إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

«يا محلا النأي بالنفس»!

أحمد طيّ - البناء

نسخة للطباعة 2015-03-30

إقرأ ايضاً


تقول المأثورة: «إن لم تستحِ فافعل ما شئت». وإذا أردنا إسقاط هذه المأثورة على ما عقد عليه العربان والحائمين في فلك دنانيرهم من عدوان على اليمن نقول: «إن لم تستحوا فاعقدوا قمّةً عربية».

هنا يحضرني الكبير محمد الماغوط حين قال: «عجيب أمر كلّ هذه القمم وما زلنا في الحضيض! هذا لأن هذه القمم هي: قمة العار، قمة الخيانة، قمة العبودية، قمة النفاق، قمة الغنم، قمة العبيد، قمة الانبطاح، قمة الذلّ، قمة المتصهينين. فكيف يمكن أن نخرج بعد كل هذه القمم من الحضيض؟».

لم يرعوِ الأذلاء لأميركا عن ممارسة أقصى صنوف خيانتهم حين ضربوا اليمن. الصامتون عن كلّ المآسي التي حلّت بفلسطين ولبنان والجولان والعراق، والآن في سورية، نجدهم يستنفرون اليوم لضرب اليمن، بحجّة الدفاع عن شرعية عبد ربه منصور هادي، أو بالأحرى، «عبد ملكه مهزوم الفرّار». أيّ شرعية يتحدثون عنها وأيّ حكم؟

هنا نسأل: إن كانت حجّة العربان في ضرب اليمن الدفاع عن شرعيّة منصور هادي، فلماذا لم يهبّوا للدفاع عن شرعية سلفه، حليفهم علي عبد الله صالح؟ لماذا لم يعقدوا القمم لإنقاذ «شرعية» حسني مبارك؟ أو «شرعية» زين العابدين بن علي؟ هل هم الحَكَم في تحديد مفهوم «الشرعية» تلك؟

صار أكيداً وجلياً ومفهوماً، أنّ مملكة الرمال تشعر ـ وبقوّة ـ بأنّها لم تعد تلك القوّة الوازنة في هذا الشرق على رغم بلايينها من الدولارات، ومنابع نفطها، وكلّ ما تملكه من ثروات. صارت تشعر بأنّ هذا الشرق يتّجه ـ وبقوّة ـ نحو الحقّ، نحو الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تفرض على «متزعّمة العالم أميركا» شروطها في التفاوض. وأنّ هذا الشرق يتّجه ـ وبقوّة ـ نحو الحق، نحو سورية الصامدة في وجه كلّ من هبّ ودبّ ليحاربها. وأنّ هذا الشرق يتّجه ـ وبقوّة ـ نحو الحق المتمثل بالمقاومة طريقاً أوحد نحو الحرّية. وأنّ هذا الشرق يتّجه ـ وبقوّة ـ نحو الحق المتمثل بروسيا الواقفة بالمرصاد إزاء أيّ عنجهية أميركية.

كل هذا تشعر به مملكة الرمال وراعية العربان. ربما يكون هذا شأنها، حتى لو جهلت ما ينتظرها من هزائم، لأنّها لا تدرك أنّ تزعّمها هذا الشرق ليس إلا أضغاث أحلام.

ما يهمني في هذا المقال أن أعرّج على دور لبنان في ذلك. فهذا اللبنان، «يا بيطّخه يا بيكسرله مخّه». ففي «القمّة العربية» التي عقدت إزاء ما يجري في سورية، أتحفتنا حكومة لبنان آنذاك بسياسة النأي بالنفس، وعرجت إلى التسوّل لمعالجة ملف النازحين السوريين. أما حكومة لبنان اليوم، وفي «القمّة العربية» المنعقدة حالياً إزاء ما يجري في اليمن، فأتحفتنا هي الثانية بسياسة تأييد «عاصفة الحزم» وقتل الشعب اليمني وتدمير بنية اليمن. وما يُضحك ويُبكي، أنّ رئيس الحكومة تحدّث صراحةً «بِاسم الشعب اللبناني»… يا أخي إن أردت تأييد مملكة الرمال وملياراتها التي تدخل جيوباً ولا تخرج، فتحدّث بِاسمك فقط، بِاسم تيارك فقط. فالشعب اللبناني لا يوافقك رأيك ولا تأييدك.

إنّ هذا الشعب اللبناني يا دولة الرئيس كان ينتظر منكم كلمة حقّ، تزجرون بها انحراف العرب عن القضيّة الأساس وتنفيذهم سياسة واشنطن في المنطقة. كان ينتظر منكم كلمة حقّ تقولون فيها للعرب إنّ ما يفعلونه جريمة بحقّ الشعوب العربية. لكن هذا الشعب اللبناني ـ بعدما استمع إلى تحفتكم ـ قال: «يا محلا النأي بالنفس»!

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024