شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2009-07-04
 

«جيفرسون» عقل الثورة الأميركية وفكرها

الرابع من يوليو.. أهم أيام التاريخ الأميركي.. إنه يوم الاستقلال الذي تحقق عام 1776 عندما وقع ممثلو 13 ولاية أميركية وثيقة الاستقلال عن بريطانيا ويظهر لأول مرة على خريطة العالم اسم الولايات المتحدة الأميركية. وفي ظل مستجدات العصر، يجب أن نشير إلى أن الإسلام لم يكن غائبا عن قصة الاستقلال الأميركي. وهذا ما اعترف به الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطابه في جامعة القاهرة إلى العالم الإسلامي يوم 4 يونيو الماضي، فقد قال ان الإسلام كان دائما جزءا لا يتجزأ من قصة أميركا.

وأضاف «منذ عصر تأسيس بلدنا ساهم المسلمون الأميركيون في اثراء الولايات المتحدة..لقد قاتلوا في حروبنا وخدموا في المناصب الحكومية ودافعوا عن الحقوق المدنية وأسسوا المؤسسات التجارية كما قاموا بالتدريس في جامعاتنا وتفوقوا في الملاعب الرياضية وفازوا بجوائز نوبل وبنوا أكثر عماراتنا ارتفاعا وأشعلوا الشعلة الاولمبية. وعندما تم أخيرا انتخاب أول مسلم أميركي إلى الكونغرس فقام ذلك النائب بأداء اليمين الدستورية مستخدما في ذلك نفس النسخة من القرآن الكريم التي احتفظ بها أحد أبائنا المؤسسين توماس جيفرسون في مكتبته الخاصة».

ويتحدث «تقرير واشنطن» على شبكته الالكترونية عن يوم الاستقلال والصراع ضد المستعمر البريطاني، فيقول ان تاريخ العلاقات بين الولايات المتحدة وبريطانيا قبل القرن العشرين، لم يكن يحمل سوى كل ما هو سيئ. فبعد ما نجحت بريطانيا في تأسيس عدة مستعمرات في أميركا الشمالية، تمتعت هذه المستعمرات في البداية بالحماية العسكرية البريطانية المباشرة مخافة من امتداد النفوذ الفرنسي إليها. وبعد ما زال خطر النفوذ الفرنسي، وما تزامن معه من تنامي الإحساس بالكيان الجديد المكون من المستعمرات، اتجهت بريطانيا إلى فرض قوانين ضرائب لتزيد دخل الخزينة البريطانية بما يجعلها قادرة على تمويل حروبها الكثيرة.

كانت القوانين البريطانية تثير الغضب والاستياء لدى الأميركيين إلى درجة أن بريطانيا أرسلت قواتها إلى كل من بوسطن ونيويورك حيث قتلت بعض المواطنين فيما سُمي بمذبحة بوسطن التي رد عليها الأميركيون بالاحتجاج المعروف «ببوسطن تي بارتي». وعاقبت بريطانيا المتمردين بإغلاق ميناء بوسطن وزيادة سلطة الحاكم البريطاني، وإجبار المستعمرين ؟ الأميركيين- على إيواء وإطعام البريطانيين. ورد ممثلو المستعمرات البريطانية بتشكيل المجلس القاري الأول بفيلادلفيا والذي ضم 13 مستعمرة والذي أجبر بريطانيا على سحب القوانين القسرية.

وفي الرابع من يوليو 1776 أعلن المجلس القاري الرابع الاستقلال عن بريطانيا مكونا الولايات المتحدة الأميركية. لم يكن إعلان الاستقلال نهاية الاستعمار البريطاني، بل بداية النهاية. فبعد الاستقلال، بدأت الحرب الطاحنة بين أميركا وبريطانيا، وانتهت بانتصار الدولة الجديدة في 1781 في معركة يوركتاون بفرجينيا. ثم وقَّع الطرفان معاهدة فرساي في 1783 وكانت بمثابة إعلان بنهاية الثورة الأميركية. وفي عام 1787 وقع المندوبون من جميع الولايات المتحدة على اتفاقية دستور البلاد التي تم التصديق عليها في سنة 1788.

ويعتز الأميركيون بأن أروع انجازاتهم بعد الاستقلال، هو إعلان الدستور على يد شخصيات كبيرة، منها - بالإضافة إلى جورج واشنطن بطل الاستقلال الأميركي- توماس جيفرسون الذي شارك واشنطن في إعلان الاستقلال وشغل جيفرسون منصب ثالث رئيس للولايات المتحدة.

كان جيفرسون العقل المدبر الذي شكل الفكر السياسي الأميركي في هذه الفترة الحاسمة، وكان من أكبر أنصار الديمقراطية والحرية. ومن إنجازاته شراء ولاية لويزيانا من نابليون بونابرت، وتأسيس جامعة فرجينيا. ويرى البعض أن تأثيره على سياسة الولايات المتحدة كان أعظم من تأثير أي زعيم سابق أو لاحق.

ويقول «تقرير واشنطن»، حتى هذا اليوم لا يزال شبحه يخيم على السياسة الأميركية ولا تزال مبادئه تقود هذه القوة العظمى العالمية، وغالبا ما يشار إلى الديمقراطية الأميركية بالديمقراطية الجيفرسونية كدليل على ذلك. وأكد جيفرسون على مبدأي الحرية والديمقراطية اللذين تضمنتهما وثيقة إعلان الاستقلال الأميركي. وترددت أصداء هذين المبدأين عبر القرنين الماضيين. وتمتلك الولايات المتحدة أقدم دستور مكتوب في العالم. ويقال انه هو أكثر الصادرات الأميركية شعبية وأقدمها.

واعتبر جيفرسون الدستور صرحا ومثالا قائما يجب أن تقتدي به الشعوب الأخرى. فكتب قائلاً «من المستحيل ألا نشعر بأننا نعمل من أجل الإنسانية جمعاء»، لذلك السبب تبنت العديد من دول العالم نماذج دستورية مقتبسة من الدستور الأميركي والتي تضمنت أفكار مثل (كل الناس قد خُلقوا متساوين) وأن (خالقهم وهبهم حقوقاً معينة لا يجوز التفريط بها) قد وضعت في الصدارة كمطلب أميركي منذ البداية.

الدستور الأميركي قائم على مجموعة من المبادئ السياسية والقانونية التي تستهدف صيانة حقوق الأفراد. يضمن الدفاع عن حق الفرد في الحياة والملكية، وفي حرية العبادة والتعبير. ومن أجل ضمان هذه الحريات، شدد واضعو الدستور الأميركي على ضرورة وجود قيود لصلاحيات كل من سلطات الحكم، إضافة إلى مساواة الجميع أمام القانون، وفصل الدين عن الدولة.

وتستمد مواد الدستور الأميركي مضمونها من نظريات الفيلسوفين الإنجليزيين توماس هوبز وجون لوك، والفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو. فهؤلاء المفكرين أدركوا تماماً مزايا مجتمع مدني تكون لأفراده حقوق وواجبات

إضاءة

يوزع الدستور الأميركي السلطة بين مستويين من الحكم: مستوى البلاد ككل أو المستوى القومي، ومستوى الولايات، وهو ما يعرف بنظام الفيدرالية. أي النظام الذي تتقاسم فيه السلطة حكومة مركزية أو قومية واحدة مع حكومات الولايات.

وقضى الدستور بأن تكون الحكومة المركزية صاحبة السلطة العليا في بعض المجالات، ولكنه لم يجعل حكومات الولايات مجرد وحدات إدارية تابعة للحكومة المركزية. فعلى سبيل المثال، تكون حكومات الولايات هي المسؤولة بصورة عامة عن إدارة ميزانياتها وعن سن وتنفيذ القوانين في العديد من المجالات التي تؤثر في حياة سكانها، فيما تتمتع الحكومة المركزية بإدارة السياسة الخارجية والدفاع. ويؤكد الدستور على أن سيادة القانون هي شريان حياة النظام الاجتماعي الأميركي.




 

جميع الحقوق محفوظة © 2024جميع المقالات التي تنشر لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع