إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

ماذا تقول السعودية عن التحالف الضمني لحزب الله والحريري في بيروت؟

روزانا رمّال - البناء

نسخة للطباعة 2016-05-09

إقرأ ايضاً


رغم عدم تسمية حزب الله لمن يمثله في لائحة البيارتة التي يخوض الرئيس سعد الحريري معركتها في بيروت، فإن التوصيف السياسي لعلاقة حزب الله والحريري في بيروت هو التعاون والتوافق وبعض من التحالف، وفقاً لما يقول الحريري نفسه بتعليقه أن عدم مشاركة الحزب ربما يكون الشكل الأفضل من التعاون بينما يقول خصوم لائحة البيارتة في اللوائح الأخرى إنهم لم يتمكنوا من الحصول على دعم حزب الله للوائحهم، ولو من تحت الطاولة ولا يستطيعون قراءة مشاركة الحليفين الأهم لحزب الله في اللائحة الحريرية حركة أمل والتيار الوطني الحر اللذين لا يجتمعان إلا وحزب الله ثالثهما إلا كتعبير عن ضوء أخضر سياسي من حزب الله لتمرير انتخابات بيروت دون مشاكل مع الحريري من جهة ورسالة حريرية بالسعي للتراضي من جهة أخرى، فهل هذه هي علاقة كسر العظم التي بشرت بها الحملة السعودية الحريرية على حزب الله في أبرز ساحة متاحة للمواجهة وتكسير العظام، وهل يمكن أن يفعلها الحريري بدون السعودية؟

يقول الرئيس سعد الحريري إن الانتخابات البلدية التي تتم في بيروت وغيرها من المناطق والتي ستنسحب تدريجياً على باقي المحافظات هي «انتخابات سياسية» وليست انتخابات إنمائية فقط, يعترف الرجل صراحة أن التحالفات سياسية بحتة ويقدم نفسه حليفاً لحزب الله في بيروت أو ربما يقبل أن يتحالف مع حزب الله فيها بالمعنى الأدق.

يدخل النائب الحريري اللبنانيين مرحلة تعجيز لا تشرح إلا احتمالين اساسيين تعيشهما المملكة العربية السعودية فيترجمهما «هو» الأول: أن تكون المملكة مرتبكة لجهة اعتبار حزب الله ومن ورائه إيران خصمين دائمين أي اعتبار الحملة عليهما تكتيكاً ينسجم مع ما تتطلّبه المرحلة وبالأخص مع حزب الله والحشد السعودي الكثيف بمجمل المحافل العربية والإسلامية لوضعه على لوائح الارهاب او عزله.

ثانياً: أن تكون هذه الخصومة مبدئية، وغير قابلة للتخطي ولا تتعلّق بأي تسوية للنزاعات وهذا ما لا يمكن تسويقه بعد اليوم، إذ إن السعودية تقبّلت الاعتراف بحق الحوثيين أي «أنصار الله» بالجلوس على طاولة واحدة مع الوفد الذي يمثلها في الكويت، وذلك من أجل التوصل إلى حل سياسي في اليمن والمعروف أن «أنصار الله» تتمتع بعلاقة جيدة جداً مع إيران كي لا يُقال تمثلها استراتيجياً باليمن، إذا تم التسليم جدلاً ببعض الاختلاف بين موقف الحركة الحوثية والقيادة الإيرانية ببعض التكتيك السياسي.

تكشف السعودية اليوم رغبة قد تكون مؤشراً إيجابياً على اللبنانيين تلقيه بالشكل المطلوب، وخصوصاً حزب الله الذي استعدّ لمرحلة كبيرة من التشنج وسوء العلاقة عبر عنها أمينه العام السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير في حديثه عن المملكة العربية السعودية، فالأخيرة لم توفر جهداً في عزل الحزب محلياً وإقليمياً ودولياً في محاولة لتشكيل أكبر قدر ممكن حوله من الرفض لحالته التي كانت تمثل «مقاومة» بحتة عند أغلبية اللبنانيين قبل أن تنجح في استدراجه نحو اشتباكات داخلية ضيقة وقراره الاستراتيجي بالقتال في سوريا.

السؤال حول سلوك الحريري ورغبته في التوافق بشكل كبير مع الحزب في مدينة أساسية كبيروت يشرح الكثير مما لا يمكن اعتباره مروراً عادياً للعبة ديمقراطية كان من المفترض أن يستغلها الحريري للمزيد من العزل وأخطر مؤشراتها هنا على تيار المستقبل التخوف والقلق من تراجع شعبية التيار أو أقله عدم وضوح الصورة لجهة ضمان عدم حصول اختراقات إذا لم يتم هذا التحالف، خصوصاً بعد التحالف الأكبر مسيحياً بين القوات والتيار. وهنا تدقّ ساعات الحذر عند المستقبل في ما يمكن أن تحمله لعبة الأرقام مستقبلاً للتيار.

وبالعودة إلى اعتبار الحريري الانتخابات البلدية «انتخابات سياسية» وليست إنمائية فقط، فإن هذا يعني أن هذا سينسحب تدريجياً على الانتخابات النيابية والتحالفات المقبلة بغض النظر عن القانون الانتخابي المعتمَد حتى ذلك الوقت. وهنا فإن هذا مؤشر آخر يدل على أن قدرة السعودية على عزل حزب الله ستشكل عزلاً غير مباشر لممثل سياستها في لبنان تيار المستقبل. وبالتالي فإن ايصال الاشتباك مع حزب الله في لبنان إلى نقطة اللاعودة غير وارد عند السعودية وقد يكون هذا ما يفسّر حرص تيار المستقبل ومن ورائه الرياض على عدم ممانعة استمرار الحوار بين الطرفين، على الرغم من أن البلاد عاشت أكثر لحظات التشنّج بسبب موقف الحزبين من الأزمة السورية ودور كليهما فيها. وفي محصلة المشهد فإن التوقف عند النفوذ السعودي الفعلي في لبنان هو موضع تساؤل مشروع من الآن فصاعداً، لأن الساحة التي كان من المفترض أن تكون الأكثر أذيّة لحزب الله وهي الساحة اللبنانية المحلية تبدو انها اليوم الأكثر ليونة في ما كان متوقعاً ان تكون أكثرها ضغطاً على حزب الله.

قد لا تكون موفقة محاولات تيار المستقبل الإيحاء بأن التحالف مع حزب الله هو شأن داخلي يقرره التيار في وقت لم يكن الأخير قادراً على حسم امور أقل بكثير دون الرجوع للمملكة وهنا فإنه اذا كان على اللبنانيين تلقي ما جرى بالعين الايجابية فإنهم على موعد مع بعض التفاؤل حول امكانية نجاح اي تقدم نحو تقارب سعودي إيراني قريب يجلب الحلول للبلاد بعد تلقي النيات.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024