شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2005-11-06
 

اسم سورية والحزب السوري القومي الإجتماعي اسم سورية مشتق من صور أو آشور ويعني الشمس.

د. جهاد العقل

 تجرأ أحد ملوك الفينيقيين، وطرد بخشونة مندوب أحد ملوك الفراعنة، الذي جاء خصيصا من وادي النيل، لأخذ شحنة من خشب الأرز، عندما تحداه قائلا: www.ssnp.info

" اذهب من مرفأي، فأنا جالس في غرفتي العليا، مستندا ظهري الى النافذة، بينما أمواج البحر السوري العظيم تتلاطم على الصخور تحتي، واعلم أني لست بخادمك، ولا بخادم الذي أرسلك، واذا ناديت جبال لبنان المنيعة، فان السماوات تنفتح، وتأتي الأخشاب الى هنا، على ساحل البحر.." ([1])

وتجرأ أنطون سعادة، وهو ابن السادسة عشرة، ان يرد على ضابط إيطالي:

" لا. بل أجل، ان هذا البحر لنا، انّه البحر السوري “، وذلك عندما ادعى الضابط المذكور، بان البحر روماني، وهو بحر الروم([2]).

ثلاثة آلاف سنة وأكثر، تفصل بين الموقفين، واسم" سورية " وبحرها، ما زالا يشغلان المفكرين والباحثين. ولهم من الكتابات في ذلك، ما أثار صراعا وجدلا بين تيارين. الأول يمجد هذا الاسم ويقدّسه، والآخر يعمل على التنفير منه وتحقيره. مما حدا بالشاعر رشيد سليم الخوري ( الشاعر القروي )، الى القول:

من منبىء السوري وهومشوّه وجه الآباء لكثرة التعفيــر

ان الألى سجد الملوك لبأسهم سجدوا بسوريا أمام قبــور

عجباً لسوري يحقّر نفســه  والخلق يسجد للتراب السوري([3])

ولأن العقائد الكبرى المعنية بحياة الأمم، تنطلق في البحث عن تعيين هوية الشعوب والأوطان. كان لا بد من إخراج الهوية القومية التاريخية – الجغرافية لشعبنا، من دوائر القوى المتغلبة، والأمر الواقع، والتجاذبات السياسية ذات النظريات الجزئية، التي تتعاطى مع الشؤون القومية العامة، من منظار سياسي محدود، لا يتعدى اطار المكان والزمان، الذي تنشأ فيه وتعمل له.

كل فكرة قومية حقيقية ([4])، وجهتها المصلحة العامة لكيان مجتمعها، والخير العام للإنسانية. تنطلق من أساس ثابت هو أرض الوطن، الذي تدور فيه حياة الشعب، على مبدأ الوحدة الاجتماعية الطبيعية. ومن أرض هذا الوطن، أو من جماعة برزت فيه تكتسب الأمة اسمها، وتعرف هويتها القومية، الضرورية لقيام شخصيتها المميزة. ومن الأمثلة على ذلك فان العرب سموا عربا نسبة الى العربه أي الصحراء ([5]).

السوريون هم سكان سورية، وليس لهم جدّ دعي بهذا الاسم. وسموا كذلك لأنهم يسكنون سورية، ووحدوا حياتهم فيها، على قاعدة امتزاج الأصول المشتركة، التي صارت مجتمعا قائما، في بيئة واحدة ممتازة، عرفت تاريخيا باسم سورية. وسماها العرب " الهلال الخصيب " لفظا جغرافيا طبيعيا محض، لا علاقة له بالتاريخ، ولا بالأمة وشخصيتها ([6])

ولكن الحوادث التاريخية المتعاقبة على سورية، طمست آثارها، ورسخت التعاريف المبلبلة، التي جزأت هويتها القومية، وفقا للمدارس التاريخية الأجنبية المعادية، التي كتبت تاريخ هذه الامة، خصوصا في مراحل تقهقرها وضعفها.

ان أية دراسة علمية موضوعية معمقة للبحث في المداليل المتعددة لكلمة " سورية". لا بدّ أن تجد لها قاعدة في نقد مناهج المدارس التاريخية، التي لم تدرك واقع الأمة السورية نشؤا وتطورا، أو تلك التي كتبت بروح العداء لهذه الأمة. من هنا يمكن، تسهيلا للدراسة، أن نتتبع المراحل التي مرّ بها التداول باسم " سورية "، على النحو الآتي:

أولا: المدرسة السورية القديمة للتاريخ، وهي تلك التي سبقت الفتوحات الأجنبية الكبرى، الفارسية والإغريقية والرومانية، حيث كان مؤرخو سورية يعتمدون ثقات ومعلمين للذين يريدون تدوين تاريخ أممهم. الاقريك والرومان اعتمدوا على مؤرخين كنعانيين ( فينيقيين ) قديما ليؤرخوا عن بلادهم. وقد شهد بهذه الحقيقة المؤرخ الإيطالي المشهور شيزر كنتو في مؤلفه " التاريخ العالمي " ([7])

المراجع الموثوقة في التقصي عن مدلول اسم سورية، في هذه الحقبة، قليلة، لعل أبرزها ما كتبه المؤرخون: يوسف الدبس ([8])، فيليب حتي ([9]) ومفيد عرنوق([10])

المطران يوسف الدبس استعرض وجهات النظر المتعددة التي تناولت اسم سورية ابتداء من " الكتاب المقدس “، مرورا " باليونان “، انتهاء " بعلماء هذا العصر “، ليؤكد ان تسمية هذه البلاد بسورية، هي أقدم كثيرا من أيام اليونان المعروفين:

الكتاب المقدس:

سورية آرام ، سمى الكتاب المقدس في العهد القديم سورية آرام نسبة الى آرام الخامس من أبناء سام بن نوح لان كثيرا من سكانها الاقدمين من أعقابه . على ان الكتاب أضاف اسم آرام الى أعمال عديدة فقال: آرام النهرين ويراد بها ما بين النهرين دجلة والفرات، وآرام دمشق ويراد بها مملكة دمشق. وآرام صوبا ويراد بها على الراجح سورية المجوفة أي ما بين لبنان الغربي ولبنان الشرقي أو هي مملكة كانت بين دمشق جنوبا وحماه شمالا، وآرام معكة ويظهر ان المراد بها مملكة كانت في موقع حاصبيا ومرجعيون وبانياس، وآرام رحوب ويظهر إنها كانت في محل الجولان الآن.

اليونان:

هيرودوت المولود سنة 484 ق.م. ، هو، على ما نعلم، أول من سمى هذه البلاد سورية وتبعه في ذلك مؤرخو اليونان والرومان. ولكن ما الذي حملهم على هذه التسمية ففيه للعلماء القدماء أقوال أقربها الى الصحة قولان:

- الأول إنها سميت سورية نسبة الى صور، مدينتها البحرية الشهيرة وقد عرف اليونان أهلها لكثرة ترددهم الى بلادهم للتجارة فسموهم سوريين وبلادهم سورية بإبدال الصاد بالسين لعدم وجود الصاد في اللغة اليونانية. وكلمة صور بالفينيقية معناها الصخر أو السور، ويرى هذا الاسم منقوشا على المسكوكات القديمة التي وجدت في هذه المدينة.

- والثاني ان اليونان سموا هذه البلاد سورية نسبة الى أسور اسيريا بلاد الاشوريين، لأن الاشوريين كانوا يتولون أعمال سورية عند استفحال أمر اليونان فنسبوا سورية إليهم مخففين اللفظة بحذف الهجاء الأول منها والمبادلة بين السين والشين حتى في أشور وأسور.

ونرى بعض قدماء اليونان وغيرهم يطلقون اسم سورية على ما بين النهرين أيضا وعلى أرمينيا وبعض بلاد فارس. فكان اسم سورية مرادف لاسم أسيري مملكة الآشوريين.

******

علماء هذا العصر:

أما علماء هذا العصر الباحثون في الآثار فوافق بعضهم على ما رآه القدماء وخالفه بعضهم. قال مسبرو ( في التاريخ القديم لشعوب المشرق، فصل صحيفة 147 طبعة 4 " ان توتمس ابن امنهوتاب الذي خلفه في الملك انه أول من اقتاد المصريين الى فتح آسيا والبلاد التي وصلوا إليها بعد خليج السويس كانت تسمى حينئذ سورية، وقال في حاشية علقها على كلمة سورية ان اللفظة المصرية كسارو خففت فصارت سارو ثم سورية، فهذا التخمين بعيد المرمى ضعيف المستند. وتعقبه الأب دي كارا في كتابة " الملوك الرعاة " فصل 9. م.ل بروغز في تاريخ مصر، ما اسم سورية إلا مخفف اسيرية سميت كذلك بعد ان دانت أعمال سورية على التعاقب لتجلات فلاصر الثاني ( من 745-727 ) ق. م . ثم لسرجون (722 –705 ) وهذا كان بعد عهد تحوتمس بنحو ألف سنة.

على ان الأب دي كارا، في كتابه " الملوك الرعاة " رد رأي بروغز ورأى الأولى نسبة اسم سورية الى أسور أو اسوريم بن دادان.. ( تكوين فصل 25 اعد 3 ) لحسبانه ان الشعوب الذين ارتحلوا الى فينيقيا وأسسوا مدينة صور كانت مهاجرهم بلاد العرب. وفي الآثار المصرية ذكر شعب يسمى أسور من جملة الشعوب حلفاء الحثيين سكان سورية الشمالية لمحاربة رعمسيس ملك مصر وهذا كان في القرن 14 ق.م. إذ لم يكن لمملكة الآشوريين شيء من السطوة في سورية. وذكر الأب دي كارا مستندا آخر لرأيه هو انه قد وجدت صفيحة في سان بمصر كتب عليها بثلاث لغات اسم سورية فكان في الهيروغليفية روثانو وفي اليونانية سورية وفي لغة المصريين اسار أو أسور.. ثم ان هذا الاسم أشور أو أسور وجد مكتوبا بين أسماء القبائل التسع التي كتبت على جدار هيكل ادفو في مصر أنباء بان رعمسيس دوخها.. وعليه فتسمية هذه البلاد بسورية هي أقدم كثيرا من أيام اليونان المعروفين. هذا ملخص لما قاله الأب دي كارا ونراه قريبا من الصحة.

أما فيليب حتي، فقد اعتبر ان اسم سورية يوناني في شكله:

" اسم سورية والسوريين.

ان اسم سورية يوناني في شكله ( وقد ظهر لأول مرة في 12 Herodotus Butch ) . ويظهر بشكل شرين shryn في آداب أوغاريت ( في أوائل القرن الرابع عشر ) . وسيريون siryun في العبرية ( سفر التثنية 9.3 ) و(المزامير 6:29 ) حيث يطلق على لبنان الشرقي. واستخدم اسم الجزء فيما بعد ليشمل البلاد كلها. وكلمة لبنان هي سامية أيضا ولكنها تظهر في الوثائق المسمارية التي هي أقدم من " الوثائق العبرية والاوغاريتية.

وكانت إحدى مناطق شمالي الفرات معروفة عند البابليين باسم سوري su-Ri ولا توجد في الغالب صلة في الاشتقاق بين " سورية " و" آسيريا " ( أشور) . وفي العصور اليونانية وما بعدها توسع استعمال هذا الاسم وأطلق على البلاد كلها واستخدم بهذا المعنى حتى نهاية الحرب العالمية الأولى. وقد شمل عموما المساحة الواقعة بين طوروس وسيناء وبين البحر المتوسط والبادية. وكانت فلسطين بالنسبة لهيرودتس قسما من سوريا- وكذلك كانت بالنسبة للأتراك.. وكان سكانها يعرفون بالسوريين الذين في فلسطين. واعتبر ويليم الصوري وغيرهم من مؤرخي الحروب الصليبية فلسطين جزءا من سورية أيضا. واسم فلسطين أيضا أتى من اليونانية وكان بالأصل " فلسطيا" وهو متصل بذكرى الفلسطينيين الهنود الأوروبيين الذين احتلوا المنطقة الساحلية في القرن الثالث عشر ق.م. في ذات الفترة تقريبا التي كان يحاول فيها الإسرائيليون احتلال الداخل. ومن ذلك الحين انتشرت هذه التسمية وصارت تشمل المنطقة بكاملها وحتى البادية.

وتسمية سورية والسوريين غير واردة في النص العبري الأصلي للعهد القديم ولكنها مستعملة في الترجمة السبعينية للدلالة على آرام الآراميين وبعض الكتاب في العصر الكلاسيكي يخطئون حين يجعلون اسمهم مرادفا للآشوريين. وقد أعطى العرب البلاد اسما جديدا وهو الشام أو المنطقة الواقعة الى اليسار ( أي الشمال ) بخلاف اليمين أو المنطقة الواقعة الى اليمين ( أي الجنوب ) وذلك بالنسبة للحجاز. واستعمل اسم " سوري " بالإنكليزية حتى العصر الحديث كتسمية عرقية تشمل سكان سورية كلها غير انه يستعمل الآن للدلالة على رعايا الجمهورية السورية فقط كمصطلح لغوي. فان اسم سوري syrian بالإنكليزية يشير الى جميع الشعوب التي تتكلم السريانية ( الآرامية ) ومنهم الذين في العراق وايران . كما انه يشير كمصطلح ديني الى اتباع الكنيسة السورية القديمة أو السريانية. وقد انتشر بعضهم حتى في جنوبي الهند .

وكان اسم سيروس syrus ( سوري ) بالنسبة للرومان يعني كل شخص يتكلم اللغة السريانية ، غير ان ولاية سورية الرومانية كانت تمتد من الفرات الى مصر . وكانت هذه هي حدود سورية كما وصفها العرب الجغرافيون. وظلت تعتبر كذلك حتى نهاية الدور العثماني. والوحدة الطبيعية لهذه المنطقة التي تعرف باسم سورية لها ما يقابلها في الوحدة الحضارية ولكن ليس في الوحدة الجنسية أو السياسية. وهي تشكل منطقة متشابهة في الحضارة على وجه التقريب ومختلفة اختلافا بيناً عن المناطق المجاورة. غير ان الحدود الحضارية بينها وبين الطرف الشرقي فقط للهلال الخصيب كانت دائماً حدوداً مانعة ".

ويؤكد مفيد عرنوق ان اسم سورية يعود الى الألف الثالث ق.م، وهو ذات أصول لغوية سنسكريتية، ومعناها الشمس:

" أثناء مطالعتنا لكتاب الدكتور كونتينو وعنوانه:" الحضارة الحثية والحورية والميتانية " صفحة 66 لفت انتباهنا ان الهندو أوروبيين الذين استقطبتهم البيئة السورية منذ الألف الثالث قبل الميلاد كانت لفظة سوريا تسبق أسماء ملوكهم كما هو الحال اليوم لدى المحمديين فان من عادة هؤلاء ان يسبقوا أسماءهم باسم النبي محمد وذلك تيمنا بهذا الاسم الكريم. ومن متابعة النص الوارد في كتاب الدكتور كونتينو نقرأ ما يلي:”.. ان تحليلا من هذا النوع يقودنا للاستنتاج انه في بلاد ميتاني إضافة الى الحوريين يوجد عنصرهندو أوروبي وقد يكون هندي الأصل، إذ ان مثل هذه الأمور تتكرر لدى الحثيين. وانه عند الكاشيين، سكان جبال ايران الذين بسطوا سلطتهم على بابل خلال معظم الألف الثاني قبل الميلاد، تبدو هذه الظاهرة واضحة. فقد عثر على قاموس كاشي-اكادي يدل على ان اللغة الكاشية هي أيضا لغة آسيوية وبالتأكيد تنتمي الى لغات القفقاس. غير ان بعض الكلمات تدل على أنها متحدرة من اللغة الهندو أوروبية ومثالا على ذلك بنوع خاص اسم الإله الشمس shuriash الذي يدخل في تركيب أسماء الملوك المماثل للفظة سوريا surya في اللغة السنسكريتية".

بعد وقوفنا على ان اسم سوريا مشتق من اللغة السنسكريتية كما جاء في كتاب العالم كونتينو، وهي لغة هندو أوروبية، كان لا بد لنا من التأكد من صحة ذلك.

وفي خلال تحرياتنا قرأنا في جريدة الأهرام القاهرية نبأ زيارة رئيس وزراء نيبال الى القاهرة وكانت لفظة سوريا تسبق اسمه كما كانت عليه الحال لدى الهندو أوروبيين منذ آلاف السنين. ولدى سؤالنا عن لغة أهل نيبال قيل لنا أنها السنسكريتية. ومثل هذا التلاقي يتفق مع ما جاء في كتاب كونتينو.

وزيادة في التحري عثرنا على ما يشبه القاموس بين السنسكريتية والعربية فوجدنا تحت حرف السين لفظة سوريا بالسنسكريتي ومعناها الشمس. وعند ذلك اتضح لنا دون جدال ان لفظة سوريا مأخوذة من اللغة السنسكريتية . ولما كان الهندو أوروبيون يعبدون الشمس فكانوا يسبقون أسماء ملوكهم باسم معبودهم سوريا على أساس التعظيم والتبجيل ومثل هذا المفهوم التراثي لا يزال حتى اليوم متبعا في الهند في مقاطعة نيبال كما اشرنا الى ذلك وقد يكون أيضا متبعا في بلدان أخرى يقطنها الهندو أوروبيون.

ومن حيث الاستنتاج المنطقي، فان العنصر الآسيوي الهندو أوروبي الذي سجل تسلله الى ما وصف بالهلال الخصيب فانه عندما وطئت قدماه منطقة الشرق الأوسط أو الرقعة الجغرافية المسماة حاليا سوريا، بهرته أشعة الشمس المتدفقة في جميع أرجائها فأطلق على هذه المنطقة اسم سوريا وكأنه يقول مبالغا في الوصف أنها الإله ( الشمس ) معبودهم.

ان اسم سوريا إذن ليس مشتقا من اسم الآشوريين كما يقر بذلك الدكتور فيليب حتى ولا من صور كما يدعي بعض المؤرخين. لا بل العكس هو الصحيح فان اسم الآشوريين مشتق في سوريا بعد اقلاب السين الى شين وقد يكون قد وقع ذلك في العهد الكاشي في العراق ثلاثمائة سنة مع العلم بان السين منطوقة من قبله شين، فوردة الشين في اسم الآشوريين الذين يجب ان يقال عنهم " السوريون “ وقد تنبه علماء الغرب الى هذه الظاهرة فتبنوا السين في اسم الآشوريين وهو الصحيح إذ يقولون Assyrien وليس Aihyliens .

ان مثل هذا التحقيق حول اشتقاق اسم سوريا يصبح واضحا وليس فيه أي إبهام على حد اعتقادنا. ولا يسعنا إلا ان نشير الى لفظة تتلاقى مع اسم سوريا ( الشمس ) وهي لفظة المشرق le levant التي أطلقها الفرنسيون على هذه المنطقة ..

******

اسم سورية قيد التداول:

بعد هذا التدقيق لا يسعنا إلا ان نذكر كيف وأين حدث التداول باسم سوريا في لفظه الحالي واليكم ما يلي:

1- في الحفريات الأثرية في قرياليوناني.ردنية تم العثور على مخلفات الشاعر مليغر الذي تلقى علومه في اليونان ( اتيكا) وعلى ما يبدو قد اشتهر هذا الشاعر وهو في القرن الثالث قبل الميلاد، بتسجيل عبارات مأثورة وبخاصة ما يحفر على شواهد المقابر، ومن جملة عباراته المأثورة قوله: “ وماذا يضيرني إذا كانت سوريا ما دامت الشمس تشرق على جميع العالم ؟ " وفي كلامه هذا نقض للكبرياء اليوناني.

2- كما جاء في أقوال لوقيان السميساطي الكاتب والمفكر السوري المتحدر من قرية سميساط على الفرات قوله: “ إني اكتب بصفتي سوريا" ويعود تاريخ هذا الكاتب الى القرن الثاني ميلادي.

3- وفي العهد السلوقي في القرن الثالث قبل الميلاد، أعلن سلوقس نيكاتور وهو في نينوا ( العراق ) قوله: " إني أعلن سوريا ولاية مستقلة ". وهكذا درج الاسم منذ القرن الثالث حتى اليوم بلفظه الحالي. علما بأن لفظة سوريا باللغة السنسكريتية تكتب بالألف الممدودة.

ثانيا: " المدارس" التاريخية المعادية.

بعد الفتوحات الخارجية الكبرى التي تعرضت لها الأمة السورية على يد الفارسيين والإغريق، دوّن مؤرخو تلك الدول تاريخ الأمة السورية " ومنذ انهار، بعامل الفتح الرومي ( الرومان ) النظام السوري السياسي والاجتماعي والحربي، الذي تطوّرت الحياة السورية نحوه منذ القدم وتجلى في الدولة السورية السلوقية التي صارت إمبراطورية عظيمة، بعد توحدات سياسية سابقة أقل متانة وأسرع عطبا، تعرّض مصير سورية لتقلبات كثيرة في أجيال عديدة كان الفاعل الأقوى فيها دائما إرادة الفاتح الجديد وسياسته فجزئت البلاد ثم وحدت ثم جزئت حتى ضاعت حقيقتها وخرجت دورة حياتها عن محورها وتراكمت على مخلفاتها طبقات الأرض… " (11) ودوّن مؤرخو تلك الدول تاريخ الأمة السورية بروح عدائية ، ركزت على إطلاق تسميات سياسية جزئية على هوية سورية ، وفي هذا الصدد ، يقول أنطون سعادة :

" بعد هذه الفتوحات سقطت جميع شعوب سورية ودولها وخضعت للأجنبي وصارت الدول الأجنبية هي التي تسيطر، والمؤرخون الأجانب الذين استقوا منا قديما هم الذين أصبحوا يعرّفون سورية وحقيقتها على الأشكال التي تقررها تلك الدول الأجنبية وبالأسماء التي تقررها هي لها (12)

ان تاريخ سورية بعد الفتوحات الأجنبية الكبرى، خصوصا فتوحات الفرس والاقريك والرومان، كان يكتب دائما من أجانب. تعريف البلاد، تعريف حقيقتها، كان يعين دائما من قبل مؤرخين أجانب، وبصورة خاصة من قبل مؤرخي المدرسة الاقريكية الرومانية للتاريخ، الذين كتبوا بروح العداء لسورية والسوريين، وبعدم إنصاف للحضارة والثقافة السوريتين. (13)

التواريخ الأجنبية والمؤرخون الجانب لم ينظروا الى سورية من وجهة حقيقة الأمة وحقيقة الوطن، بل من وجهة النظر السياسية بلا تحقيق الوضع الطبيعي والاجتماعي. والمصدران اليوناني والروماني هما عدوان تاريخيان للأمة السورية ولاتجاهها التاريخي. ولذلك لا يمكن لهذين المصدرين الأوليين للتاريخ أن ينصفا السوريين في حقيقة نفسيتهم، في حقيقة وجودهم في العالم.(14)

انّ فقد الأمة السورية سيادتها على نفسها ووطنها، بعامل الفتوحات الخارجية الكبرى، وإخضاع البلاد السورية لسيادات خارجية عرض البلاد الى تجزئة وإطلاق تسميات سياسية مجتزأة عليها.

ففي العهد البيزنطي – الفارسي بسطت الدولة البيزنطية سيادتها على سورية الغربية كلّها واقتصر اسم سورية على هذا القسم، وبسطت الدولة الفارسية سيادتها على سورية الشرقية " ما بين النهرين أو أراضي أشور وبابل القديمة " وأطلقت عليها اسم " ايراه “، الذي عرّبه العرب فصار العراق.(15)

وظهر اسم سورية في العصور الرومانية في المدونات باللغة اللاتينية، باسم الإقليم الروماني Syria ، الذي ضمّ الأقطار الآتية حالياً سوريا ولبنان وفلسطين وكان هذا الإقليم معروفا بأيام الفرس باسمه الأكادي-العربي " عبر النهر" ويضم أيضا قبرص إضافة الى الدول المذكورة في الإقليم الروماني . كما ان المحتل الروماني قسم الإقليم سيريا ( Syria ) الى إقليمين ثانويين: إقليم سيريا سيله (Syria coele ) وإقليم سيريا فينيشه (Syria Phoenic ) إضافة الى التقسيمات الإدارية السابقة للإمبراطورية الرومانية: سيريا باليستينا (Syria Palestina ) وبروفنسيا أرابيا (Provincia arabia ) وبالنسبة للإقليم سيريا فينيشه Syria Phoenic )) لقد ظهرت على ارض لبنان في نقش على نصبة أميال (Milliaire ) رومانية عائدة الى العام 194م. وشيدت في عهد الامبراطور الروماني سيبتموس سيفيروس ( Septimius Severius ) وذلك ضمن عبارة (Provincia Syriae ) (Phoemic )

وبقيت كلمة فينيسيا مربوطة بكلمة سيريا لحين رحيل الرومان غير أنها استمرت بالتقسيمات الإدارية للكنائس الشرقية حتى زالت في التقسيمات الجديدة التي أقدم عليها الحكم العربي في العهد الإسلامي. كما ان الكلمة استعملت استعاديا (retrospectivement ) في وصف الأبجدية اللينة المدونة على ناووس احيرام في جبيل وأيضا في تسميات المكتشفات الأثرية في الألف الواحد قبل الميلاد وأحيانا في الفترة المسماة بالهلنيستية (Hellenistique ) على مثال القطع الأثرية التي اكتشفها العالم الفرنسي رنان ( Renan ) في مواقع الجنوب والتي تعود الى القرن الأول أو الثاني أو الثالث بعد الميلاد وعددها يفوق الخمسمائة قطعة ومن جملتها شواهد قبور باللغتين اليونانية والعربية نقلت جميعها الى متحف اللوفر في فرنسا وهي الآن راقدة في أقبيته من دون ان نعرف متى سترى النور وتعرض على الجمهور أو تعاد الى وطنها نظرا الى أهميتها بالنسبة لمرحلة غامضة من تاريخ الشعب اللبناني. هذا ولا بد من الإشارة أخيرا بأن أي تقسيم من التقسيمات الإدارية، ان كانت رومانية أم كنائسية، لم يشمل ولا مرة لبنان في حدوده الحاضرة خلافا للتصورات الوهمية التي أنتجتها مخيلات بعض المستشرقين المغرضة. وآخر ظهور حديث لكلمة فينيسيا منفردة هو في السبعينات على اسم الفندق الكبير اوتيل فينيسيا، الطيب الذكر. (16)

وتذكر " الموسوعة التاريخية الجغرافية “، ان اسم سورية في العصور اليونانية وما بعدها أطلق على المساحة الواقعة بين طوروس وسيناء ضمنا وبين البحر المتوسط وشبه الجزيرة العربية. وكانت فلسطين عند هيرودتس قسما من سورية، وكان اسم سيروس Syrus ( سوري ) بالنسبة للرومان يعني كل شخص يتكلم اللغة السريانية وامتدت ولاية سورية الرومانية من الفرات الى مصر . ويقول الدكتور عبد العزيز علون: “ وما تكرار المؤرخ اليوناني الكبير هيرودتس في عام 440 ق.م. لمصطلح سورية في كتاباته إلا دليلا قاطعا على ان اسم سورية ليس اسماً طارئاً أو جاء ابن ساعته في القرن الخامس ق.م. ونحن نقول هنا ما هو أبعد من ذلك حتى فنرى ان ورود الجذر " سر SYR “ في كثير من كلمات اللغات المجاورة أو اللغات السورية ما هو إلا إشارة الى ارض شعب مبدع كان يتمركز فيما بين المتوسط والفرات باعتبارها منطقة سورية المجوفة COELE SYRIA كما كان يشير إليها كتاب الفترة الهيلينستية أو منطقة جنوب غربي آسيا التي كان يشير إليها السلوقيون في القرن الثالث ق.م. " . (17)

ويذكر انّ اسم " سورية المجوّفة “ أطلق على الجزء الواقع بين سلسلتي جبال لينان الغربية والشرقية، الذي شكّل ايالة رومانية، مدينتها الرئيسية هليوبوليس ( بعلبك )، وتشكل اليوم ما يعرف بسهل البقاع (18)، وبذلك تكون سورية قد قسمت الى سورية المجوّفة وسورية الفينيقية في العام 198 م .

وفي مطلع الألف الأول، ينشر الجغرافي الادريسي ( 1099- 1153) خريطته المشهورة، وفيها يظهر " البحر السوري “.

وكان العرب قد أطلقوا على سورية اسم " الهلال الخصيب " (19) " لفظا جغرافيا طبيعيا محض لا علاقة له بالتاريخ ولا بالأمة وشخصيتها " (20)

أما اسم الشام، فقد أطلقه العرب على هذه البلاد الواقعة الى اليسار، بخلاف اليمين، أو المنطقة الواقعة الى اليمين (أي الجنوب ) وذلك بالنسبة للحجاز، كما ذكرنا آنفا.

وقال أبو الفداء في اسم الشام: إنما سمي شاما لأن قوما من بني كنعان تشاءموا إليه أي تياسروا لأنه يسار الكعبة.

وقيل سمي شاما باسم بسام بن نوح واسمه بالسريانية والعبرانية شام.

وقيل سمي شاما لبقع فيه بيض وحمر وسود تشبيها لها بالشامات وجمع شامة شام أو شامات (21)

ثالثا: ما بعد معاهدة سايكس – بيكو 1916 .

بعد الحرب العالمية الأولى ( 1914 – 1918 ) تحررت سورية من التسلط التركي، ووقعت تحت الاحتلال المقرر في المعاهدة البريطانية – الفرنسية، المعروفة بمعاهدة سايكس-بيكو (1916 )، وقسمت البلاد الى قسمين.

وجزئت حسب المصالح والأغراض السياسية وحصلت التسميات: فلسطين، شرق الأردن، لبنان، سورية ( الشام )، كيليكيا، العراق، فتقلص اسم سورية الى منطقة الشام المحدودة.

وكانت قد أخرجت جزيرة قبرص من حدود سورية مع أنها قطعة من أرضها في الماء (22).

وهكذا أرست معاهدة سايكس-بيكو، لأول مرة في تاريخ سورية، تقسيمات كيانية – سياسية، أنشئت على أساسها دول الأمر الواقع، بموجب قرارات دولية اتخذت في المنظمة العالمية الأولى " عصبة الأمم “ وثبتت في المنظمة الثانية “ هيئة الأمم المتحدة “، وأصبحت تلك الكيانات، بحدودها المصطنعة خطوطا حمرا يمنع تجاوزها، تحت طائلة العقوبات الدولية، كما شكلت تلك الكيانات السياسية، ضياعا في الهوية القومية الواحدة التي عرف بها أبناء هذه المنطقة، منذ الأزمنة القديمة.

ويذكر أنّ مجلس الوزراء اللبناني أقرّ في العام 1926 قانونا قضى بمجازاة كلّ لبناني يطبع على أوراقه اسم بلدته ملحقا باسم سورية، بمبلغ 25 ليرة سورية لأول مرّة، على أن يضاعف الجزاء بحقّ مكرّر المخالفة.

وقد جارى معظم المؤرخين والباحثين من أبناء شعبنا، في تاريخ سورية، المراجع الأجنبية المعادية، ونسجوا على منوالها، فكادت من جراء ذلك، تضمحل هويتنا القومية، الى ان كانت المدرسة القومية الاجتماعية التي أسسها أنطون سعادة.

*****

رابعا: سورية القومية الاجتماعية.

ان المدخل الصحيح للكتابة في أية قضية، تواجه القضية القومية الاجتماعية أو في أية مسألة تتفرع عنها، أو في أية نظرية تنبثق منها، هو في وضوح المفاهيم، فللنهضة القومية الاجتماعية مفاهيمها ومصطلحاتها. ويشدد حضرة الزعيم على هذه الناحية، ففي رسالته الى غسان تويني يقول: " ان للنهضة السورية القومية الاجتماعية مصطلحاتها التي يجب على كل إدارة معرفتها، أو توخي هذه المعرفة والمحافظة عليها وتعميمها “ وفي شرحه للمبدأ الأساسي الثامن في المحاضرة السادسة، يعتبر سعادة ان الوضوح هو الحالة الطبيعية للعقل، وهو أساس الإيمان الصحيح ! وهو القاعدة لأية حقيقة ولأية قضية، وهو ما ميز الحزب السوري القومي الاجتماعي عن غيره، وهو ما اخرج العمل القومي الاجتماعي من فضاء الفوضى، وهو ما حدد المقاصد الكبرى والمنطلقات للحياة القومية والوجدان القومي.

نسجل حرفيا، ما أورده سعادة في هذا الشأن:" التعيين هو شرط الوضوح، والوضوح هو الحالة الطبيعية للذات المدركة الواعية الفاهمة. فكل لا وضوح لا يمكن ان يكون أساسا لإيمان صحيح، وكل لا وضوح لا يمكن ان يكون قاعدة لأي حقيقة من جمال أو حق أو خير فالوضوح – معرفة الأمور. معرفة صحيحة – هو قاعدة لا بد من إتباعها في أية قضية للفكر الإنساني وللحياة الإنسانية. ولذلك نرى كيف امتاز الحزب السوري القومي الاجتماعي على غيره بأنه حدد وأوضح – أعطى الDefinition - التحديد للقضايا والأمور التي تواجه الحياة السورية والمجتمع السوري .. الحزب اخرج العمل القومي الاجتماعي من فضاء الفوضى الى نطاق الوضوح والتحديد، الى معرفة صحيحة للأمور الموجودة والمقصودة، لذلك قلت في كتابي الى الاستاذ حميد فرنجية الذي أرسلته من سجن الرمل ان عملي أوضح وحدد المقاصد الكبرى والمنطلقات للحياة القومية والوجدان القومي “.

ان حالة الوضوح التي تميز بها الفكر القومي الاجتماعي، تعتبر أرقى ما أعطته هذه الامة في تاريخها الثقافي، للحضارة الإنسانية جمعاء. منذ أفلاطون والفلاسفة يتخبطون في فوضى المفاهيم والمصطلحات، حتى ان فيلسوفا ودارسا للفلسفة وكاتبا فيها، هو وول ديوارنت،www.ssnp.info خلص الى القول انه: " لا شيء أصعب من التعريف، ولا شيء اشد في فحص الصفاء العقلي من محاولة تعريف الأشياء وتحديد المقصود منها “.

سعاده يعتبر في هذا الاتجاه، منقذا للفكر الإنساني من الضياع والفوضى والتخبط، وعلى القوميين الاجتماعيين ان يعوا هذه الحقيقة وان يتخذوها قاعدة لهم في العمل القومي الاجتماعي." (23)

وماذا يقصد أنطون سعاده من الأسماء عموما، ومن اسم سورية خصوصا ؟

" الأسماء بذاتها ليست خيرا، بل الخير الذي نقصد هو في ما تعني الأسماء. نحن لا نقصد الخير لمجرد الخير، ولا في اسم سورية مجردا. إننا لا نطلب الله لمجرد اسم الله بل لأنه رمز للخير، وحين يبطل ان يكون كذلك تبطل محبته من قلوب الناس. الأسماء في ذاتها ليست ما نطلب، بل نطلب الخير الذي يكون من ورائها " (24)

لقد رأى سعادة ان خير هذا الشعب يكون في إجماعه على هوية قومية، وحقيقة اجتماعية واحدة، هي سورية – الأمة التامة، الأساس في مبدأ السيادة القومية، وإنشاء الدولة المستقلة، صاحبة القضية الكلية غير القابلة التجزئة ذات الإرادة الكاملة، التي تمثل مصالح المجتمع ومثله العليا في الحرية والواجب والنظام والقوة، التي تفيض حقا وخيرا وجمالا. وتوجه العناية الى الغاية الحقيقية من العمل القومي، التي هي مصلحة الامة السورية التي هي فوق كل مصلحة.

على هذا الأساس بنيت القضية السورية القومية الاجتماعية، التي تعنى بحياة الامة وخيرها: قضية قومية واحدة غير قابلة الفصل هي قضية الأمة السورية ( الشعب ) والوطن السوري ( الأرض ).

وبهذا يكون سعاده قد أرسى في العقيدة القومية الاجتماعية خصوصا في المبدأين الأساسين الرابع والخامس (25) مفهوما حقوقيا جديدا لمدلول اسم سورية واضحا لا يقبل الشك ، شاملا لا يقبل التجزئة ، قويا فاعلا في الذات القومية الاجتماعية ، القادرة على تغيير مجرى التاريخ في الاتجاه الذي تحيا فيه وترتقي نحو الأفضل والأجمل والأكمل .

اسم الحزب السوري القومي الاجتماعي

ولم يسلم اسم الحزب السوري القومي الاجتماعي من التلاعب، الذي تعرض له اسم سورية.

فاستنادا الى دستور الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي وضعه أنطون سعادة، في 21 تشرين الثاني 1937، فان التسمية النهائية لاسم الحزب، هي الحزب السوري القومي الاجتماعي، فالحزب، هو سوري في هويته، قومي في صفته، اجتماعي في مذهبه.

التسمية النهائية، التي حملها دستور الحزب، هي التسمية الصحيحة، التي يعرف بها الحزب اليوم، وتاليا، فهي تلغي التسمية السابقة، التي استعملها سعادة، وهي الحزب السوري القومي. علما ان أنطون سعادة، هو الذي أضاف لفظة" اجتماعي " على اسم الحزب للدلالة على مذهبه الاجتماعي، وهذه الإضافة، لا تعني أي تعديل في مبادىء الحزب، وقد أوضح سعاده ذلك، في حديث خاص لجريدة "كل شيء " نشر في عددها الصادر في 21 تموز 1947.

وقد شاءت، يومها، بعض الأقلام المرتهنة للاستعمار، ان تدعي بأن تسمية الحزب، بالسوري القومي، هو تقليد، لاسم حزب فرنسي هو الحزب الشعبي الفرنسي P.P.F. ، فأطلقت هذه الأقلام، على حزب سعادة، اسم P.P.S. (الحزب الشعبي السوري) ، وذلك لنفي طبيعة الإبداع والابتكار في تأسيس هذا الحزب.

ولم يقتصر التلاعب باسم الحزب، " فرنسيا" بل كان لترويج تبعيته لألمانيا، وللنازية خصوصا، حصة في ذلك، فترجموا اسم حزب العمال الوطني الاشتراكي الألماني الذي أسسه هتلر عام 1920 Parti Allemand National Socialiste des Travailleurs ومختصرة ( P.A.N.S.des T. ) ب "الحزب القومي الاجتماعي الألماني " Parti Allemand Nationaliste Social( P.A.N.S.) وذلك للدلالة المغرضة، على اقتباس اسم الحزب السوري القومي الاجتماعي Parti Syrien Nationaliste Social (P.S.N.S) عن الحزب الألماني . علما، ان هذا الحزب الأخير عرف، في ما بعد باسم " الاشتراكي الوطني " – الحزب النازي، ومن الأسماء المشابهة لهذا الحزب: الاشتراكي الديمقراطي Social-Democrate والاشتراكي الثوري Social –Revolutionnaire. وهكذا نلاحظ الفرق بين الترجمة ل" الحزب القومي الاجتماعي P.Nationaliste social, والوطني الاشتراكي P. national Socialiste .

أما اسم الحزب بالاسبانية، فهو: (26) (Partido Social – Nacionalista Sirio)

إذا التسمية الصحيحة للحزب، هي الحزب السوري القومي الاجتماعي، تسمية واضحة، مبتكرة لا تقليد فيها مرتكزة على مبادىء علمية –فلسفية، تحتاج الى دراسة خاصة.

ختاما: " ان سورية تمثل لنا شخصيتنا الاجتماعية ومواهبنا وحياتنا المثلى ونظرتنا الى الحياة والكون والفن، وشرفنا وعزنا ومصيرنا، لذلك هي لنا فوق كل اعتبار فردي، وكل مصلحة جزئية (27) ، من هنا كان هتافنا : تحيا سورية .

وبتحيا سورية الشاملة الجمعاء، تحيا الأمة كلها، يحيا لبنان، والكويت والشام، والاردن، والعراق، وفلسطين، ونجمة الأمة جزيرة قبرص. وبحياة سورية يحيا العالم العربي من محيطه الى الخليج وتسعد البشرية. 

وسواء افهمونا أما اساؤوا فهمنا، فإننا نعمل لحياة هذه الأمة، ولن نتخلى عنها أبدا.

[1] - James Henri Breasted : The ancient records of Egypt , vol 4 , p 569.

[2] - جورج عبد المسيح: الرد على الجراح، ص 5.

[3] - راجع: جورج صيدح: أدبنا وأدباؤنا المهجريون، ص 204.

[4] - أنطون سعادة: نشؤ الأمم، ص 180 و 181

القومية: هي يقظة الأمة وتنبهها لوحدة حياتها ولشخصيتها ومميزاتها ولوحدة مصيرها. أنها عصبية الأمة. وقد تلتبس أحيانا بالوطنية التي هي محبة الوطن، لأن الوطنية من القومية ولأن الوطن أقوى عامل من عوامل نشؤ الأمة واهم عنصر من عناصرها. أنها الوجدان العميق الحي الفاهم الخير العام، المولد محالأمة،ن والتعاون الداخلي بالنظر لدفع الإخطار التي قد تحدق بالأمة ولتوسيع مواردها، الموحد الشعور بوحدة المصالح الحيوية والنفسية، المريد استمرار الحياة واستجادة الحياة بالتعصب لهذه الحياة الجامعة التي يعني فلاحها فلاح المجموع وخذلانها خذلانه.

القومية هي الروحية الواحدة أو الشعور الواحد المنبثق من الأمة ، من وحدة الحياة في مجرى الزمان .

[5] - أنطون سعادة: المحاضرات العشر، طبعة 3، 1965، ص 43 و44 و47: ليس صحيحا ان العرب سموا عربا لأنهم ولد يعرب، الذي لا يمثل إلا طريقة واجتهادا فكريا للتعبير عن واقع جماعة أو للتعليل عن مصدرها أو عن سبب تسميتها.

[6] - أنطون سعادة: المحاضرات العشر، طبعة 3، 1965، ص 43 و44 و47

[7] - أنطون سعادة: المرجع السابق نفسه، ص 54.

[8] - المطران يوسف الدبس: تاريخ سورية، المجلد الأول، الجزء الأول، ص 11-13 .

[9]- فيليب حتي: تاريخ سورية، ص 62 و63.

[10] – مفيد عرنوق: جريدة " البناء – صباح الخير " العدد 686، تاريخ 3/6/1989

[11] – أنطون سعاده: مقدمة الطبقة الرابعة لكتاب التعاليم السورية القومية الاجتماعية، آذار 1947.

[12] - أنطون سعادة:المحاضرات العشر، ص 54 و 68.

[13] - أنطون سعادة : المحاضرات العشر ، ص 54 و68 .

[14] - أنطون سعادة: المحاضرات العشر، ص 68.

[15] -أنطون سعادة: راجع المبدأ الأساسي الخامس

[16] -فرانسوا حرفوش: ( فكرة الهلال الخصيب: قراءة تاريخية غير سياسية )، السفير 21/10/1999 ، ص 19

[17] - الموسوعة التاريخية الجغرافية، الجزء التاسع ص317.. دراسة عنوانها: سورية الطبيعية، بقلم ايلي الحوري.

[18] - هنري عبّودي: معجم الحضارات السامية، ص 509

[19] - عصام نور الدين: ( فكرة الهلال الخصيب عند سعادة والأرسوزي )، السفير 15/10/1999 ، ص قضايا وآراء

[20] - أنطون سعادة: راجع المبدأ الأساسي الرابع

[21]- سعيد الصباغ: جغرافية سورية العمومية، ص 9.

[22]- أنطون سعادة: راجع المبدأ الأساسي الخامس.

[23]- جهاد العقل: صدى الهلال، ص 21

[24]- أنطون سعاده: من خطاب عين زحلتا 30/9/1948 ويشدد أنطون سعاده على الضرورة اللفظية للعقيدة فلا نقول سورية إلا حين نعني سورية القومية المحددة بمبادئنا ولا نقول سوريين إلا بهذا المعنى الشامل الذي يجب ان يحل نهائيا محل " أولاد عرب " وما شاكل من هذه التعابير اللا قومية . وحين نعني ما يسمونه " الجمهورية السورية " نقول " الجمهورية الشامية والشاميين " إلا حين توجب المخاطبة الرسمية استعمال الأشكال الرسمية المستعملة، أما في الكتابات والتآليف الثقافية والأدبية فنستعمل اصطلاحاتنا باستمرار وكذلك في الإذاعات وكذلك لا نقول الامة إلا بمعنى السورية. بناء عليه كان يمكن في إذاعتك في 7 تموز الماضي ان نقول " الى جمع من المواطنين المهاجرين من لبنان والشام وأنحاء أخرى من سورية أو من الشاميين واللبنانيين " بدلا من السوريين – اللبنانيين، أو السوريين واللبنانيين ولعل استعمالك " السوريين اللبنانيين " بلا واو العطف، يقلل الخطر السيكولوجي.

انظر، أنطون سعاده: شروح في العقيدة، ص 91

[25]- المبدأ الأساسي الرابع: الامة السورية هي وحدة الشعب السوري المتولدة من تاريخ طويل يرجع الى ما قبل الزمن التاريخي الجلي.

- المبدأ الأساسي الخامس: الوطن السوري هو البيئة الطبيعية التي نشأت فيها الأمة السورية وهي ذات حدود جغرافية تميزها عن سواها تمتد من جبال طوروس في الشمال الغربي وجبال البختياري في الشمال الشرقي الى قناة السويس والبحر الأحمر في الجنوب شاملة شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة، ومن البحر السوري في الغرب شاملة جزيرة قبرص الى قوس الصحراء العربية وخليج العجم في الشرق. ويعبر عنها بلفظ عام: الهلال السوري الخصيب ونجمته جزيرة قبرص.

[26]– سعاده : جريدة " الزوبعة " الصادرة في الأرجنتين ، العدد 80 تاريخ 4-9-1944

[27]-أنطون سعادة: راجع المبدأ الأساسي الثامن. " مصلحة سورية فوق كل مصلحة."


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه