إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

أربع دول كبار ، وفي آستانا بدأ البازار ..!.

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2017-01-30

إقرأ ايضاً


ولهذه الجملة وقعها ، عدنا والعود أحمد ، بعد أسابيع ثلاثة تعطلت فيها أجهزة الحاسوب عندي ، الثابت والمتنقل ، ومع زيارات الكهرباء المتقطعة وخفيفة الظل ، وعدم القدرة على متابعة ما جرى ويجري على ساحة الوطن وخارجه وما يتعلق به من أنشطة تخطط لمستقبله بعيدا عن آراء السوريين ، أعود إلى الكتابة يشغلني أكثر من موقف وتلميح ، منه ما حصل في عاصمة كازاخستان .. آستانه ، أو ماجاء على خلفية بازارها وكان كبيرا إلى حد ما ومتواضعا في مضمونه .

في البازار تم وبشكل لافت وغير متوقع طرح دستور لسوريا المستقبل ، لم تضعه لجنة دستورية سورية مشكلة بناء على مطالبة شعبية ، ويقال أنه بعد مشاورات مع الحكومة السورية ومع أطياف من المعارضة ، وما كتب باللغة السورية الرسمية ، بل بالروسية وقد تختلف التراجم ، اللافت أن عمليات الاعتراض على الدستور المشروع جاءت من كل الأطياف ، كليا أو جزئيا ، بالشكل أو المضمون ، رفض مطلق لأنه لم يوضع في البلد ولأنه مكتوب بالروسية ، وجزئيا لبعض البنود الواردة التي تغير وتبدل في الصلاحيات ، بالشكل لأنه لم يطرح في وقته وضمن الدوائر الوطنية ، وليس من انتاجها ، وفي المضمون لأن ما ورد فيه يشكل ترضية لمعارضات لا تمثل إلا الجزء اليسير من مجمل الشعب والذي في حال عرض مشروع الدستور عليه للاستفتاء سيسقط بالتأكيد .

بازار آستانه ، رغم وجود أربعة من الدول الكبار لم يتجاوز مفهوم البازار الذي يتماشى مع مفهوم جماعة المعارضة الأقلية ، وابتعاد البعض أو استبعادهم ، نعم ، هو بازار بطبيعة مجرياته ، وإذا اعتبرنا أن لكل من الدول الثلاث تركيا وايران وروسيا غاياتها وأهدافها المختلفة لكنها تتلاقى عند تقاطع المصالح ، فالدولة الرابعة اكتفت بالمراقبة لأنها في حالة عدم توازن ، هي مرحلة انتقال السلطة من يد إلى يد تختلف عنها جذريا في استخدام المضرب لارسال الكرة ، ربما يكون ترامب مترهلا وليس بقوة المغادر اوباما إلا أنه لن يقصر في اللعبة ، مع ذلك فإن ادارته آثرت التريث والاكتفاء بالمراقبة واللحاق بركب المشروع الروسي الذي يلعب بدقة متناهية ، ولا ننسى أن الدول الأربعة تملك توازنا مقبولا إلى حد فيه الكثير من تساوي القوة ، الروسي مقابل الأمريكي والايراني مقابل التركي ، لكن بمقابل تكامل الروسي والايراني هناك تفسخ في الموقف بين التركي والأمريكي رغم أن الناتو يضمهما ، خلافات سمحت للروسي أن يلعبها ورقة ... قد تكون رابحة ... هكذا ’ إذا هو البازار .

سمح بازار آستانة لتاجر الخضار أن يظهر ، وأن يطلق مطالبه المكررة – المدونة ، وكان بحق صوت سيده ، هذه المرة وجه خطابه الاملائي للروسي الذي تجاوز لهجة الخطاب الحادة مدركا في سره أنها – فشة خلق – من السهل امتصاصها ، ( دعه يقول مايريد ، وافعل أنت ما تريد ) كل الأطراف والقوى الدولية الداعمة للحرب على سوريا تجاوزت مسألة بقاء أو رحيل الرئيس ، الكل يعلم أنها ليست جوهر الحرب ولا تشكل عنصرا هاما فيها ، هو التواضع في التفكير وسطحية الطرح عند هذا الجانب من المعارضة ، وليس مهما مناقشة جذوره ومن يتبناه ، الأكثر أهمية هو ما طرحته هذه المعارضة عبر الكواليس والذي يتضمن مشروعا يخدم قضية العدو الصهيوني بالمجمل وكأن هذه المعارضة تعلن قرارها بضرورة تسديد الدين للعدو الذي قدم لها المساعدة ، بالمقابل تعهدت رد الجميل بأكثر منه ولنناقش جوانب مما تسرب من ورقتها ، التي ربما تنكرها لاحقا .

أعتقد أن كل الدول العربية وطوال عقود رفضت وترفض توطين الفلسطينيين حفاظا على حقوقهم في وطنهم - حق العودة – وسوريا كانت وما زالت الأحرص على الحقوق الفلسطينية ، ومن تفاصيل التوطين أو أهم مرتكزاته منح الجنسية ، اوروبا وأمريكا وأستراليا فعلت ذلك ، قامت بتوطين آلاف العائلات الفلسطينية ومنحتهم جنسياتها ، وندرك أن ذلك خدمة وتسهيلا للمشروع الصهيوني وتاليا يهودية الدولة والتفافا على حق عودة الفلسطينيين ، ما تطالب به الدولة العبرية اليوم هو الاعتراف بيهوديتها ، واستطرادا ترحيل ما بقي من الفلسطينيين وخصوصا في الضفة التي تتعرض لعمليات استيطان وتهويد ناشطة لا تتوقف رغم قرارات عدم الاعتراف والتنديد والاستنكار ، هنا يلفت الانتباه ورقة تم توزيعها صادرة كما يقال عن المعارضة أو بعضها تطالب بمنح الجنسية للفلسطينيين المقيمين على الأراضي السورية وإلغاء تسمية المخيمات ... طبعا مع وضع شروط للتجنيس بما يتناسب مع رغبات المعارضة ، وأيضا سحب ترخيص المنظمات الفلسطينية وتجريدها من السلاح وحل جيش التحرير الفلسطيني ومنع تجنيد الفلسطينيين ..! التجنيس يمنح الفلسطيني نفس الحقوق ويرتب عليه نفس الواجبات فكيف تعفيه المعارضة من التجنيد ، ولماذا تسمي المنظمات التي دافعت عن الدولة في الشام أنها معتدية وأنها حاربت " ثورة الشعب السوري " وهل يشكل عملاء تركيا وقطر والسعودية والعدو الصهيوني عنوان الشعب السوري وماذا عن أكثر من ثلاثة عشر مليونا ما زالوا تحت ظل الدولة ورعايتها وحمايتها ومنهم مليونا يحمل السلاح دفاعا عن نفسه وهو ذاته الشعب السوري ، وإذا كنت منصفا أقول : هؤلاء جزء من الشعب السوري وليس كله ، لكنه الجزء الأكثر ، أما قادة العصابات فلا يقبلون توصيف الواقع بل يعتبرون أنفسهم كل الشعب السوري وليسوا جزءا منه ، وما سألوا أنفسهم إن كان الشعب يقبل بهم أم أن مجرد الرغبة الخارجية هي من يعطي شرعية التوصيف .!. حتى في الشأن الفلسطيني لا يعتبرونه فلسطينيا من حمل السلاح بوجههم ويعددون المنظمات واصفين مواقفها بأنها عدوان على " الشعب السوري " ادعاء غاية في السخرية وهي التي كانت وفية لمن رعاها ووقف معها بوجه العدوان .

استيعاب الفلسطينيين في دول التواجد الحالي مطلب صهيو – أميركي ، وهو الخطوة الأهم لاسقاط حقهم واستكمال المشروع ، ودون ذلك وجود منظمات المقاومة ، هنا تبدو الذريعة واهية وراء طلب تجريد هذه المنظمات من السلاح ، ما يؤيد ذلك هو المطالبة بتضمين الدستور تعهدا سوريا بألا تكون سوريا المستقبل مكانا لقيام تنظيمات مسلحة تشكل خطرا على دول الجوار ، ولا ممرا لهذه التنظيمات ، وتركوا تحديد الدول .. مفتوحا تمهيدا لاعتبار الكيان الصهيوني دولة جوار ممنوع استهدافها أو السماح لتنظيمات المقاومة فعل ذلك .. المعارضات واضحة في التزاماتها الدفاع عن تعهدات اعطتها مقابل مساعدات العدو الملغومة ، وهكذا بعد تجنيس الفلسطينيين ودمجهم في الحياة المحلية وتجريد فصائلهم من السلاح ومنعهم من التدريب العسكري – الخدمة الالزامية تصبح الظروف مواتية لطرح المصالحة مع العدو والاعتراف به وإقامة علاقات طبيعية اسوة بغيرهم ممن صالح وأقام استسلامه تحت يافطة " السلام " الذي حتى اللحظة ما تكرس ولا قام .

المعارضات الخارجية ومعها بعض الداخلية ما زالت تتلاعب على الكلمات واستثارة العواطف ، واستدرار تأييد البسطاء من العامة باعلان الوقوف ضد العلمانية واستمرار وصمها بالالحاد وهو مناف للواقع فالعلمانية تعتمد العلم والمعالجة الواقعية لمشاكل الأمة للحاق بركب الحضارة والخروج من تابو الغيبيات ( الميتافيزيق ) ووقف استثمار موجة التدين الكاذب من شخصيات أغلبها فاشل في الحياة – علميا واجتماعيا ولا أتعرض هنا للعلماء الذين كرسوا حياتهم لخدمة الأمة على وجه حق ، العلمانية خروج من عصر التخلف والتعصب إلى رحابة الحياة والتعاون بعد أن أصبح العالم مزدحما وثرواته لا تكاد تكفيه دون أستخدام العلوم المتطورة والترشيد والتعاون الواسع في هذا المجال ، العلمانية كما نفهمها ويفهمها غيرنا هي ترك ما لقيصر لقيصر ، وما لله لله ، لا رابط بين القتال على الأرض بالسماء ، فالقتال على السماء يفقد البشرية الأرض ، وهذه غاية من يؤجج الصراعات تحت رايات الله ورسوله وألوية وفيالق تحمل أسماء الصحابة والقادة والسلف الصالح وهم منها براء ، يقودها قتلة مجرمون مأجورون تحركهم أوساط ترتبط بالمشروع الصهيوني منذ قيامه ، وتمت تهيئة الأسس التي يعملون بموجبها قبل أن يقوم .

الصراع الهامشي يقوم اليوم على لون وجنس الملائكة ، - الجمهورية السورية أم الجمهورية العربية السورية ، ولم يطرح بعضهم تسمية جمهورية سوريا العربية .... أيها المختلفون هي الجمهورية السورية منذ قيامها ، وفي مرحلة المد القومي العربي أضيف لها العربية ، وما اختلف الأمر ، لا من حيث أصولنا ولا جذورنا كنا سوريين وبقينا سوريين سواء كنا عربا أو غير عرب ، نحن أمة من أمم العالم العربي ، نحن سيف العالم العربي وترسه وحماة الضاد ( سعادة ) ، وهل أوضح من هذا الموقف ، لتتوحد أمم العالم العربي الأربعة ، ثم لتأخذ موقف الدفاع عن بعضها وعن ثرواتها وحدودها وعهدا لن نقف بوجه وحدة كبرى ، فقد قال سعادة : وما أدرانا فقد يصبح العالم كله أمة واحدة .

المعارضات لها برامجها ، وللدول الأربعة برامجها ومصالحها ، ولنا كشعب سوري لم يزل متمسكا بأرضه ، يدافع عنها بكل صلابة وثقة بالنفس غايتنا وبرامجنا ومصالحنا التي لن تتبدل فلا مساومة ولا تنازل ، وإن عقدوا لهذا الأمر ألف بازار .

... يتبع ... في شرح لاحق لمعارضات البازار .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024