إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

قرار مجلس الأمن لإحراق اليمن أم لإغراق السعودية؟

جمال العفلق - البناء

نسخة للطباعة 2015-04-17

إقرأ ايضاً


لم تتوقف اجتماعات وتصريحات الديبلوماسيين الغربيين والعرب منذ بداية العدوان على اليمن، بحجة إعادة الشرعية، وقد تأخر إصدار قرار مجلس الأمن، في هذا الشأن، حسب التصريحات العربية بسبب تخوف المجموعة العربية من «فيتو» روسي ينسف القرار الذي سعت إليه السعودية من أجل تشريع عمليتها العسكري في اليمن.

صدر القرار بامتناع روسي عن التصويت، وتباينت التفسيرات والتحليلات بين من اعتبر أنّ المجموعة العربية انتصرت ديبلوماسياً، وبين من رأى أنّ هذا القرار لا يعني شيئاً على أرض الواقع سوى أنّ اليمن أصبح اليوم، بحكم الفصل السابع، أرضاً تتلقى الصواريخ والقنابل بحجة تطبيق الشرعية الدولية عليه. أما من ناحية العمل الميداني فالتقدم الشعبي ما زال مستمراً وما زالت الضربات الجوية تقتل اليمنيين وتسبب دماراً في البنية التحتية، من دون تحقيق الهدف المعلن منها، رغم مضي عشرين يوماً على بدء العملية.

أثار امتناع روسيا عن التصويت حفيظة اليمنيين والمعارضين للتدخل العسكري، هذا الامتناع الذي قد يخفي خلفه الكثير من الأوراق منها ما يمكن أن يكون اقتصادياً غير معلن استطاعت السعودية أن تقدمه لروسيا كي تمرّر القرار، ومنها ما يمكن أن يكون سياسياً خاصاً بموسكو التي تعيش حالة صدام منذ خمس سنوات، بسبب الحرب على سورية وقضية أوكرانيا والتعاون العسكري مع إيران.

يعلم الروس تماماً وضع اليمن، ويدركون حجم وجود تنظيم القاعدة في هذا البلد وما يمكن أن يحدث إذا ما قويت شوكة التنظيم خلال هذه الحرب، وهذا ما يدركه الغرب أيضاً، فلماذا إذاً مرّرت روسيا القرار؟ ولماذا يسمح الغرب للسعودية بعمليات عسكرية ستفضي في النهاية إلى تقوية تنظيم القاعدة، على حساب الحوثيين، في حال حققت الغارات الجوية أهدافها؟

من الواضح أنّ أموراً مخفية تتجاوز المصالح الاقتصادية والتناحر السياسي، أمور قد تغير وجه المنطقة وتبدل مراكز القوى. فإذا كان الهدف من هذا القرار إحراق اليمن فالأمر محسوم والغارات التي تجاوزت الألف وخمسمئة غارة كانت كفيلة بتدمير كلّ البنية التحتية لليمن والمدارس والبيوت وعطلت الحياة في بلد كان يعاني أصلاً من مشاكل اقتصادية.

يبدو أنّ الروس والإيرانيين يملكون معطيات تضمن نصر الحوثيين على التحالف، فالقاعدة العسكرية لا تعترف بالنصر من الجو وبالغارات الجوية، ما دام على الأرض مقاومة. وما دام الواقع الميداني هو لصالح الحوثيين، فإنّ بنك الأهداف قد انتهى وقد يتم تجديده لشهر آخر، لكنّ الغارات ستتحول فيما بعد إلى سكين على رقاب أصحابها، وبالتأكيد سوف تخسر السعودية المؤيدين لها في اليمن لأنها ستطال في النهاية أنصار الرئيس عبد ربه منصور هادي وتطال القاعدة والقبائل التي تؤيدها، ولا يمكن أن تدعي السعودية النصر إلا إذا حققت شيئاً ملموساً على الأرض، وهذا على ما يبدو مستبعد وغير قابل للتطبيق، وسيكون أمام السعودية حلان: إما الدخول البري أو دعم فريقها اليمني على الأرض لمحاربة الحوثيين، والحلّ الثاني مشكوك في إمكانية تحقيقه، لأنها إذا ما فعلت ذلك، ستوجد دولة القاعدة على حدودها التي يمكن أن تنقضّ عليها عندما تحين الفرصة.

وبهذا يكون القرار الذي حمل في شكلة إدانة للحوثيين تحديداً ووضع اليمن تحت الفصل السابع، هو قرار لإغراق السعودية في حرب ستكون طويلة جداً إذا لم يتم التوصل إلى حلّ سياسي. ولا يحتاج الحوثيون إلى الدخول إلى الأراضي السعودية، بل يكفيهم المحافظة على نقاط حدود اليمن الحالية، وهذا في حدّ ذاته نصر لهم، أما ما قيل عن حظر السلاح، فتشير آخر الإحصاءات إلى أنّ اليمن لديه ثمانين مليون قطعة سلاح، وهذا ليس بالرقم البسيط ولا يمكن إنكاره أو تجاهله، فالطبيعة القبلية لليمن سوف توجد تحالفات ومتغيرات كثيرة لكلّ الأطراف، ما سيدفع بالجميع، وأقصد هنا التحالف إلى السعي خلف وسيط يخرجه من هذه الحرب، والعنوان انتصار التحالف ووقف العمليات العسكرية، لكنه بالتأكيد لن يعيد رجل السعودية عبد ربه منصور إلى الحكم ولن يمنع الحوثيين من تحقيق بعض شروطهم في اليمن، وسوف يجبر مشعلي الحرب على وقف تمويل العصابات الإرهابية في العراق وسورية.

يبقى أن نشكر مجلس الأمن الدولي الذي طالما حارب العرب وكانت قراراته تقتل الشعوب العربية، وخصوصاً الفيتو الأميركي واليوم لا فيتو على مشاريع ومطالب العرب لأنها مشاريع تقتل العرب أنفسهم وتزيد الانقسام فيما بينهم، وما يحدث اليوم في اليمن وسورية والعراق وليبيا هو مشروع تدميري للإنسان العربي وسوف يكشف المستقبل أنّ الذين دمروا ما تبقى من العروبة هم العرب أنفسهم، كما ستكشف الأرقام حجم المال الذي دفعة العرب لإحراق بيوتهم، في وقت تطرح فيه المشاريع الاقتصادية الوهمية الكبرى لإلهاء الشعوب بمستقبل لا يمكن أن يكون مشرقاً والقرار مرهون بيد الخارج الباحث عن مصالحه.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024