شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2015-11-24
 

محاولة اغتيال رياض الصلح في آذار 1950

قلّة هم الرفقاء الذين عرفوا بمحاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها رئيس الوزراء اللبناني رياض الصلح، قبل ان تطاله رصاصات الرفقاء الأبطال: الشهيدان ميشال الديك ومحمد أديب الصلاح، والرفيق الراحل أسبيرو وديع حداد، في عمان – الأردن.

عن هذه المحاولة الفاشلة التي نفذها الرفيق البطل توفيق رافع حمدان وساهم فيها رفقاء آخرون، أبطال، نورد المعلومات المفيدة نقلاً عن كتاب الرفيق توفيق رافع حمدان "سيرة ومسيرة" الصادر عن "دار الفرات" في آب عام 2010.

***

الانتقام من اعدام سعاده

تحت هذا العنوان يقول الرفيق توفيق رافع حمدان في الصفحة 61 من مؤلفه "سيرة ومسيرة":

" اختمرت برأسي فكرة الانتقام، وبحثت الموضوع غير مرة مع الرفيق ايليا خليفة(1) الذي كان يشجعني ويحذرني في الوقت نفسه، ليمتحن ارادتي، فقد سألني مرة عن موقفي تجاه والديّ في حال اقدمتُ على هذا العمل، فقلت له، فليفترضا انهما انجبا ثلاثة اولاد بدلا من اربعة "

القرار الظني

المعلومات التالية وردت في القرار الظني، كما نشره الرفيق توفيق حمدان في الصفحة 68 من مؤلفه المشار إليه آنفاً.

" كان أفراد من الحزب السوري القومي الاجتماعي يتآمرون على رجال السلطة وأخصهم الرئيس رياض الصلح. فتألفت شرذمة بقيادة إيليا رشيد يعقوب خليفة ضمّت توفيق رافع حمدان وجوزف حداد وأديب ابو سلمان(2)، وكلّفت بالتربص وتحيّن الفرص لإغتياله. وبالفعل فقد كان الرئيس الصلح مدعواً في أوائل شباط 1950 الى النادي الدولي، فكمن له المذكورون في طريق الجميزة وراء الأشجار مسلّحين. ولكن الظروف شاءت ألا يحضر دولته الى النادي الدولي. وفي شهر آذار جاء توفيق حمدان الى بيروت مع نسيبه يوسف حمدان الشوفي الذي كان وصل من شرق الأردن لقضاء بضعة أيام في لبنان. وحلّ توفيق ضيفاً على عبدالله الشوفي في رأس بيروت وعلم هناك أن آل الغلاييني سيقيمون حفلة على شرف الرئيس الصلح، فأخبر بذلك إيليا وأديب وجوزف (المذكورون آنفاً)، فإتفقوا على حضور الحفلة تنفيذاً لمؤامرة الاغتيال. وأوعز إيليا الى توفيق بأن يتردد يومياً الى الجامعة، واخبره ان الاحتفال سيجري في اليوم التالي وتوجها معاً الى دار آل الغلاييني لمعاينتها.

" وعاد إيليا الى سوق الغرب بعد ان ضرب موعداً لتوفيق للقائه في بيروت في اليوم التالي. ويوم الخميس انتظر توفيق رفاقه في ساحة الشهداء حتى حضروا وهم: إيليا خليفة، وجوزف حداد، وأديب ابو سلمان، فأخذوا "الترامواي" الى الجامعة الأميركية ثم توجهوا الى منزل الغلاييني.

" وفي الطريق دخل إيليا الى أحد البساتين(3) وسلمه (اي الى الرفيق توفيق) مسدساً من نوع هرستال بـ14 طلقة مع مشطين وقنبلة ثم ذهب الأربعة الى مقبرة الدروز متفرقين، فشاهدهم نايف حمدان وهو صاحب مصبغة في المحلة المذكورة. ثم توجهوا الى منزل الغلاييني(4)، حيث إختلط توفيق بالمتفرجين وأطلق النار على رئيس الحكومة فلم يصبه، ثم هرب وهو يطلق النار فقتل الولدين كوكب السواح وفارس الهواري، ثم قبض عليه رجال الشرطة....".

توضيح

حول مقتل الولدين فارس هواري وكوكب السواح، حسبما ورد في القرار الظني، أوضح الرفيق توفيق رافع حمدان في رسالة موجهة الى جريدة "النهار" تعليقاً على ما ورد تحت عنوان "النهار قبل خمسين عاماً" في العدد 20599 بتاريخ 10 آذار 2000، " أن الولدين المذكورين لم يُقتلا برصاص مسدسي إنما برصاص مرافقيّ رياض الصلح. وهذا ما أثبته المحامي الكبير موسى البرنس عندما طلب أن يرى الخرطوش الفارغ الذي في حوزة المحكمة، وقارن بين خرطوشة وأخرى وأقنع المحكمة بأن الخرطوش المستعمل ليس خرطوش مسدسي، خاتماً كلامه: " إنني أبرئ موكلي المتهم توفيق رافع حمدان من مقتل فارس هواري وكوكب السواح براءة الذئب من دم يعقوب".

الحكم بالإعدام على الرفيق توفيق رافع حمدان

جاء في الصفحة 71 من المؤلف المذكور آنفاً " ان المحكمة العسكرية إلتأمت صباح الثلاثاء(5) برئاسة المقدم أنور كرم وعضوية النقيب شوقي غلمية والنقيب سعدالله النجار والملازم مصطفى ابو الجود والأستاذ إحسان بيضون لمحاكمة توفيق رافع حمدان ورفاقه والأستاذ محمد البعلبكي أحد صاحبي الزميلة "كل شئ". وقد مثّل النيابة العامة الأستاذ يوسف شربل ومثّل جهة الدفاع الأستاذان حميد فرنجية وفريد الحداد عن الزميل البعلبكي والأساتذة نعيم مغبغب وموسى برنس ومعضاد معضاد ونقولا الشويري ورامز شعبان وإميل نجم عن المتهمين توفيق حمدان وأنيس ابو رافع وكميل الجدع وعجاج المهتار. أما المتهمون الذين جرت محاكمتهم غيابياً فهم إيليا خليفة، جوزف حداد، أديب او سلمان، كامل حسان. ويسوؤنا أن نضرب صفحاً عن إثبات مرافعة النيابة العامة التي سمحت لنا السلطات بنشرها، لأن إخلاصنا للتاريخ يقتضينا الإمتناع عن نشر وثيقة الاتهام ما دمنا لا نملك - بموجب حظر رسمي – حق نشر وقائع الجلسة ووثائق الدفاع. والدفاع يمثّل الجانب المفروض فيه البراءة الى أن تثبت إدانته ويعود إليه العمل على هدم صرح الاتهام حجراً حجراً.

" هذا وقد ختمت المحكمة العسكرية المحاكمة في الساعة الثامنة وبدأت المذاكرة التي لم تنته إلا عند الساعة الحادية عشرة والنصف. وهذه هي الأحكام:

1- توفيق رافع حمدان: بالإعدام وجاهياً.

2- إيليا رشيد خليفة: بالإعدام غيابياً.

3- جوزف حداد، أديب ابو سلمان: بالسجن المؤبد غيابياً.

4- كامل حسان: 6 سنوات غيابياً.

5- عجاج المهتار: سنتين.

6- كميل الجدع وأنيس ابو رافع: سنة واحدة.

7- الأستاذ محمد البعلبكي: شهرين ونصف الشهر وإغلاق جريدته المدة ذاتها إبتداءً من 15 آذار 1950 (قضى الأستاذ محمد البعلبكي 65 يوماً في السجن).

إبدال حكم الإعدام

بناءً للكتاب المرفوع(6) الى رئاسة الجمهورية، بتاريخ أول حزيران 1950، فقد أصدر رئيس الجمهورية اللبنانية بشارة الخوري المرسوم رقم 1945 ومضمونه إبدال عقوبة الإعدام بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة.

بناءً عليه نُقل الرفيق توفيق حمدان من غرفة الإنفراد الى أحد القواويش.

*

قبل ذلك كان رئيس الحكومة يستقبل وزير الدفاع (مجيد ارسلان) ووزير الزراعة (بهيج تقي الدين) ووفوداً من مشايخ ووجهاء بشامون وعين عنوب وعيتات وكفرشيما وسواها تطالب بإبدال حكم الإعدام الصادر بحق الرفيق توفيق رافع حمدان .

**

عن محاولة اغتيال رياض الصلح يقول الرفيق حسين الشيخ في مؤلفه "ثلاث رصاصات هزّت لبنان"، ما يلي:

" المحاولة الاولى لاغتيال رياض الصلح كانت في بيروت في محلّة فردان قرب صيدلية ابو كامل وذلك في 9 آذار عام 1950. كان الرئيس رياض الصلح مدعوّاً الى مناسبة إجتماعية في رأس بيروت، سمعتُ أن الرفيق توفيق حمدان (من عين عنوب) قد أطلق عليه الرصاص، فأصابه في كتفه، وحين شعر الصلح بالإصابة رمى بنفسه ارضاً وقد احدثت محاولة الاغتيال الاولى ضجّة كبرى في لبنان.

" بعدها تمّ سجن الرفيق حمدان مدّة سبع سنوات، وبعد إطلاق سراحه، أخبرني أنّه التقى في السجن بالرفيق إميل رعد (الامين لاحقاً)، وعندما علما بعملية اغتيالي ليوسف شربل، نقل لي حمدان عن رعد قوله: " إن الرصاصات التي أطلقها الرفيق حسين الشيخ هي أهمّ من كل هذه الخطابات والكتابات التي نسمعها ونقرأها اليوم ".

" على إثر تلك المحاولة، تحرّكتُ وأعلمتُ الرفقاء بضرورة الاختفاء والتواري، منهم وفيق ناعورة، وفيق شريتح، محيى الدين كريدية(7)، وغيرهم حتى لا يصاب أحدهم بأذى، وهنا أترك الرفيق توفيق حمدان يروي خطياً كيف نفّذ محاولة الاغتيال تلك حيث يقول: " عندما نفّذت الدولة اللبنانية مؤامرتها بإغتيال الزعيم انطون سعاده ليل 7-8 تموز 1949 كنتُ لا أزال موظفاً في المساحة فرقة الكيلاني العاملة في مزرعة يشوع وجوارها في المتن الشمالي – وقد كان رفيقي وأخي عباس متخفيّاً عندي لانه محكوم غيابياً 6 سنوات ...."

" سمعته يقول: " آه على قومي إجتماعي يقول لرياض الصلح خذها من يد سعاده ويرديه قتيلاً " نزلت هذه الجملة في فكري ولم تعد تبرحه ابداً " .

" كان يوجد عندنا في البيت في عين عنوب مسدس براونينغ أبيض اللون. أخذته من البيت واشتريت علبة خرطوش كي أتمرن على إصابة الهدف، لأني لم أكن أهوى السلاح ولا اعرف كيفية إستعماله، وقبل أن اطلق طلقة واحدة على أي هدف، داهمت قوة من الامن العام والجيش غرفتي في مزرعة يشوع ملك عبد الله يمين حيث عثرت على المسدس، فإقتادتني الى المحكمة العسكرية حيث نزلتُ ضيفاً ليلة او ليلتين، حوكمت بعدها وخرجتُ بكفالة مالية، وقد صادروا منّي المسدس – بعد خروجي من المحكمة العسكرية. تركتُ الوظيفة في المساحة، وعدتُ الى البيت في ضيعتي عين عنوب – قضاء عاليه وعندما التقيتُ بالرفيق إيليا خليفة فاتحته بما أفكر وكان هو يبادلني نفس الفكرة، فإتّفقنا على ان يؤمن لي مسدساً، ثم بدأنا نراقب تحركات الصلح أنا، وايليا خليفة وأديب ابو سلمان وجوزيف حدّاد، وبتردّدي على بيت ابن عمي نايف حمدان الكائن في محلة جبّانة الدروز (مكان دار الطائفة الدرزية اليوم) علمتُ ان رياض الصلح مدعو الى دار آل الغلاييني جنب صيدلية ابو كامل في فردان رأس بيروت، وذلك مساء 9 – 3- 1950 فقرّرنا ان ننفذ العملية يومها وقد أصرّيتُ ان اكون انا مطلق النار، وهكذا كان، فقد اطلقتُ عليه عدّة رصاصات رغم الحراسة المشدّدة عليه، وبُعد المسافة بيني وبينه وقصر المسافة بين باب السيارة ومدخل دار الغلاييني، إلا أنه رمى بنفسه على أرض الدار، فتلقاه الموجودون هناك وقد قيل لي فيما بعد أنه أصيب بكتفه، ولكن هذا القول لم أتأكد منه حيث لحقني الحرس والشرطة وأطلقوا عليّ النار فأصبتُ في قدمي وأعتُقلت، وكانت محاكمتي في 23/03/1950 في المحكمة العسكرية. لقد حُكمتُ بالإعدام وكان يمثل امام المحكمة بمعيّتي الامين عجاج المهتار بتهمة إعادة النشاط لحزب "منحل" والرفيق الامين محمد البعلبكي بتهمة كتابته مقالاً بعنوان "يا دايم الدوم كل من له يوم" الذي اعتبروه تحريضاً على قتل رياض الصلح.

بقيتُ انتظر تنفيذ حكم الإعدام 11 يوماً لكنه أبدل بالحكم المؤبد، وبعد تخفيض العقوبة للمؤبّد نُقلتُ الى سجن القلعة حيثُ كان لي هناك رفقاء كثر. كنّا حوالي 40 رفيقاً محكومين بأحكام متفاوتة. حادثتان لن أنساهما:

الاولى عندما قُتِلَ رياض الصلح في عمان، وقد سمعنا الخبر من راديو الجيران فقد رفعوا صوت الجهاز قصداً لنسمع، ولم يطل الوقت حتى تراكض الدرك في سجن القلعة يهنئوننا بمقتل رياض الصلح ويوزعون علينا الحلوى وكانت هيصة كبيرة.

والثانية عندما سمعنا بعملية الرفيق حسين الشيخ يكرسح المدعي العام يوسف شربل الذي لم ينج قومي من حقده ولؤمه، فهذا أقل جزاء له، وقد كان المسؤول عنّا في السجن آنذاك الامين إميل رعد الذي قال بالحرف الواحد: " إنّ هذه الرصاصات الثلاث هي أهمّ من كل ما كُتب وقيل في الصحف وعلى المنابر، من تاريخ استشهاد سعاده الى اليوم... ثم عاد ووجّه كلامه لي (جابراً بخاطري) وعمليتك مهمّة، ولو لم تصبه..."

بقيتُ في السجن من 9-3-1950 لغاية 11-9-1957، بعدها خرجتُ بعفو خاص على عهد الرئيس كميل شمعون ".

***

توفيق رافع حمدان (1927 – 2009)

نقلاً عن كتاب "سيرة ومسيرة" :

• ولد بتاريخ 26 شباط 1927 في عين عنوب.

• تعلّم في مدرسة المطران الانكليكانية في عين عنوب.

• انتمى الى الحزب السوري القومي الاجتماعي سنة 1943.

• تعرّف في بيته في عين عنوب على الزعيم أنطون سعاده سنة 1947، بعد صدور مذكرة التوقيف بحقه، فإنتقاله الى مناطق في الجبل.

• أثناء إعلان الثورة القومية الاجتماعية كان موظفاً في المساحة في مزرعة يشوع – المتن.

• بعد إعدام الزعيم سعاده ورفقائه حاول إغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رياض الصلح 9/3/1950.

• حُكم عليه بالإعدام في 24/5/1950 ، وفي 2/6/1950 استُبدل الحكم بالسجن المؤبد.

• أسس مع رفقائه القوميين مدرسة في السجن وزاد علومه وثقافته ودرس المحاسبة بالمراسلة ونال شهادة فيها.

• أُخلي سبيله مع رفقائه القوميين الاجتماعيين في 11/9/1957.

• تزوج من الرفيقة عفاف نايف شجاع التي تعاهدت وإياه على رفقة العمر في السجن او خارجه.

• بنى أسرة قومية اجتماعية بإمتياز من رفيقة و 4 رفقاء.

• تحمّل مسؤوليات حزبية، فمنحه الحزب وسام الواجب.

• من مؤلفاته: قصائد شعرية صدرت في ديوان "قصائد من حياتي" وقعّه في آب 2005.

• توفي في 3 آب 2009 وأقيم له مأتم شعبي وحزبي حاشد وألقيت كلمات أشادت بمناقبه ونضاله.

*

هوامش:

(1) ايليا رشيد خليفة: من مواليد عام 1932، عين عنوب. توفي عام 1964، في مهجره في ليبيريا اثر حادث

سيارة. ووري الثرى في بلدته وسط مأتم حاشد. سننشر نبذة عنه في وقت قريب.

(2) جميعهم من بلدة عين عنوب .

(3) من المعلومات ان الرفيق انيس قائدبيه اوصل الاسلحة الى منزل شقيقة الرفيق ايليا في منطقة الاونسكو .

(4) حصل ذلك مساء الخميس 9 آذار 1950.

(5) صدر الحكم في 23 آيار 1950، كما هو وارد في الصفحة 75 من الكتاب المذكور.

(6) اورد الرفيق حمدان في الصفحة 75 من "سيرة ومسيرة"، أنه عُقد اجتماع قبل ظهر الخميس... في مكتب

رئيس الوزراء حضره الأساتذة حبيب ابو شهلا، بهيج تقي الدين (وزير الزراعة)، ناظم عكاري (مدير عام

رئاسة مجلس الوزراء)، أنيس صالح (مدير عام وزارتي العدلية والداخلية)، وإثر ذلك رُفع الى رئاسة

الجمهورية الكتاب المشار إليه.

(7) جميعهم من الرفقاء الاشدّاء، من منفذية بيروت.


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024جميع المقالات التي تنشر لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع