إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

«بلاك ووتر» تعود إلى العراق... وعينها على سوريا

هادي أحمد - الاخبار

نسخة للطباعة 2019-05-03

بعد غيابها لسنوات، اشتغلت خلالها على توفير خدمات لأنظمة الخليج المتوجسة من الحراك الشعبي في بلدانها، ومن ثم وضعت بصماتها في حرب اليمن من خلال تجنيدها مرتزقة عالميين للقتال، تعود «بلاك ووتر» اليوم إلى العراق، فيما عين صاحبها إريك برانس على سوريا، حيث يمكن «متعهّدينا التصدي للنفوذ الإيراني» بحسبه في قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار (غرب)، تواصل شركة «بلاك ووتر»، السيئة الصيت التي كانت لها بصمات شديدة القتامة في العراق، عملها، بعد عودتها وشركات أمنية أخرى إلى هذا البلد مطلع العام الماضي بموجب رخصة عمل منحتها إياها وزارة الداخلية آنذاك تحت ضغوط أميركية مكثفة، وفقاً لما علمته «الأخبار» من مصادر مقرّبة من القائم بالأعمال الأميركي في العراق جودي هود. تفيد المصادر بأن أول نشاطات «بلاك ووتر» تمثّل في نقل معدات عسكرية أميركية من الأردن إلى غربي محافظة الأنبار، بالتنسيق الكامل مع قاعدة عين الأسد، ثاني أكبر قاعدة في البلاد، كاشفة أن الشركة تعمل حالياً في القاعدة نفسها على تدريب عناصر من تنظيم «داعش»، لافتة إلى أنها ضمّت قبل أيام إلى برامجها نحو ألف من هؤلاء. وكانت مصادر ميدانية قد كشفت، لـ«الأخبار»، إبان اشتداد المعارك في الجيب الأخير للتنظيم في محافظة دير الزور السورية، أن ناقلات ترافقها قوات أميركية أقلّت عناصر من «داعش» من بلدة الباغوز إلى «عين الأسد» (راجع: الدواعش بحماية الأميركيين، عدد 23 شباط 2019).

تأتي عودة «بلاك ووتر» إلى العراق بعد غياب لأكثر من عشر سنوات منذ عام 2007، حين طُردَت من البلاد على خلفية قتلها 14 مدنياً عراقياً في ساحة النسور في بغداد، في جريمة مثلت ذروة انتهاكاتها بحق العراقيين. وشكلت الشركة، التابعة للمليونير الأميركي إريك برنس (الصورة)، واجهة جيش «المقاولين المدنيين» الذين دُفع بهم إلى بلاد الرافدين في عهد جورج بوش الابن، ضمن مساعي التغلب على «بيروقراطية البنتاغون» كما سمّاها وزير الدفاع الأميركي الأسبق، دونالد رامسفيلد. وهي استراتيجية أعاد الرئيس الأميركي الحالي، دونالد ترامب، إحياءها، مرسلاً الكثير من الإشارات إلى نيته إعادة تفعيل القطاع الخاص على قاعدة «تحقيق أرباح أكبر بكلفة أقل»، خصوصاً في العراق الذي يرى ترامب أن بلاده أهدرت فيه تريليونات الدولارات من دون مقابل (راجع: صهر ترامب... بول بريمر جديد: الحدود العراقية للشركات الخاصة، عدد 10 نيسان 2017).

*كشفت وثيقة رسمية منح «التجارة» العراقية ترخيصاً لمجموعة تابعة لإريك برنس*

في هذا الإطار، أماط موقع «بازفيد» الأميركي، قبل أيام، اللثام عن وثيقة لوزارة التجارة العراقية تظهر أن من بين الشركات الأجنبية المسجلة لدى الأخيرة (بتاريخ 8 - 2 - 2018) «مجموعة فرونتير سيرفيسز» التابعة لبرنس (هي نفسها بلاك ووتر بمسمى آخر)، والتي تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها، ولديها فرع في الإمارات (تعرض على موقعها الرسمي خدمات حراسة مسلحة وغير مسلحة، مشترطة للتوظيف «تمتع المتقدمين بخبرة عسكرية لا تقلّ عن خمس سنوات»). ويشير الموقع إلى أن «برنس بدأ عام 2014 في هونغ كونغ تأسيس مجموعة خدمات لوجستية، ومنذ ذلك الحين توسعت شركته في تقديم الخدمات للعديد من المشاريع، خاصة في أفريقيا، قبل أن تبدأ العمل في الإمارات». والجدير ذكره، هنا، أن الإمارات استعانت بشركة «بلاك ووتر»، التي عمدت غير مرة إلى تغيير اسمها، في محاولة للتخلص من صورة سوداء طبعتها بها تجربتها في العراق، من أجل تجنيد مرتزقة كولومبيين وغيرهم للقتال في اليمن (راجع: الخليج يقاتل بـ«بلاك ووتر»: البحث عن نصر بالارتزاق، عدد 19 كانون الأول 2015).

في تقريرها السنوي الأخير، تنفي الشركة الأمنية وجودها في العراق، متحدثة في الوقت نفسه عن مكاتب جديدة لها افتُتحَت في الشرق الأوسط العام الماضي، من دون أن تحدد أسماء البلدان التي استضافتها. لكن وثيقة «بازفيد»، التي تؤكد مضمونَها معلوماتُ «الأخبار» اليوم، كانت كفيلة باستثارة قلق كثيرين، من بينهم عضو الكونغرس الأميركي، جين شاكوفسكي، التي رأت أن «الوثيقة يجب أن تكون بمثابة جرس إنذار بالنسبة إلى الحكومة العراقية، التي طردت بلاك ووتر من أراضيها بسبب سلوكها الإجرامي». إلا أن العراق لن يكون الساحة الوحيدة للمرحلة الجديدة من عمل المنظمة التي شكّل غزو هذا البلد عام 2003 فرصتها الذهبية الأولى، بل إن سوريا ستكون على ما يبدو على قائمة خياراتها.

تنبئ بذلك حماسة برنس لإعلان ترامب، في السادس من كانون الثاني/ يناير الماضي، نيته سحب القوات الأميركية من سوريا. إذ قال برنس، حينذاك، في مقابلة مع شبكة «فوكس بزنس» الأميركية، إن «الولايات المتحدة ليس لديها أي التزام استراتيجي طويل الأجل يبقيها في سوريا، ما يوجب إتمام عملياتها هناك»، مستدركاً بأن «الحرب حرب لا نهاية لها». وعليه، اقترح «استبدال متعهدي خدمات عسكرية خاصة بالقوات الأميركية المنسحبة من سوريا»، لافتاً إلى أن «متعهّدينا قد يحمون حلفاء الولايات المتحدة، ويتصدّون للنفوذ الإيراني بعد مغادرة الولايات المتحدة البلاد».


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024