إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

اليوم إصدار قرار أممي لحماية الآثار العراقية

نسخة للطباعة  | +  حجم الخط  - 2015-05-28

IMN - محمد علي الحكيم *

ان مشاهدة الصور التي تبين قيام تنظيم داعش الإرهابي بتدمير الآثار العراقية ان كانت في متحف ومكتبة الموصل او مدينة الحضر أثارت مشاعر الاشمئزاز والأسى لدى كافة العراقيين حكومة وشعباً.

ان جرائم داعش لم تتوقف عند قتل المواطن العراقي وتهديد امن العراق ونزوح الملايين من ارهابه بل قام وبصورة ممنهجة بتدمير ونهب التراث الثقافي العراقي الذي هو جزء من التراث العالمي الذي يهدف الى تدمير التنوع الثقافي وإبادة الذاكرة الجماعية للعراقيين،بل وزعزعة الاستقرار والتناغم الاجتماعي في البلاد عبر تهديد تنوع هوياتهم الثقافية الذي يؤدي الى عرقلة جهود الحكومة العراقية لإعادة الاستقرار والمصالحة الوطنية والتوافق الاجتماعي، بعبارة أخرى يقوم داعش بمحاولة تدمير ماضي وحاضر ومستقبل بلدنا العزيز.

ان تدمير الإرث الحضاري العراقي الإنساني، مهد الحضارات ومنبعها لا يقل خطورة ووحشية عن قتل العراقيين ويهدف الى محو العراق التاريخي التعددي الثقافي التي امتاز بها بلدنا عبر العصور ولمواجهة هذا التحدي قامت وزارة الخارجية وعبر بعثتنا في نيويورك بالعمل مع الدول والمنظمات المتخصصة مثل اليونسكو باتخاذ إجراءات جادة وسريعة لحماية الآثار العراقية من التهريب والإتجار غير المشروع بها لتمويل اعماله الإرهابية وشملت تلك الإجراءات حشد الدعم الدولي عبر أجهزة الأمم المتحدة، وتمكننا من إضافة قسم لحماية الاثار العراقية في قرار رقم 2199 لمجلس الامن بتاريخ 12/2/2015 ومن الاتجار غير الشرعي بها كمصدر لتمويل نشاطات داعش، كما تم اصدار بيان عن مجلس الامن الدولي بتاريخ 27/2/2015 يندد بجرائم داعش لتدمير الإرث الحضاري العراقي، واكدنا في كلمة العراق امام مجلس الامن بتاريخ 14/5/2015 خلال تقديم تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن الوضع في العراق بان اولوياتنا محاربة داعش ورجوع النازحين وحماية التراث واستتباب الامن والاستقرار.

وقد تمكنت ممثلية العراق الدائمة لدى الأمم المتحدة ولأول مرة منذ عقود مع الجانب الألماني ومنظمة اليونسكو اعداد مشروع قرار لحماية الآثار العراقية، وهي المبادرة التي اطلقها وزير الخارجية في كلمته امام الجمعية العامة بتاريخ 21/4/2015 خلال جلسة "تعزيز التسامح والمصالحة ومكافحة التطرف العنيف"، وتم تقديم مشروع القرار الى الأمانة العامة للأمم المتحدة بعد حصولنا على دعم اكثر من ثمانين دولة في الأمم المتحدة،ومن المؤمل ان يتم تبنيها في الجمعية العامة اليوم الخميس 28/5/2015.يتضمن مشروع القرار ادانة للأعمال الوحشية من تدمير ونهب التراث الثقافي للعراق ويعتبرها أسلوبا من أساليب الحرب. ويدعو لوقف فوري للتدمير المتعمد للتراث الثقافي العراقي، مؤكدا في هذه الوثيقة الرسمية ان جرائم داعش ترتقي إلى مستوى جرائم الحرب، كما يدعو جميع الدول إلى محاسبة مرتكبي الهجمات ويؤكد دعمه للحكومة العراقية في حماية تراث العراق.

كما يدعو جميع الدول لمساعدة العراق في مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية وصيانتها واستعادتها.ويحث القرار جميع الدول على مكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية، من خلال لوائح وطنية ودولية أفضل واتخاذ تدابير منها مطالبة جميع التجار في الممتلكات الثقافية بتقديم وثائق قابلة للتحقق من شهادات منشأ والتصدير.ويدعو قادة المجتمع للوقوف بشكل لا لبس فيه ضد أي تبرير لتدمير التراث الثقافي للبشرية وان الديانات السماوية السمحاء لا يمكن ان تستخدم كغطاء لهذه الجرائم.

ان الحفاظ على الموروث الحضاري العراقي هو مسؤولية الجميع باعتباره ملكاً لكافة المواطنين وهو كذلك ملك للإنسانية وما تقوم به داعش هو خطر يوجه الى كافة أطياف الشعب العراقي ، وقد اكد في هذا المجال رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي "ان استهداف آثار وشواهد حضارة وادي الرافدين هو استهداف لوجود هذا البلد وشعبه ومحاولة لطمس الدور الإنساني الرائد للعراقيين مؤكدا عزم العراق على الحاق الهزيمة بهذه العصابة المجرمة" واكد وزير الخارجية إبراهيم الجعفري "ان جرائم داعش تظهر حقيقة الفكر الظلامي الجاهل والمنحرف لهذا التنظيم الإرهابي وان وزارة الخارجية تبذل قصارى جهودها للحصول على حماية قانونية دولية للإرث الحضاري العراقي" وهذه هي الرسالة التي حملناها الى الأمم المتحدة وعملنا عليها خلال الشهور الماضية ونعهد بالاستمرار عليها حماية لإرثنا الإنساني الأصيل.

ان العراقيين استحقوا بجدارة شرف الوصاية على ارثهم وسوف يستمرون بتحمل تلك المسؤولية مستقبلا ولن يستطيع داعش او غيره من حرماننا من تاريخنا ومستقبلنا.

* مندوب العراق الدائم لدى الامم المتحدة


 
جميع الحقوق محفوظة © 2024