شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2017-04-29
 

الحياة ملحاً وجوعاً للكرامة

هاني الحلبي - البناء

ما أدراك ما السجن! فكيف حال السجن بين يدي عدو الحياة. يسدّد على وجودك. يستهدف قوة الحياة فيك!

هو ميدان حرب مفتوحة. أسلحته كيماوية وبيولوجية وجرثومية وعلمية جداً، فضلاً عن أسلحة عصور ما قبل البشرية السماوية وشرائعها.

ومَن نعنيهم في السجن ليسوا قطّاع طرق، ولا مروّجي عملة مزوّرة، ولا تجار او متعاطي مخدرات، بل هم مقاومون! حظهم الرائع، أو العاثر، ربما لا فرق الآن بينهما، أنّهم ولدوا في زمن الاحتلال وفي عصره الكئيب وبين جدران فصله العنصري، ليلقي عليهم المهمة الطبيعية الأولى وهي العمل على إزالته!

والأسرى حبال السرة لروح الوطن وبقية كرامة الأرض التي تستبيحها سلطتان تفاخران بانقسامهما، ووعد صادق جديد يأذن بالحلول القريب. بضعة أيام، عشرات الأيام، مئات الأيام، آلاف الأيام وسيخضعون لشهدائنا الأحياء الجائعين، المضربين عن الطعام بالماء والملح ليكون انتصار يليق بشعب فلسطين.

جائعون نعم. فما أن يسمعوا صليل المفاتيح بالأقفال حتى يطمئنوا أن وجباتهم قد حضرت. وسيتم التوزيع خلال دقائق! لكن المشرف على الطعام يترك رائحته تنتشر من بهو السجن من دون أن يوزّعه للأسرى! الغذاء رائحة «شمّ ولا تذوق»!

في يوم آخر، يحلّ الكرم على إدارة السجن، تأتي بالطعام ساخناً، لكن رائحته مختلفة، مرق غريب، قطع مسلوقة فيه، لا يمكن أن تخفيها توابل الشرق الأقصى كلها. إنه شوربة براز السجانين! يتم توزيع شوربة الاحتلال الفاخرة في سجونه «الخمس نجوم» دعائياً!

في يوم ثالث، إدارة السجن خارج السمع، وخارج النظر، لا وجبات اليوم. «كلوا هواءكم واشربوا بولكم، أنتم يا مَن تدققون في ما هو حلال وفي ما هو حرام! لا شك هذا هو حلالكم اليوم!

الطعام سلاح. والجوع سلاح. والإضراب عن الطعام جوعاً هو السلاح. سلاح الانتفاضة التي لا تلبث أن تشتعل وتضطرم بعد أن تخبو بفعل سقوط معظم القيادات الفلسطينية النافذة راهناً عن مستوى التحدي التاريخي.

لقد تمّ إطلاق هذا السلاح الفتّاك. بعد أن فتحت سكاكين المطبخ الفلسطيني أقنية للوجع والدم، تحرث بها أيدي شبان وفتيات فلسطين خريطة الطريق الوحيدة للحرية القومية.

..وقام شعبكم، وأصدقاء شعبكم في الوطن كله وفي العالم، يعتصم، يستنكر. يرفض القتل جوعاً وإضراباً. المضرب عن الطعام دخل الحياة من رحم ولادة خالدة.

وهنا عيّنة من نشرات الهلال الأحمر الفلسطيني فقط خلال ساعات بعد ظهر أمس الجمعة حتى الساعة 4,30 عن انطلاق مسيرات وصلوات جماعية ومواجهات بين شبان فلسطينيين وجنود الاحتلال:

«إصابات بالرصاص المطاطي والمغلّف والتوتو وحالات اختناق في عموم الضفة الغربية والقدس في مواجهات مندلعة حتى الآن بعد قمع الاحتلال مسيرات خرجت بعد صلاة أمس الجمعة تضامناً مع الأسرى المضربين عن الطعام في سجون العدو.

انطلاق مسيرة حاشدة من المسجد الأقصى المبارك بعد صلاة أمس الجمعة مباشرة دعماً لإضراب الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال.

اندلاع مواجهات في مختلف مناطق من الضفة الغربية في هذه الأثناء تضامناً مع الأسرى في السجون.

اندلاع مواجهات قرب مخيم جنين. اندلاع مواجهات في بلدة رافات.

اندلاع مواجهات في مخيم العروب بعد إطلاق الاحتلال النار على خيمة الاعتصام والتضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام في السجون.

اندلاع مواجهات في منطقة رافات قضاء رام الله مقابل معسكر «عوفر»، والاحتلال يُطلق وابلاً من قنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت والرصاص المطاطي والمغلّف باتجاه الشبان مما أدى لوقوع إصابات بحالات اختناق.

اندلاع مواجهات عنيفة على مدخل قرية الناقورة شمال غرب نابلس.

اندلاع مواجهات في بلدة بيتا قضاء نابلس والاحتلال يُطلق النار وقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والمغلف باتجاه الشبان.

اندلاع مواجهات عنيفة في بلدة سلود شمال شرق مدينة رام الله بعد انطلاق مسيرة جماهيرية حاشدة وسط البلدة دعماً لصمود أسرانا في إضرابهم عن الطعام في السجون.

اندلاع مواجهات عنيفة على حاجز قلنديا بعد انطلاق مسيرة حاشدة باتجاه الحاجز دعماً ومساندة للأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال.

اندلاع مواجهات عنيفة في شارع الشهداء في مدينة الخليل بالضفة الغربية قبل قليل.

الجماهير الفلسطينية أقامت الصلوات أمس الجمعة في مراكز جميع مدن الضفة الغربية وفي خيم الاعتصام وفي القرى والبلدات الفلسطينية دعما للأسرى المضربين عن الطعام»….

..ها هي الانتفاضة المباركة، التي يتفاخر مسؤولون في سلطة رام الله بأنهم منعوها، وعقّموا فيتاميناتها الحيوية.. تتحرّك لتفعل وتدحرج الطاولة ومَن حولها!

دعوا الصحون تصدأ والسكاكين والملاعق.

دعوا المطابخ تعشش فيها صراصير العفونة.

طعام الاحتلال ورواتب السلطة دم أبيض وأزرق يسلب الجسد الفلسطيني شبابه، ليحوّل المقاوم شلواً متهالكاً.

المقاوم خبزه الشمس. ماؤه الملح. هواؤه الكرامة!

لتكن حرب السكاكين التي افتتحها مهنّد الحلبي من سنتين ونصف ثورة حقيقية..!

لتكن حرب الأمعاء الخاوية إعادة وصل شرايين فلسطين لتحيا ثورة حتى النصر الفعلي، رغم جدران العزل!


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه