شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2020-09-08 |
الأمينة هيام محسن كانت تميّزت في الكثير وتألقت في تاريخ الحزب |
الأمينة هيام محسن التي تألّقت في الحزب، وعرفت الالتزام نهضة ومناقب وتفانياً ووعياً لأغراض النهضة، فصعدت في سلّم المسؤوليات وصولاً إلى رئاسة المجلس الأعلى، يصحّ أن يصدر عنها كتاب يؤرّخ لمسيرتها النضالية، ويكون عنواناً لنضال المرأة القومية الاجتماعية، الاستشهاديات منهنّ والمناضلات اللواتي عرفن السجون والمعتقلات، وكنّ إلى جانب رفقائهنّ التوأم في الجهاد والحرمان وفي الثبات على العقيدة. كنت نشرت في أكثر من نبذة جانباً من مسيرتها القومية الاجتماعية، إنّما أدعو أولاً أولادها، وثانياً من عرفها من رفقاء ورفيقات إلى أن يتركوا لأجيال الحزب والأمة سيرة مثالية عن دور المرأة في الحزب. للمزيد عن الأمينة هيام نصرالله محسن، ننشر ما جاء في الحوار الذي أجرته معها الرفيقة اعتدال صادق شومان، وصدر في عدد 7 آذار 2000 في جريدة الديار .. * هيام نصرالله محسن تتذكّر بمناسبة الأول من آذار عاد سعاده من المغترب والاستقبال الحاشد له أقلق بشارة الخوري ورياض الصلح قالت "الديار" في تقديمها للحوار: " إذا كان للتاريخ شواهده.. فإنّ هيام نصرالله محسن هي شاهد حي لمرحلة كبيرة من تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي مع غيرها من القوميين والقوميات الذين رافقوا مسيرة الحزب. هي من تلك القلّة الباقية من القوميين التي يصحّ فيها القول إنّها من المخضرمين، أو كما يحلو للقوميين بتسميتهم بـ"الصحابة"، أي أولئك الذين عرفوا ورافقوا مؤسس الحزب الزعيم أنطون سعاده. إلى ذلك هي رفيقة زوجة واحد من كبار قياديّي الحزب، الأمين عبدالله محسن الرئيس الأسبق الذي تبوّأ مواقع قيادة عليا منذ كان مسؤولاً فيها تجاه سعاده شخصياً، وقد خاضا معاً تجربة هي في الواقع كلّ حياتهما. وبالتالي تلازمت ذاكرتهما الحزبية بمحطات زاخرة بالنضال والتضحيات والأزمات، بل وحتى بالمآزق الكبرى، شعارهما قول سعاده المأثور "سواء أفهمونا أم أساؤوا فهمنا فإننا نعمل للحياة ولن نتخلّى عنها". تعرّفت إلى عقيدة الحزب في بداية نشأتها، وانتمت إليه على يد سعاده شخصياً في العام 1948. أُتيح لها الاحتكاك بسعاده وعائلته خصوصاً في تلك المرحلة الواقعة بين عودته من مغتربه القسري واستشهاده، وبقيت على صلة بالأمينة الأولى زوجة سعاده، حتى وفاتها في العام 1976. تبوّأت مسؤوليات عُليا في قيادة الحزب وصولاً إلى رئاسة المجلس الأعلى، وهي تُعتبر أعلى سلطة تشريعية في نظامه الداخلي. تؤمن بأنّ الديمقراطية في الحزب هي من صميم عقيدة الحزب ونظامه كما أرادها سعاده نظاماً نابعاً من العقيدة، ولا تتشابه مع أي نظام ديمقراطي في العالم، هي تعبيرية وليست تمثيلية كما يريدها البعض. هيام محسن هي من "العتاق" في الحزب السوري القومي الاجتماعي، ولمناسبة الأول من آذار مولد باعث النهضة القومية الاجتماعية ومؤسس الحزب أنطون سعاده، قصدنا منزلها في الحدث، المنزل الذي تردّد عليه الزعيم بعد عودته من مغتربه القسري وكانت له فيه جلسات حزبية طويلة، لتحدّثنا عن تجربتها الطويلة في الحزب. * هي الرفيقة أولاً، ثم زوجة مسؤول قيادي وأمينة ثم مسؤولة، وأمّ لعائلة قومية اجتماعية، تماماً كما تعهّدت منذ أن رفعت عينيها لتُقسم "بِاسم سورية وسعاده". محدّث هيام نصرالله محسن لا بدّ أن يلامس شغفها بكلّ لحظة من لحظات حياتها، تعيش مراحلها نبضة نبضة. تتلفّت حولها وتقول: "إنّي في السبعين من عمري وأتساءل متى مرّ كلّ هذا الزمن، وكأنّي بها تقول إنّ ذلك الأمس البعيد هو عندها اليوم، بل هو هذه اللحظة. إنّ هذا الشعور بالزخم ورهافة النفس التي تتسم بها أحاديثها، لا يمكن أن تكون إلا في تلك الفئة التي تؤمن بأنّ الجهاد لا يشيخ. ما حدّثتني به هيام نصرالله محسن ليس ترجمة لسيرة ذاتية، وإن بدا لَك في هذا السياق، ولا هو تاريخ لمسيرة الحزب، بل يأتي من باب إلقاء الضوء على مرحلة من حياتها ارتبطت فيها في قضية تساوي كلّ وجودها. لقد عصت علينا بكثير من التفاصيل، معتبرة أنّ "الوقت مش مناسب". لذا إنّ ما قد يبدو ممّا سننشر مجتزءاً حيناً أو مقتضباً أحياناً، يعود ذلك لسكوتها عن الكلام اللامباح، ولكنها ستقول كلّ شيء في مذكراتها الذاتية التي تعمل عليها وهي في صدد إصدارها قريباً(1). * من أجل وضع الأحداث في سياقها التاريخي، لا بدّ لي عند بدء تسجيل محطات من ذاكرتي أن أبدأ بإطلالة سريعة على مرحلة الطفولة والصبا حيث نشأت وسط عائلتي التي طالما أحببت. وُلدتُ ونشأتُ في بلدة الحدث، والدي إسكندر نصرالله، ووالدتي نزهة سعادة من عين عنوب، ابنة وحيدة وأخ وحيد يُدعى رجا(2). تلقّى والدي دروسه الابتدائية والثانوية في مدرسة الشويفات الوطنية، وعمل مدرّساً لفترة من حياته ثمّ محاسباً في عدة شركات. أمّا والدتي فدرست في المدرسة السورية – الأألمانية لمدة 14 عاماً، كما أرادت لها خالتها التي هي أيضاً تلقّت علومها فيها. ألحقنا والدي، أخي رجا وأنا في المدرسة الوطنية في كفرشيما لرئيسها وصاحبها الأستاذ بديع هاشم رغم بعدها نسبياً عن منزلنا في الحدث، ورغم توفر المدارس في بلدتها، فعمد أبي إلى إرسالنا إلى مدرسة يكفي أن تحمل اسم "وطنية" ليطمئن باله رغم ما كنت أعانيه مع أخي في فصل الشتاء، لأننا كنا نذهب سيراً على الأقدام، وكثيرة هي المرات التي لحقت بنا العائلة بثياب "بدل" بعد أن نكون تبلّلنا بمياه الأمطار. في الرابعة عشرة من عمري أدخلتني العائلة إلى مدرسة الأميركان للبنات في صيدا، ارتأتها لي والدتي، لأنها إضافة إلى التحصيل العلمي الأكاديمي، كانت تؤهل الفتيات لإدارة منازلهن الزوجية أو بما يُعرف بمادة "التدبير المنزلي". رغم أن عائلتي كانت تُعتبر عائلة ملتزمة دينياً، تمارس شعائرها الدينية إن كان من الذهاب إلى الكنيسة أيام الآحاد وما إلى هنالك من واجبات دينية. ومن الأمور الطريفة التي كانت تروى عن جدتي لوالدي بأنها عندما كانت تُرضع صغارها كانت تتلو لهم مقاطع من الإنجيل ليتشربوا اليسوعية مع الحليب كما يُقال، غير أن والدي ما لبث أن آمن بتعاليم سعاده وتجنّد لها دون أن يُقسم يمين الانتماء نظراً لتقدّمه في العمر. بقيت أيام طفولتي الغنية بالطمأنينة وحب الحياة المخزون الذي أستعين به في مواجهة صعاب الأيام المرة. لا أبالغ إذا ادّعيت بأنني وأخي "رجا" كنا محظوظين لأننا نشأنا وترعرعنا في أحضان والدين متنوّرين زرعا فينا حب الوطن منذ نعومة أظفارنا. وممّا أذكره من تلك الأيام عندما كانت البلاد في حال غليان ضدّ الاستعمار الفرنسي، كنّا في المنزل في حال استنفار نفسي وجهوزيّة عالية وكأنّنا مستعدون لأمر خطير، بل وكأننا في وسط ميدان المعركة بوجه المحتل، مع المناضلين الثوار وقد احتفلنا مهلّلين بالنصر والاستقلال. لم يكن والدي من أصحاب المكتبات الضخمة، ولكن مكتبته على تواضعها كانت تحتوي على كتب مفيدة، إضافة إلى كتب لأديبنا الكبير جبران خليل جبران الذي تأثرت به مثل الكثيرين من جيلي، والذي كان له التأثير الأكبر في ما بعد على تقبّلي بسهولة للعقيدة القومية الاجتماعية، لأني كنت ولا أزال مؤمنة بالكلمة، والكلمة عندي لم تكن جملة مفيدة، أو وصفاً جميلاً وحسب، بل لا بدّ أن تكون فعلاً وممارسة. لكلّ هذا لم يكن مستغرباً على أخي رجا أن يتقبّل مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي عندما عرّفه عليها البروفسور إدمون شويري، وهو الآن أطال الله عمره(3) طبيباً للأمراض الداخلية في مستشفى الجامعة الأميركية، الذي يعود له الفضل بإيصال فكر الحزب إلى منطقة الحدث وإلى منزلنا، إلى جانب الرفيق توفيق أبو خليل وهو اليوم ناشط في اتحاد النقابات العمالية، وهو بقي مناضلاً نشيطاً في الحزب حتى بداية الستينات، وأيضاً الرفقاء داود برباري، وعبدالله شرفان وإيلي وعادل شويري وجرجس برباري وغيرهم، وجوزف الأسمر الذي انتمى في ما بعد إلى حزب الوطنيين الأحرار. وأودّ أن أذكر هنا حادثة حصلت إبان الحرب اللبنانية التي عصفت بلبنان، والتي كادت تنسف أركان مقوّماته كما تحمل الحروب الداخلية من بشاعة وتشويه لبناننا.. حصل أنّه كان قد تعرّض منزلنا في الحدث للسرقة كما كثير من بيوت اللبنانيين التي لحقت بهم لعنة الحرب، فاتصلت به تلفونياً (أي بالرفيق السابق جوزف الأسمر) بصفته مسؤولاً في "حزب الوطنيين الأحرار"، وأخبرته بأنّ منزلنا تعرّض للسرقة، فساءه الأمر كثيراً ووعدني بإعادة المسروقات، وفعلاً هذا ما حصل، إذ عمل على إعادة المسروقات، ولم أكن متوقّعة هذا الأمر، فاتصلت به لشكره على جهوده، فاعتذر مني لعدم تمكّنه من إعادة كل الأغراض وقال لي: "ما في لزوم تشكريني.. أنا بحب هذا البيت كثير، وإذا كان فيي شي منيح بيكون من هيدي المدرسة". لأنه انتمى للحزب في بيتنا (بيت أهلي).. أذكر الحادثة للتاريخ فقط. كنت قد اشرت سابقاً بأني نشأت مثل الكثيرين من أبناء جيلي الذين تأثروا بأديبنا الكبير جبران خليل جبران، إلى جانب نشأتي العائلية الخالية من أكثر الشوائب التي يفيض بها مجتمعنا، ولعلّ أخطرها الطائفية، فمع جبران قرأت "أنّ لبنان لم يكن إلا جزءاً من الوطن السوري"، وطبعاً هذه كانت نظرة كثير من أدبائنا والمؤرخين والعلماء والعاملين في المجال العام، أمثال المرحوم بطرس البستاني الذي يقول في مجلة "الجنان": "سورية بلادنا"... إلى صرخاته في "نفير سورية"، إلى أمين الريحاني في كتابه "الريحانيات" (الجزء الرابع) حيث يقول: "أنا مؤمن بالوحدة السورية الجغرافية، وبفصل الدين عن السياسة". طبعاً إلى جانب مي زيادة وفيليب حتي وداود بركات وندرة مطران، الذين أيقنوا حقيقة أمتهم واضحة الملامح. بالعودة إلى جبران الذي قرأته يقول: "أنا من القائلين بالمحافظة على وحدة سورية الطبيعية وباستقلالها تحت حكم نيابي وطني"، إلى قوله "هل تبقى سورية مطروحة بين مغائر الذئاب وحظائر الخنازير، أو يا ترى تنتقل مع العاصفة إلى عرين الأسد أو ذروات النسور". بهذه الكلمات خاطب جبران وجداني، وحرّك بداخلي كل استعداد لتقبّل العقيدة القومية الاجتماعية، فعندما ألقى مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعاده خطابه التاريخي بعد عودته من مغتربه القسري في 2 آذار 1947 "ماذا يريد اللبنانيون من كيانهم؟ أن يكون فيه النور وأن يكون ما حوله محاطاً بالظلمة؟ إذا كان في لبنان نور، فحقّ لهذا النور أن يمتدّ في سورية الطبيعية كلّها". من هنا أشرت أنّ هذا الاستعداد النفسي لتقبّل العقيدة القومية الاجتماعية أَدين به لأديبنا الكبير جبران خليل جبران. وبالعودة إلى مرحلة الدراسة في مدرسة الأميركان للبنات في صيدا، كان لفرع مدرسة الفنون للصبيان مجلة فكرية يصدرها الطلاب بإشراف المدرسة طبعاً، وكنت مشتركة فيها وكنت أطّلع في المنزل على الكتب الحزبية التي يحضرها أخي، وكنت أستطيع أن أميّز الذي يكتب بنفس قومي، وكان منهم لبيب زويا، عبد اللطيف كنفاني(4) وفؤاد سدراسي(5) الذين تعرّفت إليهم في ما بعد، وكانوا رفقاء في الحزب. هكذا تعرّفت بفضل أخي رجا على الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي انتميت إليه في ما بعد على يد مؤسسه الزعيم أنطون سعاده، وما زلت ولم تلوِ عزيمتي الأيام رغم كلّ الإخفاقات لأني مقتنعة بأنّ النصر لا بدّ أن يأتي من الأجيال التي لم تولد بعد، والتي ستغرف من معين سعاده أكثر مما استطعنا أن نغرف. كنت من المحظوظين، إذ كنت في عداد الذين كانوا في استقبال سعاده عند عودته من مغتربه القسري بعد غياب دام تسعة أعوام. مشهد الحشود التي كانت في استقباله لم يفارقني قطّ، ومشهد سعاده وهو يهبط سلّم الطائرة ويحيط به القوميون ترافقه قلوبهم وأنظارهم ويهتفون بحياته، وكأني بهم وقد وصلت قلوبهم إليه قبلهم، واجتاحت نفوس القوميين موجة من الفخر والاعتزاز بزعيمهم فوق حدود التصوّر، وما من أحد يستطيع أن يصف ذلك اليوم أبداً، مهما برع ومهما كان بليغاً، ما مِن كلمات تفي ذلك اليوم الحاشد حقّه، ليس لجهة تعداد الجمهور الكبير وحسب، بل تلك الحرارة التي غمرت نفوس القوميين الاجتماعيين وأصدقائهم ومريدي الحزب، مشهد ليس مغالاة إذا قلت إنّه لم يتكرّر في استقبال أي شخصية وطنية وعالمية. عشرات الألوف من القوميين الاجتماعيين حضروا لاستقبال زعيمهم، جاؤوا من فلسطين والأردن والعراق والشام ولواء الاسكندرون ومن كل الوطن السوري، لم يكن ذلك الزحف الهائل إلا دليل على أنّ سعاده استطاع بعقيدته أن يصهر كل الفئات السورية، ومن كلّ الملل في بوتقة واحدة تهتف "لتحي سورية"، علماً أن سعاده غاب ما يقارب التسع سنوات في المغتربات، بمعنى أنّه لم يكن على تماس مباشر مع أفراد حزبه وشعبه إلا عبر عقيدة النهضة التي أرسى مبادئها التي كانت فاعلة وحقيقة لامست الشعور الشعبي العام، الذي يصبو إلى اعتناق قضية كبرى تكون على مستوى طموحاته، فكانت النهضة التي جاءت على قدر الآمال والمرتجى. كنا شديدي اللهفة والحنين للقائه، توجّهنا إليه متحمسين لرؤيته، لقد كان سعاده يمثّل لتلك الجموع ضمير الأمة ووجدانها، وها هو يعود لخدمتها وكلّه إيمان وثقة وثبات وصلابة وحماس قلّ نظيره. يوم العودة كان يوماً مشهوداً لسائر القوميين الاجتماعيين، وقد عاد بالطائرة من القاهرة، ولدى وصوله سار مع مستقبليه على الأقدام من باحة المطار في بئر حسن إلى مستديرة الغبيري يردّ التحية على مستقبليه وسط أعلام الزوبعة الحمراء. لا بدّ من الإشارة هنا أنّه رغم كثافة الحشود التي غصّت بها الساحات والسطوح وشرفات المنازل إلى الغبيري ومحيطهما، سُجّل لهذا الحشد الانضباطية العالية التي تجلّى فيها القوميون الاجتماعيون كعادتهم دائماً، وكما هو معروف عنهم، فلم تخرج سيارة أو باص عن خط سيرها، حتى الدراجات كانت منتظمة بصفوف. ووسط هذا الحشد لم يحصل أيّ حادث يُذكر، حتى ولو ضربة كف، كما يُقال على الطريقة اللبنانية. إذن كانت العودة... وكان الاستقبال الحاشد... الذي أقلق رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الوزراء رياض الصلح، فحضرا لرؤية هذا الحشد شخصياً. كانت العودة... وكان الخطاب التاريخي... الذي ألقاه الزعيم من على شرفة منزل الرفيق مأمون إياس في منطقة الحرج، والذي سُجل على شريط سينمائي ناطق، غير أنّ هذا الشريط أُتلفت أجزاء كبيرة منه. كم أودّ لو أنّ هذا الخطاب يُعاد نشره اليوم، ليُتاح لشعبنا في لبنان قراءته ليرى ما الذي قاله سعاده لكي تعتبره الدولة اللبنانية آنذاك استفزازاً لها لتصدر مذكرة توقيف بحق الزعيم بعد أقلّ من 24 ساعة على وصوله. لم ندرِ حتى الآن ما الذي قاله سعاده في خطابه واعتُبر خطراً على مصلحة لبنان في أيّ كلمة نطق بها؟ هل يا ترى حين هنّأهم بالاستقلال؟ أو لأنّه بشّرهم بأنّ الجهاد يجب أن يستمر حتى تحرير فلسطين؟ أو لأنّه طالب بالنور الذي إذا كان موجوداً في لبنان فحق لهذا النور أن يمتدّ إلى سورية الطبيعية كلّها؟ العودة ثمّ الخطاب وسريعاً جداً مذكرة التوقيف التي لم تكن إلّا استمراراً للمؤامرة التي استهدفت سعاده وحزبه من قبل مغادرته لبنان قسرياً نتيجة الضغوطات عليه والأحكام الصادرة بحقه، عاد سعاده واستمرّت المؤامرة كما ستثبت الأيام الآتية. فشلت الدولة من إلقاء القبض على سعاده رغم نداء وزير الداخلية آنذاك كميل شمعون: ألقوا القبض على أنطون سعاده حياً أو ميتاً. إلّا أنّ سعاده نجح بقيادة الحزب بعيداً عن أعين السلطات، وبقي على اتصال دائم بالإدارة المركزية ومستمراً بإعطاء الدروس في شرح العقيدة، إضافة إلى اهتماماته المركزية. إلى جانب ملاحقة الدولة له، كان على سعاده أيضاً في تلك المرحلة مواجهة مسألة الانحرافات السياسية والعقائدية التي كانت قد ظهرت قبل عودته مع رئيس الحزب نعمة ثابت ورئيس مجلس العمد مأمون إياس، وشيء من التعاون معهما من الرفيق أسد الأشقر الذي لم يطل به الأمر حتى عاد إلى الحزب وكتب: "العناية أرسلت الزعيم في وقته"، معلناً بذلك إيمانه المطلق بالزعيم وعقيدته. أودّ هنا أن أعود إلى سعاده يشرح بنفسه انحرافات نعمة ثابت ومأمون إياس، وفي ما بعد فايز الصايغ، يفندها تفصيلاً أمام القوميين الاجتماعيين في المحاضرات العشر(6). هوامش: (1) مع الأسف لم تصدر مذكراتها، ولا ندري إذا كانت دوّنتها. (2) رجا نصرالله: للإطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول إلى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info. (3) الدكتور إدمون شويري: توفي لاحقاً. للإطلاع على النبذة المعمّمة عنه الدخول إلى الموقع المذكور آنفاً. (4) عبد اللطيف كنفاني: كما آنفاً. (5) فؤاد سدراسي: كان موظفاً مرموقاً في شركة طيران الشرق الأوسط MEA. شقيق والدة الأمين عصام حريق والرفيقة سلام حريق مرهج (خالها). رغبت إليهما تزويدي بمعلومات عن الرفيق الراحل فؤاد. (6) لم أحتفظ سوى بالعدد الصادر بتاريخ 7 آذار 2000. لذا لن أتمكن من نشر تتمّة الحوار. أدعو حضرة الرفيقة اعتدال صادق شومان إلى تزويدي بتتمّة الحوار فأنشرها.
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |