إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

عاصمة السيسي الجديدة: عفواً... ممنوع دخول الفقراء!

جلال خيرت - الاخبار

نسخة للطباعة 2018-07-03

العاصمة الإدارية الجديدة التي تنشئها الحكومة المصرية لا مكان فيها للفقراء. قرار ينفذ بهدوء وسرية، في وقت يبحث فيه عن بدائل لإقامة محدودي الدخل بالقرب منها، لتظل منتجعاً خاصاً بالأغنياء ومؤسسات الدولة!

باتت حقيقة مؤكدة أنه لا مكان للفقراء في العاصمة الإدارية الجديدة، وهي ما بدأ المسؤولون المصريون يلمحون إليها في التصريحات الرسمية، على عكس التصريحات السابقة التي صدرت من الرئيس عبد الفتاح السيسي، عندما قال إن العاصمة التي تنشأ على أطراف القاهرة ستكون لجميع فئات المجتمع. ففي الوقت الذي تأمل فيه الحكومة نقل عدد كبير من الوزارات والمباني الحكومية بحلول النصف الثاني من العام المقبل، تواصل «الهيئة الهندسية للقوات المسلحة» ووزارة الإسكان تنفيذ 8 أحياء سكنية بعد توصيل المرافق إلى قطع الأراضي المختلفة خلال الشهور الماضية، وذلك تمهيداً لتسليم وحدات سكنية بالآلاف، بالتزامن مع العديد من المباني الحكومية التي أنجز في غالبيتها ما لا يقل عن 60% من الأعمال الإنشائية، ومن بينها مجمع الوزارات وقصر الرئاسة ومجلس الوزراء ومقر البرلمان الجديد وغيرها من الوزارات التي ستنقل إلى الحي الحكومي بناءً على الخطة الطموحة المعتمدة قبل نحو 3 سنوات.

«الإسكان» أعلنت استعدادها لطرح أول وحدات سكنية خلال الأيام المقبلة بتسهيلات في السداد، وهي الوحدات التي يصل فيها سعر المتر إلى 11 ألف جنيه (100 دولار = نحو 1700 جنيه)، على أن يتم التسلّم خلال عام من تاريخ التعاقد. وتتضمن الوحدات مباني مكوّنة من طابق أرضي و7 طوابق «تم تشطيبها على مستوى عال». أما «الهيئة الهندسية»، فستطرح المجموعة الأولى من وحداتها في الحي السكني R2 الذي تنفذ فيه 25 ألف وحدة على مساحة 1100 فدان، لكن بعد انتهاء الطرح الأول للوزارة.

وكان السيسي قد أسند إدارة العاصمة الجديدة إلى مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية التي تأسّست كشركة مساهمة وفقاً للقرار الجمهورى الرقم 57 لسنة 2016، وتتولى بموجب ذلك «تخطيط وإنشاء وتنمية العاصمة (التي تبلغ مساحتها 170 ألف فدان يتم العمل في 40 ألفاً في المرحلة الأولى منها).... وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمراني». ويسهم في رأسمال هذه الشركة بنسبة 51% كلّ من جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، وجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة، و49% لهيئة المجتمعات العمرانية.

ورغم ارتفاع تكلفة توصيل المرافق إلى الأراضي في العاصمة التي تقع على أطراف القاهرة، فإن مجلس إدارة الشركة يؤكد أنه لم يحمّل الدولة أي مصاريف على أساس أن تحصيل الأموال يجري من مختلف الشركات الخاصة الراغبة في الشراء لإنشاء منتجعات سكنية فيها، بالإضافة إلى البنوك والشركات التي حصلت على أراض لتكون مقار لها، علماً بأن تقنيات حديثة استخدمت للمرة الأولى في تأسيس المدن المصرية طُبّقت في العاصمة الجديدة، منها توصيل مرافق المياه والصرف عبر أنفاق. ووفق مصادر حكومية مطلعة على الملف، فإن مجموعة الأبراج التي سوف تنشأ في العاصمة الإدارية بتمويل عبر قرض سكني صيني قد تطرح للبيع بالدولار، مشيرة إلى أن وزارة الإسكان «تسعى إلى تحقيق عائد مادي وليس مجرد التنفيذ فقط».

