إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

المتصهين فريدمان رئيساً لمجلس المستوطنات

راسم عبيدات - البناء

نسخة للطباعة 2019-07-04

إقرأ ايضاً


من يشاهد السفير الأميركي المتصهين ديفيد فريدمان، وهو يقوم بواسطة مطرقة ثقيلة بفتح نفق صهيوني أسفل بلدة سلوان المحتلة بإتجاه القصور الأموية وحائط البراق في البلدة القديمة من القدس، يدرك تماماً أنّ هؤلاء المتصهينين في الإدارة الأميركية وعلى رأسهم الرئيس ترامب وفريقه بومبيو وبولتون وكوشنر وغرينبلات وفريدمان، لديهم حقد وعداء سافرين على شعبنا وأمتنا، وهم متفقون تماماً مع رؤية الاحتلال الصهيوني بأنه لا يوجد شعب فلسطيني، بل تجمعات سكانية، وهذا ما عبّر عنه المتصهين كوشنر في ورشة المنامة الاقتصادية لتصفية القضية الفلسطينية، فهو لم يذكر اسم الشعب الفلسطيني، بل كان يقول الناس في غزة والناس في الضفة، في حين تحدث عن «الشعب» اليهودي، «الجنس الآري، المتفوّق عرقياً»، ولذلك لا فرق بين كوشنر وفريدمان وغرينبلات وبين نتنياهو وبينت وليبرمان وحتى يهودا جليك، فكلهم صهاينة، بل المتصهينيون الأميركان يريدون أن يزايدوا على صهاينة العصر بأنهم أكثر ولاءً منهم للفكر الصهيوني وإخلاصاً لمبادئ الأباء المؤسّسين من الصهاينة هرتسل ووايزمن وبن غوريون وغيرهم.

المأساة والطامة الكبرى، أنّ هناك العديد من قادة النظام الرسمي العربي المنهار، يضعون كلّ بيضهم في سلة هؤلاء المتصهينين، بل ويشاركنهم في مخططاتهم ومشاريعهم لتصفية القضية الفلسطينية، ويدفعون لهم الأموال لتنفيذ تلك المخططات والمشاريع، ورغم كلّ ذلك وما يقوم به ترامب وفريقه المتصهين، من «استحلاب» مالي لهم، فهو لا يكن لهم أدنى احترام ويتحدث عنهم بعنجهية وغطرسة وقلة احترام، فهو يقول إنّ هؤلاء العربان لا يملكون سوى المال وعليهم الدفع لأميركا.

نحن قلنا دوماً انه يجب أن لا نزرع الأوهام عند شعبنا، بأن يكون مثل هؤلاء المتصهينين دعاة سلام او وسيط مقبول في العملية» السلمية»، فهؤلاء شركاء في الحرب على شعبنا الفلسطيني، ولا يردون له الحصول على الحدّ الأدنى من حقوقه المشروعة وضمان حق العودة للاجئي شعبنا الفلسطيني وفق القرار الأممي 194 ، فكوشنر الذي أشرف على ورشة المنامة الإقتصادية، يتعامل مع قضية شعبنا الفلسطيني على أنها صفقة تجارية، يلتفّ حولها مجموعة من «الخيّرين» و» المحسنين» يقومون بوضع أسعار لثمن الوطن، الأرض، ثمن الشهيد، ثمن الجريح، ثمن الأسير، ثمن اللاجئ، وبأنّ قضية شعبنا ليست قضية وطن وأرض، بل قضية مال ومشاريع اقتصادية، ولذلك قال بأنّ الفلسطينيون لا يستطيعون حكم أنفسهم، والمتصهين الآخر فريدمان، قال بانّ «إسرائيل» من حقها ان تقيم مستوطنات في أيّ مكان في الضفة الغربية على أراضي دولة أو حتى على أراضي فلسطينية خاصة، والمشكلة برأيه ليست في الإستيطان، بل في حركتي حماس والجهاد الإسلامي».

كوشنر وغرينبلات هم من قادا حملة التحريض ضدّ أسرى وشهداء شعبنا الفلسطيني، ووصفوا نضاله بالإرهاب، ولذلك نشأت مشكلة أموال المقاصة، والسطو الإسرائيلي على عائدات الضرائب التي تجبيها دولة الإحتلال لصالح السلطة الفلسطينية، حيث اقتطعت منذ أربعة شهور منها المبالغ التي تدفعها السلطة لعائلات الشهداء والأسرى، ولتصل البلطجة حدّ اقتطاع 14 مليون شيكل تعويضات لعملاء يدّعون أنهم تعرّضوا للتعذيب في سجون السلطة الفلسطينية.

نتنياهو كافأ ترامب بزرع مستوطنة في قلب الجولان السوري المحتلّ سمّاها تلة ترامب، تقديراً له على قراره بإعلان ضمّ الجولان السوري لدولة الاحتلال الصهيوني، وسبق ذلك مكافأته ليس لدوره فقط في المشاركة في الحرب مباشرة على شعبنا الفلسطيني الى جانب دولة الإحتلال، بل بالسعي لإطلاق اسمه على شارع صلاح الدين الشهير في مدينة القدس، لأنه نقل سفارة بلاده من تل أبيب الى القدس واعترف بها عاصمة لدولة الإحتلال.

بالنسبة للمتصهين فريدمان، فيبدو أنّ مكافأته ستكون أكبر بكثير على خدماته الجليلة للحركة الصهيونية ودولة الإحتلال، وهي لن تقتصر على تكريمه بأنه «رجل سلام» من الطراز الأول؟! فقد يجري ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام على جهوده، فالجوائز هي الأخرى يجري تسييسها، وهي لا تمنح على أساس الكفائة والإنجاز او ما يقدّمه الفرد من خدمات جليلة للإنسانية والبشرية جمعاء، بل في ظلّ هيمنة الرأسمالية المتعولمة على القرار الدولي، فالجوائز تمنح استناداً الى خدمة الشخص للمشروع والمؤسسة الرأسمالية وأهدافها، ولذلك فريدمان المتصهين قد يكون واحداً من المرشحين لنيل جائزة نوبل للسلام، وخاصة عن دوره في فتح نفق أسفل بلدة سلوان بواسطة مطرقة حديدية ثقيلة، فتح نفق في منطقة ليس فقط تعتبر محتلة وفق القانون الدولي، بل منطقة آثرية محمية وفق منظمة «اليونسكو» الدولية، حيث الحفريات ليس فقط ينتج عنها حفر وتشققات وتصدّعات في جدران البيوت والمنشآت وأرضيات الشوارع في تلك المنطقة، بل ضياع تلك الآثار وتدميرها، ومحو أيّ معلم من معالم الوجود والتاريخ العربي الإسلامي في تلك المنطقة.

نعم البلطجة الأميركية تبلغ ذروتها، فعندما يقوم كوشنر بعقدة ورشة اقتصادية في المنامة يسمّيها «الإزدهار من اجل السلام»، فلا نعرف عن أيّ ازدهار يتحدث، وهو يعلم علم اليقين بأن لا إزدهار في ظلّ احتلال يحاصر شعبنا في الضفة والقطاع ويمنعه من حقه في الحصول على دولته المستقلة وعودة لاجئيه الى ديارهم التي شرّدوا منها، والمتصهينان فريدمان وغرينبلات عندما يشاركان في افتتاح نفق أسفل البلدة القديمة، فهما يعلنان بأنّ دولتهما تريد تكريس احتلال القدس وبأنها عاصمة لدولة الإحتلال، وكوشنر قالها بشكل واضح وهو يحاضر في «طلابه» من قادة النظام الرسمي العربي المنهار في المنامة «اسرائيل دولة ذات سيادة ومن حقها تحديد عاصمتها بأن تكون القدس»، والعربان لا يشعرون بخجلهم وذلهم وعارهم، وبأنّ القدس بكلّ ما تحمله من معان حضارية وتاريخية ودينية ووطنية لا تعني لهم شيئاً.

ونحن نقول للعربان وقادة النظام الرسمي العربي المتعفن، كما قال الشاعر العربي العراقي الكبير مظفر النواب «كيف يحتاج دم بهذا الوضوح إلى معجم طبقي لكي نفهمه».

ألم يصبح الوقت وكلّ هذا الانكشاف لدور أميركا وشراكتها في عدوانها مع دولة الاحتلال على شعبنا وأمتنا كافياً لكي تصحو هذه الأمة وتعيد للصراع أسسه وقواعده، صراع ضدّ العدو الإسرائيلي جوهره القضية الفلسطينية، وتعيد للبوصلة اتجاهاً نحو فلسطين والقدس؟

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024