شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 1943-07-15 |
الحزبية الدينية في سورية وويلاتها ج 4 |
إلى هذا المنطق وإلى هذه الأسباب عينها تستند أعمال التهييج الجديد في الأوساط المحمدية في لبنان للحؤول دون تنيذ مشروع الحكومة الرامي إلى منح اللبنانيين المغتربين حق التصويت وانتخاب ممثلين لهم في المجلس. بعد التحليل المتقدم لموقف فئات الرجعة الدينية، والحزبية الدينية المحمدية هل يجب ان نستنتج ان التعصب الديني موجود في الأوساط المحمدية فقط وان الحزبية الدينية لا وجود لها إلا فيها وإن اللوم يقع على أصحاب العريضة النكراء التي رفعت سنة 1937 الى المفوضية الفرنسية؟ لا شك في ان أصحاب الرجعة الدينية والحزبية الدينية المسيحية يريدون أن يعتقد العالم ان هذه هي الحقيقة. ولكن الواقع يخالف هذا الاستنتاج. فالذي لا جدال فيه أن الحكومة اللبنانية لم تفكر في هوية المهاجرين من لبنان لغرض قومي أو وطني بل لغاية حزبية طائفية فقط. الحكومة اللبنانية التي وجدت بفضل الحزبية الدينية والطائفية والفئة التي سمت نفسها المجلس القومي الاسلامي تخاطبان بلغة وعقلية واحدة وأسلوب واحد. فالحكومة اللبنانية التي أكثر أعضائها مسيحيون او يجب، في عرف طائفيتها الممقوتة أن يكونوا كذلك، لم تلجأ إلى الاهتمام بأمر جنسية المهاجرين، إلا عندما رأت ان عدد السكان المحمديين صار يهدد غاية الحزبية الدينية المسيحية من وجود "الدولة" اللبنانية المنفصلة. فإن المهاجرة من لبنان، وأكثرها مسيحية، أنقصت الزيادة النسبية المسيحية في عدد الطوائف. وما تجره المهاجرة من نقص المواليد أيضاً في الجانب المسيحي مع بقاء نسبة المواليد المحمدية في ارتفاع بسبب قلة المهاجرة من الطوائف المحمدية جعل قضية المسيحية في لبنان في خطر كبير. لهذا السبب لا غيره تنشأ المشادة بين الحزبيتين الدينيتين، المحمدية والمسيحية، في "دولة" لبنان، التي أرادت المقامات الدينية المسيحية أن تكون "دولة مسيحية" ولذلك صارت الطائفية أساسها. فأوساط الرجعة المحمدية تقاوم الاحتفاظ بجنسية السوريين المهاجرين من لبنان ومنحهم حقوق الانتخاب والتمثيل في المجلس النيابي اللبناني، لأن ذلك يفقدها الامتيازات التي يمكن أن تحصل لها بسبب تناقص الطوائف المسيحية بعامل المعاجرة. وأوساط الرجعة المسيحية تريد تحقيق تلك الغاية للأسباب التي عرضت لها عريضة الفئة المسماة المجلس القومي الاسلامي. وهي أسباب حقيقية، وان كانت لا تجيز للفئة المذكورة اتخاذها ذريعة لطلب تجريد المغتربين من هويتهم، الذي يعني افقاد الوطن قوى هامة ضرورية للعمل القومي العام الذي توضحه الحركة السورية القومية الاجتماعية. ولا يظن المسيحيون ان الفئات المحمدية الرجعية التي هي من نوع فئة "المجلس القومي الاسلامي" هي كل المحمديين او ممثلة لجميع رغائبهم. فإن النهضة السورية القومية الاجتماعية قد برهنت على وجود عناصر محمدية قابلة التفكير القومي الصحيح ولمحاربة الحزبية الدينية في أوساطها. ولا يظنن المحمديون أن حزبية الحكومة اللبنانية الدينية تمثل التفكير الصحيح لجميع الأوساط المسيحية. فقد برهنت الحركة السورية القومية الاجتماعية على وجود عناصر مسيحية صالحة للتفكير القومي الصحيح ونبذ السياسة الدينية الطائفية في القضايا القومية. بناء على الشروح المتقدمة نقول ان وجهة النظر السورية القومية الاجتماعية تعتبر وجهتي نظر الحزبيتين الدينيتين، المسيحية والمحمدية، في لبنان وفي كل بقعة سورية أخرى، خاطئتين ومسؤولتين عن كل شقاق وهياج ديني يسببه تزاحمهما وعن كل خسارة قومية تنتج عن مقاومة احداهما الأخرى. وفي الوقت عينه يمكن، من وجهة النظر القومية الاجتماعية، قبول نزعة الأوساط المحمدية في لبنان إلى الوحدة السورية، مع رفض الأسباب الحزبية الدينية الداعية اليها، وقبول نزعة الحزب المسيحي في الحكومة اللبنانية لحفظ حقوق المغتربين وهويتهم وتوثيق عرى اتصالهم بوطنهم، مع رفض الأسباب الحزبية الدينية الباعثة إليها. واننا، لزيادة الايضاح، نقول أنه لا داعي للتخوف من هذه المظاهر، الحزبية الدينية، لأنها ليست قائمة على أسباب دينية، بل على أسباب سياسية شخصية مختصة بالأشخاص من المسيحيين والمحمديين الذين لهم مطامع في الحكم وليس لهم وسيلة غير الطائفية لينفذول بواستطها مطامعهم ولو خربت الأمة في الشقاق الديني. ولنا أدلة كثيرة على ذلك منها أن الحكومة اللبنانية التي احتجت عليها عريضة الفئة المدعوة المجلس القومي الاسلامي كان على رأسها رجل محمدي هو خير الدين الأحدب الذي أوعز إلى مؤيديه من المحمديين بإنشاء فئة أخرى محمدية لمناوأة فئة المجلس القومي الاسلامي، فأنشئت الفئة التي عرفت باسم "المجلس الاسلامي الأعلى". وهكذا في الأوساط المسيحية انحازت فئة المعارضة لأميل اده إلى الاتفاق مع أعضاء المجلس القومي الاسلامي، والذين منهم أمثال رياض الصلح، في مواقف عديدة. فئتا الحزبية الدينية ينافقان في الدين وفي الوطنية. والحزب السوري القومي الاجتماعي ينادي جميع المخلصين إلى الاتحاد في مبادئه القومية الاجتماعية لتقويض الحزبية الدينية وازالة الحالة السيئة التي وصلت إليها الأمة من جرائها، ولانشاء العهد القومي الاجتماعي الجديد الذي تنهض فيه الأمة السورية كلها لاستعادة سيادتها وحقوقها التي هضمتها الارادات الأجنبية المخالفة للحزبية الدينية في وطننا. تمت "الزوبعة"، العدد 63، في 15 يوليو 1943.
|
جميع الحقوق محفوظة © 2025 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |