شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2009-02-26
 

تقرير مجلس المخابرات الأمريكي يوصي بالسعودية حيلفاً إقليمياً لأمريكا

الجمل

الجمل: ترتبط الولايات المتحدة الأمريكية بالعديد من التحالفات مع الدول العربية ويأتي في مقدمة الحلفاء مصر والأردن والسعودية، وفي معرض المفاضلة حول مدى أهمية هؤلاء الحلفاء الثلاثة أعد مجلس المخابرات الأمريكية تقريراً بعنوان «العربية السعودية، مصر، الأردن: سياسات القضايا الإقليمية ودعم أهداف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط». هذا، وتجدر الإشارة إلى أن مجلس المخابرات الأمريكية يتكون من عضوية أجهزة المخابرات الأمريكية وهو المسؤول عن إعداد التخمينات الاستخبارية الرئيسية الدورية والطارئة التي تعتمد عليها عملية صنع واتخاذ القرار في أروقة الإدارة الأمريكية وتحديداً البيت الأبيض.

* خلفيات تقرير مجلس المخابرات:

تركز السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية على توظيف قدرات حلفائها في المنطقة لجهة الإسناد في تحقيق أهدافها التي يأتي في مقدمتها ضمان أمن إسرائيل وحماية المصالح الأمريكية وعلى هذه الخلفية بدا واضحاً خلال العامين الماضيين أن حلفاء أمريكا في المنطقة، التي بدورها كانت تحاول توظيف قدرات حلفائها بما يتيح لها استغلال الفرص التي تعزز قدرتها في الحصول على أكبر ما يمكن من المزايا السياسية والأمنية والعسكرية، وعلى وجه الخصوص في الاعتبارات المتعلقة بإدارة ملفات القضايا الشرق أوسطية التي يأتي في مقدمتها أزمة الصراع العربي – الإسرائيلي.

عقد مجلس المخابرات الأمريكية مؤتمراً شارك فيه كبار خبراء أجهزة المخابرات الأمريكية، ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع، ومجلس الأمن القومي، إضافة إلى بعض كبار المفكرين الأمريكيين المعنيين بشؤون الشرق الأوسط، وكان الموضوع مدار البحث والنقاش هو: تتمتع الولايات المتحدة الأمريكية بثلاث حلفاء رئيسيين في المنطقة هم مصر والسعودية والأردن، فمن هو الحليف الذي يتمتع بقدر أكبر من المزايا والقدرات التي تكسبه المصداقية لكي يكون في مكانة الحليف الرئيسي لأمريكا في الشرق الأوسط.

* وجهات النظر التي تم طرحها في المؤتمر:

أشار التقرير إلى وجهات النظر الأساسية التي ركزت عليها المداخلات التي تم تقديمها وتمثلت وجهات النظر المتخالفة في الآتي:

• إن نمط الدبلوماسية الصاعد في منطقة الشرق الأوسط يمثل صيغة عربية متعددة الأطراف وبالتالي فعلى الأغلب أن تنظر واشنطن في أمر التحالفات على أساس القضايا بدلاً عن التحالفات الاستراتيجية التي ستؤدي إلى تعقيد الأدوار القيادية لحلفاء واشنطن في المنطقة.

• إن مصر لم تعد صالحة للقيام بدور القائد الإقليمي بسبب عدم قدرتها وأصبحت السعودية الأقرب إلى القيام بهذا الدور.

• يعتقد السعوديون والمصريون والأردنيون بأن حل الصراع العربي – الإسرائيلي ضروري لجهة مكافحة نفوذ المتطرفين في المنطقة.

• يختلف حلفاء أمريكا الثلاثة: القاهرة – الرياض – عمان، حول المدى والأسلوب الذي يمكن عن طريقه دعم المفاوضات، فالأردن على سبيل المثال أكثر اهتماماً بمفاوضات السلام الفلسطينية – الإسرائيلية مقارنة بالسعودية.

• حلفاء أمريكا الثلاثة يهتمون بإيران باعتبارها مصدراً للخطر ولكن السعودية ترى ضرورة احتواء إيران من خلال التعامل معها أما مصر فترى ضرورة منع إيران من التدخل في الشؤون المصرية الداخلية بينما يرى الأردن بأن استخدام الأسلوب الدبلوماسي يمكن أن يخفف التوترات حول المسألة النووية.

• يرغب حلفاء أمريكا في وجود عراق موحد ومستقر ولكن علاقاتها المباشرة مع الحكومة العراقية تنطوي على إشكالية: فالسعودية لا ترغب في اندلاع التوترات والصراعات الطائفية في العراق وإذا اندلعت هذه التوترات والصراعات فإن السعودية سوف لن تتردد في دعم الأطراف السنية وربما يصل ذلك إلى حد تقديم الدعم لتنظيم القاعدة والجماعات العراقية المرتبطة به.

• يوجد توتر في علاقات خط القاهرة – الرياض ويدرك الأمريكيون ذلك جيداً ولكن برغم ذلك فالعلاقات الجارية على خط القاهرة – الرياض تمضي بشكل مستقر ولا توجد أي مؤشرات حالية تفيد لجهة أن العلاقة ستشهد التصدع والتفكك.

• سيدرك الأمريكيون أن علاقات خط واشنطن – الرياض الوثيقة أدت إلى جعل الرياض تواجه المزيد من المشاكل الداخلية ولكن برغم هذه المشاكل فإن السعوديين لا يريدون في الوقت الحالي أي بديل آخر للعلاقة مع واشنطن.

• يدرك الأمريكيون بأن القيادة المصرية سوف تتغير خلال الأعوام القادمة بسبب تدهور صحة الرئيس حسني مبارك إضافة لذلك يعتقد الأمريكيون أن البديل القادم لمبارك لن يكون أمامه خيار سوى الاستمرار في العلاقات الأمريكية – المصرية الحالية.

النقاط المشار إليها تمثل وجهات النظر التي تم تداولها والتي تم الاستناد إليها في صياغة التقرير النهائي الخاص بمجلس المخابرات الأمريكية.

* توصيف التقرير: الشكل والمضمون:

يقع التقرير في تسع صفحات ويمكن استعراض مضمونه على النحو الآتي:

أولاً: المقدمة: ناقش الخبراء واستعرضوا وجهات النظر حول السعودية ومصر والأردن فيما يتعلق بتحالفاتها مع الولايات المتحدة، وقد تضمنت النقاشات نظرة في العمق لسياسة حلفاء أمريكا إزاء القضايا الإقليمية الخاصة بالولايات المتحدة كملف إيران وملف العراق وملف عملية السلام العربي – الإسرائيلي.

ثانياً: الديناميكيات الإقليمية المتغيرة: ركز الخبراء على التغيرات في الديناميكيات الإقليمية خلال الأعوام السبعة الماضية وتداعياتها بالنسبة للولايات المتحدة ومن أهم النقاط في هذا الخصوص:

• القيادة الإقليمية المتغيرة: وتضمنت الملاحظات الآتي:

- عدم صلاحية مصر للقيام بدور القائد الإقليمي لتقدم عمر الرئيس مبارك وعدم تمتع مصر بالمزايا (الإمكانيات الاقتصادية) التي تعزز قدراتها وأن مصر لم تعد تمثل النموذج الجذاب اقتصادياً وسياسياً بالنسبة لدول المنطقة.

- العربية السعودية ما تزال مترددة في القيام بدور القائد وما تزال الرياض تتفادى الدخول في الصراعات وحتى جهودها الدبلوماسية تعاني من عدم الفعالية بدليل فشلها في الحفاظ على حكومة الوحدة الوطنية التي جمعت فتح وحماس. إضافة لذلك فإن السعودية لم تستطع تقديم المساعدة الكافية لحكومة السنيورة في صراعه مع حزب الله وحتى في مفاوضات الدوحة لم تستطع السعودية مساعدته بالقدر الكافي.

• العلاقات الإقليمية المتغيرة: لاحظ الخبراء بأن التدهور في علاقات الرياض والقاهرة مع سوريا ومساعي العلاقات الفاترة على خط القاهرة – طهران، بما يشير إلى الآتي:

- علاقات خط الرياض – دمشق كانت قوية ثم تدهورت خلال الأعوام القليلة الماضية، ولكن من الممكن أن تعود العلاقات بسبب قابلية السعودية للتعامل والانفتاح على دمشق.

- لا توجد احتمالات لبقاء العلاقات المصرية – الأردنية قوية، وما هو واضح أن السبب يتمثل في عدم رغبة القاهرة في عدم الدخول في توترات مع أمريكا في الوقت الحالي، ومحاولة إظهار نفسها بمظهر الحليف المخلص لواشنطن.

ثالثاً: وجهات النظر الإقليمية تجاه الولايات المتحدة:

• السعودية: تنسجم توجهات الرياض مع توجهات واشنطن إزاء الآتي:

- إضعاف إيران.

- وحدة واستقرار العراق المستقل عن النفوذ الإيراني.

- حل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بما يلبي مطالب الفلسطينيين ويفسح المجال أمام العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.

• مصر: أبرز الملاحظات على التوجهات المصرية إزاء أمريكا يتمثل في الوقت الحالي بما يلي:

- التحالف المصري – الأمريكي ما زال قوياً وبرغم ذلك بدأ الكثير من المسؤولين المصريين يتساءلون حول مدى قيمة هذه العلاقة.

- ترى القاهرة أن واشنطن لم تتعامل باحترام مع المصالح المصرية عندما قامت بغزو واحتلال العراق، إضافة إلى عدم اهتمام واشنطن بالعمل بجدية لإنجاح عملية السلام في الشرق الأوسط.

• الأردن: أبرز الملاحظات على التوجهات الأردنية إزاء أمريكا تتمثل في الآتي:

- يعتقد الأردنيون بأن موقفهم في وسط القضايا الإقليمية يجب أن يجعل دور عمان هو الأكثر أهمية بالنسبة لملفات المصالح الأمريكية في المنطقة.

- يعتقد الأردنيون أنهم يمثلون العنصر الرئيسي في تجمع مثلث المعتدلين العرب الذي يضم عمان – القاهرة – الرياض.

- يعتقد الأردنيون أنهم الأكثر قدرة من مصر والسعودية لجهة تقديم النموذج المثالي للعلاقات الأمريكية – العربية، من خلال قدرة الأردن والتزامه حماية المصالح الأمريكية في المنطقة.

رابعاً: الاستنتاج الرئيسي للتقرير:

تضمن الاستنتاج الرئيسي لتقرير مجلس المخابرات الأمريكية العديد من النقاط والجوانب التخمينية ومن أبرزها:

• إن الصراع العربي – الإسرائيلي هو المسيطر على منظور العلاقات مع أمريكا وعلى خلفية هذه النقطة فإن كل واحد من حلفاء أمريكا الثلاثة يهتم بأن يتفاهم مع واشنطن حول ملفات هذا الصراع.

• يتفق حلفاء أمريكا الثلاثة حول إدراك تهديد وخطر النفوذ الإيراني القادم ولكنهم يختلفون في كيفية التعامل مع هذا النفوذ.

• يتفق حلفاء أمريكا الثلاثة حول وجود عراق مستقر وموحد ومستقل عن النفوذ الإيراني ولكنهم يختلفون حول كيفية تحقيق ذلك.

على خلفية هذه الاستنتاجات ومعايرة مواقف كل من عمان – القاهرة- الرياض، إزاء محاور العلاقات مع أمريكا فقد توصل التقرير إلى الآتي:

• إن السعودية هي الأكثر انسجاماً مع توجهات السياسة الخارجية الأمريكية.

• إن السعودية هي الأكثر قدرة عبى تقديم الدعم والإسناد لملفات السياسة الخارجية الأمريكية بسبب القدرات الاقتصادية الكبيرة المتوافرة في السعودية.

• إن تحالف واشنطن – الرياض لا يكلف واشنطن تقديم المساعدات والمعونات بعكس ما هو الحال مع القاهرة وعمان.

عموماً، نشير إلى أن تقرير مجلس المخابرات الأمريكي لا يمثل في حد ذاته أداة إلزامية لجهة توجيه اتخاذ قرار السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية وتحالفات واشنطن مع مثلث القاهرة – الرياض – عمان،ولكنه –أي التقرير- يمثل تخمين يسعى إلى التأثير على عملية صنع واتخاذ القرار وبكلمات أخرى فإن أهمية التخمين الحقيقية تكمن في أنه يزود البيت الأبيض الأمريكي ومجلس الأمن القومي والكونغرس ووزارة الدفاع بالمعالم الرئيسية لخارطة طريق السياسة الخارجية الأمريكية وطريقة التعامل مع الحلفاء، وتحديد من هو الحليف الذي يجب أن يتم إدراج اسمه ضمن قائمة أولويات أجندة السياسة الخارجية الأمريكية ومن هم الحلفاء الثانويين الذين وإن كان يتوجب على واشنطن التعامل معهم فإنه يتوجب عليها الانتباه إلى أنهم لا يملكون الوزن الذي يعطيهم المكانة المرموقة ولا المكانة التي تؤهلهم للقيام بالدور المطلوب بكفاءة وفعالية.



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه