شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2009-01-02
 

الوضع الميداني اللايقيني في حرب غزة والمقارنة بين وضع حماس وحزب الله

الجمل

تندلع المعارك والحروب وتقوم الجيوش بتنفيذ العمليات العسكرية البرية والبحرية والجوية وبعد أن تتوقف العمليات تبدأ النتائج الميدانية في الظهور لجهة الكشف عن حسابات الربح والخسارة التي تعقبها مباشرة عملية الانتقال من الحسابات العسكرية إلى الحسابات السياسية على أساس اعتبارات أن الربح عسكرياً سيكون الأكثر احتمالاً لجهة تعظيم الأرباح السياسية وأن الخاسر عسكرياً سيكون الأكثر احتمالاً لجهة تعظيم الخسائر السياسية.

* حركة حماس: تحركات المواجهة في قطاع غزة:

يقول القادة الإسرائيليون بأنهم أعدوا العدة للقضاء على حركة حماس وأكدوا رهانهم على النجاح على أساس أنهم رتبوا أوراق العملية بما يتيح تفادي سلبيات أداء القوات الإسرائيلية في حرب صيف العام 2006م أمام حزب الله بجنوب لبنان والتي جلبت لإسرائيل الهزيمة، الأزمة السياسية، استنفاد صيغة تفوق قوة الردع الإسرائيلي.

وبالمقابل يقول قادة حماس بأنهم أعدوا العدة من أجل تكرار سيناريو هزيمة جنوب لبنان بالجيش الإسرائيلي إذا حاول القيام باقتحام القطاع إضافة إلى أن تصريحات قادة حماس تفيد لجهة أن الحركة قد رتبت أوراقها جيداً لخوض غمار المواجهة الحاسمة مع القوات الإسرائيلية داخل القطاع وليس خارجه.

فهل يستطيع الجيش الإسرائيلي تفادي تكرار سيناريو هزيمة جنوب لبنان أم أن حركة حماس ستستطيع تكرار هذا السيناريو بما يؤدي لا إلى إلحاق الخسائر العسكرية والبشرية بالجيش الإسرائيلي فقط، وإنما تقويض أركان النظام السياسي – الأمني – الإسرائيلي مما يدخل الساحة السياسية الإسرائيلية في مرحلة الفوضى الشاملة.

* الوضع الميداني اللايقيني الحالي: إلى أين؟

حالياً تقف القوات البرية والبحرية متمركزة في المناطق المحيطة بقطاع غزة، ما عدا جانب حدود غزة – مصر المطلة على مدينة رفح المصرية، وهو الجانب الذي أقامت فيه القاهرة "جدارها العازل" على النحو الذي يدخل ويندرج ضمن تقديم المساندة لترتيبات العملية العسكرية الإسرائيلية لأنه:

• أتاح للقوات الإسرائيلية الاكتفاء بتطويق القطاع من ثلاثة جوانب.

• قطع على قطاع غزة هامش المناورة والحصول على الإمدادات عبر الجانب المصري.

• أتاح لتل أبيب مزايا توظيف واستغلال دبلوماسية القاهرة في الضغط على حماس والسكان الفلسطينيين الغزاويين بحيث لن يكون أمامها سوى القبول بالشروط المصرية التي هي بالأساس شروط إسرائيلية أو مواجهة القوات الإسرائيلية.

برغم تشدد النظام المصري في الضغط على حركة حماس والسكان الفلسطينيين فإن موقف هذا النظام ما يزال قابلاً للانكسار والتراجع في أي لحظة ليس بسبب تعاطف القاهرة مع الفلسطينيين ولا بسبب توتر العلاقات على خط القاهرة – تل أبيب، وإنما بسبب تزايد المعارضة المصرية الداخلية وبكلمات أخرى كلما تزايدت موجات الغضب والاحتجاج في الشارع المصري كلما قلل النظام المصري من شدة إحكام إغلاق الحدود والمعابر مع غزة.

برغم حشد إسرائيل للمزيد من القوات والعتاد فإن القيام بالانتقال من مرحلة الحصار العسكري والهجوم الجوي إلى مرحلة الاقتحام البري وربما الإنزال الجوي والبحري ما يزال أمراً مشكوكاً فيه بسبب:

• إدراك الإسرائيليين أن احتمالات تكرار سيناريو هزيمة لبنان ما زال قائماً.

• إذا فشل الاقتحام العسكري أو تورطت القوات في عملية عسكرية طويلة فإن المكاسب السياسية التي حصل عليها ائتلاف كاديما – العمل ستتحول إلى الخسارة في الانتخابات الإسرائيلية القادمة.

أما بالنسبة لحركة حماس فإنها تواجه حالياً الموقف الآتي:

• الخسائر الميدانية الناتجة من جراء القصف الإسرائيلي المركز على قطاع غزة.

• المكاسب السياسية الناتجة من التحولات الإيجابية في الرأي العام الدولي والإقليمي.

بالنسبة لإسرائيل تواجه حالياً الموقف الآتي:

• الخسائر في مسرح الحرب النفسية بسبب تزايد الرأي العام المعادي لها.

• المكاسب في مسرح قطاع غزة بسبب عمليات التدمير والتخريب الواسعة التي نفذتها عمليات القصف الإسرائيلي.

نلاحظ أن نفس أو ما يشبه هذا السيناريو حدث في صيف العام 2006م عندما خسرت إسرائيل نتيجة الحرب النفسية التي ربحها حزب الله في نهاية الأمر برغم أن الدمار والخراب الذي ألحقته القوات الإسرائيلية بلبنان كان يفوق الدمار والخراب الذي ألحقه حزب الله بإسرائيل.

الفرق الرئيسي بين مواجهة حزب الله – إسرائيل ومواجهة حركة حماس – إسرائيل يتمثل في الآتي:

• كانت قوات حزب الله تتمتع بحرية الحركة والمناورة والعمق الواسع الذي يشمل كل الأراضي اللبنانية وذلك على النحو الذي أتاح لقوات حزب الله عمق الانسحاب وتأمين المؤخرة إضافة إلى تأمين خطوط الإمداد وهو ما لا تتمتع به حماس حالياً.

• تتمتع حركة حماس بتأييد كامل السكان الموجودين في قطاع غزة إضافة إلى إمكانية خوض ما يعرف بقتال الشوارع ضمن المسرح الذي تعرفه حماس وعلى الأغلب أن تكون قد قامت بترتيبه جيداً لخوض المواجهة الحاسمة مع القوات الإسرائيلية وهو ما لم يكن حزب الله يتمتع به حيث كانت قوى 14 آذار تقوم بدور الطابور الخامس العلني وقت الحرب إضافة إلى أن القتال مع القوات الإسرائيلية لم يكن قتال مدن وهو الأمر الذي أتاح للإسرائيليين تفادي تكبد المزيد من الخسائر والاكتفاء بالمواجهات "القتالية التعرضية" من عناصر حزب الله اللبناني في أودية وأحراش الجنب اللبناني.

عموماً برغم المزايا النسبية التي يتمتع بها كلا الفريقان والتي تتيح التفوق في أحد الجوانب فإن عوامل القوة والضعف بين الطرفين تتميز بعدم التماثل:

• الوضع الدفاعي لعناصر حماس يمثل عامل قوة في حالة قيام القوات الإسرائيلية بالاقتحام البري.

• الوضع الهجومي الجوي يمثل عامل القوى للقوات الإسرائيلية طالما أن حركة حماس لا تملك وسائط الدفاع الجوي الفاعلة في التعامل مع الطيران الإسرائيلي.

تستطيع حماس حالياً تفادي صدمات الخسائر عن طريق تأمين عناصرها ومعداتها من خطر القصف وهو أمر سهل القيام به وفقط ستواجه مشكلة في تأمين السكان المدنيين الذي سيؤدي سقوط المزيد منهم إلى دعم موقف حماس في المواجهة النفسية ويضعف موقف إسرائيل عالمياً، وعموماً ستكشف الأيام الثلاثة القادمة عن طبيعة التطورات الميدانية ومدى تأثيرها على توازن القوى بين الطرفين في المواجهة بحيث يتضح لنا من الأقرب إلى الربح ومن الأقرب إلى الخسارة.



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه