إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

«السلطة» تضرب صمود الأسرى مجدداً

مي رضا - الاخبار

نسخة للطباعة 2019-01-05

لم ينتهِ مسلسل تحويل السلطة الفلسطينية وزارةَ الأسرى إلى مجرد هيئة، فهي منذ أن أقالت قبل مدة قصيرة عيسى قراقع من إدارة الهيئة، تواصل تقليص دورها، في وقت تحاصر فيه «نادي الأسير»، المؤسسة الأقدم، تحت وقع «الضغوط» الإسرائيلية

فوجئ أحد عشر محامياً يعملون في «هيئة شؤون الأسرى» الفلسطينية بإنهاء خدماتهم وتمثيلهم الأسرى أمام محاكم العدو الإسرائيلي، إذ لم تُجدد الهيئة عقود عملهم السنوية كما جرت العادة منذ عام 2008. الخطوة غير المسبوقة قبل أيام طاولت رئيس الدائرة القانونية في الهيئة إياد مسك، ومحامين آخرين شهيرين في قضايا الأسرى، في وقت امتنعت فيه الهيئة، التي كانت وزارة سابقاً، عن تقديم أسباب واضحة لذلك، تماماً كما فعلت عند إقالة رئيسها السابق (كان وزير الأسرى) عيسى قراقع، وسط أزمات تراكمية تلاحق الهيئة وبجانبها مؤسسة «نادي الأسير الفلسطيني».

ويربط كثيرون بين ما حدث، وبين التهديد الأميركي والإسرائيلي المتواصل في ملف الأسرى، وخاصة قضية رواتبهم التي صارت طرف مقايضة مقابل استمرار المساعدات للسلطة الفلسطينية، بل صار تحوّل وقف مخصصات الأسرى شرطاً لأي مفاوضات لاحقة. وعلى مدى السنتين الماضيتين، لوحظ أن «هيئة الأسرى» أوقفت صرف مستحقات مجموعة من الأسرى والمحررين، لكنها تراجعت جراء ضغوط واسعة.

مع ذلك، خرجت تسريبات نهاية العام الماضي عن إعادة هيكلة المؤسستين، ثم ثبتت التوقعات مع إقالة قراقع، ثم إيقاف رواتب 27 محامياً يعملون في «نادي الأسير»، وحالياً وقف عقود الأخيرين، وهي الخطوات التي رأى فيها المحامون والباحثون في قضايا الأسرى وحقوق الإنسان أنها مقدمة للتخلص من «النادي» والتخلي عنه، رغم أنه مؤسسة عريقة تخدم الأسرى قبل إنشاء السلطة وهو جزء من إرث قيادات «فتح». وكانت السلطة قد حولت «وزارة شؤون الأسرى» التي تأسست عام 1998 إلى هيئة تتبع «منظمة التحرير» في 2014، جراء تحريض إسرائيلي وأميركي تحت عنوان «استغلال المساعدات الدولية في تمويل الأسرى الذين ينفذون عمليات إرهابية».

**تحاول رام الله تقليص دور «نادي الأسير» لمصلحة «الهيئة»**

منذ متى بدأت الإشكالية؟ كان واضحاً أن الإضراب الجماعي الأخير في سجون العدو الذي جرى في نيسان/ أبريل 2017 (انتهى بعد 41 يوماً) كان محطة فارقة في الأزمة الداخلية لكل من «النادي» و«الهيئة». فمنذ أن أثار الإضراب جدلاً في الأوساط المعنية جراء عدم تحقيقه كامل أهدافه، استغلت السلطة الموقف لتشكيل لجنة يرأسها أمين السر لـ«مركزية فتح» اللواء جبريل الرجوب، قائلاً نهاية العام الماضي: «ستتم مأسسة الدوائر المختصة بشؤون الأسرى ودمجها في دائرة واحدة هي هيئة شؤون الأسرى والمحررين في إطار فهمنا الوطني، بعيداً عن المزاجية والشخصنة»، مضيفاً: «سنكرس مبدأ التخصص لرفع جودة الخدمة المقدمة إلى الأسرى والمحررين... وفقاً لآليات واضحة وقائمة على الرقابة والشفافية».

والآن، تتحدث مصادر إعلامية ومحلية عن أن إنهاء خدمات مسك وزملائه في «الهيئة» يعود إلى «توصيات الأجهزة الأمنية (الفلسطينية) بوقف عقودهم»، في حين أن مصادر أخرى وأسرى محررين، قالوا لـ«الأخبار» إن السبب الرئيسي هو «تغييرات جذرية متدحرجة سيشهدها نادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى»، وذلك بتقليص صلاحيات «النادي» أولاً، وإخراج «المزعجين» من الهيئة ثانياً». ويردّ هؤلاء على التبرير الأول بالقول إن «غالبية الوظائف الرسمية تخضع للفحص الأمني أصلاً منذ سنوات تلقائياً».

تشرح تلك المصادر أن «هيئة الأسرى» تنوي ضرب عصفورين بحجر جراء وقف المحامين الـ 11، لأن هذه الخطوة تريحها من أعباء مستحقات نهاية الخدمة لهم، وخاصة أن العقد السنوي (النوع القابل للتجديد) يمهّد للوصول إلى صيغة قانونية تجيز لهم الحصول على «نهاية الخدمة»، وهو ما عملت «الهيئة» على استباقه، علماً بأن العقود من هذا النوع تعمل به غالبية مؤسسات السلطة وقائمة واسعة من شركات القطاع الخاص.

ثمة خطوات أخرى يحذر منها محررون دخلت حيز التنفيذ وتهدف إلى إضعاف دور «الهيئة» وليس «نادي الأسير» فحسب، وهنا لم تنجح تصريحات رئيس الهيئة الجديد، اللواء قدري أبو بكر، في طمأنة الأسرى والمحررين، لما قال إن ما يحدث هو مباحثات بين «الهيئة» و«النادي» لتقديم خدمات أفضل وصياغة «علاقة تكاملية» دون تكرار للخدمات واختلاط للصلاحيات. وما سبق يؤكده امتعاض رئيس الهيئة السابق، قراقع، مما يجري، إذ حذر من وجود محاولات لإضعاف «الهيئة» وتهميش دورها، تزامناً مع استهداف حكومة العدو للأسرى. وقال قراقع في تصريحات إعلامية: «جمعية نادي الأسير أيضاً يجب الحفاظ عليها وتعزيز دورها وهي كما الهيئة رسمية ومسجلة، وأعضاؤها منتخبون ديموقراطياً».

وكان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان قد لوّح بفرض عقوبات إضافية على الأسرى الفلسطينيين، ومنها تقليص عدد الزيارات العائلية، وإلغاء الاعتراف بممثلي الأقسام والسجون، ووقف الفرز التنظيمي داخل الغرف وأقسام المعتقلات، ووقف «أموال الكانتينا» (المقصف) التي تحولها «هيئة الأسرى» إليهم ( 400 شيكل لكل أسير)، وكذلك الأموال التي يُدخلها أهاليهم (من 600 شيكل إلى 1200 شيكل كحد أعلى)، وأيضاً منع الأسرى من تسلّم مطابخ الأقسام أو تحضير الطعام بأنفسهم.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024