إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

«قرار طرابلس» لائحة أشرف ريفي الثانية! فما هي الأولى؟

روزانا رمّال - البناء

نسخة للطباعة 2016-06-01

إقرأ ايضاً


لم يكن في وارد اللبنانيين الذين تابعوا الانتصار الذي حققه الوزير أشرف ريفي في مدينته طرابلس الالتفات إلى مغزى هذا التغيير هناك وربطه بمشروع كادت تقع فيه أكثر من منطقة ضمن عناوين وأطر اغلبها ذو طابع تغييري يعبر عن رغبة الشباب بالتخلص من مرحلة أضنت بعضهم وأرهقت كاهله، وكلفت البعض الآخر هجرة دائمة من الوطن الأمّ لأسباب أمنية تارة واقتصادية طوراً حتى بات التغيير حاجة وضرورة.

الانتخابات البلدية في طرابلس أتت مفاجئة للخصوم والموالين لريفي بالنتيجة التي تمّ حصدها، فهذا الرجل استطاع وحده خوض معركة انتخابية بوجه «وحوش» السياسة السنية بالمعنى السياسي، فكلها بيوتات عريقة ومتموّلة ونافذة تتمتع بشعبية تراكمت لسنوات تتكفل وحدها استلام رئاسة الوزراء لثلاث بيوتات منها بتجيير شعبية برمزية الكرسي سنياً بوجه ضابط في قوى الأمن الداخلي ومدير عام للمؤسسة التي خدم فيها ووزير مستقيل.

الأسئلة اليوم «حالة عامة» مثل كيف استطاع ريفي أن يواجه خبراء من هذا النوع بتجربته الأولى من نوعها والتي من المفترض أن تترجم افتقاره لإدارة معركة انتخابية سياسية بامتياز نسبة لرصيد ليس قادراً على تكوينه ولا يمكن حصره بمظلومية أو مواقف تمسك بها ريفي كفيلة بالإطاحة بالبيوتات المذكورة، التي وإن حققت نتائج متقاربة مع لائحة ريفي، إلا أنها ليست نتيجة منطقية تفسّر زعامات كان متوقعاً أن تجتاح مقاعد البلدية بالحدّ الأدنى في خطوة تحالف كانت وحدها قادرة على جعل ريفي يعدّ لـ «العشرة» قبل المضيّ بترشيح لائحته.

شجاعة ريفي وحدها قصة.. لكن لا شيء في لبنان يُحسب أو يُوضع في إطار تحدٍّ غير نابع من أرضية فرشتها وقائع وأفرزتها أحداث، وهنا يأتي البحث بما يمكن أن يكون قد اعتمد عليه ريفي ليصبح اسماً جاذباً محلياً في مدينته وإقليمياً حيث قدم الاعتماد جهاراً نهاراً.

قدمت الأزمة السورية ما يكفي لريفي لتجعله قائداً لمشروع محور الدول المقاتلة للأسد، وهو رجل الأمن القادر على تقديم كلّ ما لديه من أرشفة ومعلومات قادرة أن تساهم بتقويض الأسد من بوابة الشمال اللبناني ولعب دور مباشر تسهيلاً وتقديماً.

المملكة العربية السعودية عرّابة «ريفي» التي لا ينفكّ يذكر اللبنانيين بفضلها والذي قدّم استقالته خدمة لمشروعها و»تأثراً» بما صدر عن الحكومة ووزرائها من مواقف بحق المملكة كوزير وحيد وقف ورفع الصوت ضدّ حزب الله ومواقفه، رافضاً مشاركته في الحكومة مقدّماً أبرز أسباب استقالته بعد ملف ميشال سماحة لعدم انسجامه مع حكومة تقبل بالإساءة للمملكة ببيانات ملتبسة، خصوصاً بعد إصرار وزير خارجية لبنان جبران باسيل على تقديم الصورة الأدقّ عن حزب الله كفصيل سياسي كبير يرفض تسميته إرهاباً أمام وزراء الخارجية العرب الذين دعتهم السعودية لتصنيف الحزب إرهاباً.

يفتخر ريفي بموقفه من السعودية، لكن بالمقابل تفسّر شجاعته واندفاعته نحو تحدي الحريري والزعماء السنة أجمعين بما لا يقوى أي «سني» عليه بدعم أكبر من أن يكون رغبة بالتغيير أو قراراً بالتخلي عن الزعماء المذكورين بشكل دراماتيكي، الدعم السعودي لريفي لم يعُد سراً وليس نوعاً من الرفاه أو التنويع الذي أرادت ضخه إسهاماً منها بالعملية الديمقراطية، بل دعم ينطلق من رغبتها في إيجاد حالة سنية متشدّدة تواجه الحالة الشيعية المتمثلة بحزب الله، وإذا كان الأمر يتطلّب سلاحاً ونفوذاً ميدانياً أو «إمارة» أو حتى مربعاً أمنياً على غرار الضاحية الجنوبية على سبيل المثال، فإنّ هذا غير ممكن مع الحريري الذي أثبت فشله في 8 أيار وعدم قدرته على تخلّيه عن السياسة أو صورة رسمها تيار المستقبل وانطلق منها بعدم رغبته بالتسلّح جهاراً.

فاز أشرف ريفي وقدم التهاني للائحته الفائزة بأعضاء من المختصين والمثقفين التي شكلها من أغلبية سنية من دون أي حرج، ويستذكر لائحة «بيروت مدينتي» المشكلة من أسماء بارزة فيناً وثقافياً، أكثر من مرة في حديثه ويحيي الشباب الذي رغب بالتغيير في طرابلس وكأنه يقول إنه هو صوت هذا الشباب أو ممثله ويمدّ يده للتعاون مع «بيروت مدينتي» التي شكلت هي الأخرى حالة فريدة من التحدي بوجه الحريري في بيروت بمشهد جريء من حريريين قدامى نسف «الصدفة» متحدثة بلغة ريفي نفسها بيومها الانتخابي ليخرج أحد أعضائها أحمد قعبور فيقول ما مفاده «نحن مع نهج رفيق الحريري الحقيقي أو الأصلي ومع 14 آذار الأولى»، متناسياً أن «بيروت مدينتي» انطلقت من مبدأ رفض كل الزعماء.

ريفي الذي دعا الحريري بكلّ جرأة للعودة إلى نهج الشهيد الحريري والذي أظهر اهتماماً بالغاً بلائحة «بيروت مدينتي» يكشف عن خيبة أمله لخسارتها فهي تمثل النهج نفسه الذي ينتمي اليه ببعض أعضائها «حريرياً»، بالتالي فانّ بعض الأسئلة حول لائحة «بيروت مدينتي» أصبحت اليوم بإجابات واضحة، فلو فازت أو لم تفز يبدو جلياً أنّ أيّ تحدّ للحريري يستقطب ريفي ومن وراءه السعودية وبعض السفارات بشكل شديد الوضوح.

هل يجرؤ ريفي ملهم «التغيير» على دعم لائحة الوزير شربل نحاس؟ هل يجرؤ على دعم أيّ تغيير شبابي علماني من القوى التي تختلف مع حزب الله من دون أن تتخلّى عن المقاومة؟

«بيروت مدينتي» لائحة ريفي الأولى؟

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024