شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2007-02-09
 

علي أفندي وتاريخنا العربي العجيب !!

غسان مصطفى الشامي

تاريخنا العربي يحتوي على عجائب وغرائب ، لا يجدها الكثير إلا في الخبايا والرسائل التاريخية القديمة ، فقصة علي أفندي التاجر المصري البسيط تفرض واقعها على تعامل الغرب ولا سيما أمريكا وبريطانيا مع الشعوب والبلدان العربي ..

تتلخص قصة صديقنا علي أفندي في الاحتقار والمهانة والذل العربي والطريقة البائسة التي يتعامل بها العالم الغربي وحضارة الروك الأمريكية ، مع شعوبنا العربية ، فمن ضمن وثائق التاريخ والمراسلات المتبادلة بين أمير الحجاز الشريف حسين والسير هنري ماكماهون المندوب السامي البريطاني في القاهرة ظهر التاجر " علي أفندي أصغر " والذي لعب دور الواسطة بين بريطانيا وحاضرة الخلافة العثمانية آنذاك ، فهو يقيم في حي " الجمالية " احد أحياء مصر، فيما يرتبط هذا التاجر بصلة نسب مع موظف بسيط اسمه حسين روحي البهائي في قسم ـ أو قلم ـ الترجمة في مقر المندوب السامي البريطاني، وهذا الموظف اسمه حسين روحي البهائي ، وقد ورد اسم التاجر المصري في الرسائل المتبادلة بين الشريف حسين والسير هنري ماكماهون ..

وفي رسالة الشريف حسين لبريطانيا قال فيها وقال " إذا أراد البريطانيون ضمان صداقة العَرب، عليهم الاعتراف باستقلال الدول العربية ـ هذه الدول تتضمن بلغة الوقت الحاضر ـ كل الجزيرة العربية ـ ما عدا عدن التي كانت بريطانية آنذاك ـ وفلسطين والأردن والعراق ولبنان وسوريا بالإضافة إلى الشريط الأفقي جنوب تركيا الممتد بين البحر الأبيض المتوسط والحدود الإيرانية ، فيما ذكرت الرسالة التي أوردها المؤرخ أمين سعيد الذي ألف ثلاثة مجلدات عن الثورة العربية الكبرى يضمن في المجلد الأول نص تلك الرسالة المؤرخة في يوم 14 يوليو 1915 ذكر فيها " أنه على بريطانيا أن توافق على قيام خلافة عربية في مقابل تمتعها بالأفضلية الاقتصادية ، فيما كتب عبد الله بن الحسين ملاحظة توضيحية ولكنها فضحت ضعف موقفه إذ تضمنت التماسا باستئناف كمية الحبوب السنوية التي اعتادت حكومة مصر على منحها للحجاز كل عام.

* وبحسب وقد جاء في متن الرسالة بحسب المؤرخ العربي ما يلي : ".. يجب ألا تتعبوا أنفسكم بإرسال الطيارات أو رجال الحرب، لإلقاء المناشير وإذاعة الشائعات كما كنتم تفعلون من قبل لأن القضية قد تقررت الآن ، وإني لأرجوكم هنا أن تفسحوا المجال أمام الحكومة المصرية لترسل الهدايا المعروفة من الحنطة للأراضي المقدسة «مكة والمدينة» التي أوقف إرسالها منذ العام الماضي ، وأود أن ألفت نظركم إلى أن إرسال هدايا هذا العام والعام الفائت سيكون له أثر فعال في توطيد مصالحنا المشتركة، وأعتبر أن هذا يكفي لإقناع رجل ذكي مثلكم أطال الله بقاءكم "

أما المذكرة المرفقة بالرسالة ونشرها المؤرخ أمين سعيد وهي تمثلت بإشارات سريعة إلى المطالب العربية وأهم بنودها على النحو التالي:

أولا: نقترح أن تعترف انجلترا باستقلال البلاد العربية من مرسين ـ أضنة حتى الخليج العربي شمالا، ومن بلاد فارس حتى خليج البصرة شرقا، ومن المحيط الهندي للجزيرة جنوبا، يستثني من ذلك عدن التي تبقى كما هي ـ ومن البحر الأحمر والبحر المتوسط حتى سيناء غربا.على أن توافق انجلترا أيضا على إعلان خليفة عربي على المسلمين.

ثانيا: تعترف حكومة الشريف العربية بأفضلية انجلترا في كل مشروع اقتصادي في البلاد العربية إذا كانت شروط تلك المشاريع متساوية.

ثالثا: تتعاون الحكومتان الإنجليزية والعربية في مجابهة كل قوة تهاجم أحد الفريقين وذلك حفظا لاستقلال البلاد العربية وتأمينا لأفضلية انجلترا الاقتصادية فيها، على أن يكون هذا التعاون في كل شيء، في القوة العسكرية والبحرية والجوية.

وجاءت في نهاية المذكرة عبارة ».. وفوق هذا فإننا نحن عائلة الشريف نعتبر أنفسنا ـ إذا لم يصل الجواب ـ أحرارا في القول والعمل من كل التصريحات والوعود السابقة التي قدمناها بواسطة علي أفندي؟!».

ويذكر المؤرخ أمين سعيد أن الإنجليز كانوا يعتمدون على عدد من البهائيين المستعربين في أنشطتهم السرية في الوطن العربي ، وفي أواخر سبتمبر 1915 وصل علي أفندي إلى مكة حاملا إلى الشريف عبد الله ابن الحسين رسالة من رونالد ستورز السكرتير الشرقي لدى المندوب السامي البريطاني في مصر.

وتسلم ماكماهون رسالة الشريف حسين في شهر أغسطس وقرأها بحذر شديد ورفض أن يعتبر ما جاء بها من مطالب أمرا يستحق الاهتمام، ولكنه في نفس الوقت كان يخشى التسبب في شعور الشريف حسين بالإحباط، أو إلزام الحكومة البريطانية بأي تعهد، فقرر أن المماطلة هي أسلم الخيارات.

قال فيها ماكماهون «أود أن أؤكد لكم ما قاله اللورد كيتشنر في الرسالة التي وصلتكم بواسطة علي أفندي " ، " أوضح لكم فيها بصراحة رغبتنا في استقلال البلاد العربية وسكانها، وموافقتنا على أن يكون الخليفة عربيا عندما تعلن الخلافة، ونصرح مرة أخرى أن حكومة صاحب الجلالة تميل إلى أن يكون الخليفة عربيا عريق العروبة» وكرر ماكماهون أن ما يتعلق بالحدود سابق لأوانه.

وكلف " ستورز " بإعداد رد يبلغ فيه الشريف حسين أن من السابق لأوانه جدا مناقشة أي اتفاق بشأن مستقبل منطقة، مازالت تحت السيطرة العثمانية ، وحاول السكرتير الشرقي تعويض افتقار رد ماكماهون المتلكئ وغير المشجع باللجوء إلى افتتاح رسالة الرد بأسلوب مزدان بعبارات التفخيم .

وقد ورد في المراجع التاريخية العربية نص الرسالة التي بدأها ستورز على الوجه التالي في لغتها العربية: " إلى الحسيب النسيب سلالة الأشراف وتاج الفخار، فرع الشجرة المحمدية والدوحة القرشية الأحمدية، صاحب المقام الرفيع والمكانة السامية، السيد ابن السيد، والشريف ابن الشريف، السيد الجليل المبجل دولة الشريف حسين باشا، وسيد الجميع، أمير مكة المكرمة قبلة العالمين ومحط رحال المؤمنين الطائعين، عمت بركته الناس أجمعين "

كما تحتوي الرسالة على مماطلة وتسويف من قبل الحكومة البريطانية الأمر الذي اغضب الشريف حسين في رده عليها برغم الديباجة الفخمة التي تم بها افتتاح الرسالة "

ونص رسالة الشريف حين بحسب المؤرخ سعيد يقول أما رد الشريف حسين فقد جاء فيه قوله: «ويعذرني فخامة المندوب إذا قلت بصراحة إن «البرودة» و«التردد» اللذين ضمنهما كتابه ، "

فيما يتعلق بالحدود وقوله إن البحث في هذه الشؤون إنما هو مضيعة للوقت وأن تلك الأراضي لا تزال بيد الحكومة التي تحكمها، قال الشريف " يعذرني فخامته إذا قلت إن هذا كله يدل على عدم الرضا أو على النفور أو على شيء من هذا القبيل، فإن هذه الحدود المطلوبة ليست لرجل واحد نتمكن من إرضائه ومفاوضته بعد الحرب، بل هي مطالب شعب يعتقد أن حياته في هذه الحدود، وهو متفق بأجمعه على هذا الاعتقاد مع الدولة التي يثقون بها كل الثقة ويعلقون عليها كل الآمال وهي بريطانيا العظمى . "

عزيزي القارئ سأتكفي بهذه السطور ، دون التعليق ، لتقرأ جزء من التاريخ وتعلق بنفسك على ما وصلت إليه امتنا العربية وما سنصل إليه ، و إن لم نصحح مسارنا ونتعلم من تاريخنا الأصيل وفكرنا الرشيد ، لن نتحرر ولن نبني بلداننا العربية ،،

إلى الملتقى ،،



 

جميع الحقوق محفوظة © 2025 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه