إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

لغة الفولاذ لا الحرير

رمزي عبد الخالق - البناء

نسخة للطباعة 2015-04-16

إقرأ ايضاً


عود على بدء… أينما وُجدت «إسرائيل»، ومهما كانت مواقفها وسياساتها وخططها، فهي بالتأكيد ضدّنا، ولا بدّ أن نكون ضدّها، نواجهها ونقاومها ونقاتلها. هذه هي قاعدة القياس التي يمكن بموجبها الجزم بأنّ هذا الموقف صحيح وذلك خاطئ وذاك ملتبس أو متآمر.

على هذا الأساس، يتأكّد أنّ النتيجة التي حققتها إيران في المفاوضات النووية مع مجموعة 5+1، هي نتيجة ممتازة، وأنّ الاتفاق الأوّلي يصبّ في مصلحة إيران وحلفائها في محور المقاومة، طالما أنّ حكومة العدو اعتبرت بلسان رئيسها الإرهابي بنيامين نتنياهو أنّ الاتفاق سيّئ، بل أسوأ مما كان يتوقّع، مؤكداً أنه سوف يستمرّ في الضغط بالتعاون مع الجمهوريّين في الكونغرس الأميركي للحؤول دون اندفاع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما نحو التوقيع على الاتفاق النهائي في آخر شهر حزيران المقبل.

السؤال هنا هو عن موقف بعض العرب من الاتفاق؟ وبين هذا البعض قادة ومسؤولون وإعلاميون في تيارات وأحزاب سياسية لبنانية. هؤلاء لم يتورّعوا للأسف الشديد عن ملاقاة الموقف «الإسرائيلي». هذا ليس اتهاماً ولا تخويناً ولا «فحص دم»! إنما هو تشخيص لحالة هستيرية أصابتهم، فاصفرّت وجوههم على الشاشات وبُحّت أصواتهم، وتشوّشت أفكارهم، وصار باهتاً لون الحبر في زواياهم وأعمدتهم الورقية والالكترونية، وأطلقوا ما هبّ ودبّ من الآراء والتحليلات التي أقلّ ما يُقال فيها إنها تجافي الحقيقة، وتتناقض بين أول الجملة وآخرها، في أسوأ نوع من أنواع المكابرة التي يعرف أصحابها أنها لا تمرّ على عاقل، لكثرة ما فيها من أوهام وبهلوانيات.

لقد وصل بهم العزف على أوتار المذهبية والطائفية إلى حدود غير معقولة ولا مسبوقة، إلى درجة أنهم «شيّعوا» حليفهم الأول الرئيس الأميركي باراك أوباما مع وضع خطّين وأكثر تحت كلمة حليفهم فتذكّروا أنّ اسم والده حسين.

لم يعد باستطاعتهم إخفاء تناقضاتهم وضياعهم، فتراهم تارة يلجأون إلى تغطية السموات بالقبوات من خلال انتقاد أوباما وضعفه وتنازله أمام إيران، وتخاذله وتردّده إزاء سورية… فيما هم يوغِلون في تنفيذ الأجندة الأميركية، التي وضعها لهم «الصديق جيف» ما غيره!

وتارة أخرى تدور الرؤوس والشفاه والأقلام لتتقوّل أنّ الاتفاق سيجعل من إيران «جُرْماً» يدور في الفلك الأميركي! يعني أنها ستكون صنوهم في التبعية، كما كانت في عهد الشاه حليفهم المتقدّم عليهم كشُرطيّ للخليج في الزمن الغابر لكنهم يعرفون أنّ الأمر ليس كذلك، ولذلك يعارضون ما أنجزه الحائك الإيراني الماهر، من دون أن يقدّم أدنى تنازل عن الثوابت التي أرساها منذ أزال علم «إسرائيل» من عاصمته ورفع مكانه علم فلسطين، ليكون الثابت الاستراتيجي الراسخ هو دعم دول المقاومة وقواها وأحزابها التي لا سبيل إلاها لتحقيق هدف إزالة «إسرائيل» من الوجود…

هل هذه هي اللغة الخشبية التي يعتبرها الـ14 آذاريون موضة قديمة؟ حسناً… متى اعتمدوها أو تهجّأوا ألف بائها أو تأتأوا أحرفها حتى يقولوا إنها قديمة؟ هي بالنسبة إليهم لغة جديدة و«على الموضة»، ولكن إتقانها يحتاج إلى الكثير من الجهد والنضال والتضحيات والدماء الزكية، لأنها يا «ثوار الأرز» ليست لغة الحرير، إنما هي صلبة فولاذية، صحيحة وسليمة، قُدَّت من خشب الأرز والسنديان في بلادنا…

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024