إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الفاتحة على روح امرأة مسيحية

نسخة للطباعة  | +  حجم الخط  - 2011-03-22

الـفـاتـحـة عـلـى روح امـرأة مـسـيـحـيـة

بقلم المهندس باسل قس نصر الله


كنا اوردنا في عدد سابق من النشرة ما جاءنا من منفذية الأرجنتين بشأن وفاة والدة مستشار مفتي سورية المهندس باسل قس نصرالله.

من منفذية الأرجنتين، مجدداً، هذه الكلمة للمهندس باسل قس نصرالله، وقد ُنشرت أيضاً في "الميدل ايست تايمز" بتاريخ 18/03/2011.

*

توفيت والدتي منذ ايام، وكان موتها مفاجئاً، فقمت مع العائلة بمتابعة الاجراءات التي ترافقها حسب العادات المتبعة، ولم ازرف دمعة، ليس لأني لا أحبها، بل لأنني اعرف تماماً أن كل الحب الذي في الدموع لا يحيي الموتى.

توفيت والدتي وشريط الذكريات كان يمر أمامي منذ طفولتي الى هاتفها الاخير، قبل سويعات تؤنبني لأنني لا ازورها.

حضر الكثير من الناس لتعزيتي، واتصل بي العديد منهم، ولكنني سأقف عند نقاط قليلة تمثل حالة الحياة السورية المطمئنة أمام هذا السيل الجارف من الجنون والحرائق التي تعم المنطقة.

اقمنا العزاء في احدى قاعات الكنيسة، ومن أوائل المعزين لي، لم يكن رجال الدين المسيحي فقط، بل سماحة مفتي عام سورية الشيخ احمد حسون، قال لي : "أنا لم آت لأنك مستشارٌ لي، بل لأنك اخي ووالدتك والدتي" ثم تكلم بكلام كان بلسما – ليس علي فقط- بل على كل الحاضرين، الذين لم يغادروا مكان العزاء حتى حضر وسمعوا منه.

في اليوم الثاني من العزاء قدم فضيلة السيد عبد الصاحب الموسوي، وهو من اخوتي الشيعة، وقد كان في دمشق للنقاهة من عمل جراحي في القلب، ووصل مباشرة للعزاء، وقد حضرت ايضا مجموعة كبيرة من رجال العلم الاسلامي ورجال الدين المسيحي، وبكل فئاتهم، وقد تكلموا بكلام دل على ما تمتاز به هذه الارض من حضارة عظيمة.

لن اتكلم عن رجال العلم الاسلامي والمسيحي والشخصيات الاخرى التي اتصلت بي من اصقاع شتى في العالم بل سأنقل صورة مصغرة عن الحياة المشتركة التي تنعم بها سورية.

في يوم العزاء الاخير حضر وفد كبير يمثل المجلس الوطني الاسلامي الشيعي الاسماعيلي سورية والذي مركزه في السلمية قرب حماه (200 كم) ويعود الى الآغا خان، وقام عضو من الوفد بالكلام ثم قرأ الفاتحة على روحها، وقام الجميع مسلمين ومسيحيين بالوقوف، منهم من صلى الفاتحة الاسلامية ومنهم من صلى الصلاة الربانية المسيحية، .... وأين؟؟؟؟؟؟ في احدى قاعات الكنيسة بحلب.

في سورية فقط يتم صنع الحياة المشتركة، بتلاحم، صَدَقَ من قال ان سورية تملك اهم مقوماته.

في سورية فقط يقوم بتعزية المسيحي، رجال العلم الاسلامي قبل رجال الدين المسيحي.

وفي سورية فقط نعلم -وقبل اي شيء آخر- ان المواطنة تجمعنا، وليس الجامع او الكنيسة الا مرشدين لنا.

وفي سورية فقط، نمسك المواطن كزهرة ونضعها في مزهرية الوطن.

رحمكم الله ايها الوالد والوالدة لأنكم اوجدتموني في سورية، لأنه في سورية فقط فهمت كيف يكون الدين لله وهذا الوطن هو للجميع.

اللهم اشهد اني بلغت

***

22/03/2011 عمدة شؤون عبر الحدود





 
جميع الحقوق محفوظة © 2024