إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

«إسرائيل» أعلنت القدس عاصمة الدولة اليهودية... وراياتنا لن ترتفع فوقها بالتوسل بل بوقفة عزّ على قمم حطين

اياد موصللي - البناء

نسخة للطباعة 2017-02-21

إقرأ ايضاً


فوجئ كثيرون بالكلمة التي قال فيها نتن ياهو ، إنه دهش من رغبة بعض الدول العربية التعاون مع «إسرائيل»… إعجاب لم نستغربه ومواقف لم تفاجئنا، ففلسطين لم نخسرها حرباً والحرب لم نخضها قتالاً حتى فشلنا بها، الحرب مسرحية قام بها قادة مستسلمون لتغطية مؤامراتهم. الأنظمة باعت فلسطين منذ اللحظة الأولى والأمة دفعت الثمن.

منذ البداية كان التخاذل والتآمر لإعطاء فلسطين لليهود، وما يجري اليوم هو الفصل الأخير من العملية، وها هو نتن ياهو يؤكد الاتصال مع السعودية ودول الخليج لإقامة تحالف ضدّ إيران..

اقرأوا هذا المقطع من حديث بشارة الخوري رئيس جمهورية لبنان الذي قال عام 1948: «أسفرت الاتصالات المتتابعة التي قام بها رياض الصلح والتي أجراها بالاتفاق معي في العواصم العربية عن تصميم العرب على القيام بعمل عسكري مشترك للذوْد عن فلسطين! وكانوا ينتظرون انتهاء الانتداب في الخامس عشر من نوّار أيار ليزحفوا اليها»، تصوّروا الى هذه الفترة لم يكن العرب قد قرّروا القيام بعمل عسكري للذوْد عن فلسطين.

ويتابع فيقول: «كان القلق يسود النفوس والمستقبل يزداد غموضاً على الرغم من تحرك الجيوش العربية لاحتلال أجزاء من فلسطين، وقد استعمل كلمة احتلال بدلاً من إنقاذ..

في 19 نوار أيار ليلاً اتصل بي شكري القوتلي بالهاتف الخاص ودعاني ورياض الصلح للاجتماع به وبالملك عبدالله والوصي عبد الإله في مدينة درعا… بعد المجاملات المعتادة خلونا جميعاً لاستعراض حالة الجبهة من جميع وجوهها، وظهر الملك مغتبطاً فخوراً بأعمال الجيش الأردني وباستعداده للقتال وبإخراجه الجيش الصهيوني… فغمرتنا موجة من الأمل وتناولنا الغداء ثم اجتمعنا الى أركان حرب الجيوش العربية، انتهى الاجتماع ورجعنا الى بيروت وفي طريق العودة كنا نستعيد ما قيل في الاجتماع…

لم نكن متفائلين لعلمنا انّ الملك عبدالله ليس حراً في تصرفه الحربي، ولأنّ قيادة جيشه بيد غلوب باشا الانكليزي..

وفي ذلك الوقت لم نكن مطلعين على عدم استعداد الجيوش العربية من حيث العدد والتنظيم.. كما لم نكن مطلعين ونجهل قوات العصابات الصهيونية المنظمة…»

هؤلاء هم القادة وبهذا الشكل دخلوا حرب فلسطين وصحّ ما قاله المثل: «اذا كان هالقادة قادتنا فطريق المذلة آخرتنا…»

فإذا كان نتن ياهو قد فوجئ فنحن لم نفاجأ، نحن نعرف انّ الأعراب أشدّ كفراً ونفاقاً.. وفي وصف هذا قال الشاعر عمر ابو ريشة:

لا يلام الذئب في عدوانه

إنْ يكن الراعي عدو الغنم…

فما يجري اليوم هو استكمال لما جرى في السابق، وقادة اليوم ورثاء قادة الأمس، فحكام السعودية هم ورثاء أشراف مكة الذين أفسحوا المجال وأعطوا الموافقة على إسكان اليهود القادمين من أوروبا في فلسطين…

وفي هذا السياق فقد التقى وايزمن بالأمير فيصل في العقبة في الرابع من تموز 1918 بحضور الكولونيل جويس وهو ضابط بريطاني رافق وايزمن، ونتيجة هذا اللقاء رأى الأمير إمكان تنفيذ البرنامج الصهيوني إذا كان كما حدّده وايزمن لا يؤدّي الى توطين اليهود في فلسطين! وكذلك فعل والده الشريف حسين الذي استجاب لفكرة إقامة اليهود في فلسطين مع اعتراضه على تكوين دولة يهودية فيها. وكتب الشريف الى ابنه فيصل في العقبة والى أتباعه يخبرهم بأنه تلقى تأكيداً بريطانياً بأنّ وجود اليهود في فلسطين لن يتعارض مع استقلال العرب.

منذ البداية لم نكن نؤمن بقضية بقدر ما كنا نرسم لمصالح فردية آنية، فنهب الأرض والأوطان كما نهب «نعجة» أو جملاً وكما نذبح شاة لضيف قادم! هكذا كان يفعل أهل الحلِّ والربط فينا، هكذا بكلّ بساطة وسذاجة وتواطؤ وغباء ودون ايّ تفكير بمصير العرب في فلسطين وتغلب اليهود العددي على السكان العرب باتساع نطاق الهجرة، كما حدث فعلاً في ما بعد.

انّ التطبيع الذي يجري مع العربان الغربان هو إحدى الخطوات الختامية في صك التمليك النهائي لتصبح فلسطين مُلكاً يهودياً.. نهائياً..

ونذكر هنا قول سعاده: «لم يتسلط اليهود على جنوبي بلادنا ويستولوا على مدن وقرى لنا إلا بفضل يهودنا الحقيرين في ماديتهم، الحقيرين في عيشهم، الذليلين في عظمة الباطل». انّ بيننا وبين اليهود لا يمكن ان يكون في فلسطين فقط بل في كلّ مكان حيث يوجد يهود قد باعوا هذا الوطن وهذه الأمة بفضة من اليهود، انّ مصيبتنا بيهودنا الداخليين أعظم من بلائنا باليهود الأجانب».

منذ تكونت فكرة الوطن اليهودي في فلسطين والذي هو هبة إلهية لهم كما يعتقدون ويتخيّلون لم تقم اية سلطة عربية او إسلامية رسمية او جماهيرية بما يلزم لتبديد هذه الفكرة اليهودية بإجراءات وخطوات تحمي بلادنا وأرضنا وتجعلهم يقلعون عن هذا الاعتقاد، بل على العكس كان الموقف كما رأينا ونقل عن لسان الحكام السابقين…

تخاذل وجبن عربي تقابله مغالاة، فيقولون على لسان الرب في سفر اشعيا 3 49 «انت عبدي يا اسرائيل فاني بك الممجد». وفي سفر التثنية 33 29: «طوبى لك اسرائيل من مثلك منصور بالرب، هو ترس عونك وسيف عظمتك لك تخضع أعداؤك وأنت تطأ مشارفهم».

قوم هذا اعتقادهم وهكذا رسموا إيمانهم هل نصدق أنهم يساكنون قوماً آخرين على أرض اعتقدوا وآمنوا أنها أرض الميعاد حيث وعدهم الرب إله «إسرائيل» بها ولهم وحدهم، الرب الذي قالوا عنه:

«نحن شعب الله المختار ولن يتوقف الرب عن السهر علينا، نحن من أنزل علينا الرب من السماء المنّ والسلوى.. نحن من شق لنا الرب البحر لنسير.. نحن نمنح وهذه أرضنا.. وهؤلاء عبيدنا…»

فهل الأسياد يقبلوا ان يسكن معهم العبيد ويشاركونهم الملك على ارض وعدهم الله بها.. حيث لا وجود على أرض فلسطين إلا لهم ولا دين فيها الا دينهم حيث جاء: «متى ولجنا أبواب مملكتنا لا يليق ان يكون فيها دين آخر غير ديننا… وهو دين الله الواحد المرتبط به مصيرنا من حيث كوننا شعب الله المختار وارتبط مصير العالم بمصيرنا.. ويجب علنيا ان نكنس جميع الأديان الأخرى على اختلاف صورها…» البروتوكول الخامس 265.

ولهذا منعوا الأذان.. ولم نسمع صوتاً عربياً او إسلامياً ثار واحتجّ وغضب، وغداً سيمنع قرع الأجراس في الكنائس… وتدمير الأقصى لن يطول، وكذلك كنيستا المهد والقيامة وانّ غداً لناظره قريب..

فلسطين لا يعيدها البكاء والزحف والتوسل… منذ الثورة العربية الكبرى الى يومنا هذا معظم قياداتنا عمالة وتبعية ومن تمرّد سحق وشارك أبناء جلدته في سحقه، كما يحاولون اليوم في سورية والعراق.. نعاقب ونحن نملك المال ومن ملك المال ملك القوة.. لماذا تغيّرت المعادلة عندنا؟ وأصبحنا صورة الضعف الوحيد في العالم، نتفنّن بشكل لا مثيل له في الخضوع والخنوع.. أفريقيا تتمرّد، أميركا الجنوبية تتمرّد، ونحن نركض لنيل البركة والمباهاة بالظهور على الصور… والخليج يتصرف حكامه وكأنهم ولاية أميركية بكلّ معنى الكلمة..

أبكيك فلسطين… فقد باعك العرب وأضاعك الأعراب وتخاذل القادة من أبنائك إلا في الخطابة والكتابة.. لقد أفلست العروبة في إثبات وجودها، ولو فعلت لغيّرت وجه التاريخ.. سنبقى في خانة الذلّ الى أن يأتي جيل يأبى ان يكون قبر التاريخ مكاناً له في الحياة، فيقف وقفة العز ويغيّر مجرى التاريخ..

فلسطين لن تكون لشعبين… هكذا يؤمن اليهود وعلى هذا الأساس يسيرون ويعملون.. فلسطين دولة يهودية ونسجل هنا ما قاله رئيس وزراء اسرائيل ديفيد بن غوريون ترديداً توراتياً: «سيأتي من نسلك ملوك يحكمون حيث تطأ قدم الإنسان الى تلك أعط كلّ الأرض التي تحت السماء وسوف يحكمون كلّ الأمم حسب رغبتهم وبعد ذلك سوف يسحبون الأرض كلها اليهم ويرثونها الى الابد».

«إسرائيل» دولة يهودية، ومن يريد ان يقيم فيها عليه الاعتراف بهذا الكيان والإقامة فيه دون أية مساواة بينه وبين اليهودي ولا سلطة غير سلطة الدولة اليهودية… والاستيطان هو التعبير الفعلي لهذا المخطط وأساسه وركنه.. لهذا يهدمون كلّ ما هو فلسطيني ويبنون مكانه مستقراً لهم السياسة المستقبلية لدولة «إسرائيل» اليهودية لا مكان فيها لغير أبنائها وكتاب «صراع الحضارات» لمؤلفه جوناثان كوك.. الكاتب اليهودي من سكان الناصرة.. وهو عضو سابق في هيئتي تحرير صحيفتي «الغارديان» و«الاوبزفر» ويكتب الآن في «التايمز» و«انترشيونال هيرالد تريبيون» و«الأهرام» و«ويكلي» و«لوموند دبلوماتيك».. يكشف بوضوح المنهج للسلوك والمخطط اليهودي ويقول:

«إنّ التدمير الخلاق هو الخصلة التي تميّزنا، سواء داخل مجتمعنا أو في الخارج. إننا نهدم النظام القديم كلّ يوم، من عالم الأعمال، إلى عالم العلم، والأدب والفن والعمارة والسينما، إلى السياسة والقانون. لقد ظلّ أعداؤنا على الدوام يكرهون زوبعة الطاقة والإبداع هذه، التي تعرّض للخطر تقاليدهم كائنة ما كانت وتفضحهم لعجزهم عن المجاراة. وإذ يرون أميركا تحطم المجتمعات التقليدية، يخشوننا، لأنهم لا يرغبون في أن يُحطَّموا. لم يعد بإمكانهم أن يشعروا بالأمان ما دمنا هناك، لأنّ وجودنا في حدّ ذاته وسياستنا يهدّد شرعيتهم. ولا بدّ لهم من أن يهاجمونا ليحافظوا على بقائهم، تماماً كما لا بدّ أن نحطمهم لدفع عجلة رسالتنا التاريخية».

ومن الممكن بناء على هذه القراءة للأمور كما يقول المؤلف انّ «إسرائيل» وجدت نفسها في بعض الأحيان تتلقى إملاءات المحافظين الجدد، أو تُدفع لكي تحقق وعوداً كافحت عملياً لتحقيقها. وكانت تلك بالتأكيد هي الهيئة التي بدت عليها أثناء الهجوم على لبنان، عندما أدركت القيادة «الإسرائيلية» بسرعة أنها لن تستطيع أن تتحمّل خسائر غزو بري. وبدا أنّ الحرب تتواصل على الأغلب بإغراء من المحافظين الجدد، الملتزمين بصورة مطلقة باستراتيجية إزالة خطر حزب الله كشرط مسبق لشنّ هجوم على طهران، دون ان يواجهوا مثل ساسة «إسرائيل» احتمال دفع التكاليف من شعبيتهم لدى جماهيرهم، بسبب خسائر في أرواح الجنود الأميركيين.

والنقطة الثانية ان تردّد واشنطن الظاهر في تطبيق المرحلة التالية من التصور أيّ مهاجمة إيران يعكس عجز الولايات المتحدة و«إسرائيل» عن إدارة الحروب الأهلية والتمردات، بالإضافة إلى التأثير في الرأي داخل الوطن، بالقدر الذي تخيَّلتاه من النجاح.

وكان تصور «إسرائيل»، للشرق الأوسط تحت حكم «إسرائيلي» وأميركي مشترك انه: رائع. فقد كانت لدى «إسرائيل» افتراضات مبسطة تليق بتصورات المؤسسة الأمنية «الإسرائيلية»، التي تعتبر العرب والمسلمين، بيادق يمكن التحكم بها بالمكائد والدسائس «الإسرائيلية» والغربية.

وهي تفترض وجود «عقلية عربية» بدائية مألوفة لدى الوسط الأكاديمي «الإسرائيلي» والمؤسسة الأمنية «الإسرائيلية». ولذلك لم يكن مدهشاً انّ أهمّ كتاب عن الشرق الأوسط، شائع في أوساط المحافظين الجدد والجيش الأميركي هو الكتاب الشهير بعنصريته، والذي يحمل عنوان «العقلية العربية»، الذي ألّفه سنة 1976 رافائيل باتاي، وهو يهودي هنغاري أمضى سنوات يدرّس في الجامعات «الإسرائيلية» قبل أن يرحل إلى الولايات المتحدة. وقد طور باتاي، نظرية عن الشخصية العربية توحي بأنّ العربي لا يفهم سوى لغة القوة، وانّ أكبر ضعف في شخصية العربي هو العار والإهانة الجنسية. ومن الواضح أنّ مثل هذه المبادئ، هي التي كانت وراء نظام التعذيب الذي وضعه الجيش الأميركي في سجن أبو غريب في العراق.

وقبل أن يناقش المؤلف الخطة «الاسرائيلية» الأميركية لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، يراجع العلاقات المعقدة في العادة بين «إسرائيل» وراعيتها، فيقول انّ «اسرائيل»، بعد إنشائها سنة 1948، واصلت السعي الى تأمين الحماية من قِبل قوة عظمى، مثلما فعلت الجالية اليهودية في فلسطين قبل قيام الدولة، بينما استمرّت في الوقت ذاته، في تنفيذ أهدافها التي تنفرد بها. وكان أهمّ تلك الأهداف تطوير أسلحة نووية، تعتبرها المفتاح لا لضمان مكانتها ضمن الشرق الأوسط المعادي لها، وحسب، بل المفتاح كذلك لحمل حلفائها على إعادة النظر في دورها كعنصر للتغيير في المنطقة.

أبعدَ كلّ هذا نعود فنكرّر ما قلناه.. إذا لم نكن أحراراً من أمة حرّة فحريات الأمم عار علينا.. وما أخذ بالسيف بالسيف يؤخذ.. ولا يغيّر الله ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم..

أيها الأعراب تقهقهون فرحاً عندما تنجح مؤامرة تعدّونها لسورية او العراق او اليمن… ولا تدمع لكم عين ولا تحدث في حلوقكم غصة وأنتم ترون أعداء أمتنا فرحين بما يحلّ بنا من كوارث وويلات شاركتم في صنعها، وتعقدون التحالفات مع تركيا و«إسرائيل» وتخططون عبرها لتدمير بلادنا وقتل أهلنا..

أذكركم بقول سعاده: انّ الخطر اليهودي هو أحد خطرين أمرهما مستفحل وشرهما مستطير والثاني هو الخطر التركي.. وانّ من تقاعس عن الجهاد مهما كان شأنه فقد أخر في سير الجهاد..

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024