إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الحرب على أمتنا ، تشعباتها وخفاياها ..!.

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2016-05-10

إقرأ ايضاً


ليس مهماً ماذا تأكل أو أن تملك مايكفي لشراء مؤونة ، الأهم أنك على قيد الحياة وموقفك ثابت من قضيتك . الذين يستهدفونك كثيرون ، رغم ما بينهم من عداء وتناقض راسخين ، مع ذلك هم متفقون على استهدافك بكل الوسائل المتاحة ، التجويع وفقدان المواد وفرض الضائقة المعيشية ، وحرب الاشاعات والتضليل ، والتلاعب بالأموال ، وتطوير عمليات السرقة والنهب والتشليح في وضح النهار ، واستهداف الأحياء التي تقيم فيها وتعتقد أنها آمنة بأنواع جديدة من المقذوفات والحمم وأنك مجرد حقل تجارب لاختبار مداها وفعاليتها ودقتها لصالح المعامل والدول التي أنتجتها ، كل ذلك من أوجه الحرب الكونية عليك أيها المواطن ، وكلهم يرفع لواء حمايتك وتحقيق مصالحك ...من أجل حريتك وديمقراطية حياتك ، لكن ما تملكه ، وما تمثله من موقف أهم بالنسبة لهؤلاء ... أيها المواطن أنت الدريئة .

يدرك الذين يشنون عليك الحرب أنهم لا يستطيعون القضاء على الجميع ، بالمقابل يدرك طرف ثالث ومعادل لهم أن الفائدة تتحقق بعد عمليات الهدم والنزوح ، فمن خرج ليسلم بنفسه وعائلته ترك وراءه كل شيء .. البعض يراها غنائم حربية ، منهم من ينقلها ، وآخرون يتاجرون بها ، ومن لا يمكنه الانتفاع منها يحرقها ، هي حرب لا ترحم ، وهذه خسائر حربية ، هذا ما يقوله البعض ، منهم من يبعث لك ببطاقة تهنئة بالسلامة مشفوعة بجملة ... بيعوض الله ، بالمال ولا بالعيال ، وربما يكون أحد الذين استفادوا من بعض ما كنت تملك .. بعضهم يفضلون أن تكون هجرتك أبدية فلا تعود ولا تطالب بشيء كان لك في الماضي ويلقون بالمسؤولية على الدولة يحملونها تبعات التعويض ... الملايين التي خسرتها وخسرت معها سنوات عمرك لن تستطيع تعويضها بما بقي لك من عمر .. وستحصل من منظمة شؤون اللاجئين أو المهجرين أو الهلال الأحمر أو الصليب الأحمر على مفرشين من الاسفنج وبضعة بطانيات وبعض الطناجر والصحون والكؤوس المعدنية أو البلاستيكية وصندوقة من الكرتون تحوي مواد غذائية تكفيك لأسبوعين .. مخصصة لشهرين أو ثلاثة ..

الذين يشنون الحرب على الوطن باسمك يعيشون في فنادق اسطنبول وباريس والدوحة أو الرياض ، وجبات دسمة وفاخرة ، وفرش وثيرة وخدمات بنجوم متعددة ، وأكداس من العملات المختلفة الألوان والأحجام ، وهذا كله هو ثمن تحريرك . . ! .، الأصح تجريدك من كل شيء ، من هويتك الوطنية ، من الصفة الإنسانية ، من حرية العمل والانتقال ضمن بلدك ، من أمنك وكل مقومات عيشك ، حتى احتياط دولتك الغذائي سرقوه وباعوه لعدوك ، وما كنت تعلم أن دولتك هي الأولى في عالمك العربي التي حققت الأمن الغذائي ، والثانية في العالم في الاستقرار والأمن العام ، والأدنى في نسبة الجريمة والوحيدة التي لم تكن مدينة للبنك أو الصندوق الدوليين ... الحرب الاقتصادية هي الوجه الأهم والقطبة المخفية للحرب التي يشنونها عليك أيها المواطن السوري .

كشفت تفاصيل الحرب في بداياتها عن اتجاه السهم نحو الاقتصاد – باستهداف المناطق الصناعية ( عدرا – حسيا – الشيخ نجار ) وكانت حلب الأهم باعتبارها المدينة الصناعية والتي يشكل انتاجها الكفاية الذاتية وفائض التصدير خصوصا إلى العراق بداية القرن الجديد بعد الحصار الدولي الخانق وضرب بنيته الصناعية ، السلوك السوري كان موضع الدراسة لتجاوزه الخطوط الحمر وكسره الحصار ، وكان قبل ذلك المساهم في مد يد العون للبنان في مجالي الطاقة والغذاء ، لم يكن مسموحاً أن تطعم الأم أبناءها ، بل أن تدعهم للمحسنين فيقودوهم إلى بيت الطاعة أو يذيقوهم ألوان الجوع والعوز ، سوريا هدف التركيع بعد أن حصنت ذاتها باتفاقات ومعاهدات مع الأصدقاء وثابرت على موقفها لا تساوم برغم الترغيب والترهيب .. فكانت المؤامرة ، وبدء التنفيذ بأدوات داخلية رفدوها بمرتزقة الخارج وفتحوا الحدود على مصاريعها للعتاد والأموال والرجال المأجورين ، وبعضهم أطلقوهم من السجون شريطة القتال في سوريا لتخريبها تحت راية الحرية .

انطلت اللعبة على الغوغاء واستثاروا مشاعر الدين عند البسطاء فخرجوا قطعانا تردد دون وعي شعارات مختارة ، خربوا مدنهم ، احترقت المؤسسات والمصانع ، وأغلبها تمت سرقته غنيمة حرب للعثماني الباحث عن سلطنة جديدة تحت عباءة الدين ، وما فهم الغوغاء حيثيات وشروط الاتفاق الذي التزمت به معارضات اسطنبول وباريس والدوحة ، .. لا مطالبة بعد اليوم بلواء الاسكندرونة ، وتعهد بالتنازل عن مناطق جديدة في ريفي حلب وادلب تقيم بها جماعات من أصول تركمانية ... هذا ما تبحث عنه تركيا ، أما الالتزام الآخر فهو التعهد بعدم المطالبة بعودة الجولان إلا عن طريق التفاوض وقد يستمر لمائة أو ألف عام ، وربط الدولة السورية بعجلة الامبريالية الغربية سياسة واقتصاد ، .. تبعية مطلقة بعد قطع كل الصلات مع المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق ، وفك الارتباط مع الشرق ( روسيا وايران ) .. أما ما لم يتم الكشف عنه من بنود سرية فقد تنبأ به البعض أو تم تسريب تلميحات ومنها تخفيض عديد الجيش السوري وتحديد قوامه ، وتغيير عقيدته مع زيادة في أجهزة الأمن الداخلي بعد الاشراف على تدريبها من قبل خبراء الغرب وخاصة الأمريكان ، ولا يكون كل ذلك ممكنا إلا بعد إسقاط الدولة السورية ونسف نظام الحكم من أساساته ، مؤسسات وأشخاص وعقيدة وثوابت ، وتفاصيل أخرى أقلها إقامة علاقات طبيعية مع العدو وإعلان الطاعة لقيادات الأعراب المتخلفين خدام الماسو – صهيونية العالمية ، هذا ما التزمت به قيادة المعارضات الخارجية التي يسيطر عليها خوان المسلمين حال وصولهم إلى السلطة .

يبدو أن الحرب لم تحقق كامل نتائجها المطلوبة ، فالاقتصاد السوري ما زال واقفا على قدميه المتهالكتين ، بمعونة الدول الصديقة وصمود الداخل بما بقي من منافذ للانتاج ، الزراعي والصناعي ، والحصار الاقتصادي الدولي يتكفل بجانب كبير من حرمان الدولة من مقومات ومستلزمات الصناعة ، وتتعرض العملة الوطنية لحرب شعواء يساهم فيها بعض الداخل المستتر والمستفيد من اللعبة رغم النتائج الكارثية التي أصابت بتأثيراتها مناحي الحياة لمن بقي صامدا على أرض الوطن ومتمسكا به ، غلاء فاحش في الأسعار يقابله انخفاض في الدخل وقد لا يكون مفاجئا في القريب اعلان أن عامة الشعب السوري تحت خط الفقر عدا طبقة أثرياء الحرب وجلهم من اللصوص وقطاع الطرق والمتاجرين بالدماء ، الدولار يحلق بأجنحة عريضة ، ومصادر دعم الليرة الوطنية تتقلص وتتراجع ويقف أصحاب الضمائر من تجار الوطن عاجزين عن التأثير ، يقول فارس الشهابي : لتوفر لنا الدولة أمن المناطق الصناعية مع اعفاء مؤقت من الضرائب وتوفير مستلزمات الانتاج من المواد الأولية ونحن نتكفل بخفض الدولار ووقف تحليقه .. بل سنحقق المعجزة بعودة الاكتفاء الذاتي وتوفير فرص العمل لآلاف العاطلين عن العمل ... نداء جدير بالاهتمام .. وتحقيق مطلب صناعيي حلب إذا خلصت النوايا ورغب أصحاب القرار فعلا بتحقيق ذلك .

لا بد من تفويت الفرصة على الأعداء في استكمال القضاء على الاقتصاد السوري ليحققوا جانبا مهما من الانتصار ، انتصار سوريا عليهم في الحرب الاقتصادية يشكل داعما مهما لصمودها واستكمال تحقيق الانتصار العسكري بسواعد أبطال جيشها الوطني المغوار وابعاد شبح الفقر والعوز عن شعبنا الصامد .

سوريا على أبواب انتصار هي جديرة به ، وشعبها يستحقه ، شعب ثابت في موقفه الداعم لقواته المسلحة عن قناعة راسخة لإدراكه مخاطر انتصار الأعداء على مستقبله وخطورة ذلك الانتصار على مصيره وحقوق الوطن بشكل عام ، ولا تكون هذه الحقوق ، حقوقا في معترك الأمم إلا بمقدار ما نوفر لها من قوة تدعمها .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024