إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الحزب أحيا الذكرى الرابعة والثلاثين لعملية الويمبي البطولية التي نفذها الشهيد الرفيق خالد علوان

نسخة للطباعة  | +  حجم الخط  - 2016-09-23

أحيا الحزب الذكرى ألـ 34 لعملية الويمبي البطولية التي نفذها الشهيد الرفيق خالد علوان ضد العدو اليهودي، وذلك باحتفال حاشد أقيم في شارع الحمرا حيث مكان تنفيذ العملية والساحة التي تحمل اسم الشهيد الرفيق علوان. ورفع الحزب شعاراً للاحتفال هذا العام "شعاع الضوء من بيروت إلى جنوب لبنان وجنوب الجنوب.

حضر الاحتفال إلى جانب عدد من أعضاء قيادة الحزب، الوزير السابق بشارة مرهج، وممثلون عن الأحزاب والقوى والفصائل اللبنانية والفلسطينية، وفاعليات، وحشد كبير من القوميين والمواطنين، وفصائل رمزية من الطلبة والأشبال والزهرات.

الاحتفال بدأ قبل موعده بساعة، حيث صدحت الأناشيد والآغاني الوطنية، واستهل الاحتفال بالنشيد اللبناني ونشيد الحزب السوري القومي الاجتماعي، ثم دقيقة صمت تحية للشهداء.

قدم الخطباء ناظر الاذاعة في منفذية الطلبة الجامعيين في بيروت وألقى كلمة قال فيها:

باسم الشهداء والاستشهاديين، باسم كل أسير ومعتقل، باسم كل حرف من حروف المقاومة كان شعاعَ الضوءِ من بيروتَ إلى الجنوب، فجنوب الجنوب، إلى بغدادَ ودمشق، ليرسم شمسَ الانتصار.

أي قرارٍ أنت يا رفيق خالد لتدرك أن رحلة الخلود تستدعي خلعَ الجسدِ البالي؟! أي رصاصاتٍ كانت رصاصاتُك لتكون فاتحة التحرير؟! ليَصرُخَ جنودُ الاحتلالِ بعدَها: "يا أهالي بيروت لا تطلقوا النار إننا راحلون".

بين الواحد والعشرينَ من تموز من عام 1982 والرابع والعشرين من أيلول من العام نفسه رُسِمَ مسارٌ جديدٌ وحُدّدَ الاتجاه. بين تموز وأيلول أسقط الحزبُ المشروع اليهودي، فتآلفت القبضاتُ بعدها لتصبح بيروت ساحةً من ساحات البطولة على امتداد تراب الوطن. فكانت الانطلاقةُ الفعليةُ للمقاومة في الواحد والعشرين من تموز. وسقطت الخيانة التي اتخذت شعارَ الضعفِ قوة،ً وظهرت قوةُ الحق والعزيمة، عزيمةٌ عبّر عنها شهداؤنا الخالدون تعبيراً صادقاً لا يُمحى، عزيمةٌ تطلبُ الموتَ متى كان الموتُ طريقاً إلى الحياة.

كل جسدٍ يحيا ليمسي رفاةً، إلا جسدُ أمتي يحيا على رفاةِ الشهداء.

فقد أقسمنا يا أمة الحق والخير والجمال على ألاّ يكون القبرُ مكاناً لكِ تحت الشمس... وسنظل نعزفُ لحنَ الزاوبع إلى أن تذوبَ أوتارُ الحياة.

وسنظل على ما نحن عليه حزبَ المقاومة وحزبَ الشهداء. فتحيةٌ لك يا خالد، من رفقائك في نسور الزوبعة الذين يكملون مسيرة التحرير من صدد إلى صفد ومن حلب إلى النقب ومن بيروت إلى كامل تراب الوطن.

رفيقي يا خالد، أيها البطل القومي، أراك هنا واقفاً مكاني، بعد مرور أربعةٍ وثلاثينَ عاماً، تقول: هذه الـ

أرضٌ مزجتُ صفاتِها بصفاتي

وتركتُ فوق أديمها بصماتي

وحملتُ في قلبي الجريحِ جراحَها

بدمِ الوفاءِ مخضّبَ الراياتِ

لا تطلبوا مني الرحيل فنشأتي

كانت هنا... هنا... يكونُ المماتُ حياتي

وألقى كلمة حركة أمل عضو المكتب السياسي محمد خواجة واستهلها بالقول: قبل ثلاثة عقود ونصف العقد تقريباً، في هذا المكان بالذات، نفّذ الشهيد المقاوم خالد علوان، ابن مدرسة الحزب السوري القومي الاجتماعي، عملية مقهى الويمبي النوعية التي اتّسمت بالجرأة والاحتراف والإرادة الصلبة. لقد آمن خالد علوان مثل كلّ القوميين الاجتماعيين، بأنّ تغيير مجرى التاريخ لا يكون إلّا بقوة الفعل، حيث التضحية والاستشهاد محرّكها الرئيسي.

سرّعت عملية الويمبي البطولية والعشرات من مثيلاتها التي استهدفت جنود الاحتلال الصهاينة قرار الانسحاب من مدينة بيروت، سيدة عواصم العرب ودرّة تاجهم. وشكّل ذلك القرار، إذعاناً إسرائيلياً، ببداية سقوط مفاعيل غزو لبنان، وإنْ استمرّ الاحتلال لثمانية عشر سنة.

ولا تزال مناشدات الجنود المذعورين التي تردّد صداها في نواحي المدينة "يا أهالي بيروت... لا تطلقوا النار علينا... إنّنا راحلون"، ترنّ في آذان كلّ من ساهم من أبناء جيلنا، من لبنانيين وفلسطينيّين، في صناعة صمود هذه المدينة البطلة لأكثر من سبعين يوماً، تحمّلت فيها مرارة الحصار وآلاف الأطنان من الصواريخ والقذائف، التي لم يسلم من نيرانها حيّ أو شارع، فصحّ فيها، آنذاك، ما عنونته جريدة "السفير" في اليوم التالي لمعركة المتحف الشهيرة: "بيروت تحترق ولا ترفع الأعلام البيضاء". ولذلك، إنّ قولنا بيروت عاصمة المقاومة والوطن، ليس وصفاً إنشائياً وإنما هو تعبير عن حقيقة تاريخية لا يمكن تحريفها أو تزويرها.

خالد عنوان ورفاقه وأخوته من المقاومين في الحزب السوري القومي الاجتماعي وحركة أمل وحزب الله والأحزاب والقوى العروبية والوطنية والأخوة الفلسطينيين، صنعوا بتضحياتهم ودمائهم مجد لبنان، ورفعوا رأس العرب، وأسقطوا العصر الإسرائيلي. ومنذ ذلك الحين تبدّل مجرى الصراع، واتخذ المشروع الصهيوني مسار التراجع والانكفاء، بعد عقود من التقدم التصاعدي في أكثر من جبهة وميدان.

لولا أمثال خالد علوان وشهداء المقاومة بكلّ تلاوينها ومسمّياتها، لكنّا اليوم نعيش العصر الإسرائيلي، ولكان علم العدو مرفوعاً في أكثر من مدينة وبلدة لبنانية. ورغم كلّ ما صنعه هؤلاء الشهداء من إنجازات وطنية كبرى، تتمنّع بعض الهيئات والإدارات عن تزيين شوارعنا وساحاتنا بأسمائهم. والعجب كلّ العجب، أن تحمل هذه الشوارع والساحات أسماء قادة محتلّينا وجلادينا، ما يدلّ على أنّ بعض المسؤولين عندنا يعيشون عقدة تماهي الضحية مع الجلاد.

لقد تحرّر كلّ شبر من لبنان بفعل مقاومتنا المسلّحة، وليس بفضل التفاوض والدبلوماسية أو تبنّي شعار قوة لبنان في ضعفه، فنحن أمام عدو ديدنه القوة والتوسّع والاستيطان، وبالتالي، لا يفقه إلّا لغة القوة. لقد نجحت المقاومة بتحرير القسم الأكبر من أرضنا المحتلة، لتشكّل ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي. ومنذ ذلك الحين، باتَ الجيش الذي لا يُقهر جيشاً مرتبكاً، يتفادى عمليات التوسّع والاحتلال خشية ألّا يذوق مرارة ضربات المقاومة مجدّداً. وظهرت حالات الإرباك جليّة خلال حرب تموز 2006.

لقد أرست المقاومة بتحالفها مع جيشنا الوطني، التفاف غالبية اللبنانيّين حولهما، قواعد جديدة للصراع قائمة على الندّيّة والقدرية والردع المتبادل مع العدو. من هنا، ينبع تمسّكنا بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة التي أثبتت فعاليتها، وحمت لبنان بمواجهة الخطرين الإسرائيلي والتكفيري.

في الذكرى الرابعة والثلاثين لعملية مقهى الويمبي البطولية، نجدّد العهد للشهيد خالد علوان ولحزب خالد علوان ولكلّ شهداء المقاومة، بأننا على الوعد باقون، ولن نستكين إلّا بتحرير ما تبقّى من أرضنا المحتلة، وتحرير فلسطين الحبيبة وكلّ أرض عربية دنّستها براثن الاحتلال.

وألقى كلمة المؤتمر الشعبي اللبناني عضو القيادة ورئيس هيئة أبناء العرقوب الدكتور محمد حمدان فقال: نجتمع هنا اليوم لنحيي ذكرى بطل من أبطال هذا الوطن، بطل من هذه المدينة عاصمة المقاومة، هو البطل خالد علوان الذي سطّر بدمائه ملحمة بطولية كانت نبراساً وشعلة لكلّ الذين التحقوا به من قوات المقاومة في كلّ مسمّياتها، على مدى العقود الثلاثة الماضية.

أيها البطل خالد إنّ دماءك الزكية التي غسلت أرض بيروت العاصمة التي كنا نعتقد أنها عاصية على العدو، ولن يتمكن من تدنيسها، ولما حاول تدنيسها كانت دماؤك هي التي غسلت هذا العار، وردّت على هذا الغزو، على هذه الجريمة التي ارتكبت في عصر غابت فيه الأنظمة، وغابت كلّ أنواع المقاومة، إلا مقاومة الشرفاء في لبنان وفي كلّ بقعة شريفة يقاوم أهلها باللحم الحي، من أجل أن ترتفع رايات الحرية.

أضاف: إنّ دماءك وعملك كانت تلاقي دماء الشهداء في أرض الوطن، كانت تلاقي دماء شحادي موسى، الذي استشهد يوماً ما عام 1967 فوق أرض مزارع شبعا، وهو يقاوم الاحتلال "الإسرائيلي" عندما غزا واحتلّ تلك المزارع، هذه المقاومة المستمرة التي تراكمت، وأدّت في ما أدت عام 2000 إلى دحر العدو الصهيوني، عن لبنان بكامل ترابه ما عدا مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والغجر، وبعض النقاط المحتلة، هذه المقاومة التي أرغمت العدو على الانسحاب عام 2000، وكسرت عنفوانه عام 2006، هذه المقاومة التي تشكل عنواناً للردع المتوازن، والتي تشكل ضمانة من أجل أن لا يتجرأ العدو على القيام بأية محاولة باتجاه الاعتداء على لبنان، لكن هذا العدو الماكر أقدم منذ شهر على اجتياز الشريط الشائك عند بوابة مزارع شبعا باتجاه بلدة شبعا، وقام بشق طريقين، تصدّينا له وأجبرناه على التراجع والتوقف، ولكن لا الأمم المتحدة ولا الحكومات، بما فيها حكومتنا، بكلّ أسف، استطاعت أن تفعل شيئاً، والفاعل هي تلك الزنود السمراء التي تشدّ على أيدي المقاومين حتى تحرير آخر ذرة تراب من وطننا الغالي لبنان، وحتى تحرير فلسطين بوصلتنا الصحيحة.

وألقى كلمة حزب الله عضو المجلس السياسي الحاج محمود قماطي فقال: من هذا المكان انطلقت الرصاصات الأولى في مواجهة العدو "الإسرائيلي" المحتلّ، في هذا المكان انطلقت هذه الرصاصات، لكي تحقق في مدى تاريخ المقاومة الوطنية والإسلامية هزيمة "إسرائيل" في العامين 2000 و2006 أمام المقاومة.

خالد علوان الذي شقّ برصاصاته الأولى طريق المقاومة، التي أوصلت إلى الانتصار، وقال برصاصاته إنّ العداء والصراع والحرب مع هذا العدو المتغطرس هو صراع وجود، وليس صراع حدود، خالد علوان الذي بفعله ورصاصاته أثبت أنّ في هذه الأمة قوة لو فعلت لغيّرت وجه التاريخ، هذه الرصاصات في المقاومة وفي عمل المقاومة التي تراكمت وانطلقت وطنية وفلسطينية، وما تزال وطنية وفلسطينية وإسلامية، واليوم نريد أن نؤكد بهذه المقاومة أنّ المقاومة مشروع حضاري، وهي تشكل قوة للأمة وللوطن.

هذه المقاومة ستستمرّ، وسيستمرّ انتصارها، في مواجهة هذا الكيان "الإسرائيلي" الغاصب المتغطرس، الذي اعتدى على الفلسطينيين وعلينا وعلى أمتنا، وهذا العداء لن ينتهي، وهذه المقاومة متواصلة يداً بيد بكلّ السواعد المناضلة والمجاهدة سنواجه العدو التكفيري الذي يريد تمزيق الأمة وتفتيتها، وطمس حضارتها، ونريد أن نؤكد أنّ هذه المقاومة مستمرة برصاصات خالد علوان وبرصاصات كلّ ألوان المقاومات التي مضت ومستمرة في هذه الأمة.

نريد التأكيد على أنّ مشروع المقاومة لن يتوقف، وهو مشروع يمتدّ إلى السياسة، وفي لبنان سوف نعمل لإيجاد قانون انتخابات عصري، يمثل اللبنانيين خير تمثيل، سنناضل ونعمل ونجاهد معاً للوصول إلى تحقيق هذا القانون قريباً أو بعيداً، ولكن النضال يجب أن يكون جدياً لنصل إلى هذا القانون في لبنان، وسنعمل على إيجاد الطاقات التي تؤكد دوام المؤسسات وتفعيل المؤسسات من رئاسة الجمهورية، إلى مجلس النواب، وإلى الحكومة، ورئاسة الحكومة، وسنتقدّم في هذا السياق.

في الوقت الذي تسجل فيه المقاومة انتصارات مستمرة ودائمة، منذ أن انطلقت من رصاصات الويمبي إلى أيامنا هذه، إنّ هذه المقاومة تؤمن دائماً وأبداً بأنّ الاستقرار الداخلي أساس وقوة لمشروع المقاومة، وتؤمن أنه يجب أن نمدّ اليد في الداخل اللبناني، ليستمرّ التواصل والتعاون حتى تتمكن المقاومة من التفرّغ لمواجهة الأعداء الرئيسيين للأمة والوطن.

وهذه المقاومة بدماء شهدائها، بداية وابتداء بدماء الشهيد خالد علوان، وصولاً إلى كلّ الشهداء في خط المقاومة، إنّ هذه الدماء حمت لبنان كلّ لبنان، بكلّ طوائفه ومكوناته، وكلّ أبنائه ومناطقه، وحمت الوطن والصيغة اللبنانية، ولولا هؤلاء الشهداء لكان لبنان في مكان آخر.

كلمة الحزب ألقاها عضو المجلس الأعلى الأمين توفيق مهنا وابتدأها بالقول: نحيي كلّ عام ذكرى عملية الويمبي البطولية والنوعية التي نفذها ابن بيروت، الرفيق البطل خالد علوان، لنستضيء بنور الشهادة ونتزكّى بعبق دماء لا تزهر زهرة الحرية وتبنى الأوطان إلّا إذا ارتوت بالدماء الطاهرة. ونتعاهد على عهد وميثاق أنّنا متمسّكون بنهج المقاومة، نهج تحرير وصمود، ونهج حياة وانتصار.

وقال: هل كان ممكناً أن يتصدّر كتاب حياتنا عنوان انتصار على جيش الغزو والاحتلال، وعلى مشروع "إسرائيل الكبرى"، وعلى وهم أسطورة الجيش الذي يُقهر، لو لم تشهد هذه الساحة، وكلّ شوارع بيروت وأحيائها دفق العمليات يبادر إليها حزبنا والقوى الوطنية الصامدة والمقاومة لتفرض معادلتها وتغيّر مجرى التاريخ.

هل كان ممكناً للتاريخ أن يتغيّر من تلقاء نفسه، لولا وقائع عظيمة ساهمت في تغيير مجراه، وفي طليعتها رصاصاتك الخالدة يا خالد... رصاصاتك تحكي ذعر ضباط العدو وانهيار معنوياته، وتعالي استغاثاته بمكبرات الصوت... "لا تطلقوا النار إنّنا راحلون"... فيرحلون، ويكتب التاريخ عن انتصار عاصمة المقاومة بيروت، وعن تحرّرها وعن عظمتها، وتحفر في ذاكرة القادة الصهاينة، ذكريات هزيمة مرّة لن تُمحى من تاريخهم كما لن تُمحى من تاريخنا القومي المجيد...

لا تكتمل انتصارات المقاومين، أو تحفظ وتصان باستذكارهم في محطات نضالاتهم وبطولاتهم فقط... والعدو لا ينسى، ويتربّص بنا لإفراغ كلّ انتصاراتنا من محتواها ويخمد تفاعلاتها، ويخطّط ليجعل إنجازاتنا حالات تأزّم وتخبّط بإثارة الفتن وتفخيخ مجتمعتنا من الداخل بالجواسيس والعملاء، والاستثمار في تناقضاتنا وانقساماتنا ومتاعبنا وما أكثرها...

لذا، فان السؤال الكبير أمامنا كيف نحمي مقاومتنا وخيارها، كيف نحفظ سجلّ الشهداء؟ كيف نحوّل إنجازات التحرير من إنجازات استعادة أرض إلى بناء دولة وقيام وطن قويّ متماسك؟

كيف يكون 25 أيار عيد مقاومة وتحرير لجميع أبناء لبنان؟

هل يحمي خيار المقاومة: دولة الطوائف والطائفيين؟ دولة المذاهب والمذهبيين؟ دولة الفساد والفاسدين؟ دولة التبعية والتابعين؟ دولة الاحتكار والاستغلال والمحاصصة؟ ومافيات الاحتكار ولصوص المال العام والضرائب التي تأكل قوّة العامل والمنتج والمزارع والصانع والكادح والمثقف؟

خيار المقاومة تحميه دولة مدنية ديمقراطية تقوم على أساس المواطنة والانتماء وبناء النظام السياسي.

نظام العدالة الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية حيث يحاسب فيها الفساد والمفسدون، وينصف فيها المنتج والمنتجون فكراً وصناعة وغلالاً...

نظام يحفظ الطاقات الشابة المنتجة لتبني بلادها، ويكون متحرّراً من معزوفة التغنّي بقوافل الهجرة والمهاجرين ونزف الأدمغة وإفراغ البلاد من المبدعين والمهرة. نظام يضع حدّاً حاسماً لكلّ معتقد فاسد عنصريّ أو طائفيّ.

برأينا، إنّ طريق الإصلاح مدخله قانون انتخاب عصريّ يعزّز الانتماء الوطني، ويقوم على أساس لبنان دائرة واحدة ونظام النسبيّة خارج القيد الطائفي.

نظام متحرّر لا تُحصر فيه الأحوال الشخصية بالمراجع الدينية والمذهبية، بل يقرّ فيه قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية ليحيا وليتصالح الشعب الواحد مع نفسه، ويعبر فوق الحواجز التي تباعد ولا تقرّب، وتجعل من أبناء الشعب طوائف متربّصة ومستنفرة ضدّ بعضها البعض... كيف نقف أمام أنفسنا وأمام العالم شعباً واحداً، لا تكتّلات متنافرة ليكون لنا شأن على سطح هذه الكرة إذا لم نخرج من مجاهل التخلف في عصر النهضة والنور؟

نظام جديد، كتاب التاريخ في منهاجه لا يمجّد القادة الاستعماريين أو يقيم لهم شوارع بأسمائهم، ويبخس المقاومين حقّهم في التكريم والاحتفال ويحول دون إدراج أسمائهم في مراسم التكريم.

هل تعلمون أنّ اسم الرفيق سعيد فخر الدين شهيد الاستقلال الوحيد غير مدرج في البروتوكول الرسمي للدولة اللبنانية التي تحتفل كلّ عام بزيارات أضرحة رجالاتها، وتتجاهل أبطالها من الرفيق سعيد فخر الدين إلى الرفيق خالد علوان إلى سائر الشهداء من كلّ التيارات المقاومة.

أليس من العار أن تبقى انتصاراتنا على العدو اليهودي الصهيوني موضع نقاش ووجهة نظر، وأن تبقى هزائم العدو الذي يعترف بها ويحياها نكبة ونكسة وخيبة موضع نقاش؟

أليس من العار أن تبقى فئات سياسية أعماها التعصّب وحبّ السلطة والنفوذ والاستئثار بالقرار تراهن على معادلات خارجية لتحفظ مواقعها السلطوية، أو تستردّ نفوذاً ما، في وهم قاتل أنّ ميزان قوى جديد إقليمياً ودولياً قد يميل إلى لصالح مصالحها؟

ميزان القوى، تصنعه إرادتكم الحرة ونهجكم المقاوم وبطولاتكم في وجه العدو صهيونياً كان أم إرهابياً...

ميزان القوى، رهن وقفات العز التي تصنعونها، رهن قبضات النور والنار تتوهّج بها أرواح الشهداء والجرحى والمعوقين، وكلّ المقاومين والمجاهدين في أيّ موقع نضالي أو إنتاجي كانوا...

قوتكم وحدها تحدّد ميزان القوة والقوى، وتحسم هوية المنتصر وتصنع المستحيل..

هذا النظام السياسي الطائفي والمذهبي والفاسد أفلس ولم يعد قابلاً للحياة. لن تبعث به الروح ولن تحييه كلّ المنشطات والمقويات والأمصال التي هي من مشتقات تركيبته، وليس أمام أجيالنا الجديدة كي تحيا وتتجنّب حروباً جديدة، أو تقع في شراك فتن جديدة، إلّا خيار الخروج من مركب يغرق بحمولته وأثقاله التي يحمّله إياها ملوك الطوائف وأمراء المذاهب ومغاوير عصر الملل والنحل.

لا سبيل إلّا الحوار، لكن ببوصلة مختلفة ووفق برنامج إنقاذي يضع أولوية بناء جمهورية ميثاقها المواطن، ومصالح الوطن والمواطن وحده، وفوق كلّ اعتبار.

كلّ صيغ التعايش كاذبة، كلّ الدعوات إلى المشاركة والمناصفة والتوازن سرعان ما تنهار وتهتز ويهتز معها الاستقرار والأمن، ويشرّع البلد على مصير مجهول.

ندعو إلى حوار جامع يشمل كلّ القوى التحرّرية والمدنية والنهضوية لإخراج البلاد من هذا النفق قبل أن تحلّ الكارثة ونسقط في الفراغ... الفراغ قاتل تملؤه الحروب والأزمات والفتن...

إنّ معادلة الجيش والشعب والمقاومة هي شبكة الأمن والأمان وبطاقة الائتمان على المستقبل...

وإنّ التصدّي لجحافل الإرهاب التي تغزو بلادنا في العراق والشام ولبنان، وقد تتمدّد بأشكال مختلفة ومسمّيات مختلفة، هو النهج الصائب في حفظ هويّتنا ووحدتنا وصيانة مجتمعنا.

إنّ كلّ تغافل أو تساهل أو استثمار على الجماعات الإرهابية من أيّ طرف لبناني أو عربي أو إقليمي أو دولي مآله الفشل، ومردوده الوحيد الارتداد على كلّ هذه الفئات التي لن يستثنيها من قاموسه الإرهابي وأجندته الظلاميّة المتخلّفة.

لذلك، لا ينغشّ أحد بجماعات تُصنّف معتدلة، ولا ينغشّ أحد في رهان على حلول تأتي بها الإدارة الأميركية وحلفاؤها الغربيّون وغيرهم.

الإدارة الأميركية ترعى الإرهاب، أو توظّفه لضرب قوى المقاومة وقلاعها خدمة للمشروع الصهيوني والكيان الغاصب.

ما معنى أن تغدق الإدارة الأميركية مبلغ 38 مليار دولار خلال سنوات عشر على الكيان الصهيوني؟ ما معنى أن تضع شروطاً تقيّد حركة الطيران لجيشنا السوري البطل؟

ما معنى أن تمسك عصا سياساتها الاستعمارية من الوسط؟ هي مع أردوغان وتدير مشروع الفيدرالية في شمال العراق والشام...؟

هي مع "المعارضة المعتدلة" وضدّ "النصرة" التي هي تنظيم "القاعدة" في بلاد الشام، كما تعلن وتمنع أو تشترط على الجيش السوري في ذات الوقت عدم التحليق وشنّ الغارات عليها!! هي مع حلّ في فلسطين وتموّل الكيان الصهيوني وترعى حروبه واستيطانه في فلسطين ولبنان والجولان...!

أية جماعات معتدلة هذه، وهي تفتح أوتوستراد التنسيق مع العدو الصهيوني في الجولان؟

إنّ الجولان لن يكون شريط دويلة متصهينة ابداً، سقط نموذجها في لبنان وسيُسقِط شعبنا نسختها الجديدة في الجولان، وستبقى فلسطين جنوب سورية كما الجولان وسطها كما قال مرة الرئيس الراحل حافظ الأسد. كما لن يكون شمال سورية شريطاً لدويلة أردوغانية تخدم الأطماع والأحلام السلطوية، ولن يتنازل شعبنا عن الأراضي السورية التي سُلخت بمعاهدات واتفاقات استعمارية.

يغادر الرؤساء والأمراء المتآمرون على سورية عرباً وأجانب، الواحد تلو الآخر بانقضاء مدد رئاساتهم أو وظائفهم، أو بانقضاء أجلهم، يغادرون ولا يرون هزيمة سورية أو المقاومة، بل صور ثباتنا وانتصاراتنا ونفاذ إرادتنا في الحياة لأنها هي إرادة القضاء والقدر.

تحية إلى كلّ الشهداء والمقاومين الصامدين على خطوط النار في لبنان وفلسطين والشام والعراق..

وفي نهاية الاحتفال وضع أعضاء قيادة الحزب بمشاركة ممثلي الأحزاب والفصائل أكليل زهر باسم رئيس الحزب على اللوحة التي تحمل اسم منفذ العملية الشهيد الرفيق خالد علوان.



 
جميع الحقوق محفوظة © 2024