شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2017-06-23
 

حكّام الخليج تحت الوصاية ومحور المقاومة في عين العاصفة

د. سمير الخطيب - البناء

لا يمكن أن تحصل أزمة الخليج من دون موافقة مباشرة أو غير مباشرة من الإدارة الأميركية على اعتبار أنّ هذه الإمارات والمشيخات هي أدوات تنفيذ تُعطى هوامِش ضيقة ومحدودة ومضبوطة بإيقاع مخابراتي. وبقراءةٍ موضوعيَّة لحقيقة ما يحصل في المنطقة ومَن المستفيد نجد أنّ الولايات المتّحدة هي المستفيد الأكبر والأول من هذه الأزمة. فحصار قطر بوابة لنهب ثرواتها بعد أن نهبت أميركا أموال السعودية والبحرين والإمارات، وهي اليوم تفرض خدماتها لإنقاذ قطر من خلال الدخول بوساطة لحلّ الأزمة وفي الوقت نفسه تعرض عليها الحماية من التهديدات والتداعيات والأخطار المحدقة بها، وها قد بدأت السفن الحربية الأميركية بالوصول إلى الدوحة تباعاً مقابل مئات مليارات الدولارات والمزيد من الامتيازات والاستثمارات والعقود مع شركات النفط والغاز. وأولى هذه الصفقات مبلغ 12 مليار دولار ثمن طائرات F15 الأميركية، وبعيداً عن الجانب الاقتصادي، المطلوب من قطر اليوم قطع علاقاتها بالجمهورية الإسلامية الإيرانية ومعاداة حركة حماس والإخوان المسلمين وطردهما من الدوحة، مع العلم أنّ أميركا هي التي طلبت من القطريين احتواء واستيعاب هذين التنظيمين، وبذلك تكون قطر قد دفعت الثمن غالياً بالاقتصاد والسياسة، وربما تكون هناك مفاجأة جديدة داخل الأسرة الحاكمة في قطر.

على كلّ حال الولايات المتحدة تتعامل مع هذه المشيخات على مبدأ المنشار، تنهبها صعوداً وهبوطاً مع السّمع والطاعة من أولياء الأمر.

بالتأكيد لا يشكِّل الخلاف الخليجي أيّ خطر على محور المقاومة، بل على العكس تماماً لأننا أمام فريقين مجرمين أياديهما ملوّثة بدماء السوريين واللبنانيين والليبيين والعراقيين واليمنيين. فريقان تاريخهما أسود بالتآمر والخيانة والعمالة على كلّ القضايا المصيرية للأمة، وجميع القمم التي حصلت مؤخراً سواء في البحر الميّت أو في الرياض كان على رأس أهدافها ضرب محور المقاومة بالوسائل المتاحة كافة، ومَن يتابع مقرّرات هذه القمم وبياناتها الختامية وتصريحات ابن سلمان وتهديداته بنقل المعركة إلى الداخل الإيراني يدرك هذه الحقائق.

لقد انتصرت المقاومة في لبنان والعراق بفضل حلف المقاومة المتماسك والقوي. وعلينا أن ندرك أنّ العدو لا يفرّق بين دول هذا المحور ويعتبرها جميعاً أعداء له، وأنّ أكثر ما يقلقه هو إنجازات الجيش السوري وحلفائه والتعاون بين العراق وسورية من أجل السيطرة على المنافذ البريّة التي تربط طهران بدمشق، وكلّ الحشود العسكريّة الأميركية والبريطانية والأردنية على طول الحدود بين سورية والعراق تهدُف إلى منع هذا التواصل الجغرافي الذي بات أمراً واقعاً، بغية وضع المنطقة بقبضة الكيان الصهيوني وسلب الثروات والممتلكات ومتابعة التآمر على القائد الأسد.

نحن نَعي خطورة الموقف وأنّ هذا المحور في قلب العاصفة وسيواجه مرحلة جديدة يقاتل فيها الأصيل بعد فرط عقد الوكيل وسقوطه على يد أبطال هذا الحلف. ونعلم تماماً أنّ الولايات المتحدة تتصرّف بناءً على معرفة دقيقة بقدرات الطرف الآخر وبنفسيته وبمدى استعداده للتحرك دفاعاً عن نفسه، فهي لا ترحم عندما تدرك أنّ من يقف أمامها عاجزٌ عن الفعل، لكنّها تفكر ألف مرّة عندما تدرك أنّ هناك رجالاً مستعدون للردّ من دون خوف لذلك تضع خططاً عديدة لتحقيق الغاية نفسها. وهي تتكيّف مع الحدث حسب المستجدات، وبالتالي نلاحظ تناقضات في كثير من التصريحات خلال 24 ساعة، فمثلاً البيت الأبيض يعطي تصريحاً فيما الخارجية تعطي تصريحاً مناقضاً، ويعطي وزير الدفاع تصريحاً ثالثاً مختلفاً، ذلك أنّ واشنطن ليست واثقة من النجاح بخطّة واحدة فهي لا تستطيع أن تنجح بكلّ شيء مهما امتلكت من عناصر القوة. وكلنا يعلم أنّ الكثير من حروبها في أفغانستان والشرق الأوسط لم تكن لتقع لولا التمويل السعودي خصوصاً، والخليجي عموماً، لأنّ أول ما تفكر فيه الولايات المتحدة هو دافع الضرائب الأميركي ودماء جنودها.

إن المعركة اليوم هي معركة صراع على إرادات سوف ترسم مصير العالم. ومن يقرأ التاريخ يدرك أنّ الشعوب التي تملك الإرادة والتضحية شعوب عصية على الهزيمة وهي مَن تقرّر مصير التاريخ مهما كان الثمنز وهنا لا بدّ من تأكيد أنّ روسيا الصديقة بحنكةِ قياداتها عرفَت كيف تستغلّ هذه اللحظة التاريخية لتقف داعمة لهذا المحور وتكرّس حقيقة باتت راسخة، وهي أنّ العالم لا يمكن أن يُقاد بالأحادية القطبية ولا بدّ أن يكون القانون الدولي هو الفصل في مختلف الصراعات في هذا العالم.


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه