شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2019-01-09
 

عاصفة أميركية ـ «إسرائيلية»: المدّ تركي والجزر كردي!

سماهر الخطيب - البناء

فيما تقبع المنطقة تحت تأثير العاصفة الجوية «نورما» بدا أنّ المناخ السياسي لم يكن ببعيد عنها، بل لربما كان أشدّ عصفاً من تبعاتها الجوية. وهكذا بدت الرياح الأميركية تجري على سرعة أعتى من الريح الضاربة في الأمواج «العربية» المتلاطمة من حدة سرعتها على أبواب دمشق.

فمنذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن سحب قواته من سورية، وبالرغم من تصريحاته بالأمس، بأنه «يريد ضمان سلامة القوات الأميركية مع انسحابها من سورية»، في محاولة منه لتهدئة معارضيه، إلا أنّ العاصفة السياسية بدأت مع إعلانه الانسحاب بتلاطم الأمواج «الإسرائيلية» مع رعد تركي راح يضرب بالشمال السوري وغضب «كردي» ومحاولات للتهدئة الأميركية ظهرت في زيارة مستشار الأمن القومي جون بولتون وتصريحاته التي أراد بها كسب البحر السياسي بمدّه التركي وجزره «الكردي» وإخفاء ما أراده رئيسه ترامب بأنه «لم يجد في سورية سوى الرمال والموت».. بالتلميح لكليهما بأنها إلى جانبهما.

ليكمل السيناريو وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في جولة مكوكية لثماني عواصم عربية ليس المراد منها محاربة «داعش» بقدر ما يريد الأميركي ومن ورائه حلفائه الاستعداد لـ»مواجهة محتملة مع إيران» مع ما أسموه «الناتو العربي» وبالتالي تريد تهيئة قواعدها السياسية والعسكرية في الخليج، وكذلك في العراق وهو ما ظهر جلياً في زيارة ترامب المفاجئة إلى قاعدة بلاده في عين الأسد غرب الرمادي وتأكيده أن «هذه القاعدة قَد تُستخدم في أيّ هجمات ضد تنظيم داعش ».

زيارات أميركية متتالية إلى المنطقة تكمل كل منها ما بدأتها السابقة في جولتها وتعكس تبادل الأدوار الأميركية، والتنسيق الأميركي «الإسرائيلي» المراد منها لتأكيد أن دور الولايات المتحدة لم ينته في المنطقة بل هي تقود تحالفاً واسعاً ضد إيران، والعنصرين الأساسيين في هذا الجهد هما «إسرائيل» والسعودية اللتان تتشاركان الخوف من التمدد الإيراني والأقرب الى الولايات المتحدة بين حلفائها في المنطقة، مع تعاون مصري خاصة أنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كشف في مقابلته مع محطة سي بي إس الأميركية «أنّ طائرات إسرائيلية تتعاون مع نظيراتها المصرية وقصفت مواقع «داعش» في سيناء.

وبالتالي فإنّ ضم دولة الاحتلال إلى الحقيبة الخارجية الأميركية في جولة بومبيو قد حمل عبئها بولتون كي لا تشكل حرجاً لدول الناتو العربي لتظهر «إسرائيل» فيما بعد بمظهر الدولة العضو في حلف الناتو العربي بلا حرج عبر «حكم الأمر الواقع»!

كل هذه الجولات والتحركات تعكس ملامح الاستراتيجية الأميركية الجديدة في المنطقة لتنهيها بحلف يضم «إسرائيل» وترفع عبئها عن ظهرها. فقد آن الأوان لتقوم بحماية نفسها بنفسها عبر حلفائها الإقليميين. وهذا هو ملخص الخطة الأميركية للعام الجديد ومحطاتها ولربما جاء تأجيل إعلان «صفقة القرن» لتبلور تلك الرؤية الأميركية في المنطقة.

أما على الطرف الآخر، فالزحف العربي نحو دمشق ليس ببعيد عن المخاوف مما أسموه «الهيمنة» الإيرانية وبالتالي الإقرار بالفشل والتموضع وفق استراتيجية جديدة لضم دمشق إلى العمق العربي وإعادة فتح السفارات العربية والتصريحات بإعادة سورية للجامعة العربية ليس إلا رضوخاً ومحاولة الالتفاف على فشل سياسات دامت سنوات عبر إعادة عقارب الساعة ريثما يرن المنبه الأميركي بما يملي عليهم من قرارات..

وتجدر الإشارة إلى أنّ العقوبات الأميركية على إيران وروسيا وكذلك الحرب التجارية ضدّ الصين ليست ببعيدة عن رغبتها الشديدة في منعها من المساهمة مفردة في إعادة إعمار سورية، خاصة بعد التصريحات السورية مطلع العام المنصرم بأنها لن تسمح بالمساهمة في إعادة إعمارها إلا للدول التي ساهمت معها في محاربة الإرهاب، إنما دمشق وحلفاؤها ليسوا بعيدين عن قراءة ما يريده الأميركي وحلفاؤه وبالتالي العودة بشروط دمشق والعاصفة الأميركية كما «نورما» ستهدأ، إنما وفق إرادة الميدان السوري..


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه