شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2019-12-20
 

المصارف اللبنانية والإفلاس…

عبد الحميد فاخوري - البناء

إنّ الإفلاس عموماً ينتج عن إحدى حالتين، إما نقص في السيولة أو خسائر متراكمة تطيح برأس المال والاحتياطات المتوافرة.

بالنسبة للمصارف اللبنانية، فبحسب نتائجها المالية التي تنشرها فصلياً والتي تتمّ المصادقة عليها سنوياً، فقد حققت أرباحاً بمليارات الدولارات زادتها طبعاً الهندسات المالية التي أجراها مصرف لبنان، بكرمه البالغ، والتي توَزَّع معظمها أصحاب هذه المصارف. إذن فلا يمكن أن نعزو إفلاس المصارف إلى الحالة الثانية أيّ الخسائر المتراكمة.

النظام المصرفي بكامله يقوم على الثقة، أيّ ثقة المودعين بأية عملة كانت، بأنهم يستطيعون استعادة ودائعهم عندما يطلبونها دون قيد أو شرط إلا إذا كانت لأجل، فاستحقاقها يتمّ عند انتهاء الفترة المحدّدة. كما أنّ هذه الثقة تشمل القروض التي تقدّمها المصارف، بعد التمحيص والتدقيق، إلى المدينين بعد التأكد من تحصيلها في الوقت المحدّد: فماذا يحصل الآن؟

لقد أودع المودعون أموالهم في المصارف عن حسن نية Bonafide، وإذ بهم يُفاجأون بتحديد المبالغ التي يمكن أن يسحبوها بألف دولار أسبوعياً مع التضييق الذي أوْصل المبلغ المحدّد إلى 250 دولاراً عند بعض المصارف والحبل على الجرار.

أدّى ذلك بالطبع إلى انهيار الثقة التي لا تُعوَّض من قبل المودعين والمستثمرين في الداخل والخارج والمغتربين الذين يحوّلون جزءاً من دخلهم إلى لبنان لأسباب عديدة أهمّها مساعدة عائلاتهم المقيمة في لبنان.

السؤال الأول هو مَن مِن هذه الفئات السابقة سيضع دولاراً واحداً في المصارف اللبنانية؟

السؤال الثاني: لماذا لا يتفضّل أصحاب المليارات من مالكي هذه المصارف بإعادة جزء من أرباحهم التي جنوها على مدى سنوات طويلة كي تتوفر السيولة لمصارفهم؟

السؤال الثالث والأهمّ على أيّ أساس قانوني استندت جمعية المصارف لتسديد المبالغ التي يمكن سحبها بالدولار؟ هل هذا القرار صدر عن مصرف لبنان وحاكمه، ولقد فاتنا الاطلاع عليه في الإعلام، أم أنه قرار سري لم يجرؤ الحاكم على إعلانه؟ وحتى لو كان هناك مثل هذا القرار فهل يحق للجمعية إياها وحتى للحاكم أن يتخذا مثل هذا القرار؟ على حسب ما قرأناه إنّ مثل هذا التحديد لا يمكن قانونياً أن يصدر إلا عن مجلس النواب، علماً بأنّ رئيس المجلس رفض قوننة مثل هذا الإجراء. بناء على ما تقدّم، ونظراً لأنّ المصارف تمتنع عن تلبية طلب المودعين لودائعهم لنقصٍ في السيولة لديها، وإنّ ما لهذا النقص يؤدّي إلى إعلان إفلاسها كما ذكرنا في بداية هذا المقال، فلابدّ من التوصل إلى النتيجة المؤلمة بأنّ ما صار فلبنان والنظام المصرفي بكامله هو في حالة إفلاس واقعي. أما عدم إعلان ذلك فلا ينفي هذه الحقيقة المَرّة التي تجاهلها الطبقة السياسية والمالية التي تحكم لبنان.


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه