إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الحراك الدولي ... طبول حرب أم جهد لصنع السلام ..!.

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2016-02-09

إقرأ ايضاً


الخيار بين واقع مرير أو الاتجاه نحو الأمل يفرض نفسه ، لكنه لا يغير حقيقة الواقع .. وما نيل المطالب بالتمني .

منذ بداية الحرب التكفيرية الدولية على سورية والغالبية من شعبنا والشعوب المحبة للسلام تتمنى وقف هذه الحرب الظالمة ووضع حد لها يعيد الأمن والاستقرار والسلام إلى المنطقة بأكملها وهي المهددة بكارثة أسوأ مما هي فيه ، وما من شك أن جهات كثيرة عملت بنية صادقة لتحقيق ذلك لكنها فشلت أو تم الدفع بجهودها نحو الفشل الذي خططت له قوى عالمية كبرى هي المستفيد الأول من هذه الفوضى التي أطلق عليها ( خلاقة ) .

مؤتمرات ولقاءات واجتماعات وزيارات في طول العالم وعرضه ، في عواصم الدول الكبرى ، والاقليمية ، الراغبة في وقف الحرب ، أو الداعمة لاستمرارها ، يافطات وشعارات ، وجهود ذهبت أدراج الرياح واستمر الخراب والدمار وأنهار الدماء ، وإذ لم تدخر الحكومة السورية جهداً في التعاون مع الجهود الدولية فإنها لم تجد على الطرف الآخر من يمتلك القرار أو القدرة على حرية الحوار والقبول بتسويات واصلاحات تحفظ الوطن وتجنب المجتمع حال التفتت والتمزق الذي وصل اليه ، معارضات متناقضة ، لاظل ولا تأثير لها على الأرض، متقاتلة تبحث عن مكاسب أنانية ليس من بينها مصالح الشعب والأمة ، تطرح ما يملى عليها من تعليمات تخدم مصالح الدول المشغلة لها .

لم أتفاءل يوما ولم أقل أن أيا من المؤتمرات واللقاءات السابقة قد يحقق السلام ويوقف الحرب ، وكنت أرى فيها مجرد مناورات لكسب الوقت واستنزاف الدولة السورية اقتصاديا وانهاك الجيش عسكريا وبالتالي فرض ( الوصاية أو التقسيم أو وضعها تحت انتداب جديد ) ، وكنت من خلال استقراء الوقائع والتصريحات وحركة المسئولين في دول بعينها أبني الرأي وأطرح التوقعات التي لم تجانب الحقيقة من حيث النتائج ، مؤتمرات جنيف الأول والثاني ، القاهرة ، موسكو ، باريس .. الخ ، على العكس من ذلك في بعض الحالات تنبأت بتطور العمليات العسكرية وحذرت من تحولها إلى صدام اقليمي واسع ربما يتحول إلى حرب عالمية بسبب تضارب المصالح وصراع الاحتكارات وهذه جميعها يحركها لوبي صهيو – ماسوني عالمي يخدم الكيان العدو .

وقائع الزمن الحاضر :

على أبواب ختام العام الخامس من الحرب ( وهو زمن مماثل للحرب العالمية الثانية ) وبعد أشهر من الدخول الروسي على خط الحرب جوا بشكل مباشر بطلب من الحكومة الشرعية ، يفشل مؤتمر جنيف 3 ، وينسحب وفد المعارضات – التركية – السعودية – القطرية ، بذريعة عدم استجابة الحكومة لمطلب وقف القصف وتقدم الجيش السوري لاستعادة المناطق المحاصرة وتحريرها من الارهاب ، وحقيقة الأمر أنها كلمة حق يراد بها باطل ، فهم غير معنيين بأمن وسلامة المواطنين المدنيين العزل ، وفي ذات الوقت هم لا يملكون القدرة على الزام العصابات المسلحة بأي اتفاق لوقف النار ، الخوف من الهزيمة دفع بهم إلى قبول جنيف 3 ، وتحقق الهزيمة دفع بهم إلى الانسحاب مع أذيال من الخيبة والمرارة ، ومن حيث الواقع فإن انعقاد جنيف 3 ضمن الموعد وبدء أعماله واستمرارها لأشهر كما حدد ديمستورا ما كان ليغير في الأمر شيئا ، لن يتوقف قصف التنظيمات الارهابية ، ولن يتوقف تقدم الجيش والقوات الرديفة ، ومن الخطأ تفويت الفرصة مع انهيار معنويات وخطوط الإرهابيين وقطع امداداتهم في الجنوب كما في الشمال .

الادارة الأمريكية وحليفها الصهيوني يعيشان حالة من القلق والاستنفار ، تنعكس على مواقف الادارة المتخبطة سياسيا ، السعودية وحلفها تواجه الهزيمة على أرض اليمن ، ان لم تكن كاملة فهي على الطريق وقد تجاوزت منتصفه ، تركيا المضطربة تحشد قواتها العسكرية على مقربة من الحدود السورية ولا يمكن استبعاد وجود قوى مرتزقة تقوم السعودية بجمعها من أنحاء متعددة بعد اعلان استعدادها المشاركة في تحالف دولي بري لمحاربة " داعش " وهي سارعت لانشاء تحالف عسكري مع اردوغان ، فتسارع الامارات العربية المتحدة والبحرين للتأييد ، وإذ يدخل الحديث في طور التحرك الجدي لا يخفى ذلك على العين الروسية التي استبقت تحركاً بريطانياً على أرض الأردن لاجراء مناورات عسكرية ضخمة ، فاجأت روسيا العالم بفحص الجاهزية والاستعداد لوحدات هامة من الجيش والقوات الجوية ، سبق ذلك ادخال أحدث طائراتها الخدمة في الوحدات المنتشرة على الأرض السورية ، - المناورات الايرانية متلاحقة لا تتوقف ، وسخرية القيادة الايرانية من التهديد السعودي في أوجها مع أنني لا أشارك هذا التوجه فالوضع لا يحتمل المزاح والتهديد السعودي ليس نابعا من قرار ذاتي والجانبين الروسي والسوري يأخذانه على محمل الجدية التامة وهما مستعدان لأي تطورات مفاجئة إذ يمكن توقع قيام القيادة السعودية بما هو غير معقول أو محسوب .

من يعتقد أن لا مصلحة للولايات المتحدة الأمريكية في نشوب حرب اقليمية واسعة ، وأن تمتد وتتطور إلى حرب عالمية ، هو واهم ، حتى الادارة الأمريكية ليست حرة في اتخاذ مثل هذا القرار إنما تمليه وتفرضه جهات من خلف الستار ، تلك هي من يخطط السياسة الخارجية – العسكرية – وهي من تأتي بشخوص المجالس وأعضاء الإدارة وهي من تزيحهم ، حرب اقليمية لا تنخرط فيها أمريكا بشكل مباشر ( بالقوى العسكرية ) مرغوبة وتخدم المصالح الأمريكية بالمطلق وهناك حسابات أخرى على الجميع أخذها بعين الاعتبار .

لم يعد العالم حكرا على قوة واحدة أو حتى قوتين ، هناك قوة ثالثة وربما هي الأقوى في الميزان الفعلي ، قوة اقتصادية ، وبشرية عسكرية ، نووية ، ويقف إلى جانبها مجموعة من دول كبرى أيضا ليس من السهولة استدراجها إلى حرب لا مصلحة لهم فيها ، وماذا لو قررت هذه الكتلة الهائلة القوة، الوقوف ضد من تراه السبب في تعريض الأمن والسلم العالمي للخطر ، والمبادر إلى اشعال الحرب أو المحرض والدافع لقيامها ، هذا الموقف يندرج تحت باب الدفاع عن النفس ..!!

لا شك أن ما نسمعه الآن يشكل قرعاً عنيفا لطبول الحرب ، وهي حرب ليست في صالح المنطقة برمتها وستضاعف الخراب والدمار في المنطقة المشرقية .. سوريا والعراق واليمن ، لكنها ستشمل الأردن وفلسطين ولبنان والسعودية وربما مصر كما الخليج برمته وايران وتركيا ودول أخرى ومنها في اوروبا الشرقية والغربية ، فإذا ما تتطورت تتحول إلى حرب كونية وتتحقق نبوءة ريغان .. حرب نجوم ، ولا يمكن استبعاد استخدام أسلحة الدمار الشامل ، النووي والبيولوجي والكيميائي والنيتروني ... الخ السلسلة التدميرية مما صنع الإنسان لفناء بني جنسه .

الكلام والتصريحات في واد والفعل في واد آخر ، طبول الحرب حتى اللحظة صاحبة الصوت الأقوى ، يساهم في قرعها بعنف الجنون الوهابي وشقيقه العثماني ، وكلاهما جامحين يحتاج إلى حبكة ولجام .

احذروا من مفاجأة التنين الصيني ولا تقفوا أمام ناره .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024