أيها الرفيق العزيز،
لم تمنعني كثرة الاعمال من الكتابة اليك، بل كثرة المشاكل والهموم التي ولدّها لي من وقفت نفسي على محبتهم في الحق. وانك قد سمعت أخباراً غريبة عن "تكمان" وحوادثها والآن كن مستعداً لتسمع ما هو أغرب بكثير من كل ما تقدم.
ان المدعو ابراهيم الكردي قد خسرني بجهله وتشبثه بالانتفاع مني بطريقة لا صلة لها بالحق ولكنه لم يسرقني ولم يقدر الاحتيال علي ويمكن الظن انه لم يكن يتعدى الا التشبث بحالة معاشية. ولكن من سرقني واحتال علي وخسّرني رأسمالي وأتعابي وأتعاب زوجتي مدة سبعة أشهر لم يكن احداً غير من نعتـّه، تنشيطا له ورفعاً لمنزلته، "بالكاتب القومي الكبير" جبران مسوح.
دخل المذكور شريكاً معي بعمله فقط وأنا صاحب الرأسمال ومع ذلك جعلته مساوياً لنفسي في استعمال اسم الشركة والتصرف في شؤون المحل وقام على المستعرض (المسترادور) وعلى صندوق المبيع وجعل محل اقامته داخل المحل وكان متسلماً المفاتيح. فاحتال أولاً وأخذ مالاً من الصندوق ووضعه في المصرف باسمه الخاص وكذب علي في عدة مسائل وحالما عادت زوجتي من بوانس ايرس باشرت، على الرغم منه تقويم للمحل فوجدت ان الرأسمال وكل الأرباح مفقودة!!
تجاه هذه الحالة الفظيعة عرض عليّ المدعو جبران مسوح احد وجهين لحل المسألة: اما أن آخذ المحل بخسائره واما أن آخذ بضاعة بما يوازي مالي على المحل وأخسر أتعابي وأتعاب زوجتي وكل الجهد في تأسيس المحل وتعريفه وايجاد الزبائن له. قلت له اني أفضل البقاء في المحل ولكن يشاركني بنصف الخسائر أو شيء منها على الأقل، فرفض بتاتاً!
المال الذي سرقه ليكوّن رسمالاً يكاد يكون مؤكداً انه في يد المدعوة نبيهة الشيخ انطكلي التي يذاع في كل تكمان أنها خليلته وانه ما ترك زوجته إلا ليتعلق بها!
ان جبران مسوح اليوم في حالة ثورة شهوات وجهل غريب فادح وقد أصدرت مرسوماً بتجريده من جميع الحقوق المدنية والسياسية فيجب على جميع السوريين القوميين العاملين لتأييد المبادىء والمناقب الشريفة المتميزة بها نهضتنا الإعراض بالكلية عن ذاك الخائن الغادر الذي كان أكبر واسطة وسبب في ترغيبي "باختراع" الكردي و"شخصيته" ثم صار اكبر مزاحم للكردي على الاحتيال علي والغدر بي.
كل هذا الاجرام العظيم الذي ارتكبه المدعو جبران مسوح هو جزائي وجزاء زوجتي منه على ما قمنا به نحوه من اكرام وتعزيز وعلى انقاذنا حياته من الموت. هكذا يعرف الوفاء هذا المرائي الذي جعل همه الاصغاء الى أحاديثي ليأخذ أفكاري ويكتبها للناس كأنها أفكاره وكان آخر ما كتبه من هذا القبيل "صلاة الانقليزي" التي هي خلاصة حديث تشريحي أدليت به إليه في صدد نفسية الانقليز وكيفية نظرهم الى العالم وشؤونه. والا فجبران عاجز جداً بنفسه عن الوصول بتفكيره الخاص الى النظرة التي ظهرت في "الصلاة" المذكورة. وهو يدرك ذلك وتبريراً لنفسه قال لي، بينما هو يسرقني، "ان كل الأفكار في هذه "الصلاة" هي منك وليس لي فيها الا اسلوبي" هو قال لي ذلك ولكنه لم يقله للناس!
ماذا تريد أيها الرفيق العزيز أن يكون موضعاً للتصديق والثقة عندي بعد ما أنزله بي جبران مسوح. وإذا كان هذا الشخص الذي أقلق راحة الأرض والسماء تبجحاً "بالشرف والضمير والحق والعدل" التي يصفها كلمات جذابة لحياز القبول عند القراء وليس عن معرفة بشيء منها، يفعل بي هكذا ويكون هذا جزاء انقاذه من الموت والعطف عليه والاكرام له فماذا يجب أن أنتظر؟
ان انكشاف حقيقة هذا النذل الغادر كان ضرورياً جداً فليذهب الى الهاوية التي لا يستحق سواها.
ليعلم الرفقاء الغيورون في "خوخوي" هذه الحقيقة المرة والعبرة المؤلمة والآن أقول كلمة في صدد ما أرسلته الي في كتابك الأخير: اني لا أرى فائدة في معالجة العراك السياسي والاجتماعي بالقصائد. واوافق على رأيك بتناول المدعو خالد أديب الذي أرجح انه هو صاحب الشتائم والتهجمات التي انتقدتها أنت في مقالاتك الأخيرة ونسبتها الى المدعو سيف الدين رحال. فعد اليه والى أمثاله بما في نفسك. ان موقفك من مسألة "تبرعات" الرفقاء هو موقف جميل وسام وفيه رفع للمعنويات. فالنظر الى الواجب بهذه النظرة العالية يجعل النفوس أقوى وأسمى مما كانت عليه.
سلامي القومي لك وللرفقاء في خوخوي
ولتحي سورية
توقيع الزعيم
في 12 تشرين الأول 1944
بعد: ان النتائج التي توصلت اليها في ما أشرحه في هذا الكتاب مبنية على حقائق وأن المحل كان يصرّف بضائع ويربح أرباحاً معتدلة لا تسمح بهذه الخسائر ولا بأية خسارة على الاطلاق. ثم ظهر مؤخراً تلاعب بالدفاتر وإخفاء فواتير وغير ذلك!
|