إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

السلطنة العثمانية قبل أكثر من مائة عام مذابح تركية مروّعة تماثل مذابح " داعش" و " النصرة" في بلاد سوريا/الشام

د. بيير عازار

نسخة للطباعة 2019-12-28

إقرأ ايضاً


والمجتمع الدولي يقترب من الإقرار بالإبادة الجماعية للأرمن على يد بني عثمان

" سوف يتمّ إفناء وابادة جميع الأرمن القاطنين في تركيا دون الأخذ بعين الاعتبار لا النساء ولا الأطفال ولا العاجزين ... سوف يتمّ وَضْعُ حدّ نهائي لوجودهم، ولا يهمّ مدى فظاعة الوسائل التي ستُستخدم لهذه الغاية، ولا يجوز ابداً أنْ تتحرك مشاعر الشفقة تجاههم " .

هذا الكلام الفظّ كان أطلقه وزير الداخلية التركي طلعت باشا الجزار في مطلع العام 1915 ، وهو يختزل فنون القتل المنظّمة التي أُتّبعت من قِبَلْ السلطنة العثمانية -- سيئة الذكر -- لابادة الأرمن --بذريعة تعاونهم مع روسيا آنذاك -- وغيرهم من الأقليات الآشورية والكلدانية والسريانية... حيث وصل المجموع الكلي للضحايا إلى حوالى ثلاثة ملايين إذا ما أضفنا إليهم الضحايا اليونانيين ( نصف مليون ) .

إنّ الأغلبية من المؤرخين الموثوقين في العالم ، إضافة إلى أعداد لا تُحصى من المؤسسات الأكاديمية المختصة بالدراسات التاريخية حول الابادات الجماعية ، تؤكد أنّ ما تعرّض له الأرمن يمثّل ابادة جماعية ( تصفية مليون ونصف المليون أرمني إضافة إلى مئات آلاف الضحايا من الآشوريين والكلدان والسريان ). وحتى مطلع العام الماضي 2018 فإن أكثر من ثلاثين دولة ، بينها السويد والأرجنتين وكندا وألمانيا وفرنسا ولبنان ، بالإضافة إلى حوالى خمسين ولاية أميركية ، كانوا قد اعترفوا رسمياً الابادة الجماعية للأرمن على يد بني عثمان .

أكثر من ذلك ، بدأت أصوات فردية من مؤرخين وكتّآب أتراك تعلو داخل تركيا في الفترة الأخيرة مطالبة بالاعتراف العلني والرسمي بتعرّض الأرمن إلى إبادة جماعية على أيدي أجدادهم العثمانيين ؛ وأحد هؤلاء كان الكاتب والروائي " اورهان باموك " ، الذي منحته الأكاديمية السويدية جائزة " نوبل " في العام 2007 لجرأته ، المشهود لها ، في الاعتراف بالابادة الأرمنية رغم وجود مادة في الدستور التركي الحالي ( المادة 301 ) والتي تمكّن الحكومات التركية المتعاقبة من تخوين أي مواطن تركي يتعرّض إلى مواضيع حساسة كالابادة الجماعية الأرمنية بتهمة " إهانة الهوية التركية " .

كذلك عَلَتْ أصوات بعض الإعلاميين الأتراك لجهة الإقرار بالابادة التي لحقت بالشعب الأرمني ، وبهذا الصدد قال الصحافي التركي الشهير محمد علي بيراند : " لقد نجح الأرمن ، عبر العمل الجاد ، في إيصال وجهة نظرهم إلى العالم بأسره على مدار المائة عام المنصرمة ... أما نحن ( الأتراك ) فقد وضعْنا رؤوسنا في الرمال ورفضْنا حتى مناقشة ما حدث ، فوصلنا إلى طريق مسدودة ، حيث لم نتمكن من الرد بطريقة مقنعة ؛ لأنّ ما حصل كان حقيقة ... لذلك خسرنا " .

وبدوره الصحافي حسن جمال ، وهو حفيد جمال باشا السفاح ، قال قبل بضع سنوات : " إنّ تركيا كدولة يتوجب عليها الاعتذار من الأرمن" ... ومثل هذا الكلام الصادر عن الحفيد حسن جمال باشا السفاح يحمل في طياته إقراراً مباشراً بالابادة الجماعية الأرمنية؛ لأن الاعتذار ينتفي إذا لم يكن هناك خطايا قاتلة ، فكيف إذا كان الامر يتعلق بابادات جماعية ارمنية وتصفيات مذهبية !؟

وعلى الرغم من هذه الوقائع والمثبتات التاريخية ، طلع علينا مؤخراً رئيس النظام التركي رجب طيب إردوغان ليقول : " إنه من المستغرب أنْ تكون جريمة الإبادة الأرمنية قد وقعت ؛ وأنكر كعادته -- كما أسلافه -- حدوث الإبادة ، مدّعياً أنّ الأرمن كانوا يذبحون الأتراك/الإسلام ، لذا توجّب على السلطنة العثمانية ترحيل مَنْ أسماهم ب " العصابات الأرمنية وأنصارهم " .

وتحدث إردوغان عن التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي أعلن فيها " يوم 24 نيسان/أفريل يوماً وطنياً لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية الأرمنية سنوياً في فرنسا " تحدث غاضباً : " لكل أولئك الذين يحاولون تعليمنا دروساً في حقوق الإنسان فيما يتعلق بالقضية الأرمنية ، نحن مضطرون إلى تذكيرهم ، في كل مرة ، بماضيهم الدموي " .

وهكذا فانّ السلطنة العثمانية -- التي أبادت ثلثي الشعب الأرمني ومعه مئات الآلاف من السريان والكلدان والآشوريين -- لم تقدم للبشرية أي شأن حضاري بل على العكس ، أعادت سائر المناطق التي احتلتها ، ومنها سوريا الطبيعية ، قروناً إلى الوراء ، وهي تفنّنت في قتل الشعوب/الأقليات وفي إفنائهم بتشجيع أوروبي( المانيا ) وصمت عربي واسلامي مريب تحت ذريعة أنّ ما كانت تقوم به السلطنة العثمانية ( الخلافة الإسلامية ) ، إنما هو أمرٌ من الله ينبغي التسليم به ، وذلك قبل زوالها في العام 1923 ، وحلول الاستعماريْن الفرنسي والبريطاني مكانها ، وهما ليسا بأحسن حالاً من الإمبراطورية العثمانية المسْخ .

إنّ إنكار الإبادة الجماعية بحق الأرمن ( وهم سوريون بالأصالة ) لن يطول ، وستضطر حكومة إردوغان الإخوانية إلى الإقرار بهذه الإبادة ، عاجلاً أم آجلاً ، في حين أنّ القنوات الفضائية العربية الفتنوية التي وقفت إلى جانب تركيا/إردوغان ( العثمانية الجديدة ) في حربها القذرة على سوريا/ الشام -- الجزيرة مثالاً -- فَلَنْ ينفعها الصراخ ولا تأجيج المشاعر الدينية في البلاد السورية ؛ وأما المعارضون السوريون في الخارج ، وأخص بالذكر الإسلاميين المتطرفين ، الذين يتعاطفون مع الاتراك/بني عثمان ، وفي مقدمتهم خالد خوجه ، الرئيس الأسبق لما يسمى ب " الإئتلاف السوري المعارض " ، والذي كوفىء ، لخيانته العلنية لسوريا الأم ، بحصوله على الجنسية التركية ... هؤلاء المعارضون تشي المعلومات المسرّبة من بعض أقطابهم بأنّ قسماً معتبراً منهم يستعدّ لتلاوة " فعل التوبة " أمام شعب سوريا/الشام العظيم ، والعودة إلى المهد الذي عادت إليه " تهامة بيرقدار " دون أي ضجيج إعلامي أو سياسي ولكن بشروط تسطّرها دماء الشهداء وأجساد

الضحايا .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024