شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2017-08-23
 

العالَمُ الأوّل في الشرق...

رمزي عبد الخالق - البناء

لأنه الأدرى بحجم ما تواجهه سورية لم يستعجل الرئيس بشار الأسد إعلان النصر، لكنه ضمّن خطابه أمام مؤتمر وزارة الخارجية والمغتربين يوم الأحد الفائت الكثير من بوادر هذا النصر ومعالمه، وضمّنه في المقابل مؤشرات ووقائع تؤكد فشل المشروع الغربي المعادي، والغرب كما أوضح يعني الغرب السياسي وليس الجغرافي فحسب.

وضع الرئيس الأسد في الخطاب الخطوط العريضة لبرنامج ما بعد النصر… انطلاق مرحلة التعافي الاقتصادي وإعادة البناء والإعمار… على أنّ الموقف الأكثر وضوحاً وصراحة وتعبيراً عن إرادة السوريين الجامعة، تمثل في اللغة الحاسمة التي استعملها ليضع الخط الأحمر أمام مشاركة كلّ من كانت له يدٌ في هدم ولو حجر في سورية، حتى لا نقول كلّ من كانت له يد في استباحة دماء السوريين، سواء أكان هؤلاء المستبيحون أفراداً أم تنظيمات أم دولاً…

لن يشارك هؤلاء بالطبع في مرحلة النهوض، ولن يكون لهم أيّ دور على الإطلاق، لأنّ الثمن الذي دفعته سورية والسوريون للانتصار على المخطط التآمري كبير جداً على المستويات كلّها. ولا تسمح الوطنية ولا الأخلاق ولا الإنسانية أن يكون مَن شارك في التآمر والخيانة والعمالة والهدم شريكاً، ولو بالفتات في عوائد إعادة الإعمار والبناء.

وعلى هذا الأساس الوطني والسياسي والأخلاقي بنى الرئيس الأسد مقاربته الجديدة، فأعطى للدبلوماسيين السوريين توجيهات علنية واضحة، بأنّ العلاقة مع الغرب غير مفيدة، لم تكن كذلك طوال عقود ماضية، ولن تكون أفضل في ما سيأتي، أما العلاقة مع الشرق وأيضاً الشرق هنا بالمعنى السياسي وليس الجغرافي فحسب ، ففيها المصلحة الوطنية والقومية بالدرجة الأولى، وفيها أيضاً كلّ الاحترام والندية بعيداً عن الإملاءات والغرور والفوقية.

وقد كان للحزب السوري القومي الاجتماعي طرح مشابه قبل سنوات، حين أطلق مبادرة لإنشاء مجلس التعاون المشرقي الذي يمكن أن يطال الجوانب السياسية والاقتصادية… والأمنية كلّها وضرورة التعاون في مواجهة الإرهاب الذي لا يوفر دولة ولا شعباً على امتداد هذا المشرق، وصولاً إلى الشرق الذي عناه الرئيس الأسد، والذي يمتدّ من إيران إلى روسيا والصين ليصل بالمعنى السياسي إلى أميركا اللاتينية وعنوانها اليوم فنزويلا التي تواجه المطامع الأميركية والغربية والسعي إلى الهيمنة والتسلّط على قرارها ومواردها وخيراتها.

لقد تغيّر العالم اليوم، ولم يعُد مصطلح العالم الأول يعني الغرب حصراً، هناك في الشرق أيضاً عالم أول، كما قال الرئيس الأسد، وهناك أيضاً قدرات وموارد طبيعية هائلة قد لا تكون متوافرة للغرب، والأهمّ هناك الموارد البشرية التي تمثل في العدد وفي غير العدد أكثر من نصف سكان العالم.

بهذا المعنى سيجد هذا الغرب المتلوّن نفسه مضطراً للتلوّن من جديد، والإقلاع عن غروره وغطرسته، واستيعاب الدروس السياسية الحاضرة والمعادلات الاقتصادية الجديدة، وبالتالي سيكون هو أيضاً مجبراً على التعامل مع الشرق بندّية واحترام، لأنّ انتصار سورية أكد أنّ زمن التعامل بالقوة مع الشعوب الحرة ولّى واندثر…


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه