شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2009-08-02
 

هل تخرج العربية السعودية من بيت الطاعة الأمريكي

الجمل

الجمل: تناقلت التقارير الإخبارية الصادرة اليوم المعلومات حول إعلان المملكة العربية السعودية رفضها للطلب الذي قدمته الإدارة الأمريكية بضرورة تحسين علاقاتها مع إسرائيل وعلى خلفية طبيعة وخصوصية العلاقات الأمريكية – السعودية فإن الرفض السعودي يحمل أكثر من دلالة.

* ماذا تقول المعلومات؟

ضمن سياق جهود الإدارة الأمريكية لإحلال السلام في الشرق الأوسط سعى كل من الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون والمبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط جورج ميتشل إلى حث الدول العربية على تحسين علاقاتها مع إسرائيل. إضافة لذلك، تضمنت مطالبة الإدارة الأمريكية رسالة واضحة لحلفائها في المنطقة وتحديداً المملكة العربية السعودية لجهة القيام ببناء وتعزيز العلاقات مع إسرائيل، وتضمن الطلب الأمريكي الموجه للعرب عموماً وللسعودية خصوصاً الموجهات الآتية:

• أن تتم عملية بناء الروابط مع إسرائيل ضمن إجراءات عملية بناء الثقة.

• أن يتم استخدام وسائل محددة لعملية بناء الثقة بحيث تتضمن فتح المكاتب والممثليات التجارية الإسرائيلية وتبادل الخبراء الأكاديميين والسماح للطائرات الإسرائيلية المدنية بعبور الأجواء السعودية.

بررت الإدارة الأمريكية طلبها على أساس اعتبارات أن قيام البلدان العربية بالانخراط بنجاح في عملية بناء الثقة مع إسرائيل هو أمر سيترتب عليه من جهة العرب التأكيد العملي على أنهم يسعون من أجل السلام ومن جهة أخرى سيترتب على إسرائيل إدراك والاقتناع بأن العرب جادون في السلام معها.

إضافة لذلك، سعت الإدارة الأمريكية إلى الزعم أن قيام البلدان العربية بتحسين علاقاتها مع إسرائيل سيهيئ الرأي العام الإسرائيلي لتقبل إقامة السلام وتحمل ما يمكن أن يترتب على ذلك من تنازلات إسرائيلية.

* النقاط الأساسية لرد الفعل السعودي:

عقد وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل لقاء مع وزيرة الخارجية الأمريكية يوم أمس الجمعة وبعد الاجتماع تحدث في المؤتمر الصحفي موضحاً الرفض السعودي القاطع للقيام ببناء العلاقات مع إسرائيل، وتضمن الرد السعودي النقاط الآتية:

• إن الطلب الإضافي الأمريكي بالتعامل مع إسرائيل هو طلب لن يجدي شيئاً طالما أن المسائل الرئيسية لم يتم حلها بعد.

• إجراءات بناء الثقة لن تجلب السلام طالما أن المطلوب هو أسلوب شامل يحدد لناتج النهائي، ويشرع إطلاق المفاوضات حول قضايا الوضع النهائي.

• القضايا والمسائل المتعلقة بالوضع النهائي تتضمن: حل مشكلة حدود الدولة الفلسطينية المتوقع قيامها، ومصير اللاجئين الفلسطينيين، النزاعات حول المياه، مستقبل القدس وما شابهها.

• لقد سعت إسرائيل إلى تحويل الانتباه من القضايا والمسائل الجوهرية واستبدال ذلك بتركيز الانتباه على بناء المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية.

• ظلت إسرائيل أكثر سعياً لإبعاد العالم عن التركيز حول صفقة السلام العربية التي قامت بإعدادها السعودية وهي المبادرة التي التزم العرب بالاعتراف فيها بإسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967.

• إن المسألة لا تتمثل في ما الذي يجب أن يقدمه العرب لأن المسألة تتمثل في ما الذي ستقدمه إسرائيل مقابل هذا العرض الشامل.

• إن إسرائيل لم تكتف بعدم الاستجابة لمبادرة السلام العربية وحسب، وإنما كذلك لم تستجب لطلب الرئيس الأمريكي بوقف أنشطة الاستيطان والتي وصفها أوباما بأنها "غير شرعية".

• من الضروري أن يفهم الجميع أن المطلوب من إسرائيل هو إرجاع الأرض التي لم تكن في أي يوم من الأيام لها.

وبالتمعن في النقاط الواردة في حديث وزير الخارجية الفيصل نلاحظ أنه وإن كان لم يتطرق بشكل مباشر لمسألة الجولان المحتل فإنه أشار إلى مدى أهمية التمسك بالمبادرة العربية وجعلها إطاراً موحداً للتعامل مع إسرائيل لكن السؤال يتمثل في أنه إذا قدمت إسرائيل بعض التنازلات الجزئية المتعلقة بمسار السلام على الجانب الفلسطيني فهل هذا معناه أن تقوم الدول العربية بالانخراط في إجراءات بناء الثقة مع إسرائيل دون إيلاء الاعتبار لملف الجولان المحتل؟ هذا ما لم يشر إليه الفيصل صراحةً ولكن من الممكن أن يكون مضمون تصريحاته يحمل تأكيداً غير مباشر طالما أن التأكيد الرئيس في تصريحات الوزير السعودي هو على رهان الأرض مقابل السلام كما ورد في المبادرة العربية.

* أبرز ردود الأفعال الأمريكية على التصريحات السعودية:

جاء أبرز ردود الفعل الأمريكية على لسان وزيرة الخارجية كلينتون التي تضمن تصريحها النقاط الآتية:

• ترغب الإدارة الأمريكية في أن تقوم الدول العربية بما في ذلك السعودية صديقة أمريكا بالعمل إلى جانب الإدارة الأمريكية لاتخاذ الخطوات التي تحسن العلاقات مع إسرائيل وتدعم السلطة الفلسطينية لتحضير شعبها للسير في طريق السلام النهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

• تعتبر القيادة السعودية المستمرة أمراً حيوياً من أجل تحقيق السلام الشامل والدائم.

• الموقف السعودي الرافض لطلب الإدارة الأمريكية سوف لن يترتب عليه أي تعقيدات في جهود صنع السلام الأمريكية.

• هدف الولايات المتحدة هو الحصول على موافقة كل الأطراف من أجل بدء المفاوضات الهادفة إلى حل القضايا والمشاكل ضمن أسلوب شامل ونهائي.

• تتطلع أمريكا لرؤية الأطراف وهم يجلسون على طاولة المفاوضات ومدعومين ليس بواسطة أمريكا وحسب وإنما بواسطة البلدان الأخرى بقيادة المملكة العربية السعودية.

• لقد سعى المبعوث الأمريكي الخاص جورج ميتشل للحصول على قيام كل الأطراف بإجراءات بناء الثقة ضمن الغرض الهادف لإحياء المحادثات التي توقفت بعد قيام إسرائيل بعمليتها العسكرية الأخيرة ضد قطاع غزة.

• عاد المبعوث الأمريكي الخاص ميتشل من جولته الشرق أوسطية واستطاع أن يحقق التقدم وتطوير صيغة من أجل دفع الطريق من أجل المحادثات.

• تشعر الإدارة الأمريكية وكأنها تمضي قدماً وأنها عازمة ومصممة للقيام بتحقيق ذلك في أقرب وقت.

نلاحظ أن تصريحات وزيرة الخارجية كلينتون لم تشر بشكل مباشر لملف الجولان المحتل، ورغم ذلك فمن الممكن أن نفهم من خلال تصريحها حول عودة المبعوث ميتشل وتحقيقه للتقدم، بأن كلينتون تفهم أن ميتشل زار دمشق وأنقرة وبالتالي فإن جهود واشنطن لإحياء المفاوضات السورية – الإسرائيلية ما تزال ممكنة الاحتمال.

عموماً، ما هو هام ولافت للنظر هذه المرة يتمثل في الرفض السعودي الصريح للضغوط الأمريكية والتي على ما يبدو هي ضغوط تجاوزت النقطة الحرجة الممكنة الاحتمال لدى السعوديين، وعلينا أن نتوقع هذه المرة أن تبدأ الدبلوماسية السعودية هجومها المضاد بعد أن نجحت في إيقاف الهجوم الدبلوماسي الأمريكي الذي ظل مستمراً طول الأعوام الستة الماضية، بما ترتب عليه إرهاق جهود السلام السعودية وأيضاً ألحق الكثير من الضرر بمكانة الدبلوماسية السعودية فهل تستمر الدبلوماسية السعودية في موقفها الرافض لإملاءات الإدارة الأمريكية، أم أنها ستواجه المزيد من الضغوط وتتراجع وفي هذا الخصوص فإن موقف الدبلوماسية المصرية سيلعب دوراً هاماً في الوقوف إلى جانب السعودية بحيث إذا لجأت القاهرة إلى الوقوف مع واشنطن فإن الرياض سوف لن يكون أمامها سوى المضي قدماً في موقفها أو التراجع والوقوف إلى جانب القاهرة ولكن مشكلة القاهرة أن محور تل أبيب – واشنطن أصبح أكثر خبرة في استخدام المعونات والمساعدات للقيام بـ"ترويض" دبلوماسية القاهرة.



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه