شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2017-08-21
 

العراق - ملامح صفقة بين بغداد وأربيل تقوم على تأجيل الاستفتاء مقابل المال

وام - أثيرت داخل الأوساط الكردية العراقية إمكانية تأجيل الاستفتاء على استقلال الإقليم عن الدولة العراقية، والذي بدأ مع اقتراب موعده المحدّد بالخامس والعشرين سبتمبر القادم يتحوّل إلى أزمة سياسية في الداخل العراقي وحوله.

وقال ملا بختيار مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني إن أكراد العراق قد يدرسون احتمال تأجيل الاستفتاء مقابل تنازلات مالية وسياسية من الحكومة المركزية في بغداد.

ويحمل كلام بختيار بوادر لين، هي الأولى من نوعها، في الموقف الكردي المصرّ على إجراء الاستفتاء في موعده. وكان آخر من جدّد تمسّكه بذلك رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني في تصريحات لصحيفة عكاظ المحلّية السعودية قال فيها إنّ أكراد العراق ذاهبون إلى الاستفتاء لتقرير مصيرهم لأنّهم لا يريدون العودة إلى تجربة المئة سنة الماضية الفاشلة.

وخضعت الأطراف الكردية المتبنية لفكرة الاستفتاء لضغوط شديدة، أبرزها من قبل الولايات المتّحدة، التي لا يبدو اعتراضها على فكرة استقلال كردستان بحدّ ذاتها ولكن على توقيت الشروع في تنفيذها، إذ أنّ الفترة الحالية بالنسبة لواشنطن هي فترة إعادة تركيز النفوذ في الشرق الأوسط بما فيه العراق وسوريا وانتظار ما ستؤول إليه الأوضاع هناك.

وقال المسؤول بالاتحاد الوطني الكردستاني، إن وفدا كرديا يزور بغداد للاطلاع على مقترحات من قادة عراقيين قد تقنع الأكراد بتأجيل التصويت.

وتتخوف الولايات المتحدة ودول غربية أخرى من أن يشعل الاستفتاء صراعا جديدا للأكراد مع بغداد، وأيضا أنقرة وطهران ويصرف الانتباه عن الحرب الدائرة ضد تنظيم داعش، وقد يخلط أوراق واشنطن ومساعيها لتركيز نفوذها باستخدام الحرب ذاتها، والتي توظّف فيها عناصر كردية بالشرق السوري.

وطلب وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون رسميا من مسعود البارزاني رئيس كردستان العراق قبل عشرة أيام تأجيل الاستفتاء.

وقال بختيار لوكالة “كبديل لتأجيل الاستفتاء، بغداد مستعدة لأن تحقق أي شيء لإقليم كردستان”. واعتبر أنّ على بغداد أن تكون مستعدة لمساعدة الأكراد على تخطي الأزمة المالية وتسوية ديون مستحقة على حكومتهم.

وقدر حجم تلك الديون بما يتراوح بين عشرة و12 مليار دولار بما يساوي تقريبا الميزانية السنوية لكردستان وهي ديون مستحقة لمقاولين نفّذوا أشغالا عامة وموظفين حكوميين ومقاتلين من البيشمركة لم تصرف رواتبهم كاملة منذ شهور.

وعلى الصعيد السياسي قال إن على بغداد الالتزام بالموافقة على تسوية مسألة المناطق المتنازع عليها مثل منطقة كركوك الغنية بالنفط التي يقطنها أيضا عرب وتركمان.

وقال إن الوفد الكردي سينقل المقترحات التي سيتلقاها إلى الأحزاب السياسية الكردية لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت كافية لتبرر تأجيل التصويت، مشددا على احتفاظ الأكراد بالحق في إجراء التصويت في موعد لاحق حال التأجيل.

وقال “نحن لا نقبل أن يطرح علينا أن نؤجل الاستفتاء من دون بديل ودون أن يحددوا أجلا آخر للاستفتاء”.

وأوقفت بغداد دفعات التمويل من الميزانية الاتحادية لحكومة كردستان في 2014 بعد أن بدأ الأكراد في تصدير النفط بشكل مستقل عبر خط أنابيب إلى تركيا. وتبلغ حصّة الإقليم من الموازنة الاتحادية ما نسبته 17 بالمئة.

ويقول الأكراد إنهم كانوا بحاجة للإيرادات الإضافية للتعامل مع زيادة النفقات التي تسببت فيها الحرب على تنظيم داعش وتدفق أعداد كبيرة من النازحين على كردستان.

وانهارت الشهر الماضي عمليا ما يسمى دولة “الخلافة” التي أعلنها التنظيم، عندما نجحت القوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة في استعادة السيطرة على الموصل بالكامل من قبضته بعد حملة استمرت تسعة أشهر شاركت فيها قوات البيشمركة الكردية.

لكن التنظيم المتشدد مازال يسيطر على أراض في غرب العراق وشرق سوريا. وتعهدت الولايات المتحدة بمواصلة دعمها للقوات الحليفة في الدولتين لحين هزيمة الدولة الإسلامية تماما. ومن تلك “القوات الحليفة”، قوات سوريا الديمقراطية (الكردية) التي تتولى بمساعدة الولايات المتحدة خوض المعركة بشكل رئيسي ضدّ داعش في الرقّة السورية، تحت أنظار تركيا شديدة القلق من تسليح الأكراد وتحويلهم إلى قوّة ضاربة في المنطقة. ومن المرجّح أن من أسباب اعتراض واشنطن على الاستفتاء تهدئة قلق أنقرة وعدم دفعها إلى خطوات أكثر راديكالية ضدّ الأكراد.

ويسعى الأكراد لإقامة دولة مستقلة منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى على الأقل عندما قسمت القوى الاستعمارية الشرق الأوسط لتترك الأراضي التي يسكنها الأكراد منقسمة بين تركيا وإيران والعراق وسوريا.

وتعارض تركيا وإيران وسوريا، وتقطنها مجتمعة أعداد كبيرة من الأكراد، استقلال كردستان عن العراق. ورفضت حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الاستفتاء المزمع ووصفته بأنه غير دستوري.

وكان البارزاني أبلغ رويترز في يوليو الماضي أن الأكراد سيتحملون مسؤولية نتيجة الاستفتاء المتوقعة وهي تأييد الاستقلال وتطبيق ذلك عبر الحوار مع بغداد وقوى إقليمية لتجنب الصراع. وقال “علينا تصحيح تاريخ سوء المعاملة بحق شعبنا”. وتعيش غالبية الشيعة في جنوب العراق فيما يقطن الأكراد والعرب السنة في الشمال ويسكن وسط البلاد حول العاصمة بغداد خليط من الأعراق والطوائف المختلفة.

ويقول مسؤولون أكراد إن الاستفتاء سيجرى أيضا في مناطق متنازع عليها بما يشمل كركوك الغنية بالنفط لتحديد ما إذا كانت تريد أن تظل ضمن كردستان.

ومنعت قوات البيشمركة الكردية الدولة الإسلامية من الاستيلاء على كركوك في شمال العراق عام 2014 بعد أن انهار الجيش العراقي أمام تقدم المتشددين. وتدير تلك القوات كركوك حاليا ويقول كل من التركمان والعرب إن لهم حقوقا في المدينة أيضا.

وهددت جماعات شيعية عراقية مسلحة مدعومة من إيران بطرد الأكراد بالقوة من تلك المنطقة وثلاث مناطق أخرى متنازع عليها وهي سنجار ومخمور وخانقين.


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024جميع المقالات التي تنشر لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع