إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

يكادون أن يدعوا للافروف من على المآذن!

عادل سمارة - البناء

نسخة للطباعة 2017-01-20

إقرأ ايضاً


ما أن تفوّه الدبلوماسي الروسي الحذر والحاذق بكلمته أنّ روسيا قبلت دعوة الرئيس بشار الأسد: «لأنّ دمشق كانت على حافة السقوط»، حتى لم يبق شيخ أو إرهابي أو مثقف طابور سادس أو طبعاً إعلام العدو الغربي إلا وهتف بما قال، مما يذكرنا كيف كان يُدعى لخليفة جديد إثر اقتلاع سابقه. فقد استغلوا هذا القول في حقيقة الأمر لتبرير هزيمتهم بأنّ تلك الهزيمة تحصل على يد دولة عظمى وليست على يد الجيش العربي السوري وحلفائه.

تسبق وتتفوّق هنا حرب الكلام على حرب الحراب. وهذا الاستغلال لتلك الجملة يردّنا إلى سبعة قرون خلت، يردّنا إلى فلسطين. حيث الجملة إياها «انتصرت إسرائيل على كلّ العرب»، بل وقد ورَّثت هذه الجملة في الوعي الجمعي العربي البسيط مرضاً عُضالاً، هو شتم العرب واتهامهم بكلّ سيّئ من الكلام.

ليس المهمّ هنا أوغاد المرحلة من مكونات الثورة المضادة، بل المهمّ البسطاء الشرفاء الذين حتى اليوم لا يرون أنّ اغتصاب فلسطين هو أوروبي – أميركي قام بتنصيب الكيان الصهيوني على فلسطين كما يتمّ تنصيب تميم مكان حمد أو قابوس مكان سعيد إلخ…

لعله تقصير منا بأننا لم نعط العلاقة بين العدو الأول «الكيان الصهيوني» والعدو الثاني «أنظمة وقوى الدين السياسي» من جهة والعدو الغربي بأكمله من جهة ثانية وزنها وأثرها الحقيقي في اغتصاب فلسطين. وبكلمة، إنها حرب النظام الرأسمالي العالمي ضدّنا.

وماذا عن سورية؟

بداية لنفرض أنّ حديث لافروف يعني ما ظهر منه حرفياً، فإنّ روسيا ليست من الغباء بأن تدخل حرباً لصالح دولة آيلة للسقوط. كما أنّ روسيا تعرف أنّ خروج أيّ جيش بعيداً خارج أرضه وبسلاح الجو فقط لا يمكنه تحقيق نصر إنْ لم تكن الأرض ممسوكة من حلفائه. ويعرف لافروف تجربة الاتحاد السوفياتي في أفغانستان وأميركا في فيتنام والعراق وأفغانستان.

ولو افترضنا انّ دمشق كانت مهدّدة، ولكن من هو مصدر التهديد:

1 – 360 ألف إرهابي من الخارج من 93 دولة، ايّ بعدد الجيش العربي السوري، وهم تماماً مثل الكيان الصهيوني المستجلب من مئة قومية. احتاج كلّ الغرب والشرق فترة من 1860 وحتى 1948 كي يجلب لفلسطين 640 ألف مستوطن إرهابي. أما إلى سورية فأدخلوا عبر تركيا والأردن 360 ألف مستوطن إرهابي في بضع سنوات. فهل يفهم البسطاء؟

2 – ولا ندري عدد الإرهابيين المرتزقة من السوريين أنفسهم ولا شك هم أكثر عدداً من المستوطنين الإرهابيين باسم الدين؟

3 – لهؤلاء الإرهابيين إمكانات دولة معولمة من التمويل ومن السكين حتى الدبابة ومضادات الطيران، ولو كانت لديهم منطقة يسيطرون عليها حقاً لتمّ تزويدهم بسلاح جو.

4 – وراء هؤلاء معظم الأنظمة العربية التابعة بل المضادة للعروبة والكيان الصهيوني وتركيا وكلّ الغرب أوروبا وأميركا.

من لا يجهل أو يتجاهل كلّ هذا، فهو في إشكالية عقلية، وأعتقد أنه حتى لو كان بريئاً لكنه مصاب بـ «استدخال الهزيمة».

الوجه الآخر للافروف

لكن حديث لافروف ربما مقصده الضغط على سورية كي تطلق يده أكثر في مصافحة تركيا التي هي عدو لسورية بالمطلق. وهذا الرفض السوري يعيق الإشراف الروسي «شبه الكامل» على اللعبة الدولية. لعلّ العلاقة بين الحلفاء تأخذ أحيانا وضعية «مماحكة العشاق» ليست قطيعة ولكن ليست دفئاً. وقد يلزمنا هنا الأمر التالي:

هل يمكن أنّ لافروف لا يعرف أنّ الجيش التركي الضخم وغير المستنزف عاجز عن مدينة صغيرة «الباب»؟ بينما الجيش السوري يقاتلهم منذ ست سنوات ويحرّر حلب!

ومن جهة ثانية، لماذا لا يقصد لافروف إيران أيضاً التي تضغط بمهارة ضدّ حضور أميركا إلى أستانة؟

ولماذا لا يقصد لافروف الطابور الخامس في بلاده أيّ الجناح المتغربن من حزب بوتين نفسه أيّ ليقل لهم انّ قبول الدعوة السورية لم يكن عبثاً.

ولولوة النيام ولعلعة الرصاص

لا بدّ من الانتباه إلى خطورة ماكينة إعلام الثورة المضادة. ولكن يبقى بيت القصيد هو: أين أنت من الاشتباك؟ وهو سؤال:

إلى كلّ المعارضة السورية النظيفة. هل دفعتم مؤيديكم للقتال في صفوف الجيش العربي السوري؟ هل لا زلتم على جبل الانتظار؟ فحين يكون الوطن في خطر، يكون من قبيل الخيانة الارتياح على الجبل والانشغال بنهش السلطة بدافع الشبق للسلطة.

وإلى العناصر التقدمية في العالم العربي، هل تساهمون في إنقاذ الوعي الجمعي الشعبي الذي لا يزال تحت تاثير أفيون قوى الدين السايسي والصهيونية؟

أرجو ان لا ينفعل أحد، فهل يمكننا تخيّل عشرين مليون في السعودية التي تقوم العائلة الحاكمة فيها بالارتماء تحت أقدام الصهيوني، ايّ تعتدي على فلسطين، ولا تُرجم هذه السلطة بحذاء!

حين تتجاوزون موات الشارع تساهمون في انتصار سورية.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024