أبناء بيروت من رأس النبع والطريق الجديدة، من رأس بيروت وسائر مناطق وأحياء العاصمة، ووقفوا وقفة رجل واحد يدافعون عن الأرض والعرض عملاً بالحديث الشريف: «من مات دون أرضه فهو شهيد».

وبرصاصات خالد علوان ومقاومة أبناء بيروت اندحر الغازي الصهيوني فتراجع وانسحب. ومع انسحابه سقطت مقولة «قوّة لبنان في ضعفه» لتحلّ مكانها: «قوّة لبنان بثالوث الجيش والشعب والمقاومة».

وقد تبع هذه المقاومة البطولية مقاومة سياسية وشعبية فكانت «صلاة الملعب البلدي» الشهيرة والتي جمعت المسلمين كلّ المسلمين مع الوطنيين كلّ الوطنيين ليُسقطوا معاً اتفاق 17 أيار المشؤوم.

وبعد تراجع واندحار المشروع الصهيوني بشقه الاحتلالي من على مشارف بيروت عام 1982 ومن الجنوب تحت ضربات المقاومة البطلة في العام 2000، لجأ العدو الصهيوني في العام 2006 بالقوة العسكرية والاحتلال لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير وفشلوا...

أثبتت بيروت أنها إلى جانب كونها «أمّ الشرائع» وسيدة العواصم العربية ولؤلؤة الشرق أنها العاصمة التي تجمع ولا تفرّق، فكانت وستبقى ساحاً للتفاعل والانصهار الوطني في أسواقها وعلى ملاعب مدارسها وبين جدران جامعاتها وأروقة مؤسّساتها وردهات مصانعها. وهي إلى ذلك تعصم عن سياسات الاستسلام وعن سياسات الرضوخ والتبعية والأمركة.

أهلُ بيروت وعائلات بيروت عربٌ أقحاح يذودون عن الحمى، عندما يدعوهم الواجب كما فعل الشهيد البطل خالد علوان.

هذه بيروت العروبة التي نعرفها ونريدها هي التي انتفضت ضدّ الانتداب الفرنسي وقبله ضدّ الاستعمار التركي، وقدّمت قرابين الشهداء على مذبح الحرية والاستقلال، بيروت التي ناصرت قضايا العرب بدءاً بثورة الجزائر وأيدت الزعيم جمال عبد الناصر الذي قال: «ما أخذ بالقوة لا يستردّ بغير القوة».

بيروت هذه مرّ بها المحتلّ وانكسر، وعاث بها الفاسد وانفضح، ستنتصر بيروت بإذن الله على الفساد والمفسدين كما انتصرت على المحتلّ الغازي.

أنقل إليكم أيضاً تحيات إخوانكم في «هيئة أبناء العرقوب» إحدى مؤسسات المؤتمر الشعبي اللبناني وتصميمهم على الاستمرار والمضيّ بمقاومتهم على كلّ الصعد: ليستردّوا ما اغتُصب من أملاكهم وأرزاقهم في مزارع شعبا وتلال كفرشوبا...

ختاماً، أودّ أن أوجّه تحية اعتزاز وافتخار لجيشنا اللبناني البطل، قيادة وضباطاً وجنوداً على إنجازهم النوعي في دحر قوى التطرف والإرهاب والظلام من جرودنا الشرقية وتطهير أرضنا من رجس هذه القوى التي هي صنيعة الصهيونية وربيبتها أميركا وهي إحدى الأدوات التقسيمية لمنطقتنا في مشروع "الشرق الأوسط الجديد".

والتحية لرجال المقاومة الأبطال الأشاوس الذين مهّدوا الطريق وساهموا مساهمة فعّالة في صنع هذا الانتصار.

والتحية لأبطال فلسطين المقاومين وفي طليعتهم «نمر القدس» بطل عملية القدس التي نفذها بالأمس الفلسطيني البطل نمر الجمل.

وهكذا على طريق ونهج خالد علوان تستمرّ الانتفاضة والمقاومة داخل فلسطين التي ستبقى بوصلة النضال والمقاومة وستبقى القدس قبلة المجاهدين.

 وألقى كلمة حزب الله عضو المجلس السياسي ابراهيم الموسوي واستهلها بالقول: عندما يحضر الشهداء والشهادة، تحيا الأمّة وتنتصر... وتكون القمّة، قمّة اجتماع إرادة الأمة، ويكون الحديث حديث المقاومة، ويكون الطريق طريق النصر من مقهى الويمبي في شارع الحمرا إلى آخر نقطة دم لبنانية عربية وإسلامية ومسيحية سالت فداءً للبنان.. فداءً لسورية، فداءً لفلسطين...

عندما أطلق خالد علوان رصاصاته في عنق الضابط الصهيوني ذات يومٍ من شهر أيلول عام 1982، لم يكن فعله فعل ثأر وانتقام، وإنْ كان الفعل يحتمل المعنى، بل كان فعله فعل إيمان بأنّ في هذه الأمة شباب يمتلكون الوعي الكامل للسير في خط المقاومة والمواجهة حتى النهاية، وليست النهاية إلّا الانتصار، بعد طول مسير وصعوبة مسار، لكنّه مسير يؤدّي إلى مصير واحد.. صير العزّة والكرامة والوحدة، ويصحّ حينها أن نقول مردّدين مع الزعيم سعادة بأنّ فيكم قوة ما إن تحرّكت، ما إن هدرت، غيّرت مجرى التاريخ وحفظت الجغرافيا...

خالد علوان أطلق رصاصاته الأولى إيذاناً بانطلاق المقاومة في لبنان ضدّ الاحتلال الاسرائيلي، من قلب العاصمة بيروت، ليقول إنّ بيروت لا تتنكّر لعروبتها وكرامتها، بل تظلّ وفيّة قويّة تحتضن كلّ ثائر فدائيّ مقاوم صاحب قضيّة محقّة.

ولخالد علوان، من اسمه كلّ نصيب.. خلود وعلوّ، بل علوان. خلود الاسم في ذاكرة الأمّة مقاوماً بطلاً صنع مجد الأمّة ونصرها، وعلوان.. علوّ الالتزام بحزب عقائديّ مقاوم عابر للطوائف والمناطق والحدود، وعلوّ تجسيد هذا الالتزام بعمليّة بطولية عزّ نظيرها في زمنٍ قلّ فيه الناصر والمعين.

واليوم، يحدث أن تتقاطع المناسبة زمناً ومضموناً مع إحدى أعظم الملاحم الثوريّة في تاريخ الإنسانية جمعاء، ذكرى عاشوراء استشهاد الإمام الحسين، إمام الثورة والشهادة والكرامة والعزّة والإباء والوفاء، فتستلهم منها أمثولات وعبر كثيرة. يوم وقف الإمام الحسين على صعيد كربلاء يطلق صرخته الأبديّة بأنّ الدّعيّ ابن الدّعي قد ركّز بين اثنتين، إمّا السلّة وإما الذلّة، وهيهات منّا الذلّة. هذا النداء ما زال يتردّد صداه في جنبات التاريخ، في مختلف العصور والحقبات، ليقول إنّ شعلة الثورة لا تنطفئ، بل تظلّ تتناقلها أجيال الكرامة من جيلٍ إلى جيل، ومن زمن إلى زمن، ومن بلد إلى بلد، لتصنع لمن اعتنق فكرتها واقتدى بعقيدتها عنفوان الكرامة وعزّة المجد وحلاوة النصر.

قرّ عيناً يا خالد... إنّك نمت في حضن مجد التاريخ فصنت الوطن والقضية، رفعت رايةً لن تنكسر. وها هي بيارقها الصفراء والحمراء تتهادى تيه نصروتتباهى مجد عزّ في غير موقع من مواقع هذه الأمّة على خارطة قلب وطننا العربي النابض في سورية من جبال اللاذقية إلى بادية تدمر، ومن حلب إلى دير الزور.. لتهديها، لتهدي هذه الأمّة نصرها الأبهى والأجمل والأكمل.

لك من أخوتك القوميين تحية وعد، ولك من أخوتك في حزب الله حبّ وعهد، أنّنا سنحفظ رايةً رفعتها لتبقى خفّاقة في ذرى النصر أينما استدعانا الواجب. لأنّنا ولدنا لنكون، وسنكون... سنكون وتكون حيث يجب أن نكون، دعهم في غيّهم يعمهون، كنتَ منتصراً وإنّا بإذن الله لمنتصرون.

أخي خالد، لك الفضل أنّك اشتققت من الخلود اسماً، فأعطيت للعلوّ معنى. فإلى اللقاء في انتصارات أخرى على طريق صناعة الانتصار العظيم على طريق فلسطين.

 ثم ألقى عميد العمل والشؤون الاجتماعية كلمة الحزب ومما جاء فيها: أيها المقاومون بالموقف والفعل، الصامدون بوجه أعاصير الشرّ ومؤامرات التقسيم والتفتيت،

يا أجيال النصر، يا نسور القمم وأبطال ساحات المواجهة، يا أبناء عقيدة سعاده، يا أبناء الحياة، أيها القوميون الاجتماعيون...

من هنا، من قلب بيروت انطلقت رصاصات التحرير الأولى، وما زال صداها يتردّد على مرّ الأيام والسنين وتعاقب الأجيال، فتلك الرصاصات لم تسقط ضباطاً وجنوداً صهاينة غاصبين ومحتلّين وحسب، بل أسقطت مشروع إذلال اللبنانيين وصهينة لبنان، وأكّدت للعالم أجمع، أنّ بيروت لن تكون إلّا عاصمةً للصمود والمقاومة، ولا تنام على ضيم الاحتلال والعدوان، مهما اشتدّت المحن وتكالبت عليها مشاريع العمالة والخيانة.

قبل العام 1982 شكّلت بيروت منصّة تعبيرٍ بالمواقف والتظاهرات نصرةً لمقاومة شعبنا في فلسطين ضدّ الاحتلال، وصوتاً داعماً لحركات التحرّر في العالم العربيّ وفي العالم بأسره، بمواجهة قوى الهيمنة والاستعمار.

وفي 24 أيلول 1982، ارتسمت خيوط فجر بيروت، ولم تكد تمضي ليالٍ عشرٍ حتى خرج الاحتلال مهزوماً مذلولاً، معترفاً بهزيمته عبر مكبّرات الصوت ومتوسّلاً "يا أهل بيروت لا تطلقوا النار إنّنا راحلون". لقد صارت بيروت مع رصاصات خالد علوان، منصّة فعلٍ مقاوم، وعاصمة تعتزّ بأبنائها وأبطالها يرفعون الحيف عنها، ويدحرون احتلالاً غاشماً حاقداً مجرماً.

نعم، هذه بيروت، وهذه هويّتها، وخالد علوان أعاد لبيروت هويّتها القومية، وأسقط مخطط الذين حاولوا صهينتها وجسّد إرادة أهل بيروت ومقاوميها، الذين خرجوا في الأحياء والشوارع يقاومون الاحتلال.

خالد علوان البيروتيّ الولادة والقوميّ الانتماء، أدرك أن ليس لنا من عدوّ يقاتلنا في ديننا وأرضنا وحقّنا سوى اليهود، فخرج يقاتلهم في وضح النهار، مدفوعاً بإيمانه القومي، فسجّل فرادة الإنجاز البطوليّ، بعد أن تفرّد حزبه بإطلاق صواريخ الكاتيوشا من سوق الخان في حاصبيا في 21 تموز 1982 مسقطاً شعار "سلامة الجليل"، الذي أطلقه العدوّ الصهيوني ذريعةً لاجتياح لبنان. 

خالد علوان جسّد بفعله البطوليّ مقاومة حزب تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي على أرض فلسطين، فتحيةً إلى حزبكم، الحزب السوري القومي الاجتماعي، وإلى كلّ شهداء حزبكم، من الرفيق حسين البنا، إلى الرفيق فراس الشاهين، وتحية إلى الاستشهاديّين الذين ردّوا للأمة وديعة الدم، من وجدي الصايغ وسناء محيدلي، إلى خالد أزرق وابتسام حرب، إلى مالك وهبي ومريم خير الدين، إلى عمار الأعسر ونورما أبي حسان، إلى محمود قناعة وزهر أبو عساف، إلى علي غازي طالب وفدوى غانم. فأنتم أيها الاستشهاديون، ويا كلّ الشهداء أيقونات عزّ، افتديتم أمّتكم بالدماء وفرضتم حقيقتكم على هذا الوجود. 

أنتم جميعاً، وكلّ المقاومين أحزاباً وطنية وأفواج مقاومةٍ، أسّستم للتحرير في العام 2000، الذي تحقّق بأيادي مقاومين أبطال زيّنوا هذا التحرير بانتصارٍ مدوّ في العام 2006، يوم اجتمع طغاة العالم بكلّ جبروتهم وسلاحهم الفتّاك حول العدوّ بهدف تصفية المقاومة، فكانت النتيجة هزيمة هؤلاء الطغاة جميعاً، فتحية إلى المقاومة التي حرّرت وانتصرت وإلى شهدائها الأبطال.

كان الهدف من حرب تموز 2006 القضاء على المقاومة في لبنان، لتصفية المسالة الفلسطينية، لكنّ العدوّ فشل في تحقيق أهدافه، وتلقّى هزيمةً نكراء أمام المقاومة، واكتشف أنّ سبب هزيمته وداعميه، وقوف سورية مع المقاومة، لذلك جرى استهدافها بمخططٍ خبيثٍ يرمي إلى إسقاط المجتمع من الداخل، وبواسطة إرهابٍ متعدّد الجنسيات، تحت عناوين مطلبيّة مزعومة، وقد أعلن حزبنا موقفه منذ الأساس، بأنّ أيّ حراكٍ لا تكون بوصلته فلسطين هو إرهاب وفوضى، وصدَق حزبنا في موقفه، لأنّ الفوضى التي اجتاحت دولاً عديدة مسؤولة عنها "إسرائيل" وحلفاؤها.

وإنّ ما حصل في سورية على وجه الخصوص، ليس حراكاً من أجل المطالب، بل حراكٌ مشبوهٌ تمهيداً للانقضاض على الدولة السورية خدمةً للعدوّ الصهيوني، وقد ثبت ذلك بعدما سقط قناع المطالب ليعيث الإرهاب قتلاً وإجراماً بحقّ السوريين. 

إنّ صمود سورية رئيساً وقيادةً وجيشاً وشعباً، وثباتها على نهجها المقاوم، أفشل مخطّط إسقاطها، وهي اليوم مع القوى الحليفة والرديفة، ونحن في طليعة هذه القوى، تحققّ الإنجاز تلو الإنجاز، بدحر الإرهاب، وترسيخ وحدتها، وصون سيادتها، وهي شارفت على تحقيق النصر مكتملاً، لتبقى قلعةً عصيّةً على المتآمرين، وعمقاً قومياً للمقاومة في بلادنا.

وأمام حجم هذا الانتصار، لا يسعنا إلا أن نحيّي كلّ الشهداء، لا سيّما شهداء الجيش الباسل، وأن نوجّه التحية للدولة السورية ولرئيسها الشجاع الرئيس الدكتور بشار الأسد، ولكلّ حلفاء سورية وفي مقدّمهم روسيا وإيران..

والتحية لحزبكم، الذي لا يتأخّر عن واجبٍ قومي، وللقوميّين الاجتماعيين الذين اندفعوا وتأطّروا في تشكيلات نسور الزوبعة، فملأوا ميادين المواجهة جنباً إلى جنبٍ مع الجيش السوريّ يقاتلون الإرهاب ويقدّمون الشهداء، دفاعاً عن سوريانا الحبيبة.

فتحيةً إلى هؤلاء النسور، والفخر بمن ارتقوا شهداءً، وفي هذه المناسبة نتذكّرهم جميعاً، خصوصاً من كان يشارك في إحياء ذكرى عملية الويمبي حضوراً وتنظيماً، الشهداء الأبطال الرفقاء أدونيس نصر ومحمد عواد ورعد المسلماني وعلاء نون. وإلى سامي سعاده، وأيهم الأحمد وثائر بلّة، و..... وكلّ كوكبة الشهداء الذين كتبوا تاريخ النصر بدمائهم الزكيّة.

انتصار سورية هو انتصارٌ لفلسطين، ولكلّ محور المقاومة، وإنّ عملية القدس الفدائية بالأمس هي إحدى تجليّات هذا الانتصار، الذي أعطى دفعاً للعمل المقاوم في مواجهة العدوّ وخيانات التطبيع المذلّ.

ولأنّ فلسطين هي البوصلة، نؤكّد اليوم على موقف حزبنا الذي لطالما دعا إلى الوحدة الفلسطينية وسعى إليها، على أساس برنامجٍ نضاليٍّ يعيد الاعتبار لخيار الكفاح المسلّح، وإنّنا ندعو اليوم إلى تعزيز خيار الوحدة الجامعة بين مختلف القوى الفلسطينية، لمواجهة مشاريع التهويد والاستيطان والتهجير والتوطين، والتمسّك بخيار التحرير والعودة. 

وفي هذه الذكرى، نؤكّد وقوفنا إلى جانب الدولة العراقية في حربها ضدّ الإرهاب، وتمسّكها بوحدة العراق، بمواجهة كلّ أشكال التقسيم والتفتيت، ونعتبر الاستفتاء لانفصال شمال العراق عن الدولة المركزية، هو تنفيذٌ لأجندةٍ صهيونيةٍ، لذا، نهيب بأبناء شعبنا في شمال العراق، نبذ ومحاكمة الذين رفعوا أعلام العدوّ الصهيوني، وأن يواجهوا مخطّط صهينة مناطقهم وتحويلها إلى خنجرٍ مسمومٍ في خاصرة العراق.

ولئن شكّل لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته معادلة ردعٍ بوجه العدوّ، نؤكّد على ضرورة تثبيت هذه المعادلة، شاء من شاء وأبى من أبى، ونحيّي الجيش اللبنانيّ والمقاومة على نصرهما المؤزّر بتحرير سلسلة الجرود الشرقية من عرسال إلى القاع، ونحيّي الأجهزة العسكرية والأمنيّة التي تعمل بجهودٍ مضاعفةٍ لاجتثاث الإرهاب بكلّ إجرامه وآثامه.

نعلن رفضنا القاطع توطين سوريّين وفلسطنيّين في لبنان، لأنّنا نتمسّك بحقّ أبناء شعبنا في العودة إلى بيوتهم وقراهم. وإنّنا إذ نشيد بدعوة رئيس الجمهورية اللبنانيّة العماد ميشال عون إلى حوارٍ بين الحكومتين اللبنانيّة والسورية حول ملفّ النازحين، ندعو الحكومة اللبنانيّة إلى الشروع في الحوار مع الحكومة السوريّة، كما ندعو إلى إعادة العمل بمعاهدة الأخوّة والتعاون والتنسيق، وتنفيذ الاتفاقات المشتركة.

في ظلّ تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية في لبنان، نؤكّد على أهمية دور الدولة في الرعاية الاجتماعية، ونجدّد موقفنا إلى جانب حقّ العمال والموظفين بالسلسلة التي أقرّت، ونطالب الحكومة بالإسراع في إيجاد التمويل اللازم لتنفيذها ودفع الرواتب لمستحقيها آخر هذا الشهر. كما ندعو إلى تصحيح الرواتب والأجور للعاملين في القطاع الخاص، من دون أن تفرض أيّة ضرائب جديدةً على الفقراء وذوي الدخل المحدود.

أمّا على صعيد قانون الإنتخاب، نجدّد التأكيد بأنّ الصيغة التي تمّ الاتفاق عليها، ليست صيغةً للإصلاح، ولا نزال على موقفنا بأنّ الصيغة المثلى لقانون الانتخابات هي في اعتماد لبنان دائرةً واحدةً على أساس النسبية وخارج القيد الطائفيّ.

وعلى الرغم من تحفظنا عن صيغة القانون الذي أقرّ، نؤكّد ضرورة إجراء الانتخابات النيابيّة في موعدها، ونشارك الرئيس نبيه برّي موقفه الحاسم بضرورة إجراء هذه الانتخابات حتى قبل موعدها.

ختاماً: تحيّة العزّ والإباء إلى صانع فجر بيروت الشهيد البطل خالد علوان، وإلى كلّ الشهداء والمقاومين. وتحيةً إلى بيروت عاصمة المقاومة والكرامة الوطنيّة والقومية، وإلى اللقاء في ساح الصراع والجهاد...

وفي نهاية الاحتفال وضع المسؤولين الحزبيين وممثلي الاحزاب والقوى والفصائل واشقاء الشهيد خالد علوان اكليلا من الزهر باسم رئيس الحزب الوزير على اللوحة التذكارية للشهيد الرفيق علوان.


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024جميع المقالات التي تنشر لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع