إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

ليس من عَلِمَ كمن لا يعلم (إلى منير حيدر)*

نضال القادري

نسخة للطباعة 2006-10-26

إقرأ ايضاً


أن يزيدك الله عمرا فليس بالضرورة أنك غادرت المراهقة الفجة!!! أن تكون خمسينيا أو ستينيا أو أكثر فذاك ليس معناه أن نقف مكتوفي الأيدي أمام حائطك المسدود بالبكاء على من يسقط في العراق أو يسقط في فلسطين صريعا من جدوى!!! كنت كل ما أتمناه أن يزيدك الله من أبابيله معرفة لتطير بها إلى الأفق الإنساني وتسدي نصائحك إلى الزمرة الإنسانية (بوش، بلير، ميريكل) حيث لا يفهمون من المجتمع سوى أنه معرفة إعمالا بقول مؤسس الحركة السورية القومية الإجتماعية أنطون سعادة:"المجتمع معرفة والمعرفة قوة".

إن الليبرالية هي الكلمة السحرية التي تنم عن حراك حداثي متطور في مفاصل المجتمعات الدولية، أما المراهقة فهي جهل للتطور واللبرلة والحداثة، وهي جدل في الخطاب السياسي، والثقافي، والإجتماعي، والإقتصادي دون الولوج في مضمون الخطاب نفسه. إن المراهقة التى نعتني بها يا "منير" تاج لن أتنازل عن وضعه في كل الأمكنة التي أدخل عليها، فليس من عادتي أن أنهزم أو أقهر أو أخجل بهذه المراهقة، وأنت لا تعرفني أبدا، حتى من كتاباتي في الشأن العقدي، السياسي، الإجتماعي والشعري منها، كما أن البراغماتية التي تفوهت بها عندما كنت تحاكي السيد إيليا باز لا تضاهيها لا الحداثة ولا المعرفة بذاتها، فما هو تفسيركم عندما تعترفون معا بيهود "الدولة العبرية" ثم ترفضون قيام دولة دينية من أي نوع كانت ثم تدعون إلى إنشاء دولة سورية أفرادها يتساوون في الحقوق كما جاء في رسالتكم حين تقول:".. لذلك أسألك ما رأيكم في موقف قومي يرفض الدولة العبرية ويرفض أية دولة دينية من أي نوع, بل يدعو الى إنشاء دولة سورية واحدة تتساوى فيها حقوق جميع الأفراد بما فيها يهود الدولة العبرية ويدعو الى وقف أية هجرة يهودية الى فلسطين. آمل أن تتحملوا مسؤولياتك والإعلان عن آرائكم في هذا الشأن. تخلفكم عن إبداء الرأي ليس له غير سبب واحد وهو أنكم لا تستطيعون إتخاذ مثل هذا الرأي." ـ إنتهى.

(ليس من عَلِمَ كمن لا يعلم)، نعم وأن تعلم يا "منير" نداء أنطون سعادة إلى الشعب السوري في 1 حزيران عام 1940:"أن الحركة السورية القومية ليست حركة انتصار لفريق محارب ضد فريق آخر محارب بل حركة تحرير الفكر السوري من إيحاءات الإرادات الأجنبية وإنشاء الدولة السورية القومية المستقلة" هو في غاية الأهمية من حيث تبلور الفكر القومي ونشوئه وارتكازاته المستقبلية. فعن أي قومية نحن نتكلم عندما نتنازل عن سيادة للشعب عن أجزاء من الأرض بفعل قوة الأخرين، أو لضعفك، وأيضا أي دورة إجتماعية نبشر بها إذا كانت فئة من البشر تتعالى في طبعها وطباعها على الأخرين، وهي ذات تاريخ مهجر ومهاجر وهجين كشجرة الموز في "الألسكا". نحن نعلم في الحزب السوري القومي الإجتماعي وأنت لا تعلم يا "منير"، وإذا كنت تدعي أن الموقف القومي مغيب بالكامل من قبل جميع المؤسسات التي تدعي التعبير عن "الموقف القومي" فهذا لا يعني صواب نظريتك ونورانية طرحك المستحيل.. ثم إن تصويرك للأمر بأني خاضع ثامل أسوة بباقي رفقائي في مؤسسة الحزب السوري القومي الإجتماعي فهذا هراء وتدليس وتجن على كامل المؤسسة التي لها شرف التخلص من الأفلاطونيين والبراغماتيين الإنهزيميين. إن قيادتي التي أتفاعل معها (ولا أخضع لها كما تدعي) ليست غارقة حتى إذنيها في قبول الدولة العبرية، وهات الدليل إن صح قولك، المثل يضرب بك "مجنون يحكي وعاقل يسمع"!! إن فعل النعت الذي تفوهت به لهو أشنع من التهمة. أدعوك لقراءة كل ما يصدر عن قيادتنا من بيانات وسترى أن فلسطين باقية في صميم القضية، فلسطين من البحر إلى النهر، ومشكلتنا مع اليهود والصهيونية "جينية" الطبع والطبائع، وجودية لا حدودية، ونحن نختلف مع كل أحزاب العالم تجاههم بمن فيهم (حزبك التجديدي الذي لم يفقهه سعادة) حزب قضيتك الجديدة التي لا ترى من الوطن السوري سوى إفهام العالم بأننا أصحاب قضية على حساب القضية، فماذا ستنفع جثة الوطن حينما نموت أحياء فوق ترابها؟! لمن سنقدم هذا الوطن هدية؟! هل للذين أفهمناهم بعدالة قضيتنا؟! نعم، إن من واجب كل الذين يدّعون أنهم يؤمنون بالفكر السوري القومي الإجتماعي والقضية القومية الإجتماعية، أن يتساءلوا عن مصير قضيتهم وإلى أين تتجه وما عليهم أن يفعلوا لتحقيق غايتها ومصالحها.. إن بداية الإنتصار ألا تتنازل عن مقاومتك ومن يمدها بالعون، وإذا كانت "إسرائيل" واثقة من أن القوة بجانبها، وحتى من دون الحق، فنحن أيضا لسنا وحدنا، لسنا متروكون لإله من شمع وماء، إن لنا من الحنكة ومن الدهاء ما يؤجل مشروعها ويقمع طموحاتها لأكثر من جيل، فلست أنت من يقرر ظروف حياة هذا الجيل ولا طبيعة سلطته الدستورية. إن سناء محيدلي ومالك وهبي وخالد علوان وكل شهداء أمتي مثالا يحتذى على أن الفكر البراغماتي الذي يرضى بالواقع ويشرع لعدالته المنقوصة، الواقع الذي يختصر القضايا والحق والعدل لا يصلح لأن يكون القاعدة التي تسابق نتائج الأحداث في المجرى التاريخي، فأن لا نسلم لليأس مضجعنا لهو خير دليل على أننا ما زلنا بألف خير رغم كل الذي يحصل. وعلى سبيل المقارنة، هل كان عصر أنطون سعادة وتقسيمات سورية الطبيعية إلى كيانات أقل من الذي وصلنا إليه من ناحية الفعل المادي؟ وما الذي منع سعادة من أن يطور نظريته أنذاك التي تختص باليهود؟ ولماذا أقسمنا الولاء للحزب وللزعيم، هل لنطرح مفاهيم مختلفة عنه بعد 74 عاما على تأسيس حركته السورية القومية الإجتماعية؟! إن الخطورة التاريخية متوازية ومتساوية ومترابطة مع الفعل المادي والمعنوي الذي ندعى بواسطة البعض للقيام به والتبشير به بما لا يتناسب مع مدرحية سعادة ونظرته إلى الكون والفن والحياة، وإلى أعداء الحياة ـ اليهود.

إن ما يجعلنا واثقين من انتصار قضيتنا وتحقيق غاياتها ومراميها هو أن لا نسلم في نتائج المسألة العراقية كما يراها الغريب والفئوي، وأن لا نسلم في المسألة الفلسطينية كما يراها الغريب والفئوي، وفي المسألة اللبنانية كما يراها الغريب والفئوي أيضا.. إن الخطر ليس هو الحرب وحده يا "منير"، أو ألف عراقي يموتون، أو ألفين، أو أكثر، إن الطائفية حرب، والعشائرية حرب، والفساد حرب، والعمالة حرب، والجهل حرب، وإن السياسة التي تقودنا إلى الفلاح والنصر وحدها لا تنهي الحرب، ولا تقضي على كل المشاكل، وهي ليست واحدة، كما أنها ليست نهائية في تكويناتها، وأنا لست بمنتظر لأن أرى صلاح الدين حول أسوار عكا!! ليس لأن زمن صلاح الدين قد ولى وانقرض بل لأن الإرادة الجامعة للتحرير قد تقلصت وانحسر مد المقاومة بأحزاب المقاومة فقط من دون السلطة التي هي الإطار الشرعي لكل هيئات المجتمع المدني بمن فيهم الأحزاب (وعلي قانصو أيضا)، أيضا نعتت هذه الأحزاب المقاومة بمسمى (الإرهاب) واستفاق الأخرون على هلال شيعي وأخرون لوحوا بهلال سني تذكروه.. لا مكان بين الهلالين لكل ما هو سوري، لا مكان فيه للنكهة السورية (الطبيعية والكبرى والصغرى، والعلمانية)، فكيف سيكون لهلالنا السوري الخصيب وجودا يعترف به العالم بمن فيه "أولاد أعمامنا" في سورية (اليهود)؟!!. إن حتمية النصر لا تأتي من أقوال الزعيم ولا ممن ساروا على أقواله وأفعاله فقط، إن في داخل كل نفس يجب أن يولد (أنطون) حتى نستفيق، إن هذا الشخص الذي يرد على مقالك "يا منير" ليس في غاية السعادة ولا يتوقع حتمية النصر القريب، إن للنصر شروط أنا لست بصانعها في لحظة غضب أو صفاء!!! إن النصر حالة طبيعية وقوة في المضمون والجوهر والشكل، النصر هو المبنى والجوهر معا، هو المجتمع ودورة الحياة، وتصارع الناس من أجل الإتيان بشكل يجعل الدولة هرما حضاريا، وإن الحزب يا "منير" ليس هرا أجنبيا لا طعم له، لا جنس له، ولا لون.. أدعوك لأن تترفع عن الجدل وعن طرح الكماليات الفكرية، والكف عن التمييز بين اليهودية والصهيونية والعنصرية، وعن اللعب على مضمون الوطن والأمة كما جاءت بها تعاليم سعادة، لأنه "ليس من عَلِمَ كمن لا يعلم".. ونحن في الحزب السوري القومي الإجتماعي خير من يعلم!!

* المقال لم يأت مزايدة على أحد كما يعتبر صاحب الرسالة، إنما جاء ردا على رسالتة التي لم تصلني بصورة شخصية إنما من خلال مجموعة ياهو البريدية وصديقة من مجموعة إيليا باز البريدية لا تمتها صلة بالحزب السوري القومي الإجتماعي (لم يلتبس عليها فهم المضمون ـ ليس كمثلي ـ لأنها متمرسة في الشأن الإعلامي).

أوتاوا، كنـدا

nidalkadri@hotmail.com

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024