جراء ذلك، يوضح المصدر أن هذه الأبراج «ستكون على غرار الأبراج الشهيرة في دبي والدوحة... تأخر التنفيذ راجع إلى غياب شركات قادرة على تنفيذ هذه الأبراج التي ستكون الأعلى في أفريقيا، لذلك استعين بشركات أجنبية لتنفيذها بالتعاون مع شركات محلية ستوفر العمالة اللازمة لإنجاز المشروع خلال ثلاث سنوات».

أما في الأحياء الثمانية التي يجري العمل فيها، فلا توجد وحدة واحدة لمحدودي الدخل، إذ إن جميع العقارات التي تُبنى للفئات الاجتماعية أعلى من المتوسطة، سواء من خلال الجمعيات التي حصلت على أراض للبناء أو الشركات الخاصة والهيئة الهندسية وهيئة المجتمعات العمرانية. وللتوضيح، فإن جميع الوحدات تنتمي إلى الإسكان الفاخر بدرجاته، وهو ما يجعلها بعيدة عن متناول موظفي الحكومة الذين يفترض نقل أعمالهم إلى العاصمة الجديدة حتى قبل اكتمال شبكة المواصلات الخاصة بها.

والواضح أن رفض إنشاء وحدات لمحدودي الدخل مرتبط باعتبار أن الشركة المشرفة هادفة إلى الربح وليس إلى مساندة فئات اجتماعية بعينها على حساب أخرى، وهو ما انعكس في مخاطبة كبريات الشركات لسداد قيمة الأراضي قبل حتى تسويق المشروعات. مع ذلك، ناقش مجلس إدارة العاصمة إمكانية استغلال مدينة بدر، التي يفصل بينها وبين العاصمة الجديدة الطريق الدائري فقط، لتكون مكان إقامة الموظفين المحدودي الدخل، على أن تزيد وزارة الإسكان (ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية) الاراضي ووحدات الإسكان الاجتماعي المطروحة في المدينة للموظفين، على أن يتم توفير خطوط مواصلات بينهما خلال الفترة المقبلة.

ويلقى الاقتراح الأخير ترحيباً واسعاً من مجلس الإدارة الذي وجد فيه حلاً سحرياً لتجنّب أي خسائر مالية محتملة من بيع عقارات لمحدودي الدخل، ولا سيما أن العاصمة الجديدة مقسمة بالكامل إلى أحياء راقية وكمبوندات فاخرة، فيما تعاني «بدر» من نسبة إشغال سكنية ضعيفة. وحالياً تدرس الوزارة هذا المقترح، فيما بات من المؤكد أنه مع انتقال الوزارات والهيئات الحكومية نهاية العام المقبل، لن تكون هناك من الفور وحدات لمحدودي الدخل في أي من أحياء العاصمة الجديدة.

إلى ذلك، أصدر محافظ البنك المركزي تعليمات شفهية لمسؤولي البنوك بمراجعة الموقف المالي بدقة لكل شركة ترغب في الاقتراض من أجل تنفيذ مشروع عقاري جديد، تخوفاً من عجز أي منها عن السداد، مطالباً بمراجعة جيدة للمركز المالي للشركة وأعمالها قبل الموافقة على القروض، ومشدداً في الوقت نفسه على تجنب منح قروض لمطورين عقاريين ينفذون أول مشاريعهم بمبالغ مالية تفوق 40% من نسبة المشروع. جاءت هذه التعليمات بعدما شهدت سوق العقارات أخيراً تعثراً ملحوظاً في سداد أقساط بعض الوحدات السكنية، كما واجه مطورون عقاريون مشكلات في عمليات إعادة البيع لبعض الوحدات السكنية التي لم يتمكن ملاكها الأوائل من الانتظام في السداد خلال الشهور الماضية.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024