إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

انتصر مشروع المقاومة يواجه الخلل السياسي

د. رائد المصري - البناء

نسخة للطباعة 2018-12-28

إقرأ ايضاً


بهدوء… فإجراءات الحكومة اللبنانية المقبلة التي تتعجّل الحريرية السياسية طرحها ستكون بإلغاء الدعم عن المحروقات وزيادة 2 على الـ TVA، وإلغاء سلسلة الرّتب بذريعة إعادة درسها بشكلٍ لا يزيد من عجز الموازنة، ومعها زيادة اشتراك الكهرباء والمياه 20 مع زيادة على تسعيرة الكيلواط الواحد 10 ، وخفض ميزانيات الصّحة والشؤون الاجتماعية والتعليم، بالإضافة الى زيادة الضرائب على الجمارك وكافة الرسوم القضائية والإدارية والأحوال الشخصية، وزيادة الضرائب على الرّسم المالي في التسجيل العقاري والمالي والتجاري بنسبة 5 ، وربّما تضاف إليها لائحة أخرى هي الآن قيد الإعداد يتولاّها موظّفو وأدوات البنوك الممسكون بهراوات التطويع لضرورة الالتزام بشروط «سيدر» ووجوب توزيع مقدّراته المالية على المزارع والزواريب الطائفية المذهبية بالتحاصص بين الإقطاع السياسي وسماسرة السّوق والمضاربين…

إعلان الرئيس سعد الحريري إجراءاته الإصلاحية التي ستتّخذها حكومته العتيدة في ما لو تشكّلت تنفيذاً للشروط الدولية لمقرّرات مؤتمر «سيدر»، لا سيّما تخفيف دعم الدولة لقطاع الطاقة، وهو ما يعني ارتفاعاً كبيراً بفاتورة الكهرباء وأسعار المحروقات والمزيد من إفقار الناس وتجويعهم. وهذا كله في ظلّ عدم التسليم أو القبول أو الاعتراف بنتائج الانتخابات البرلمانية التي أفرزت قوىً من خارج عباءاتهم المذهبية وتكتّلاتهم الجهوية والطائفية. وفي ظلّ محاولات لم تنجح باستيلاد الحكومة السّباعية قبل مولد السيّد المسيح، لكي تبدأ في إجراءات التقشّف وتنفيذ شروط البنك الدولي الجديدة عبر «سيدر»!

انّ استعجال الحريري في إطلاق التصريحات الضريبية التي سيتحمّل المواطن اللبناني عبء إجراءاتها الإصلاحية مقابل التزام المانحين الدوليين بالدعم المالي للبنان، ربّما سترسم علامات استفهام بشأن مستقبل هذا البلد المنهوب والمأزوم والمدين…

أمّا لمن يريد التغيير في السياسة والاقتصاد، فلا بدّ من الوقوف إلى جانب عامة الناس وغالبية الفقراء والعمال وفق برنامج تغييري يرفع مطالب إعادة توزيع الثروة أو استرجاع المال العام المنهوب، ومواجهة السياسات التي أدّت الى هذه الحالة من البؤس والعقم السياسي الممنوع من التغيير…

لبنان البلد المتخلّف والرّيعي والمنقسم الى فئويات وطوائف ومذاهب، هو في صلب عمل الرأسمال التابع وقواعده النازفة، حيث إنّ تفكيك الدّول وتعزيز انتماءاتها العمودية وهوياتها الإثنية والفئوية والمذهبية هي الحال الأمثل والملعب الأوسع، وهو ما يناسب المنظومة الرأسمالية المعولمة ويسهّل لها العمل بحريّةٍ في بلاد تشكّل ذروة عمل الدولة الوظيفية الأفضل لها…

لن تستقيم أمور البلد إلاّ حين ينخرط المجتمع وتتأطّر بنيته على أساسٍ وطني وقوميّ، فهذا يؤدّي للمحافظة على الثروة الوطنيّة وتحقيق المنطق السيادي، أمّا الاستقطابات الطائفية والمذهبية كما هو حاصل في لبنان الذي لا يمتلك الى اليوم أيّة مقاومة تجاه الغزو الخارجي سواء كان سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً، والدليل أنّ الدّين العام في هذا البلد ونسبة إلى السياسة المالية المنتهجة منذ عام 1992 لا تعطي أيّ سبب لاستمرار هذا النظام الظالم يوماً واحداً، ولكن في مقاربة القضية من المنظور الطائفي والمذهبي وتوازناته يتعذر الإصلاح ويصبح أصعب وآفاق التغيير تبدو ضيّقة، ويسهل عليه الانزلاق نحو صراع الهويّات أو الحكم بأنّ الناس ميؤوسٌ منها. لا تشكّل الطبقات الفقيرة والمعدمة الصورة الجميلة والمبهرة دائماً من أجل البدء بالنضال وتحريرهم من عبودية الذلّ المتجذّرة في تاريخهم الكولونيالي المتخلّف، فهم الحلقة الأكثر بؤساً واضطراباً وخوفاً من المجهول، وعلى النّخب الحقيقية الإمساك بأيديهم وإيصالهم الى برّ الأمان، فتلك هي المسؤولية الوطنية النضالية الأسمى والتي تعبّر عن حقيقة الذات والوعي في المجتمع، وعدا ذلك فإنّ أيّ تغيير يتعذّر ويستحيل معه الخلاف والنضال إلى معضلات ومنزلقات وزواريب تكون القوى الطائفية وإقطاعاتها فيه الحلقة الأقوى وتنجرّ إلى معركة غير مضمونة النتائج في الزمان والمكان لكونها تنطلق من موقعهم التفتيتي المرتبط بالمتروبول المالي العالمي…

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024