شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2011-11-26 |
سبع نظريات تفسيرية حول التصريح التركي الجديد تجاه سوريا |
تحدثت معظم الأوساط الدولية والإقليمية خلال الأشهر الماضية، عن تركيا، باعتبارها تمثل رأس الرمح في مشروع تدويل ملف أزمة الاحتجاجات السياسية السورية، ولكن برغم ذلك، وفي تطور مفاجئ، تحدث مسؤول تركي رفيع المستوى عبر التلفزيون قائلاً بأن أنقرا تنظر لأزمة الاحتجاجات السياسية السورية باعتبارها شأن سيادي داخلي: فما هي حقيقة الموقف التركي الجديد المثير للاهتمام، ولماذا جاء في هذا الوقت، وما هي محفزاته، وماذا يحمل مضمونه، وهل هو تصريح يعكس تحول في الموقف التركي الرسمي إزاء فعاليات الحدث الاحتجاجي السياسي السوري، أم هو من قبيل المناورة والخداع الاستراتيجي الإعلامي ـ الدبلوماسي؟ * التصريح التركي الرسمي الجديد إزاء ملف الحدث السوري: توصيف المعلومات الجارية تداولت التقارير الصحفية التركية الصادرة صباح اليوم الجمعة 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011م، تصريحات المسؤول التركي الرفيع المستوى بولنت أرينس (نائب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وأيضاً المتحدث الرسمي باسم الحكومة التركية) والذي تم بثه مساء أمس الخميس عبر محطة تلفزيون بورصا التركية، والذي قال فيه بصريح العبارة الآتي:بولنت أرينس نائب رئيس الوزراء والناطق باسم الحكومة التركية • إن أنقرا لن تقوم بإرسال أي جنود إلى سوريا. • إن أنقرا لن تتدخل في سوريا. • إن أنقرا لن تقدم التسهيلات للآخرين الراغبين في التدخل في سوريا. • إن أي تدخل أجنبي سوف يؤدي إلى خلق الانقسامات والخلافات ليس في سوريا وحسب، بل وفي سائر أنحاء المنطقة. • إن الوقائع الجارية ميدانياً في سوريا تتطور على طول الخطوط الإثنية. • إن العامل الطائفي أصبح يلعب دوراً مؤثراً في الوقائع الميدانية الجارية في سوريا. • لا يوجد أي نقاش داخل الحكومة التركية لجهة قيام تركيا بالتدخل العسكري في سوريا. هذا، وإضافة لذلك تحدث بولنت أرينس مستبعداً قيام أنقرا بتوجيه الأحداث والوقائع الاحتجاجية السياسية السورية، وأضاف قائلاً بأن التطورات السورية الجارية هي شأن سيادي داخلي سوري، وتحدث مطالباً دمشق بضرورة الامتناع عن استخدام القوة ضد المطالبين بالحقوق، وحث دمشق على ضرورة إجراء الإصلاحات الفورية واللجوء لصناديق الاقتراع من أجل تعزيز الديمقراطية وتوسيع المشاركة السياسية بما يتضمن تمثيل الجماعات المعارضة داخل البرلمان. * كيف نقرأ تصريحات بولنت أرينس على أساس اعتبارات الوزن السياسي، فإن بولنت أرينس هو نائب رئيس الوزراء التركي، أي نائب رجب طيب أردوغان، الزعيم التركي النافذ القوة في الساحة السياسية التركية، إضافة إلى أن بولنت أرينس يتولى في نفس الوقت منصب المتحدث الرسمي باسم الحكومة التركية، وبالتالي فإن ما ورد على لسانه بالأمس في محطة تلفزيون بورصا، يجب أخذه مأخذ الجد، وتأسيساً على ذلك، يمكن قراءة تصريحات بولنت أرينس على أساس الآتي: • أولاً: المحفزات والدوافع المعلنة: تقول التقارير التركية بأن الموقف الذي عبّرت عنه تصريحات بولنت أرينس، كان في معرض الرد على الآتي: ـ تزايد ارتفاع أصوات رموز جماعات المعارضة السورية المطالبة للحكومة التركية بالتدخل في سوريا لجهة إقامة منطقة عازلة يتم استخدامها كملاذ آمن للعناصر المسلحة المعارضة لدمشق. ـ تزايد تداول الأوساط الإعلامية الدولية لتصريحات الضابط السوري المنشق سالم عودة لوكالة رويترز العالمية، والتي تحدث فيها قائلاً بأن الروابط الدينية التركية ـ السورية تعود إلى فترة الإمبراطورية العثمانية، الأمر الذي يفيد لجهة أن خصوم دمشق المعارضين سوف يقبلون بالدور العسكري التركي، وإضافة لذلك، تحدث سالم عودة قائلاً بأنه يأمل في أن يكون هناك تدخل عسكري تركي، باعتباره سوف يكون الأنسب والأفضل، بسبب روابط الدم المشتركة منذ القدم، باعتبار أن الأتراك هم الأقرب إلى الشرق وليس إلى الغرب. ـ تقرير صحيفة هاآرتس الإسرائيلية، الذي أشارت فيه إلى إفادات كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين، الصادر أمس الخميس، والذي تحدث عن اعتقاد المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين بأن تركيا تتحرك حالياً باتجاه التدخل العسكري في سوريا، وذلك من أجل إقامة منطقة عازلة تؤمن التمركز لناشطي المعارضة السورية المسلحة، تحت حماية القوات التركية. ـ تزايد الأحاديث المتداولة بواسطة السياسيين الأتراك، والعديد من الخبراء والمراقبين والمحللين، والدوائر السياسية الإقليمية والدولية، القائلة بأن تركيا تنظر حالياً في أمر القيام بعملية تدخل عسكري في سوريا. وتأسيساً على ذلك فقد سعى بولنت أرينس نائب رئيس الوزراء التركي والمتحدث باسم الحكومة التركية لجهة إطلاق تصريحاته مساء الأمس، حصراً من أجل نفي كل الأحاديث والمزاعم القائلة افتراضاً بأن تركيا تسعى لجهة القيام بعملية تدخل عسكري ضد سوريا. • ثانياً: المحفزات والدوافع غير المعلنة: بسبب عدم وجود التقارير الرسمية أو حتى التحليلات التي سعت لتوضيح محفزات الموقف التركي الجديد الذي طرحته تصريحات بولنت أرينس نائب رئيس الوزراء أردوغان، والمتحدث الرسمي باسم الحكومة التركية، فمن الممكن اللجوء إلى "النظريات التفسيرية" التي تتيح تقديم فهم أفضل لطبيعة محفزات تصريحات بولنت أرينس، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي: ـ النظرية التفسيرية الأولى: سعى الرئيس الفرنسي ساركوزي مؤخراً إلى الإعلان صراحة عن دعم باريس لملف المذبحة الأرمنية، إضافة إلى سعيه الواضح لجهة تخطي تركيا في جهود حل أزمة ملف الصراع الأرمني ـ الأذربيجاني في ملف إقليم ناغورنو كرباخ، وقيامه بتوجيه الدعوة لأرمينيا وأذربيجان لجهة عقد جولة مفاوضات في العاصمة الفرنسية باريس مع تجاهل تقديم الدعوة لأنقرا، وإضافة إلى ذلك قيام باريس صراحة بالإعلان عن معارضتها لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، متجاهلاً جهود أنقرا السابقة الداعمة للموقف الفرنسي في ملف الصراع الليبي، وأيضاً في ملف الاحتجاجات السورية. والآن، وبعد إعلان الرئيس ساركوزي أمس الأول الأربعاء عن نوايا باريس لجهة إقامة ممرات إنسانية ومناطق عازلة أمنية داخل سوريا، فقد حانت فرصة القصاص والانتقام أمام أنقرا، والتي لم تتردد لجهة القيام مساء الأمس على لسان نائب رئيس الوزراء والمتحدث الرسمي باسم الحكومة التركية بولنت أرينس بالإعلان عن موقف أنقرا الجديد المناوئ للموقف الفرنسي، وهو أمر يحمل رسالة تركية واضحة لفرنسا ودول الاتحاد الأوروبي، بأن البوابة التركية المؤدية إلى سوريا سوف تكون مغلقة طوال ما كانت بوابة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي مغلقة. ـ النظرية التفسيرية الثانية: أن موقف تركيا الحقيقي هو عدم التورط عسكرياً في سوريا، وذلك بسبب العديد من الاعتبارات، وخلال الفترات الماضية ظلت تركيا أكثر اهتماماً بالتلويح بالخيار العسكري التدخلي على أساس اعتبارات الردع فقط، بأمل أن تستجيب دمشق إلى الضغوط التركية. ـ النظرية التفسيرية الثالثة: لقد سعت تركيا خلال الفترات الماضية لجهة القيام بعملية التدخل العسكري في سوريا، ولكن، وعلى خلفية المعطيات والوقائع الميدانية الجارية، فقد لاحظت أنقرا أن حجم الاحتجاجات ما زال محدوداً، وتطوراتها تتجه نحو التصعيد الرأسي، باتجاه ارتفاع شدة العنف، أما التصعيد الأفقي فهو غير متوافر، بسبب امتناع العديد من الشرائح والفئات الاجتماعية السورية عن الانخراط في فعاليات هذه الاحتجاجات، وبالتالي سعت أنقرا إلى تعديل موقفها. ـ النظرية التفسيرية الرابعة: لقد سعت أنقرا فعلاً لجهة القيام بعملية التدخل العسكري، ولكنها لاحظت أن قدرات المعارضة السورية محدودة وصغيرة، وبالتالي فإن القيام بالعملية معناه أن تكون تركيا هي من يتحمل كامل فعاليات التدخل العسكري، إضافة إلى عدم مصداقية الدول الأوروبية الغربية والولايات المتحدة الأمريكية إزاء القيام بدور داعم عسكري حقيقي للقدرات التركية. ـ النظرية التفسيرية الخامسة: أدت فعاليات حزب العمال الكردستاني المسلحة الأخيرة إلى تنشيط هاجس حسابات الفرص والمخاطر المتعلقة بواقع ومستقبل الأمن القومي التركي. وذلك على أساس اعتبارات أن تزايد فعاليات العمل العسكري النشط في مناطق شمال سوريا، سوف لن تنحصر تداعياته فقط على منطقة الشمال السوري، وإنما سوف تمتد بالضرورة وعلى وجه السرعة إلى شمال العراق وغرب إيران وبالضرورة جنوب تركيا، الأمر الذي سوف يؤدي إلى إشعال حريق سوف يدمر المزيد من القدرات الاقتصادية والعسكرية التركية، الأمر الذي سوف يؤدي بدوره إلى تهديد احتفاظ حزب العدالة والتنمية بتفوقه السياسي التركي. ـ النظرية التفسيرية السادسة: تزايد الانتقادات في أوساط القوى السياسية المعارضة لحزب العدالة والتنمية، وبالذات بواسطة حزب الشعب الجمهوري، وحزب الحركة القومية، الأمر الذي سوف يلحق ضرراً بالغاً بمستقبل مشروع الدستور التركي الجديد الذي يسعى حزب العدالة والتنمية وزعيمه أردوغان لتمريره خلال الفترة القادمة. ـ النظرية التفسيرية السابعة: تزايد مواقف دول الجوار التركي الرافضة لأي عمل عسكري تركي ضد سوريا، وبالذات بواسطة السلطات الإيرانية، والسلطات العراقية، وهما الدولتان اللتان تسعى أنقرا لجهة الشراكة الإستراتيجية معهما خلال الفترة القادمة. على أساس اعتبارات الأبعاد المعلنة وغير المعلنة، من غير الممكن استبعاد الفرضية القائلة بأن تصريحات نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينس هي من قبيل الخداع الاستراتيجي، وذلك لأن النوايا العدوانية التركية موجودة وقائمة. وفقط تسعى أنقرا من خلال هذه التصريحات لجهة ابتزاز الأطراف العربية الخليجية وواشنطن وباريس وبقية أطراف الاتحاد الأوروبي، وذلك من أجل الحصول على المزيد من المزايا والمنافع الإضافية!
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |