إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مطار بيروت بعد مضايا: مقدّمات حرب؟

روزانا رمّال - البناء

نسخة للطباعة 2016-01-13

إقرأ ايضاً


يذكر اللبنانيون جيداً خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الذي أعقب اغتيال عميد الأسرى المحررين الشهيد سمير القنطار، والذي تناول فيه جوانب عدّة من الضغوط التي يتعرّض لها الحزب، وتحديداً ملفَّي المصارف الذي أخذ جدلاً ورداً كبيرين في البلاد، والذي على ما يبدو تكفل بالضغط على الحزب مالياً وكلَّ مناصر له، وبينهم رجال أعمال تحدّث عنهم السيد نصرالله باعتبارهم أنهم يُظلَمون من دون وجه حق، وبأنهم لا ينتمون إلى حزب الله.

تحوّل كبير في الملف، بدأ منذ زيارة بنيامين نتنياهو الأخيرة إلى الولايات المتحدة، وهي الزيارة الأولى بعد توقيع الاتفاق مع إيران على برنامجها النووي، والتي شهدت اللقاء الأول لنتنياهو مع الرئيس أوباما بعد العلاقات السيئة التي ازدادت سوءاً منذ خطاب نتنياهو الهجومي على سياسة أوباما أمام الكونغرس الأميركي، وفي تلك الزيارة الشهيرة لم يستقبل أوباما حتى بنيامين نتنياهو، بينما لفتت في اللقاء الأخير إيجابية مريبة، بحيث اتفق الطرفان في ختامه على سبل التصدّي لأنشطة تنظيم «داعش» وحزب الله وغيرهما من التنظيمات.

بدأ المنعطف منذ ذلك التاريخ الذي تمّ الاتفاق فيه على وضع حزب الله على سلّم أولويات الإدارتين والإصرار على مساواته بـ«داعش»، فتوالت العقوبات الأميركية عليه وعزّز الكونغرس المشهد بالموافقة ورفع منسوبها أكثر.

يعرف السيد نصرالله أنّ الإجراءات هذه المرة بحق الحزب دولياً وإقليمياً أقسى من أيّ وقت مضى، لأنّ تشابك المصالح بين «إسرائيل» والسعودية والولايات المتحدة وكلّ المستفيدين بات أكبر.

بدأ المشهد التصعيدي المكثف ضدّ الحزب يلفت الأنظار وكأنه نتاج الصدام بين إيران والسعودية على خلفية إعدام الشيخ السعودي المعارض نمر باقر النمر، لكن في الواقع هذا الضغط كان قد بدأ قبل هذا الحدث، وهو لا يتعلق بالخلاف الإيراني – السعودي الذي قد يتوجه نحو الحلول، إذا نجحت جهود روسيا وأميركا في تقريب وجهات النظر قريباً.

التصعيد ضدّ حزب الله ملف آخر، وهو أحد ثوابت المرحلة المقبلة، والذي بدأ بملف عزل قناة «المنار»، ومن ثم بملف المصارف، يُضاف إليها «التحالف الإسلامي» الذي دعت إليه السعودية، وكان قد سبقه تصنيفها حزب الله أيضاً إرهابياً ومساواته مرة أخرى مثل الأميركيين بـ«داعش»، وصولاً في المرحلة الأولى من المواجهة إلى اغتيال عميد الأسرى سمير القنطار في جرمانا السورية.

في لبنان، وفي المرحلة الثانية يفتتح اليوم وانطلاقاً من كلّ المعطيات التي تُضاف إلى حملة الهجوم على حزب الله، ملف خطير يأتي على لسان نواب من تيار المستقبل وفيه اعتبار أنّ حزب الله قد حوّل مطار بيروت الدولي إلى مطار بديل عن مطار دمشق، وذلك من أجل توزيع المال، كما أنه وضعه بتصرّف خدمة الأمن الإيراني لينقل السلاح عبره، وتعتبر مصادر صحافية في «المستقبل» أنّ حزب الله فتح مخازن المطار، أمام الوحدة المعروفة باسم «الوحدة 8000»، والتي تتبع فيلق القدس التابع للحرس الثوري في إيران، وتتلخّص بنقل الأسلحة، وتوزيعها في المواقع والبلدان التي تخدم استراتيجية الحرس الثوري، للتدخلات الإقليمية، متخذاً من مطار رفيق الحريري الدولي، نقطة ارتكاز لعملياته، وموطأ قدم إيراني في مطار لبنان.

هذا الاتهام قد يكون الأخطر بالنسبة لحساسيته ودقته، وربما يذكر اللبنانيين بما جرى في ليل الخامس من أيار 2008، وأهمية الموضوع بالنسبة إلى حزب الله، وهنا فإنّ أيّ تمادٍ من قبل تيار المستقبل بتنفيذ مشروع سعودي ينوي شنّ حملة كهذه على حزب الله، يعني أنها تتضمّن إيعازاً لشركات الطيران الخليجية وغيرها عبر الضغط عليها لتوقف رحلاتها في لبنان، مقابل إجراءات تأخذها الحكومة تماماً مثل ما جرى عام 2008 بطلب تبديل العميد وفيق شقير رئيس جهاز أمن المطار حينها، فمَن الذي فتح هذا الملف الخطير بعد قضية مضايا؟

نواب المستقبل وبشكل متوالٍ يشاركون قنوات فضائية سعودية في التعليق على الموضوع، تماماً بأسلوب حملة مضايا نفسه، وكأنّ هناك مَن يُعدّ الملفات المفتوحة من أجل استنزاف وإنهاك حزب الله، فكلما أثير ملفّ واستنفذ يُفتح الآخر.

الضغط المتلاحق يبدو أنه أحد مطالب حملة استهداف حزب الله، ولا يمكن لهذه «الحركشات» أن تجتمع كلها بمحض صدفة أو مشروع انتقام، بل إنّ التقاءها زماناً ومكاناً وخصوصية، يشير إلى ما هو أكبر بكثير ويقترب من تمهيده الطريق أو يفتح الباب على الحديث عن «مقدّمات حرب» للوصول إلى لحظة تحتاجها «إسرائيل» للانقضاض بضربة موجعة تتزامن مع تغيّرات في المنطقة لمصلحة حلفاء الحزب، فتجهض فرصة توظيفها كانتصارات في وجه «إسرائيل»…

للمرة الأولى يخرج عن الجامعة العربية بيان يسمّي الحزب إرهاباً!

يعني سلفاً أنّ في أيّ حرب مقبلة، فإنّ التعامل مع الحزب أو المفاضلة بينه وبين «إسرائيل» في مواقف الجامعة العربية هو بين «طرفين إرهابيين»، وعلى هذا الأساس تبدو الأرضية كلها تتحضّر وتسهّل السعودية مطلب نتنياهو وأوباما في لقائهما في البيت الأبيض، فلا شيء هنا يتعلق بالصدف بجمع حوادث كبرى في أقلّ من شهر لهذا فمن الواضح أنها خطة وفيها شركاء وتنسيق وبرمجة وتنقل من صعيد إلى صعيد بغرض الإنهاك، وهذه الأمور لا تحصل غالباً إلا قبل الحروب الكبيرة، وهذا الجمع يشي بأن شيئاً كبيراً آتياً، وقد تمّ التحضير له بدقة وعناية وغرفة عمليات خطيرة ومتعدّدة الأطراف…

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024