شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2012-06-22
 

لقاء حول كتاب "جبران خليل جبران...شواهد الناس" لهنري زغيب

نظمت لجنة "جبران الوطنية"، مساء اليوم، لقاء حول كتاب "جبران خليل جبران... شواهد الناس والأمكنة" للشاعر هنري زغيب، في قاعة اجتماعات اللجنة في بدارو، في إطار سلسلة الندوات التي تقام تحت شعار "لأن أدب جبران يجعله خالدا في شواهد الزمان"، في حضور شخصيات سياسية وفكرية وثقافية وقضائية وإعلامية وأدبية.

استهل اللقاء بكلمة لرئيس اللجنة الدكتور طارق شدياق قال فيها: "جبران خليل جبران - شواهد الناس والأمكنة"، وبهذا اللقاء نكون في لجنة جبران قد افتتحنا معكم سلسلة من الطاولات المستديرة، نرغب من خلالها أن نضيء على جبران نفسه وعلى المبادئ والقيم التي تحدث عنها وعاشها، وعن مشاكلنا الثقافية والإجتماعية العامة التي صمت الكثيرون عن إثارتها، بالرغم من أهميتها، في هذا البلد المتعب بترهات السياسة السخيفة".

وقال: "الكتاب المندرج تحت باب أو قسم السيرة الذاتية، يكمل ما نعرفه عن جبران ويضيء على بعض ما يمكن لحشريتنا أن تختزن من أسئلة، من نوع: هل كان جبران دائما حزينا أو منعزلا؟ هل كان لديه حسن الدعابة؟ هل كان يضحك؟ هل كان له أعداء؟ هل كان ليغضب عل أحدهم أم كان خجولا؟ وأسئلة أخرى من هذا النوع".

أضاف: "أما الكاتب، فيجعلنا نتساءل معه، إن كان هو من يلاحق جبران أما ان جبران يلاحقه. والسؤال مشروع متى شعر الكاتب وهو في الولايات المتحدة بتلك الجيرة المفترضة مع جبران، الجيرة الروحانية الصامتة، يوم كان في المدينة نفسها وفي الشارع نفسه حيث كان جبران لسنوات".

وإذ أشار إلى خصائص يتميز بها الكاتب، قال: "تلك القدرة التي يتحلى بها لإدخالك الى عالم جبران بسلاسة الأديب وجمال الشاعر وتركيز الصحافي، ومتى دخلت يدعك لتكتشف ذلك العالم وتسعد كما فعل هو يوم دخل، أنه قادر على ايصال ما يريده الى القارىء بسهولة العالم المتمكن، ربما لكونه شاعرا اختبر جمال الكلمة، أو لأنه تمكن من تطويع اللغة وأحسن لعبة اختيار المفردات. هو كذلك في كل مؤلفاته أو ربما للأمرين معا. أنه وفي كل كتبه، إختار فعل التبشير بلبنان. فمتى قلت هنري زغيب، لا بد أنك قلت لبنان، الذي حول بياضه كما يعنيه إسمه الى حبة لولو سقطت من دمع السماء".

بشروئي

وقال مؤسس ورئيس "الاتحاد العالمي للدراسات الجبرانية" البروفسور سهيل بشروئي: "آمن جبران بأن الحقيقة الأزلية وحدة متكاملة تتآلف فيها الأضداد وتنصهر كلها في جوهر الواحد الجامع الكل. ومع أن جبران كان مسيحيا مارونيا اتخذ يسوع المسيح مثال الكمال والمحبة والتآلف، فتح قلبه وعقله للتعاليم الروحية التي جاء بها الاسلام، ومن يدرس فكر جبران عميقا يلمس موقفه لا من الدين الاسلامي فحسب بل من الأديان جميعا. إنها الحقيقة الواحدة التي تأتي في صور وأشكال وظروف وأزمان ولغات مختلفة لكن الروح فيها واحدة والجوهر واحد. وجبران شهر دعوته هذه في كل ما فعل وكتب واصفا إياها بـ"دعوة الوحدة الروحية الجامعة كل الأديان، الباسطة حمايتها وغايتها لكل إنسان". من هنا أطلق جبران رسالة روحانية وحدوية تجمع ولا تفرق، لا ترمي إلى حلول سطحية لأشكال الصراع في العالم بل إلى التوفيق بين الأضداد، وخلق الانسجام والتفاهم رغم الاختلاف والتعدد.

أضاف: "منذ المقدمة أوضح أن كتابه ليس دراسة في أدب جبران، ولا استقصاء بيوغرافيا، بل رحلة الى جبران بدأتها قبل ربع قرن، خاصة حميمة صوب الرجل الكاتب لا صوب الكاتب وحسب، فهي إذا شهادة على المكان والزمان. هذه الرحلة صوب جبران، حين سجلها قلم هنري زغيب شاعرا، تخطت مواصفات اللغة والأدب، بأن تعانقت فيها الكلمة مع الروح، فإذا بالروح هو الكلمة، والكلمة هي الروح. فالكتاب سيرة جبران بين الوطن المحبوب لبنان وبلاد المهجر أميركا. ولئن تواضع هنري زغيب ونفى أن يكون كتابه استقصاء بيوغرافيا، فالمعلومات القيمة التاريخية التي جاء بها أثارت جوانب متعددة من حياة جبران الفكرية والروحية".

وتابع: "إن كتاب زغيب وثيقة جغرافية حدد فيها الأماكن المختلفة وارتباطها بجبران وبآثاره وببعضها البعض ووصفها وصفا دقيقا وحدد أماكنها وتضاريسها كاملة. وكتابه وثيقة تاريخية أرخ فيها الأحداث الرئيسة في حياة جبران الأدبية والفكرية وحتى الاجتماعية، وقام بدور المؤرخ الدقيق فدعم تحليله التاريخي بوثائق تؤكد صحة رؤيته. كما ان الكتاب ملف يزخر بصور الأمكنة والأشخاص، وفهرس مفصل لآثار جبران وأماكن وجودها، وحلقة وصل بين الشرق والغرب تتحد فيه شخصية جبران الآتي من لبنان بشخصية جبران المهاجر إلى العالم الجديد فندرك بعد قراءتنا الكتاب أن جبران تحدث بلسانين مختلفين لكن لغته كانت واحدة: لغة الوحدة والاتحاد والسلام والائتلاف".

وخلص الى ان "كتاب هنري زغيب مرجع جبراني جاء نتيجة رؤيته ومنهجه العلمي الأكاديمي بموضوعية جعلها أساس أبحاثه، لكنه لم يحرمنا من نفحته الشعرية التي لا يمكن قارىء الكتاب أن يتجاهلها، وهي نفحة تنعش الروح وتلهم العقل".

نجار

وتحدث الكاتب المحامي ألكسندر نجار فقال: "جبران لغز دائم وتحد مستمر للباحثين. فغالبا ما نعثر على مخطوطات أو رسائل منشورة تجعلنا نتعمق أكثر بشخصيته، ونكتشف نواحي جديدة من سيرته، كأن جبران أراد، بعد وفاته، أن يبقى في تجدد دائم.

خلافا لما يعتقد البعض: محدود جدا عدد الباحثين اللبنانيين في حياة جبران وأعماله، لأن جبران متعدد المواهب والوجوه واللغات حتى ليصعب على الباحث الرصين حصره بصورة ثابتة، وأعماله لا تدخل في خانة محددة. فكتاب "النبي" مثلا ليس كتاب فلسفة ولا كتاب شعر ولا كتاب وجدانيات ولا قصة. هو كل ذلك في آن، وتاليا غير قابل أي تصنيف، ما يشكل في نظر النقاد عائقا للتحليل والدراسة".

واعتبر أن "الشاعر هنري زغيب من القلائل الذين تمكنوا من فهم جبران وسبر بعض ألغاز تكتنف مسيرته"، وقال: "ها هو كتابه الأخير "جبران خليل جبران - شواهد الناس والأمكنة"، يثبت أنه صحافي وباحث وأديب في آن. هو صحافي لأنه يجمع في كتابه مقالات قيمة نشرها في بعض الصحف، ولأنه نجح في تقصي المعلومات والتحري عن شخصيات عاصرت جبران، ولأنه تميز بفضول "صحافي" دفعه إلى السير على خطى جبران في واشنطن وبوسطن وغيرهما من المدن بحثا عن حقائق جديدة، وأجرى مقابلات "حية" مع عدد من أصدقاء مؤلف "النبي".

أضاف: "هو باحث لأنه دقق في المصادر وحلل معطيات استحصل عليها بعيدا عن أساطير وخرافات حاكها البعض حول شخصية جبران وحياته. فهنري زغيب، وإن كان وطنيا بامتياز وحريصا على صورة وطن الأرز ورسالته التاريخية، لا يجامل جبران ولا يجمله، بل يعرض مصيره بصورة علمية وموضوعية.

وهو أخيرا أديب لأن أسلوبه في هذا الكتاب سردي مشوق يجعل قارئه متعطشا لمعرفة المزيد، ولأن متانة لغته التي اختبرناها في دواوينه الشعرية، هي حاضرة أيضا في كتابه الأخير المتميز بأسلوب حي وسلس".

وتناول أقسام الكتاب الثلاثة، وختم: "كتاب هنري زغيب كتاب تفخر به المكتبة اللبنانية لأنه يضيف الكثير إلى معرفتنا عبقريا من عباقرة الشرق. فهو يبين لنا موهبته النادرة، وقدرته على التأقلم مع بيئة كانت بعيدة جدا عن بيئته الجبلية، كما يظهر، في الوقت عينه، عدم إنكار جبران جذوره وتوقه إلى لبنان، وحرصه على التواصل الدائم مع اللبنانيين في المهجر.

وهذا الكتاب يؤكد لنا، مرة جديدة، حرص المؤلف على صون التراث اللبناني، وهنري زغيب، منذ مطالعه، يحمل هم لبنان وصليب لبنان وتراث لبنان، ويضيء على ماضينا العريق وعمالقة الأدب اللبناني المعاصر، ليقينه أن الثقافة هي الدرع التي تحمي وطننا، وتؤمن له الاستمرارية حتى في أصعب المحن، ولعلمه أن الهوية اللبنانية عنوان وحدتنا الوطنية، ومصدر إيماننا بمصيرنا المشترك في وطن نهائي لا يقبل الانصياع إلى سياسات الآخرين، أو الركوع أمام سلاطين المال والسلاح".

فرحات

ثم كانت مداخلة للدكتور الباحث محمد علي فرحات قال فيها: "كأنما يبحث هنري زغيب عن اللبناني حين يبحث عن جبران خليل جبران، يساهم في ترميم صورته من نثار بشر وأمكنة حيث كان جبران حاضرا في منشأ التكوين، وفي تجربة العطاء، كأنما يبحث عن اللبناني المرتجى وصورته في طبيعة ملهمة ووجدان يتشرب ثقافات متنوعة وحضور يطاول الإنسان أينما كان".

أضاف: "إن الكتاب "شواهد الناس والأمكنة" فعل خوف من ضياع الشهود والمشاهد، وفرح في القبض على أقوال وعلامات قبل أن تذوبها الأيام. لذلك، نلمح هذا الأسلوب الحماسي والاحساس بالظفر حين يسجل المؤلف معلومة أو إضافة إلى ما كتب عن جبران، بحيث يصبح الكتاب مفيدا للباحثين في إعادة الصوغ المستمرة لشخصية جبران وأدبه وفكره وفنه. وهذه الإضافة تتركز على جبران الانسان، كما حضنته بيئته الطبيعية والمدينية، وكما رآه عارفوه وتفاعلوا معه، وكما أعاقته ظروف الحياة والثقافة، فاستطاع التغلب بتركيزه على أولوية الابداع وتحصين شعلة نفسه".

وأشار إلى أن "هنري زغيب اصطاد في لبنان والولايات المتحدة الأميركية شواهده"، وقال: "وبين ماري هاسكل التي يؤلف هنري زغيب صورتها من نسيبتها اليزابيث ديفيس ومصادر أخرى، وبربارة يونغ تحضر أمامنا صور نساء تحلقن حول صاحب "النبي" وترجحن بين حنان يعطي وأنانية تستحوذ. وتنفرد مي زيادة التي نسجت علاقة روحية مع جبران بالرسائل المتبادلة لتدل إلى أن لقاء النفوس لا يأبه بالمسافات. كما يرسم هنري زغيب صورة أمين الغريب الذي فوجئ أثناء زيارة له إلى بوسطن بجبران خليل جبران فتعهد نصوصه ونقحها ونشرها في جريدته "المهاجر". كما يشير هنري زغيب إلى لقاء جبران يوسف الحويك في باريس وحلمهما المشترك بأعمال فنية في لبنان. ويفاجئنا بنشر محضر الحجز الاحتياطي لبيت جبران في بشري وبيعه بالمزاد العلني سدادا لديون مستحقة لم يدفعها جبران أو شقيقته خلال فترة الانذار الوجيزة".

ولفت إلى "أن زغيب تحدث عن الاعتراف الأميركي الأكاديمي الأول بجبران، وعن كلام للرئيس الراحل صبري حمادة على إقامة مديدة لوالد جبران في مرجحين لأسباب ربما تكون هربا من انتقام".

وختم: "كتاب هنري زغيب مقلع غني، ومادة أولى لدراسات أوسع وأشمل، كأننا إذ نحاول الإحاطة بحياة جبران نحتاج سنوات أكثر من تلك التي عاشها. إنه نحن في المرتجى، نحاول أن نرقى إليه، نفشل أو ننجح، لكننا نحاول".

زغيب

ومن جهته، قال زغيب: "إني سعيد بهذه الأمسية لأنها جمعت أولا جمهورا نخبويا يقدر قيمة الأدب والفكر، وثانيا تضمنت كلاما عن جبران في مقر لجنة جبران الوطنية، وثالثا لأن المحاضرين فيها قرأوا الكتاب بإمعان ودقة، حتى وصلوا إلى منابع العطر في الورد، وإني اضفت بعض الأضواء على كثير مما كان معروفا عن جبران خليل جبران".

واختتم الاحتفال بكوكتيل وبتوزيع نسخ من الكتاب.



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024جميع المقالات التي تنشر لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع