إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

أبرز التحديات المستقبلية التي تواجه النظام الروسي

ترجمة الجمل

نسخة للطباعة 2009-06-24

يقوم النظام السياسي الروسي على مبدأ فصل السلطات وفقاً للدستور الروسي الذي يؤكد على أن يقوم رئيس الجمهورية بدور رئيس الدولة وسيتم انتخابه بالاقتراع الشعبي المباشر ضمن نظام التعددية الحزبية، ويتضمن سلطة تنفيذية يمثلها مجلس الوزراء، وسلطة تنفيذية ممثلة بالمجلس الفيدرالي الروسي الذي يتكون من: المجلس الفدرالي، ومجلس الدوما. إضافة إلى هاتين السلطتين توجد السلطة القضائية التي تتمتع بالاستقلالية عنهما.

* النظام السياسي الروسي في مواجهة التحديات:

تنفست الولايات المتحدة الأمريكية الصعداء بعد انهيار النظام الشمولي السوفيتي وقيام النظام التعددي الديمقراطي الروسي على الطراز الغربي، ولكن برغم ذلك فإن النظام في روسيا لم ينجح في الاندماج بالكامل ضمن منظومة القيم السياسية الغربية برغم الملامح والآليات المتشابهة التي تصل إلى درجة التطابق الكامل. هذا وبعد حقبتين على انهيار النظام الشمولي السوفيتي بدأت روسيا وهي الكيان الصاعد لجهة استعادة القدرات التنافسية في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية. وأبرز التحديات التي يواجهها النظام الروسي تتمثل في الآتي:

• التحديات المؤسسية: تنطوي البيئة المؤسسية الروسية على قدر كبير من التعقيدات بسبب طبيعة النظام الفيدرالي والتشوهات الناتجة بسبب علاقة المركز بالأطراف أو بالأحرى الكرملين باعتباره مركز السلطة بالولايات والجمهوريات المنضوية تحت لواء الاتحاد الروسي.

• التحديات الوظيفية: تتمثل في استخدام آليات عملية نشر القوة والسلطة السيادية الروسية على الأطراف وتحديداً مناطق القوقاز الجنوبي التي ظلت الأكثر توتراً وعدم استقرار، وقد ترتب على ذلك عدم قدرة القوات الروسية الاضطلاع بأعباء المواجهة الدولية أمام صعود القدرات العسكرية الأمريكية التي أصبحت أكثر انتشاراً في المسارح الدولية البرية والبحرية بما في ذلك مناطق الجوار الروسي، وبدلاً عن ذلك أصبحت القوات الروسية أكثر احترافية في مجال مكافحة المليشيات المسلحة في الشيشان وداغستان وأنفوشيا وأوسيتيا الشمالية، وكانت التجربة الوحيدة للقوات الروسية في خوض المواجهات مرتفعة الشدة هي الحرب الأخيرة ضد جورجيا التي برغم النجاح الروسي فيها فإنها لا تشكل تجربة عسكرية حقيقية مقارنة بتجربة الحروب الأمريكية في العراق وأفغانستان.

تندرج ضمن التحديات الوظيفية عدم قدرة الفعاليات والآليات الاقتصادية الروسية على القيام بدور حقيقي في مسرح الاقتصاد الدولي وبرغم القوة النفطية الروسية الهائلة فإن روسيا ما تزال غير قادرة على الارتقاء إلى مستوى خوض المنافسة المصرفية مع البنوك النمساوية والسويسرية والهولندية وما شابهها من الدول الأوروبية التي يبلغ حجمها أقل بكثير من حجم أي من المقاطعات الروسية.

تقول المعلومات أن النظام الروسي السياسي الديمقراطي التعددي أصبح يواجه خطر التآكل على يد القوى ذات التوجهات القومية الاجتماعية الروسية إضافة إلى تزايد شبح الشمولية الذي أصبح أكثر تهديداً لجهة استنفاذ محتوى ومضمون النظام التعددي الديمقراطي مقارنة باحتمالات تزايد صيغة النظام الشمولي التسلطي الذي سيكون هذه المرة قومياً اجتماعياً روسياً.

* معادلة التوازن الروسي: بين الضبط والاختلال:

توجد علاقة دائمة بين توجهات السياسة الداخلية وتوجهات السياسة الخارجية وحالياً تسعى بعض الحكومات إلى وضع السياسة الداخلية في خدمة السياسة الخارجية وبعض الحكومات إلى وضع السياسة الخارجية في خدمة السياسة الداخلية، وهناك القليل منها تنجح في التوصل إلى صيغة توازن بين السياستين بحيث تعملان بشكل تكاملي تقدم كل واحدة من السياستين المساندة والدعم للأخرى.

تأسيساً على ذلك نلاحظ أن العلاقة بين السياسة الداخلية الروسية والسياسة الخارجية الروسية ما تزال علاقة غير واضحة ومن الصعب إدراجها ضمن الأنماط النموذجية المتعارف عليها بواسطة خبراء السياسة الخارجية من أبرز المؤشرات الدالة على ذلك نلاحظ الآتي:

• المؤشر الأول: سعت السياسة الداخلية الروسية إلى استيعاب الجمهوريات المنضوية تحت لواء الاتحاد الروسي كالقوقاز الشمالي وجمهوريات بحر أورال، وفي الوقت نفسه سعت السياسة الخارجية إلى الاعتراف باستقلال الأقاليم الجورجية كأوسيتا الجنوبية وأبخازيا مع تجاهل احتمالات أن تنتقل عدوى الاستقلال والانفصال من القوقاز الجنوبي إلى القوقاز الشمالي المجاور له.

• المؤشر الثاني: سعت السياسة الداخلية الروسية إلى اعتماد مبدأ الحمائية كوسيلة لحماية القدرات الاقتصادية الروسية ولكن في الوقت نفسه سعت إلى الترويج لمبدأ الليبرالية الاقتصادية وانفتاح الاقتصاد الروسي على اقتصاد السوق الحر العالمي.

• المؤشر الثالث: سعت السياسة الداخلية الروسية إلى تعزيز القدرات النفطية الروسية بما يتيح تعزيز صادرات النفط والغاز الروسي إلى البلدان الأخرى وفقاً لمبادئ الاقتصاد الحر ولكن بالمقابل سعت السياسة الخارجية الروسية إلى استخدام إمدادات النفط والغاز كسلاح لفرض العقوبات وممارسة الحظر ضد خصوم روسيا وبالذات أوكرانيا وحالياً تسعى السياسة الخارجية الروسية إلى استخدام إمدادات النفط والغاز لترويض منغوليا والصين.

عموماً، تشير معطيات الأداء السلوكي للسياسة الخارجية الروسية لجهة أن روسيا بدت أكثر اهتماماً بأنشطة العسكرة الإقليمية والدولية وذلك وفقاً لتحركات إقليمية ودولية بدأت تعيد إلى الأذهان مشهد حلف وارسو السابق، وما هو أهم يتمثل في أنه لن يكون هناك حلف وارسو واحد وإنما حلفان استراتيجيان ستقودهما روسيا هما:

• منظمة تعاون شنغهاي (SCO).

• منظمة معاهدة الأمن الجماعي (CSTO).

سيترتب على ذلك بالضرورة دخول روسيا مرة أخرى ودفعة واحدة مضمار سباق التسلح التكتيكي والاستراتيجي في مواجهة الولايات المتحدة وإذا كان تورط الاتحاد السوفيتي في سباق التسلح مع أمريكا وعلى وجه الخصوص ضمن سيناريو "برنامج حرب النجوم" ونفقاته الباهظة في حرب أفغانستان وإعالة دول الكتلة الشرقية سبباً في انهياره، فإن سباق التسلح الروسي – الأمريكي المحتم سيعتمد نجاح روسيا فيه على مدى قدرتها في حسم نتيجة مباراة اللعبة الكبرى المتعلقة بالسيطرة على إمدادات النفط والغاز إلى أوروبا وبدون سيطرة روسيا على هذه الإمدادات فإن احتمالات صعودها لمنافسة الولايات المتحدة سوف لن تكون مجرد أضغاث أحلام.






 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024