شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2010-01-21
 

نسف الأضاليــل

الأمين أنيس فاخوري

هذا البحث القيّم للأمين أنيس فاخوري(1)، الذي كان يجدر ان يُترجم الى لغات عديدة وان يُسَوَّق في الأوساط الثقافية والدينية للشعوب الاخرى، لم يجد مع الاسف من يتبناه مدركاً أهميته في نسف الاضاليل اليهودية، المتوارثة والناخرة كالسوس في عقول الكثيرين من أبناء شعبنا، ومئات الملايين من الشعوب الاخرى.

مقدمة الكتاب للكاتب الدكتور شاكر مصطفى، استاذ التاريخ في جامعة الكويت، والكتاب طبعتان: اولى عام 1974 وثانية عام 1983.

من فهرس الكتاب

* الفصل الأول: قيام دولة يهودية في فلسطين مخالف لروح الانجيل.

* الفصل الثاني: مؤقتاً.. التضليل يفوز على الحقيقة.

* الفصل الثالث: حقيقة بني "اسرائيل" كما هي في التوراة.

- ما هي التوراة.

- المفهوم المسيحي للتوراة.

- المفهوم المسيحي عن بني "اسرائيل".

- التوراة هي السجل الاسود لبني "اسرائيل".

- يعبدون العجل الذهبي ويعودون الى عبادة الاصنام والشرور، في عهدي يشوع والقضاة.

- حكمة الله في اختيار هذا الشعب.

- ويستمرون في ضلالهم بعد ان اصبحوا مملكة.

- انقسام المملكة تمهيداً لاندثارها.

- اندثار مملكة اسرائيل.

- ومملكة يهوذا تلاقي المصير نفسه.

- الفرصة الأخيرة قبل دنو "العهد الجديد".

- لم يعد اليهود "شعب الله المختار".

- تراث "الهي" وتراث "يهودي".

* الفصل الرابع: فحوى الانجيل هو رفض اليهود واليهودية.

- التوراة هي فقط الشهادة المسبقة ليسوع بأنه هو المسيح المنتظر.

- اليهود اولاد الافاعي والتبن المُعَد للحرق.

- اليهودية المتمسكة بالقشور لم تتمكن من تعريف العالم بالله.

- الخلاص بالايمان وليس بأعمال الناموس.

- المفاهيم الجديدة لأبوة ابراهيم ولكلمتي "اسرائيل وكنعان".

- الخشية من التهود برزت منذ عصر الرسل.

- المؤمنون بيسوع هم "الشعب المختار".

- حقيقة اليهود كما تعلنها التوراة ويعلنها الانجيل.

- الوعد لابراهيم تم حرفياً قبل مجيء يسوع.

- الضلالة الكبرى.

* الفصل الخامس: والقرآن ايضاً يرفض اليهود وينزع عنهم صفة "الشعب المختار".

* الفصل السادس: دعوة لعمل رسالي مسؤول واعلامي واضح.


مقدمة الدكتور شاكر مصطفى:

ليست الصداقة هي التي تدفعني لتقديم هذا الكتاب للناس، ولو ان المؤلف صديقي. وليست موضوعية البحث بدورها هي الدافع، ولو ان هذه الصفحات التي تقرأ قد كُتبت بكثير من الموضوعية والفهم للنصوص الدينية، وانما هي طرافة النظرة وتفردها وخطرها.

هذه الزاوية من النظر الى المشكلة الصهيونية من خلال علاقتها الدينية بالغرب المسيحي هي الشيء الجديد في هذا الكتاب، وهي الكشف الهام الذي يقدمه صاحبه للناس، والذي يدفعني انا بدوري الى تقديمه للناس.

لقد طالما بحثنا الصهيونية كتكوين سياسي. رافقنا اطوارها، تحدث الباحثون عن مؤتمراتها ومؤامراتها، خداعها، وتسلطها الماكر على الاعلام. أساليبها، عدوانها. رفضها للأمم المتحدة... كل ذلك نعيده ونكرره كل يوم.

ولقد بحثنا أقل من ذلك بكثير عن الصهيونية كمغامرة اقتصادية. كعملية استعمار استيطاني للمنطقة العربية كلها. عملية نموذجية من اعمال الاحتكارات الاقتصادية الكبرى في العالم. وفي هذا المجال اكتفينا بالمظاهر فقط. لم نذهب عميقاً وراء الجذور. لم ندخل سرباً الى شبكة "التراستات" العالمية التي تكمن وراء الصهيونية وتغذيها بماس جنوب أفريقيا ونحاس شيلي وبترول فنزويلا والشرق العربي ورساميل "وول ستريت" في نيويورك.

ولقد بحثنا اقل من هذا كله، او لم نبحث ابداً جانبها الديني. حسبناها صليبية جديدة احياناً. استنزلنا عليها اللعنة او دعونا الله ان يحقق فيها آيته بضرب الذلة والمسكنة... أما كيف يقف الغرب المسيحي فيؤيد يهوذا الاسخريوطي، وكيف يقبل المؤمنون بالمسيح والوهيته دعم قتلة السيد المسيح الذين حملوا – باعترافهم – دمه فيهم وفي اعقابهم فكان هذا لغزاً!. ولقد تنبّه الشرق العربي اليه في لحظة من اللحظات وأخذته الدهشة الحائرة وهو يرى الى المجمع المقدس في الفاتيكان يبرىء اليهود من دم السيد المسيح... ثم نام اللغز من جديد! لم يبق من اثاره سوى اشارة استفهام!.

الاستاذ فاخوري جاء يسد هذه الثغرة. يسلط الكثير من النور عليها، خمسا وثلاثين سنة – فيما يعترف به – ظلّت هذه النقطة شغله الشاغل وهي التي لم تشغل غيره ساعات. ولقد واجهها بإيمان المسيحي المسؤول أمام ايمانه، وبإيمان الوطني المسؤول أمام قومه وأرضه وتراثه. وكبر مقتا عنده ان يأخذ التضليل اليهودي هذا المنحى الذي أُخذ. قلائل هم الذين اذا خلوا الى صمت الغرفة قفزت همومهم الفكرية – من دينية وقومية – تسعى بين ايديهم وترهقهم اقلاقاً ومعاناة نفسية وبكاء أخرس. والاستاذ فاخوري – وما أشك في هذا – واحد منهم. حملة الفوانيس الهادية في هذا المعترك المظلم ما أقلهم وما أكثر شقاءهم بما يحملون من هموم.

وبالرغم من اني اختلف معه في اعطاء هذا الجانب الديني من المشكلة ما يعطيه هو من الشأن والفاعلية والاثر، ولكني لا أختلف معه ابداً في ان هذا الباب هو باب من أبواب الجهاد. انه ركيزة فكرية واعلامية كبرى مُهملة حتى اليوم، ويجب ان تأخذ مكانها اللازم من الاستراتيجية الدفاعية العربية.

"تهويد" المسيحية اليوم عملية كبرى تتم في صمت وتآمر. وتلك الرواسب الدينية عند الغربيين ضد الاسلام من جهة ومع احترام التوراة – أحد شطري الكتاب المقدس – من جهة اخرى تعمل عملها في دفع ذلك التهويد نحو غاياته في خدمة الامبريالية والسياسة.. انها عملية تضليل منظم لا ينقصها لا التخطيط ولا اللاهوتيون الفكريون ولا صناديق المال ولا الارتباط الحميم بالابعاد السياسية والاقتصادية للصهيونية. انها ليست محاولة لتشويه المسيحية الغربية دينياً بقدر ما هي استغلال لتلك المسيحية من خلال الاقداس والاسفار المباركة.

ومن عجب الا يتنبّه اللاهوتيون والكهنة – او ان يتنبهوا ويسكتوا – الى التناقض الكافر الذي توقعهم فيه الصهيونية... أم على القلوب أقفالها؟ وما أدراك ما الأقفال؟.

اذا آمن المسيحي ان عودة شعب "اسرائيل"، الى فلسطين وبناء دولة يهودية فيها انما هو تحقيق لنبوءة التوراة كما يزعمون الان للناس ويبشرون حتى على منابر الكنائس الاميركية، اذن فالسيد المسيح قادم لا ريب في قدومه المقبل – حسب النصوص التوراتية الحرفية نفسها – واذن... فمن هو ذلك المسيح الأول الذي جاء من روح الله وبشر وأنذر وكان صليبه رمز الفداء والخلاص من الخطيئة؟ أليس في الايمان الحرفي بالنبوءة التوراتية انكار فعلي للسيد المسيح ولاهوته، والغاء بالتالي للعقيدة المسيحية من أسسها الاولى؟ الا تكون الكرازة التي استمرت طيلة ألفي سنة بالانجيل، عندئذ، عبثاً ضائعاً ولهواً من اللهو؟ هذا هو التناقض القاسي الذي يكشف عنه هذا الكتاب... وهو في الواقع بعض ما يكشف! فثمة أبعاد اخرى خطيرة قد كشف عنها. واجهها بعمق وجرأة ونصوص مقدسة.

واذا كان هذا الكتاب انما يتوجه الى المسيحي الغربي والى الجانب المؤمن منه بخاصة، فإنه يضع بين يديه الكثير من آفاق الفكر الديني المسيحي المتناقض مع المسلّمات الصهيونية المتداولة. وانه ليكشف كشوفاً، تكاد لبداهتها، تأخذ شكل المفاجآت...

فمنها الحقيقتان الكبريان:

اولاً: من أن الله قد رفض شعب "اسرائيل"، اذن فقد كف هذا الشعب عن ان يكون – كما يزعم – شعبه المختار.

ثانياً: من ان هناك تبايناً بين تراث الشعب اليهودي المملوء بالخطايا في التاريخ وبين التراث الالهي السماوي، ولا يمكن ان يكون هذا هو ذاك في حال من الاحوال.

* ومنها ان التوراة لم تكن الا الشهادة المسبقة لمجيء المسيح المخلّص. نصوصها المتداولة بين ايدي اليهود هي الشاهد المفحم. فأين اليهود اذن واسطورة العودة والارض المقدسة؟

* ومنها انه – وفي اطار الكتاب المقدس ونصوصه – لم يعد لليهودية ولا لليهود اي مكان في مخطط الخلاص الالهي بعد ظهور يسوع. انها عقوبة الله لقتله الانبياء وراجمي المرسلين، لقد أُخرجوا من مخطط الخلاص الالهي نهائياً بعد مجيء المسيح.

* ومنها ان ظاهرة "تهويد" المسيحية التي تطفو اليوم على السطح الاعلامي، هي ظاهرة تنبه الها حتى الرسل منذ عهد يسوع المسيح، فشجبوا هذه النزعة الضالة وحذروا المؤمنين من التورط فيها. او لا يقرأ المسيحيون اليوم رسالة بولس الرسول الى أهل غلاطية؟ ورسالته الاولى الى تيموثاوس؟ والى اهل كورنثوس؟.

* ومنها أخيراً تلك الصفات التي تدمغ بها التوراة ويدمغ بها الانجيل شعب "اسرائيل"، أترى المسيحي ينسى وهو يقرأ كل يوم أم يكفر وثمة من يتلو عليه في الكنيسة كل أحد ان الشعب اليهودي، في منطوق النصوص المقدسة، أو بالاحرى اليهود في غالبيتهم الساحقة، هم كذابون، مراؤون، منافقون، مرتدّون عن الحق، ساقطون من النعمة، عائشون في الظلمة، صخور في ولائم المحبة؟.

أهو نوع من الجدل اليهودي المجرد هذا الحديث؟ ليس بذلك أبداً. انه استغراق في صميم المشكلة السياسية-الاقتصادية التي نعاني منذ أطلت الصهيونية علينا وأطل بلفور... أن افعوانات الاحتكار الامبريالي وشبكات مصاصي الدماء انما تستغل الجموع الواسعة في أرضها نفسها، من خلال هذه المفاهيم المُضَلِلة كما تستغلنا نحن. جماهير الغرب المسيحي هي ضحايا الاخطبوط المجرم نفسه الذي نحن ضحيته. واذا كان لا يحتاج عندنا الا الى القوة ليفرض سلطانه، فانه هناك في ارضه بحاجة الى مرتكزات من العقيدة والمبادىء، تعطي تصرفاته شكل المنطق وتضع لها التبرير والاقناع... وليست التوراة عنده الا احدى الاحابيل للاستغلال.. اما الكهنة الناطقون بالحق فيجب ان يخرسوا! وقد خرسوا بالفعل ووضعت الاقفال!...

ان هذا الكتاب اذن انما هو صرخة دينية مخلصة في كهوف الصمت. وانما هو دعوة الى سلاح لم يُستخدم بعد، وأن كان يضرب في القلب، انه اسهام واعٍ لا شك فيه في معركة التحرير. وكم تمنيت – وما ازال – لو استطعتُ واستطاع الناس قراءته باللغات العديدة التي يُقرأ بها الانجيل...

وبعد، فحتى عهد قريب، كنا مع الصهيونية كجماعة العميان التي يروون أنها وقفت عند فيل ضخم وأقبلت تتفحصه. هم يعرفون الجمل والشاة والحمار أما هذا الكائن الغريب فما تلمسوه من قبل ابداً ولا عرفوا كيانه...

تلمس اولهم قوائمه فقال:" انه أعمدة من الاعمدةّ

وشد الثاني ذيله فقال: بل هو حبل من مسد!

ومسح الثالث على بطنه بكفه فأفتى انه برميل عظيم!

وطاف الرابع بصفحة ظهره فقال جازماً: بل هو جدار مائل.

وقلب الخامس اذنيه فتأكد بالعكس انه جلد طري يصلح للطبل.

وحرك السادس خرطومه فناقض الجميع وهو يصيح: بل أنتم أمام انبوب من أنابيب الماء، استوثقوا من ملامسكم!.

وتحسس الاخير انيابه العاجية وصاح: أخطأ الجميع! انما هذه أخشاب وأوتاد مما يدق لربط البقر!.

كل هذا والفيل هو الفيل: هو كل ذلك معاً وشيء آخر: هو انه كتلة متفاعلة متعاونة من التكوين الحي: يُركب ويُقتل ويقاتل ويدوس ويأكل...

ومنذ عهد قريب فقط بدأت عناصر الصورة الصهيونية تكتمل لدينا وتلتقي سدى ولحمة. بدأ حجم الغزو الصهيوني يبرز فوق الجليد. وقد كان الثمن غالياً جداً، قاسياً جداً، حتى فهمنا بعض الحقائق. وهذا الكتاب مساهمة في وضع لمسات اساسية في الصورة وحدودها والملامح.

ترى هل اكتملت للعرب الصورة الصهيونية أم لا يزال الكثير منها غائماً... ام ان الكثيرين ما يزالون... مع جماعة العميان؟.


(1) من الرفقاء الذين انتموا اوائل سنوات التأسيس. منحه سعاده رتبة الأمانة. تولى في الحزب مسؤوليات قيادية عديدة. قضى بحادث سيارة في الكويت



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه