شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2011-08-02
 

شعراني ردت على رفض مفتي الجمهورية مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري

شعراني ردت على رفض مفتي الجمهورية مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري:

يسعى إلى تعزيز روابط الأسرة عند جميع الأديان واضعوه راعوا مجتمعهم للوصول الى قوانين منصفة


ردت رئيسة المجلس النسائي اللبناني الدكتورة أمان كبارة شعراني على البيان الذي "صدر عن مفتي الجمهورية الدكتور محمد رشيد قباني، في إجتماع عقده في دار الفتوى بحضور أئمة وخطباء المساجد وأمين الفتوى ومفتي راشيا وقضاة شرعيين وعميد كلية الشريعة في جامعة بيروت الإسلامية، لبحث مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري المحال الى المجلس النيابي في مجلس الوزراء بالمرسوم رقم 4116 والذي يرفضون ضمنه إقرار مشروع القانون لعدة إعتبارات لخصت في 16 بندا وخاتمة. وقد عبروا في هذا البيان من وصف المشروع بأنه يتضمن مخالفات شرعية دينية خطيرة واستشهدوا بقول النبي بشأنها "ما أكرم المرأة إلا كريم وما أهانها إلا لئيم".

وأوضحت ان قانون حماية النساء من العنف وضع "لما لم يعد ممكنا تجاهل ظاهرة العنف ضد النساء في الأسرة التي أشبعت دراسات وتحليل ومناظرة حتى انه لم يعد تناولها بشكل علني خصوصا في الإعلام من المحرمات. ولما كان المشرع اللبناني قد عالج موضوع الإيذاء وغيرها من أشكال العنف في إطار القانون العام (قانون العقوبات) الذي لا يراعي في أحكامه خصوصية الأسرة وحميمتها. وفي ظل غياب قانون خاص يحمي النساء من العنف داخل الأسرة. فالقانون المقترح يتصف بالصفة الوقائية ايضا ويعطي المرأة حق الدفاع عن نفسها في حال تعرضها للعنف عن طريق الحصول على قرارات الحماية".

وأشارت الى ان الهدف من القانون هو: "تجريم العنف الأسري بكافة أشكاله، تحريك شكوى العنف عن طريق الأخبار، إبعاد المدعي عليه عن المنزل إذا كان وجوده من شأنه أن يشكل خطرا على حياة الضحية وأطفالها، إستحداث صندوق مالي حكومي او مشترك لمساعدة ضحايا العنف الأسري، التثقيف حول بناء الأسرة في المدارس والجامعات وإلغاء التمييز في الكتب المدرسية والمناهج".

ولفتت الى ان "بيان دار الفتوى ذكر أن مشروع القانون يؤدي إلى مخالفات دينية وشرعية وهي: تفكيك نسيج الأسرة المسلمة في لبنان، تمييع تربية الأولاد على نهج الإسلام الحنيف وتداخل وتنازع صلاحيات المحاكم الشرعية. وقد وجه البيان التهم لواضعي المشروع بأنهم يستنسخون القانون من القوانين الغربية التي لا تتلاءم مع مجتمعاتنا. فواضعو المشروع أعدوا القانون بعد دراسة لأصحاب الإختصاص، الذين راعوا مجتمعهم المتعدد الأديان والمذاهب، بغية الوصول إلى قوانين منصفة تحد من التمييز بين الجنسين الطاغي في السلوك والتطبيق في الأسرة والمجتمع".

وردت على النقاط التي وردت في البيان كالاتي:

"1- ذكر البيان أن المرأة المسلمة يلحقها الضرر من مشروع القانون وذلك بمنعها من حقوق كثيرة تحصل عليها حاليا من خلال التحاكم إلى القضاء الشرعي. إن إتهام واضعي مشروع القانون بأن غايتهم تفكيك التركيبة الإجتماعية للأسرة وقلب الأدوار بين الرجل والمرأة فيه الكثير من التجني، فهدفنا تحسين وضع الأنثى في الأسرة والمجتمع وتطبيق الأحكام الشرعية في الأسرة، على الذين يشذون عنها".

2- تقولون ان القانون المقترح يكف يد الأب في الأسرة المسلمة عن تربية أولاده. إننا نسعى إلى تحسين وضع الأسرة بكاملها ذكرا كان أم أنثى. ونطلب من الأثنين معا الأب والأم تربية أطفالهم تربية صالحة ولا نرضى أن يمارس الذكر العنف ضد أي إنسان. نؤمن ان الأم المظلومة لا تستطيع ان تربي أطفالا صحيحي الجسم والعقل".

3- تقولون ان القانون المقترح يقضم صلاحيات المحاكم الشرعية. ليس هذا واردا على الإطلاق، فيمكن ان يحصل ترتيب تنظيمي يشترك فيه الجانبان للوصول إلى الهدف دون تنازع في الصلاحيات".

4- تقولون ان القانون المقترح سيخلف فوضى قضائية كتعريف الأسرة والتمييز بين الأنثى والذكر في العقوبات وإدخال مفاهيم جديدة كالعنف الإقتصادي. إننا نتبع التعاريف العلمية للأسرة، هذا لا إختلاف فيه إلا بمسألة التبني. القانون المقترح لا يميز في العقوبات ولا الإسلام يميز ايضا. ولكن قانون العقوبات الحالي يميز بين الجنسين. أما من ناحية العنف الإقتصادي وما أكثره، فماذا تقولون للكثير من الذكور الذين يصادرون معاش زوجاتهم وأملاكها ويهددونها بالطلاق وحرمانها من أطفالها إذا لم تفعل ذلك؟".

5- لقد رفضتم مشروع القانون، لأنه في نظركم يقوم باستحداث جرائم جديدة: كبدعة إغتصاب الزوج لزوجته وتجريم فعله. إن مشروع القانون لا يستحدث جرائم جديدة، بل جرائم قائمة وموجودة في العديد من الأسر وقسم منها مسجل في محاكمكم الشرعية وفي الدراسات والأبحاث والإحصاءات والأعلام وغيره.

فهل يرضى الإسلام بذلك؟ وإذا لم يوصف هذا الفعل بالإغتصاب، فماذا تريدون ان نصفه؟ هل يمكن وصفه بالمداعبة؟ لماذا نستغرب التجريم في هذه الحالات؟ فالمادتين 503 و 504 في قانون العقوبات تجرم فقط من أكره غير زوجه بالعنف والتهديد على الجماع، فلماذا يسمح للرجل ان يمارس هذه السلوكيات الشاذة مع زوجته ولا يعاقب؟".

6- إعترضتم على معاقبة الزوج عند القيام بالتهديد كما ورد في القانون المقترح والسبب هو وقاية، كي لا يتحول التهديد القولي المتكرر الى فعل، وذلك لحماية المرأة. ( كما جاء في البند 10 من المادة 3)، فمثلا إذا استعمل الأب أو الأخ التهديد لإكراهها على الزواج لأطماع مالية وغيرها فالإسلام لا يرضى عن الزواج بالإكراه وإذا حصل ولم تعبر الفتاة عن رأيها في عدم الرغبة بسبب الخوف من التهديد وأساليب اخرى فتكون الضحية مدى حياتها".

7- إعترضتم على فتح باب الأخبار في مواضيع العنف الاسري هذا وقد حصر الإجتهاد القضائي الأخبار في قضايا الإيذاء التي يتجاوز التعطيل فيها عشرة أيام إستنادا للمادة 554 عقوبات. هذا لا يكفي لأن الإيذاء الجسدي غير المعطل لا يلحظه قانون العقوبات و لا يلحظ الإيذاء النفسي وإنما تلحظه المبادىء الإسلامية، وهذا لم يحصل فيه اجتهاد قضائي من قبل أئمة المسلمين.

8- اعترضتم على مشروع القانون أنه يعطي القضاء الواقف صلاحية فرض أحكام النفقة، وقد سبق وأجبنا على ذلك، فهو لا يخالف إذا كان يطبق أحكام النفقة حسب الأحكام الشرعية لكل طائفة.

9- تقولون ان مشروع القانون يحول المراكز الإجتماعية أو الصحية إلى دائرة إستخبارية لتلقي الشكاوى وإلزامها بإحالتها إلى النيابة العامة. فهذا يحولها في نظركم إلى تغيير جذري في رسالتها الإنسانية. إن المؤسسات والمراكز الإجتماعية والصحية تقوم فعلا بخدمات اجتماعية عجزت الدولة عن القيام بها، وعجزت عنها أغلب المؤسسات الدينية".

10- تقولون ان القانون المقترح يحول المؤسسات القضائية الى مراكز إخبار بالعنف الأسري مما يشكل مانعا حادا من السير في مساعي الصلح وإنهاء الخلافات حبيا بالتراضي بين الأطراف. ولماذا الإعتراض على القضاء إذا إستعان بمراجع تخصصية للقيام بهذا المسعى، بدل ان تكون محاولات وإجراءات شكلية وسطحية، غير مبنية على الإختصاص في علم النفس والإجتماع.

11- إعترضتم على القانون المقترح لأنه يخالف قواعد الإثبات لجهة إستدعاء الصغير والقاصر إلى أداء الشهادة على ما نصت عليه المادة منه 13. إن الأسرة كما تعلمون خلية صغيرة تتضمن عددا من الأفراد والأولاد ، فلماذا لا يستدعى الصغير والقاصر إلى أداء الشهادة، فيستأنس بها القاضي قبل ان يصدر أحكامه ويمكن ألا يعتبرها قواعد ثابتة، فهذا يرجع اليه.

12- اعترضتم على تدخل الضابطة العدلية بتأمين مسكن مواز للزوجة أو إبعاد المدعي عليه عن المنزل مادة 15، مما يؤدي في نظركم الى إعدام أي محاولة لإعادة اللحمة إلى الأسرة والألفة في العائلة. نحن نصر على محاولات إعادة اللحمة إلى الأسرة بوسائل متعددة وإذا لم تفلح، فالقانون المقترح هدفه إعادة اللحمة للأسرة المتبقية من زوجة وأولاد في ظل كيان محترم.

13- تتهمون الجمعيات النسوية العلمانية بأنها وضعت قانونا مستمدا من قوانين غربية والتي تستند على مبادىء الرأسمالية المتوحشة ووحدة السوق الفرادية متنكرة للمفاهيم الدينية والقيم الإخلاقية والأعراف والتقاليد الشرقية. نعلمكم يا أصحاب السماحة أننا لسنا جمعيات نسوية علمانية موتورة لإننا جمعيات نسوية أهلية ومدنية وجمعيات حقوق الإنسان من الرجال والنساء، اشتركوا في وضع هذا القانون المقترح ونحن مؤمنون ومؤمنات، ولا نتنكر لقيمنا ومفاهيمنا الدينية. ولكن عندما لا يتبع الذكور أحكام هذه الشرائع ومنها احترام المرأة والحفاظ على كرامتها، عندئذ من الضروري ان تكون هناك قوانين رادعة للسلوكيات المسيئة داخل الأسرة وخارجها.

14- كيف توصلتم أيها الأئمة الى التعميم بأن هذا القانون المقترح يكرس التمييز بين الجنسين، حيث أغفل في نظركم عمدا حماية الضعيف في الأسرة كالطفل والعاجز والمسن بقطع النظر عن جنسه. صحيح ان القانون لا يركز على حقوق هؤلاء لأن هناك قوانين أخرى تدرس للحصول على حقوقهم المهدورة، وهم بنظرنا ليسوا بضعفاء كما تدعون، ولكن الذي لا يقوم بخدماتهم هو الضعيف. فمؤسساتنا الإنسانية في المجتمع اللبناني وهي كثيرة والحمد لله وجميعها تعمل لهؤلاء على أساس المساواة فهي ترعاهم وتحميهم وتطالب بحقوقهم من الدولة، وفي الوقت نفسه تؤمن لهم حياة كريمة قدر استطاعتها.

15- لقد إعترضتم على مضاعفة العقوبة المنصوص عنها في مشروع القانون المقترح لأن في نظركم لن توصل البتة إلى التعدي أو الحذر منه بل بالعكس واستشهدتم بأن هذا أمر معروف عند علماء النفس. إن التشديد في العقوبة وتدرجها في القانون المقترح لا شك انه سيردع المعتدي. إن علم النفس لا يحبذ العقوبة الجسدية ولكن يقدم وسائل متعددة من العقوبات التي تؤدي إلى تغيير السلوك الخاطىء عند الأفراد والجماعات".

16- تتفزعون من القانون المقترح لإحداثه تأثيرات نفسية على أطفال المسلمين من خلال استجوابهم وإشهادهم على والدهم الذي هو عماد الأسرة ورأسها، ورؤيتهم لوالدتهم تحديها السلطة الأبوية برفع الشكوى وكسر هيبته المعنوية والإخلال في كيان الأسرة. إن خوفنا على أطفال المسلمين يضاهي خوفكم عليهم وأن تربية الأطفال في الأسرة على احترام الوالدين وتقديرهما شيء مقدس لدينا، وعادة سلطة الأب لا تقيم بما أعطى من حقوق وإنما في كيفية إستخدام هذه الحقوق. وعندما لا يطبق الوالد ما أمره الله به تجاه أفراد أسرته فلا شك أن الولد سيفقد الصورة الإيجابية للأب".

وأجابت على خاتمة البيان كالاتي:

"إن القانون المقترح بمواده القانونية يسعى إلى تعزيز الروابط في الأسرة عند جميع الأديان والمذاهب، وهو لا يتناقض مطلقا مع التشريعات الاسلامية. ورغم اجتهادات عدد من الأئمة المسلمين عبر التاريخ إلى اليوم ولكن لم يتمكنوا من رفع الغبن والظلم والعنف عن المرأة لا في الأسرة ولا في المجتمع. فإلى أين؟ وما هو المصير؟ هل نطلب من المرأة فقط أن تطبق الدين الإسلامي الحنيف؟".

وقالت: "نتوجه إلى سماحتكم وسائر أئمة المسلمين، الذين يرفضون هذا المشروع بأننا على استعداد لمناقشتكم في أكثر من جلسة لكي يشبع بحثا وتدقيقا، مع أنكم إتخذتم قراركم بالرفض في جلسة واحدة. نذكركم بأن هذا القانون المقترح أعدته لجنة من المناضلين والمناضلات، الحقوقيين والحقوقيات، وأصحاب الإختصاص ووافق عليه مجلس الشورى ومجلس الوزراء بعد تكليف لجنة وزارية لدراسته من كل الطوائف والمذاهب قبل أن يحول الى مجلس النواب".

*نذكر بمبدأين من المبادئ الإصلاحية في الحزب السوري القومي الإجتماعي كما وضعها أنطون سعاده:

المبدأ الأول: فصل الدين عن الدولة.

المبدأ الثاني: منع رجال الدين من التدخل في شؤون السياسة والقضاء القوميين.


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024جميع المقالات التي تنشر لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع